المصريون المغتربون يقترعون على مشروع الدستور غدا.. والحكومة تتعهد بتأمين الاستفتاء

الرئيس منصور يصدر قرارا يسهل للمواطنين المشاركة في عملية التصويت

المصريون المغتربون يقترعون على مشروع الدستور غدا.. والحكومة تتعهد بتأمين الاستفتاء
TT

المصريون المغتربون يقترعون على مشروع الدستور غدا.. والحكومة تتعهد بتأمين الاستفتاء

المصريون المغتربون يقترعون على مشروع الدستور غدا.. والحكومة تتعهد بتأمين الاستفتاء

يتوجه أكثر من 681 ألف ناخب مصري من المقيمين خارج مصر، غدا (الأربعاء) للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، وذلك في 161 دولة حول العالم، ولمدة خمسة أيام. فيما تعهد الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء المصري بتأمين العملية «رغم المشاكل المتوقعة»، على حد قوله أمس. ومن المقرر أن يجري التصويت على مشروع تعديل الدستور رسميا (داخل البلاد)، يومي 14 و15 يناير (كانون الثاني). وأصدر الرئيس عدلي منصور أمس قرارا بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية، تسمح للناخبين المغتربين عن محافظاتهم الأصلية داخل مصر بالاستفتاء في «غير محل إقامتهم».
وقال المستشار هشام مختار، المتحدث الرسمي باسم اللجنة العليا للانتخابات، إن إجمالي عدد المصريين المقيمين بالخارج الذين يحق لهم التصويت على مشروع الدستور، خلال الفترة المحددة لهم من 8 إلى 12 يناير الجاري، يبلغ 681 ألفا و346 شخصا في 161 دولة حول العالم، لافتا إلى أن نسبة 90 في المائة من الرقم المذكور يوجدون في 20 دولة حول العالم فقط، والباقي أعداد ضئيلة للغاية في بقية دول العالم.
وأوضح المستشار مختار، في مؤتمر صحافي أمس، أن نسبة 80 في المائة من المصريين المسجلين بالخارج، يتواجدون في خمس دول فقط، هي السعودية (نحو 312 ألفا) والكويت (نحو 132 ألفا) والإمارات (نحو 67 ألفا) وقطر (نحو 42 ألفا) وأميركا (نحو 31 ألفا)، مضيفا أن عملية التسجيل جرت عن طريق موقع اللجنة العليا للانتخابات.
وقال المستشار مختار إن المصريين بالخارج سيصوتون في 138 بعثة وقنصلية بها لجان فرعية للاستفتاء فيها، بالإضافة للمقر الرئيسي بالسفارة وبعض المقار لتسهيل وصول المصريين، موضحا أنه سيجري فرز الأصوات من قبل رؤساء اللجان في البعثات الدبلوماسية، وإبلاغ النتيجة للجنة عامة مشكلة في مقر اللجنة العليا للانتخابات، التي تتولى تجميع النتائج الواردة من كافة البعثات وتسلمها للجنة العليا للانتخابات، لإضافتها إلى أصوات الداخل عقب انتهاء التصويت. وقال المستشار مختار إن اللجنة وافقت على 67 جمعية أهلية لمراقبة الاستفتاء على الدستور، بعد أن تقدمت بشهادة من وزارة التضامن تفيد أنها ما زالت مقيدة وتمارس نشاطها، وفقا لقانون الجمعيات. مضيفا أن وزارة التضامن تقوم حاليا بمراجعة الشهادات التي صدرت عنها لتلك الجمعيات، وذلك لأن هناك مستجدات طارئة على الساحة قد تفيد بشطب تلك الجمعيات، في إشارة إلى تجميد مئات الجمعيات الأهلية أخيرا نظرا لشكوك حول تورطها في تمويل جماعة الإخوان المسلمين التي جرى إعلانها «تنظيما إرهابيا».
من جهة أخرى، أصدر الرئيس عدلي منصور قرارا أمس بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية. وقال السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، إن «القرار يستهدف التيسير على المواطنين في الإدلاء بأصواتهم، وبما يتيح الفرصة للغالبية العظمى من أبناء الوطن للإدلاء برأيهم في دستور مصر المقبل، أخذا في الاعتبار ما قد تفرضه ظروف واعتبارات مختلفة لوجودهم في محافظات أخرى غير تلك المحافظات الكائنة بها دوائرهم الانتخابية».
وأوضح أن القرار بقانون ينص على أن يضاف إلى المادة 32 من القانون 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية فقرة ثانية، نصها الآتي: «وفي حالات الاستفتاء، يجوز للناخب الذي يوجد في محافظة غير المحافظة التي يتبعها محل إقامته الثابت ببطاقة الرقم القومي، أن يبدي رأيه أمام لجنة الاستفتاء المختصة بالمحافظة التي يوجد فيها، وفقا للضوابط التي تحددها اللجنة العُليا للانتخابات. وفي هذه الحالة يثبت أمين اللجنة البيانات الواردة بالرقم القومي، وذلك في كشف مُستقل يُحرر من نسختين يوقع عليهما رئيس اللجنة وأعضاؤها وأمين اللجنة».
وتعهدت الحكومة بتأمين عملية الاستفتاء. وقال رئيس الوزراء، إن «الاستفتاء على الدستور لحظة حاسمة، وستواجهنا مشاكل، ويجب أن نتوقع هذا، وسيكون من السذاجة توقع مرور العملية بشكل سلس، ولكن الدولة في هذا المجال ذات خبرة كبيرة وستتكفل بتحقيق الأمن والنزول بكثافة لتأمين للاستفتاء».
وأضاف البيلاوي، خلال كلمة له أمس: «نمر بأهم اللحظات في التاريخ الحديث، وأي مرحلة لها آلامها الشديدة، كما أننا نواجه صعوبات سياسية وأمنية ونفسية واقتصادية، ولكن إذا نظرنا للمستقبل سنجد أن ما تحملناه قليل على المستقبل المنطلق».
وطالب الببلاوي جميع المصريين المشاركة في الاستفتاء، وقال: «إن نزول الشعب المصري إحدى وسائل الدفاع عن الأمن والاستقرار». وأشار إلى أنه «بعد الانتهاء من الاستفتاء، فإن باب الأمل والمستقبل سيفتح أمامنا، ولكن هذا لن يجري بالتمني ولكن يتطلب العرق».
وفي السياق ذاته، دعا عمرو موسى، رئيس لجنة تعديل الدستور، المصريين إلى المشاركة بقوة وفاعلية في الاستفتاء، مؤكدا أن المشاركة هي واجب وطني ولا بد أن يتحمل شعب مصر مسؤوليته ويصوت بـ«نعم» لتنتهي المرحلة الانتقالية ويعود الاستقرار لمصر. ووصف موسى في تصريحات له أمس، الدستور بـ«الوثيقة التي تؤكد حقوق وحريات الشعب وتحقق المواطنة وتنتهج الديمقراطية، وهي الأكثر تقدما بين الكثير من دساتير العالم»، على حد قوله.



