ما زالت جيل كيلي تلقي نظرات خاطفة على الكاميرات قبل مغادرة منزلها الكبير في هيلسبورووغ، وفضلا عن ذلك، فهي نادرا ما تخرج للتسوق. تقول كيلي إنها لم تتمكن منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2012، عندما ورد اسمها في الفضيحة التي أطاحت برئيس وكالة الاستخبارات المركزية ديفيد بترايوس، من الذهاب إلى مدارس أطفالها، ولا تملك الشجاعة الكافية لحضور العروض التي تجري في العطلات.
وقد أقامت، بمساعدة أشهر المحامين الذين يتقاضون أعلى الأجور في البلاد في مجال محاربة انتهاك الخصوصية، دعوى قضائية ضد المسؤولين في ثلاث وكالات فيدرالية وعدد كبير من المسؤولين الحاليين والسابقين في البنتاغون ومكتب التحقيقات الفيدرالي. وتقول إن ما دفعها لرفع تلك الدعوى حالة اليأس من قدرتها على تبرئة سمعتها واستئناف حياتها السابقة، وحماية الآخرين في الوقت ذاته من التعرض لأمور مماثلة.
وتؤكد كيلي أن هؤلاء المسؤولين قد انتهكوا خصوصيتها وشوهوا سمعتها واستطاعوا الوصول بطريقة غير مهذبة إلى رسائل البريد الإلكتروني الخاص بها، من دون الحصول على موافقتها، حيث تسببت جميع هذه الأمور إلى الإضرار بسمعتها وحياتها.
وتظل مشكلة العزلة إحدى الأمور التي تؤرق كيلي (38 عاما)، التي كانت قبل عام «سفيرة اجتماعية» هنا في قاعدة القوات الجوية في ماكديل، فضلا عن صلاتها بكبار قادة القيادة المركزية الأميركية، التي تشرف على العمليات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط. وكان القادة العسكريون وزوجاتهم ضيوفا دائمين على مائدة كيلي وزوجها سكوت كيلي، جراح أمراض السرطان.
وقالت كيلي في مقابلة أجريت معها مؤخرا في منزلها: «لا يفهم الناس ما تعرضت له، فما زالت أعاني من عواقب التصرفات السيئة وعناوين الأخبار المغلوطة وغير الحقيقية. فهم يختلقون أحد الأمور الثانوية على حسابي الشخصي». وفي حين كان سلوكها متأرجحا ما بين الشعور بالسعادة والإصرار والألم، كانت كيلي تمسح الدموع التي كانت تذرفها ما بين الحين والآخر.
تسعى كيلي، من خلال رفع دعوى مرتكزة على وثيقة قانونية والأخبار الصحافية، إلى الحصول على تعويض لقاء الأضرار التي لحقت بها، والحصول على اعتذار رسمي من الحكومة بسبب الكشف عن هويتها بعد إبلاغها بما أطلقت عليه جريمة إرسال رسائل تهديد من قبل امرأة كانت على علاقة بالجنرال ديفيد بترايوس، الذي كان مديرا لوكالة الاستخبارات الأميركية في ذلك الحين.
وتعد هذه القضية، المرفوعة أمام محكمة مقاطعة كولومبيا، أيضا، محاولة من جانب كيلي للقول إن الجانب الخاص بها في هذه القصة، الذي تقول إنه جرى تحريفه ورفضه، أدى إلى التسبب في ضرر غير مباشر لأسرتها.
ومن جانبه، رفض مايكل كورتان المتحدث باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي، التعقيب على تفاصيل هذه القضية، منوها باستمرار عملية التقاضي. وقال كورتان: «إننا نتعامل مع جميع التحقيقات من دون محاباة، ووفقا للتوجيهات الإرشادية والقانون».
وقال كثير من الخبراء في مجال المحافظة على الخصوصية إنه، في حين من غير المرجح أن كيلي كانت من المؤيدين للحق في العيش بعيدا عن أضواء الشهرة، فإن مزاعمها بشأن تجاوز الحكومة سيكون له صدى، لا سيما في شأن الجدل الموجود في البلاد بخصوص تحقيق التوازن المناسب بين الخصوصية الشخصية والأمن القومي.
ويقول نيل ريتشارد أحد المحامين الخبراء في مجال حماية الخصوصية بجامعة واشنطن في سانت لويس: «توضح هذه القضية أن مسألة الخصوصية من الأمور المهمة للغاية، وأن القواعد القانونية التي لدينا ليست مناسبة للتكنولوجيا الحديثة. أعتقد أن هذه القضية توضح أيضا أن التساؤلات الكثيرة المطروحة التي نتعامل معها بصورة يومية، بداية من الحكومة ووصولا إلى التحقيقات الجنائية، تتعلق جميعها بمسألة الخصوصية».
وكشفت الحكومة، منذ 13 شهرا، النقاب عن أن عائلة كيلي، الذين يعتبرون مدعين في هذه القضية، تلقوا سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني التهديدية من بولا برودويل، التي كانت على علاقة مع الجنرال بترايوس.
والجدير بالذكر أن المحققين بمكتب التحقيقات الفيدرالي قاموا بفحص جميع رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بكيلي كإجراء روتيني، وأثناء هذه العملية اكتشفوا أن ما ذكره المسؤولون بالبنتاغون ربما يوضح وجود «علاقة غير ملائمة» مع الجنرال جون ألن، الذي كان في ذلك الحين من كبار القادة الأميركيين في أفغانستان.
* خدمة «نيويورك تايمز»