إعصار «إيداي» يذكّر الخبراء المجتمعين في نيروبي بالتداعيات المناخية

التغييرات البيئية أصبحت تهدد ثلثي المدن الأفريقية

إعصار «إيداي» يذكّر الخبراء المجتمعين في نيروبي بالتداعيات المناخية
TT

إعصار «إيداي» يذكّر الخبراء المجتمعين في نيروبي بالتداعيات المناخية

إعصار «إيداي» يذكّر الخبراء المجتمعين في نيروبي بالتداعيات المناخية

لم يكن خبراء المناخ المجتمعون في العاصمة الكينية منذ أيام في حاجة إلى الإعصار «إيداي»، الذي صبّ غضبه على سواحل موزمبيق وخلّف دماراً غير مسبوق في الجنوب الأفريقي، لقرائن تنبّه إلى خطورة تداعيات التغيّر المناخي التي باتت تشكّل، في القريب المنظور وليس في الأمد البعيد، الخطر الأول الذي يتهدّد المسار الإنمائي العام، وينذر بسلسلة من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي لن تلبث أن تزعزع الاستقرار في مناطق كثيرة من العالم. فالأدلّة دامغة، والأرقام تنذر بأننا على أبواب كارثة بيئية يصعب جداً التكهّن بمنحنياتها.
الأنباء التي وردت في الساعات الأخيرة إلى خليّة الأزمة التابعة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق المساعدات الإنسانية تتوقّع أن يتجاوز عدد الضحايا التي خلّفها الإعصار بكثير الأرقام المتداولة عن الخسائر البشرية في موزمبيق وزيمبابوي ومالاوي، وتحذّر من أن أعمال الإغاثة والاحتواء ستكون حاسمة في الأيام الثلاثة المقبلة، وأن المنظمات الإنسانية عاجزة وحدها عن التصدّي لهذه الكارثة التي وصفتها بأنها الأسوأ في تاريخ أفريقيا الجنوبية.
ويقدّر برنامج الغذاء العالمي، الذي تشرف فرقته على توزيع المساعدات الغذائية للمتضررين، بأن أكثر من مليوني شخص يحتاجون إلى مساعدات طارئة في البلدان الثلاثة التي ضربها الإعصار، في حين يتوقّع خبراء المنظمة العالمية للأرصاد الجويّة أن تتفاقم الخسائر إذا استمرّت الأمطار تهطل بغزارة في الأيام المقبلة. وكانت منظمة الصحة العالمية قد ناشدت الدول المانحة تقديم مساعدات طبية ولوجيستية عاجلة لمواجهة الاحتياجات الطارئة؛ لمنع تفشّي الأمراض التي تنتشر بسرعة في مثل هذه الظروف كالملاريا والكوليرا، وذلك بعد أن رصدت فرق المراقبة والإغاثة عدداً من الجثث التي جرفتها السيول تطفو على سطح المياه التي تجمّعت بحيرات واسعة حالت دون وصول هذه الفرق إلى الكثير من المناطق المنكوبة. وأعلن ناطق باسم صندوق الأمم المتحدة لإغاثة الطفولة (يونيسيف)، أن أكثر من مائة ألف طفل معرّضة حياتهم للخطر بعد أن دمّرت الأمطار الغزيرة والسيول عدداً كبيراً من المنازل والمدارس والمستشفيات ومراكز العناية.

