خلاف بين «أحزاب المجتمع المدني» على خلفية الحملة ضد يعقوبيان

«تحالف وطني» يعلق عضوية «حزب سبعة» بسبب تصريحاتها

بولا يعقوبيان
بولا يعقوبيان
TT

خلاف بين «أحزاب المجتمع المدني» على خلفية الحملة ضد يعقوبيان

بولا يعقوبيان
بولا يعقوبيان

انفجر الخلاف بين أطراف منظمات المجتمع المدني، على خلفية الحملة التي تتعرض لها النائبة بولا يعقوبيان، وإعلان الأخيرة عن قيام أحد كوادر «حزب سبعة» بفبركة فيديو مع سائقها السابق، يتحدث فيه عن زيارتها بيت الوسط (مقر رئيس الحكومة سعد الحريري)، والنائب السابق عقاب صقر، على خلاف مواقفها السياسية المعلنة المعارضة للسلطة، التي تتهم بها مختلف الفرقاء بالفساد.
وبناء على المعلومات التي أدلت بها يعقوبيان في مؤتمر صحافي أول من أمس، اتخذ تجمع ما يعرف بـ«تحالف وطني» قراراً بتعليق عضوية «حزب سبعة»، ريثما تنتهي الجهات المعنية من التحقيق فيما أثارته النائبة يعقوبيان حول الفيديو الذي أعده وسربه أحد كوادر هذا الحزب مع سائقها السابق، واتخاذ التدابير المناسبة، بحسب ما جاء في بيان له.
ورفضت يعقوبيان التعليق على القرار، رافضة الدخول في سجال، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «أكتفي بما قلته في المؤتمر الصحافي في هذا الموضوع. أما حول الوثائق والمعلومات المتعلقة بالفساد، فقد باتت لدى القضاء الذي سيكون له الكلمة الفصل بشأنها»، مع العلم بأن قرار «تحالف وطني» أتى بعد أيام على إعلان «حزب سبعة» تبرؤه من يعقوبيان التي كانت قد ترشحت على الانتخابات النيابية باسمه، عازياً السبب إلى رفض يعقوبيان الضغط لإقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة، ومشيراً إلى أنه لاحظ «تموضعاً مختلفاً لنائبتنا عن موقفنا الأساسي، من خلال مواقف متكررة، استثنت فيها عدداً من القيادات التقليدية»، وهو ما نفته يعقوبيان نفياً قاطعاً، مشيرة إلى بعض الخلافات مع رئيس «حزب سبعة».
وفي بيانه، أعلن التحالف عن تعليق عضوية «حزب سبعة»، مشيداً «بالجهود التي تبذلها النائبة يعقوبيان في معركة محاربة الفساد، وثمن جرأتها في الكشف عن مكامن الفساد في أكثر من مجال، وتسمية الفاسدين بأسمائهم، دون تعمية أو مواربة». وأكد التحالف «تضامنه الكامل معها، متعهداً بتجنيد كل إمكانات وطاقات مجموعاته للدفاع عنها، وحمايتها من حملة الفاسدين المسعورة ضدها».
في المقابل، رد «حزب سبعة» على ما وصفه بـ«الادعاءات» التي ذكرتها يعقوبيان في مؤتمرها الصحافي، مؤكداً أنه غير معني بفيديو سائق بولا الذي تم عرضه خلال مؤتمرها الصحافي، لافتاً إلى أن «تصوير هذا الفيديو هو تصرف فردي، لا يعدو أكثر من كونه فيديو جهزه شخصان عملا مع بولا لأشهر، وأرادا من خلاله إيصال رأيهما لعامة الناس»، معتبراً أن «محاولة قمع وترهيب وتخوين أي شخص يحاول إيصال صوته بحرية هي أمر مرفوض».
ونفى «سبعة» ما قالته يعقوبيان من أنه لم يقدم لها شيئاً، مؤكداً دفعه «تكاليف حملتها الانتخابية التي فاقت 130 ألف دولار من أموال المتبرعين، وهو رقم فاق تكاليف أي مرشح آخر لـ(سبعة)، وقد تم التصريح عنه للدولة».
وفي مؤتمرها الصحافي الذي جاء بعد ما اعتبرته «حملة منظمة» ضدها من قبل أحزاب السلطة، بعد كلامها الأخير في البرلمان، اعتبرت يعقوبيان أن «الفساد في لبنان أصبح ميثاقياً»، وكشفت وثائق متعلقة بملفات فساد، معلنة عن تبلغها دعوى رفعها وزير الخارجية جبران باسيل ضدها، مطالباً فيها بتعويض قدره 75 ألف دولار. وأكدت في الوقت نفسه أن لديها معطيات «تؤكد كلامها الذي قالته عن باسيل»، لجهة تقاضيه حصة من صفقة البواخر، وقالت: «كل ما قلته كان مبنياً على كثير من المعطيات التي ستكون كلها في أيدي القاضي الذي اختار أن يقدم باسيل الدعوى عنده».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.