تصاعد الأزمة بين تركيا ونيوزيلندا على خلفية المجزرة

اتهامات جديدة لأنقرة بدعم «داعش» لوجيستياً

الرئيس إردوغان مع وزير خارجيته في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس إردوغان مع وزير خارجيته في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
TT

تصاعد الأزمة بين تركيا ونيوزيلندا على خلفية المجزرة

الرئيس إردوغان مع وزير خارجيته في أنقرة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس إردوغان مع وزير خارجيته في أنقرة أمس (أ.ف.ب)

تصاعدت أزمة تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال جولاته الهادفة إلى الإعداد للانتخابات المحلية التي تشهدها تركيا نهاية مارس (آذار) الجاري، والتي ركز فيها على الهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا يوم الجمعة الماضي، ورأت فيها كل من نيوزيلندا وأستراليا والمعارضة التركية محاولة منه لاستغلال المذبحة البشعة التي راح ضحيتها أكثر من 50 شخصاً، سياسياً لزيادة التأييد لحزبه الحاكم «العدالة والتنمية» في الانتخابات. واستنكرت أستراليا تصريحات إردوغان التي أدلى بها تعقيباً على مجزرة «كرايستشيرش» في نيوزيلندا، وقررت استدعاء السفير التركي في كانبيرا لتقديم تفسيرات لتصريحات إردوغان التي وصفها رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، في تصريحات، أمس (الأربعاء)، بـ«المشينة» و«المسيئة للغاية».
وعمد إردوغان، في إطار ما اعتُبر توظيفاً للمجزرة، إلى تصوير الهجوم الإرهابي على المسجدين على أنه جزء من هجوم أكبر على تركيا والإسلام، فضلاً عن استهدافه شخصياً.
وقال موريسون في مقابلة تلفزيونية: «أجد هذا تعليقاً مسيئاً للغاية، بالطبع أجده كذلك، وسأستدعي السفير التركي اليوم (أمس) لمناقشة هذه القضايا».
وأثار إردوغان غضب نيوزيلندا عندما قام يوم الاثنين الماضي ببث فيديو صوّره منفّذ مجزرة المسجدين في كرايستشيرش الإرهابي الأسترالي بيرنتون هاريسون تارانت، خلال تجمع لأنصار حزبه في إطار الحملة الانتخابية. واحتجّ نائب رئيسة الوزراء النيوزيلندية وزير الخارجية وينستون بيترز، محذّراً من أنّ تسييس المجزرة «يعرّض للخطر مستقبل وسلامة الشعب في نيوزيلندا والخارج».
وأعلن بيترز، أول من أمس (الثلاثاء)، أنه سيتوجه إلى تركيا هذا الأسبوع بدعوة من تركيا، لحضور اجتماع خاص لمنظمة التعاون الإسلامي الذي سيُعقد غداً (الجمعة).
وأعلنت منظمة التعاون الإسلامي عقد اجتماع «طارئ» على مستوى وزراء الخارجية في مدينة إسطنبول التركية، غدا (الجمعة)؛ لبحث «مجزرة المسجدين» الإرهابية في نيوزيلندا، بناءً على طلب تركيا، التي ترأس الدورة الحالية للقمة الإسلامية.
وكان منفذ الهجوم الإرهابي قد قام بتصوير الهجوم ونقله بشكل مباشر ونشر بياناً من 72 صفحة على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه إنّه ضربة موجّهة «للغزاة المسلمين».
وسارعت سلطات نيوزيلندا إلى العمل على وقف انتشار التسجيل المصوّر، محذرةً من أنّ تشارُك التسجيل يعرّض المستخدم للمحاكمة، فيما أزال موقع «فيسبوك» الصور من مئات آلاف الصفحات.
لكن خلال تجمعات انتخابية، عرض إردوغان التسجيل وأشار مراراً إلى الهجوم باعتباره مؤشّراً إلى تصاعد موجة عداء للإسلام تجاهلها الغرب، وقال خلال تجمع انتخابي في جناق قلعة في غرب تركيا: «إنه ليس حادثاً معزولاً، إنّها مسألة أكثر تنظيماً... إنهم يختبروننا بالرسالة التي يبعثون بها إلينا من نيوزيلندا».
في شأن آخر، قال جو ديلافيدوفا، المتحدث باسم مكتب برنامج الطائرات الهجومية المشتركة التابع لوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إن المكتب أوشك على استكمال التحضيرات لتسليم تركيا مقاتلتين أخريين من طراز «إف 35».
وأضاف ديلافيدوفا في تصريح لوكالة «الأناضول» التركية، أن التحضيرات الأخيرة جارية لإرسال المقاتلتين الجديدتين إلى قاعدة «لوكا» الجوية بولاية تكساس الأميركية، لإجراء التدريبات اللازمة.
وأكد أن تدريبات الطيارين الأتراك في قاعدة «لوكا» الجوية ومشاركة تركيا في برنامج تصنيع «إف 35»، ستستمر، ما لم يحدث أي طارئ. وعقب إتمام اختبارات الطيران في الولايات المتحدة، والتي تستغرق مدة تتراوح بين عام وعامين، ستنتقل المقاتلتان إلى تركيا.
على صعيد آخر، اتهم الرئيس التشيكي ميلوش زيمان، تركيا، بالتحالف مع تنظيم «داعش» الإرهابي. وحسبما نقلت وسائل إعلام محلية، ذكر زيمان في كلمة ألقاها أمام سكان قرية فينتيتشوف بمنطقة كارلوفي فاري غرب الجمهورية التشيكية: «لماذا تهاجم تركيا الأكراد؟ لأنها الحلف الحقيقي لتنظيم (داعش)». وأشار إلى أن هناك معلومات تؤكد أنه عندما كان تنظيم «داعش» يسيطر على جزء كبير من الأراضي السورية والعراقية، كانت تركيا تلعب دور الوسيط ببعض العمليات اللوجيستية في إمدادات «داعش»، وأن أفضل دليل على ذلك إمدادات النفط وما شابه ذلك. وقال زيمان: «الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عوَّل على أسلمة تركيا. ومن المنطقي أن تكون قريبة من المتطرفين، وعلى العكس، تهاجم الأكراد».
في سياق قريب، ينظر القضاء الفرنسي، شكوى، ضد شركة «تيريوس» الفرنسية، المتهمة بتوريد مواد استخدمها تنظيم «داعش» الإرهابي لصناعة الذخيرة. وذكرت وكالة «الصحافة الفرنسية» أن الشركة الفرنسية المذكورة تورِّد مادة السوربيتول التي يمكن استخدامها لإنتاج الوقود لقذائف صاروخية غير موجهة، إلى تنظيم «داعش» الإرهابي.
وتقدم بعض الشركات الفرنسية بشكاوى إلى القضاء، حيث ذكرت أنه بعد تحرير الموصل عام 2016 عُثر على مستودع تابع لـ«داعش» كان يحتوي على عشرات الأكياس من السوربيتول، وعليها شعار شركة «تيريوس». وحسب الوكالة، اعترفت الشركة بأن شحنة السوربيتول تابعة لها بالفعل، إلا أنها كانت قد ورّدت 45 طناً من هذه المادة إلى تركيا، وفقدت أثرها في ما بعد، وفي وقت لاحق تم العثور على هذه المادة في المناطق التي سيطر عليها ««داعش»» في سوريا.