وفي حديث مع «الشرق الأوسط»، قال الدكتور تيرّي بروز، وهو خبير في تداعيات المناخ على المياه ويشرف على مركز البحوث المناخية التابع لجامعة كاليفورنيا: «إن الأمم المتحدة حذّرت في تقرير صدر نهاية العام الماضي من أن ثلثي المدن الأفريقية تواجه (خطراً استثنائياً) جرّاء تداعيات تغيّر المناخ، وأن 95 في المائة من المدن العالم المصنّفة بتعرّضها لخطر شديد بسبب التغيّرات المناخية، موجودة في القارتين الأفريقية والآسيوية». ويضيف بروز، وهو عضو في مجموعة الخبراء الحكومية الدولية التي أعدت التقرير السادس عن تغيّر المناخ الذي يناقشه مؤتمر الأمم المتحدة في نيروبي: «إن البلدان الأكثر فقراً هي التي ستعاني أكثر من غيرها جرّاء تغيّر المناخ، وبخاصة تلك التي تشهد نموّاً ديموغرافياً سريعاً، ومعظمها في أفريقيا».
وتفيد دراسة وضعها صندوق الأمم المتحدة للأنشطة السكّانية، بأن بين المدن المائة الأكثر اكتظاظاً بالسكّان في العالم، 84 تشهد نموّاً ديموغرافياً يتجاوز وتيرة النمو الاقتصادي ويبطل مفاعيله الإيجابية، وأن 79 من هذه المدن تقع في أفريقيا، مثل العاصمة الأوغندية كامبالا، ودار السلام في تانزانيا، وأبوجا ولاغوس في نيجيريا وأديس أبابا، أو كينشاسا عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية التي تضمّ حاليّاً 13 مليون نسمة ينتظر أن يتضاعف عددهم في عام 2035.
ويحذّر تقرير الخبراء الحكوميين الدوليين من أن العلاقة الطرديّة الثابتة علميّاً بين تغيّر المناخ والنمو الديموغرافي السريع، من شأنها أن تؤدي إلى ارتفاع في معدّلات الجريمة وحدوث اضطرابات اجتماعية، ونزوح كثيف من الأرياف إلى المدن، وتفاقم أزمة الهجرة على الصعيدين الإقليمي والدولي. وتفيد دراسة أعدها صندوق النقد الدولي، بأن 8 من أصل الاقتصادات الأسرع نموّاً خلال الفترة من 2018 إلى 2023 هي أفريقية، لكن تداعيات تغيّر المناخ قد تقضي على نتائج هذا النمو، وأن 47 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الأفريقي معرّض للخطر بسبب من التغيّر المناخي الذي يقوّض البنى التحتية ويودي إلى تفشّي الأمراض، ويقضي على المحاصيل الزراعية.
وعلى هامش مؤتمر نيروبي تحرّك ناشطون يندّدون بما وصفوه «آبارتهايد مناخي» تمارسه وسائل الإعلام عندما تولي اهتماماً واسعاً بأخبار الأعاصير والعواصف التي تضرب البلدان الغربية، وبخاصة الولايات المتحدة، وتكاد تتجاهل عشرات الكوارث المناخية التي توقع آلاف الضحايا كل عام في أفريقيا وآسيا. ويذكّر أولئك الناشطون بأن منظمة الصحة العالمية تقدّر ضحايا التغيّر المناخي في العالم بستين ألف قتيل سنويّاً، 95 في المائة منها في البلدان النامية.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

بيئة منطقة سكنية غارقة بالمياه جرّاء فيضان في بتروبافل بكازاخستان 13 أبريل (رويترز)

الأمم المتحدة: التغير المناخي تسبّب في ظواهر مناخية قصوى عام 2024

أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن التغير المناخي تسبّب في أحوال جوية قصوى وحرارة قياسية خلال عام 2024، داعيةً العالم إلى التخلي عن «المسار نحو الهلاك».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
العالم حطام حفار وسط دمار ناتج عن تسونامي ضرب  باندا آتشيه في إندونيسيا في 10 يناير 2005 (إ.ب.أ)

كيف تساعد وسائل التواصل الاجتماعي في الإنقاذ من كوارث؟

بعد عشرين عاماً على ضرب أمواج تسونامي دولاً على ساحل المحيط الهندي في 26 ديسمبر 2004، استغرق الأمر أياماً لمعرفة نطاق الكارثة بسبب عدم توفّر وسائل اتصال.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أفريقيا ارتفاع عدد القتلى بسبب الإعصار «تشيدو» في موزمبيق إلى 94 شخصاً (أ.ف.ب)

94 قتيلاً جراء الإعصار «تشيدو» في موزمبيق

ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية»، اليوم (الأحد)، نقلاً عن «وكالة إدارة الكوارث» في موزمبيق، أن عدد القتلى؛ بسبب الإعصار «تشيدو» في البلاد ارتفع إلى 94 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (مابوتو)
العالم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)

ماكرون لسكان مايوت الغاضبين: لولا فرنسا لكان الوضع أسوأ

انتقد سكان غاضبون في أحد أحياء جزيرة مايوت، المتضرّرة من إعصار «تشيدو»، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لكنه رد عليهم بأن الوضع كان من الممكن أن يكون «أسوأ».

«الشرق الأوسط» (مامودزو)
أوروبا دمر الإعصار «تشيدو» أنحاءً شاسعة من مايوت بعد أن صاحبته رياح تجاوزت سرعتها 200 كيلومتر في الساعة (أ.ف.ب) play-circle 00:38

استمرار البحث عن ناجين وإحصاء القتلى في مايوت الفرنسية بعد الإعصار

بحث عمال الطوارئ عن ناجين، الاثنين، وسابقوا الزمن لاستعادة الخدمات الأساسية في مايوت، وهي من الأراضي الفرنسية ما وراء البحار، حيث يُخشى مقتل الآلاف.

«الشرق الأوسط» (موروني)

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
TT

الصين تفرض عقوبات على شركات دفاع أميركية رداً على بيع أسلحة لتايوان

علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)
علما الولايات المتحدة والصين في منتزه جنتنغ الثلجي 2 فبراير 2022 في تشانغجياكو بالصين (أ.ب)

فرضت الصين عقوبات على 10 شركات دفاعية أميركية، اليوم (الخميس)، على خلفية بيع أسلحة إلى تايوان، في ثاني حزمة من نوعها في أقل من أسبوع تستهدف شركات أميركية.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، الخميس، أن فروعاً لـ«لوكهيد مارتن» و«جنرال داينامكس» و«رايثيون» شاركت في بيع أسلحة إلى تايوان، وأُدرجت على «قائمة الكيانات التي لا يمكن الوثوق بها».

وستُمنع من القيام بأنشطة استيراد وتصدير أو القيام باستثمارات جديدة في الصين، بينما سيحظر على كبار مديريها دخول البلاد، بحسب الوزارة.

أعلنت الصين، الجمعة، عن عقوبات على سبع شركات أميركية للصناعات العسكرية، من بينها «إنستيو» وهي فرع لـ«بوينغ»، على خلفية المساعدات العسكرية الأميركية لتايوان أيضاً، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

مركبات عسكرية تايوانية مجهزة بصواريخ «TOW 2A» أميركية الصنع خلال تدريب على إطلاق النار الحي في بينغتونغ بتايوان 3 يوليو 2023 (رويترز)

وتعد الجزيرة مصدر خلافات رئيسي بين بكين وواشنطن. حيث تعد الصين أن تايوان جزء من أراضيها، وقالت إنها لن تستبعد استخدام القوة للسيطرة عليها. ورغم أن واشنطن لا تعترف بالجزيرة الديمقراطية دبلوماسياً فإنها حليفتها الاستراتيجية وأكبر مزود لها بالسلاح.

وفي ديسمبر (كانون الأول)، وافق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على تقديم مبلغ (571.3) مليون دولار، مساعدات عسكرية لتايوان.

وعدَّت الخارجية الصينية أن هذه الخطوات تمثّل «تدخلاً في شؤون الصين الداخلية وتقوض سيادة الصين وسلامة أراضيها».

كثفت الصين الضغوط على تايوان في السنوات الأخيرة، وأجرت مناورات عسكرية كبيرة ثلاث مرات منذ وصل الرئيس لاي تشينغ تي إلى السلطة في مايو (أيار).

سفينة تابعة لخفر السواحل الصيني تبحر بالقرب من جزيرة بينغتان بمقاطعة فوجيان الصينية 5 أغسطس 2022 (رويترز)

وأضافت وزارة التجارة الصينية، الخميس، 28 كياناً أميركياً آخر، معظمها شركات دفاع، إلى «قائمة الضوابط على التصدير» التابعة لها، ما يعني حظر تصدير المعدات ذات الاستخدام المزدوج إلى هذه الجهات.

وكانت شركات «جنرال داينامكس» و«شركة لوكهيد مارتن» و«بيونغ للدفاع والفضاء والأمن» من بين الكيانات المدرجة على تلك القائمة بهدف «حماية الأمن والمصالح القومية والإيفاء بالتزامات دولية على غرار عدم انتشار الأسلحة»، بحسب الوزارة.