مقالات ذات صلة

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
المشرق العربي إردوغان وإلى جانبه وزير الخارجية هاكان فيدان خلال المباحثات مع بيلنكن مساء الخميس (الرئاسة التركية)

إردوغان أبلغ بلينكن باستمرار العمليات ضد «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا أنها ستتخذ إجراءات وقائية لحماية أمنها القومي ولن تسمح بالإضرار بعمليات التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا. وأعلنت تعيين قائم بالأعمال مؤقت في دمشق.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

نيجيريا: نزع سلاح نحو 130 ألفاً من أعضاء جماعة «بوكو حرام»

قال رئيس هيئة أركان وزارة الدفاع النيجيرية الجنرال كريستوفر موسى، في مؤتمر عسكري، الخميس، إن نحو 130 ألف عضو من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ألقوا أسلحتهم.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
المشرق العربي مئات السوريين حول كالين والوفد التركي لدى دخوله المسجد الأموي في دمشق الخميس (من البثّ الحرّ للقنوات التركية)

رئيس مخابرات تركيا استبق زيارة بلينكن لأنقرة بمباحثات في دمشق

قام رئيس المخابرات التركية، إبراهيم فيدان، على رأس وفد تركي، بأول زيارة لدمشق بعد تشكيل الحكومة السورية، برئاسة محمد البشير.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».