«خط أحمر»... «الحكومة الموازية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
TT

«خط أحمر»... «الحكومة الموازية» تثير مخاوف مصرية من تفكك السودان

وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)
وزراء الخارجية والري في مصر والسودان خلال اجتماع تشاوري عقد بالقاهرة قبل نحو أسبوع (الخارجية المصرية)

تثير تحركات تشكيل «حكومة موازية» في السودان، مخاوف مصرية من تفكك البلاد، التي تعاني من حرب داخلية اندلعت قبل نحو عام ونصف العام، وشردت الملايين. وقال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، إن «بلاده مع استقرار السودان ومع بسط سيادته على كل الأراضي السودانية»، مشيراً إلى أن «هذا أمر ثابت في السياسة الخارجية المصرية ولا يمكن أن تتزحزح عنه».

واعتبر وزير الخارجية، في مؤتمر صحافي مشترك، مع المفوضة الأوروبية لشؤون المتوسط دوبرافكا سويتشا، «تشكيل أي أطر موازية قد تؤدي إلى تفكك الدولة السودانية خطاً أحمر بالنسبة لمصر ومرفوضاً تماماً»، مضيفاً: «ندعم الشرعية. ندعم مؤسسات الدولة السودانية، وندعم الدولة، لا ندعم أشخاصاً بأعينهم».

ويرى خبراء ومراقبون، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن الموقف السياسي المصري الداعم بقوة لمؤسسات الدولة، والرافض لتشكيل أي أطر موازية، هدفه حماية السودان من التمزق، لكنه يظل رهن تباينات إقليمية تعقد حل الأزمة.

ويمهد توقيع «قوات الدعم السريع» وحركات مسلحة وقوى سياسية ومدنية متحالفة معها بنيروبي، الأسبوع الماضي، على «الميثاق التأسيسي»، الطريق لإعلان حكومة أخرى موازية في السودان، في مواجهة الحكومة التي يقودها رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق عبد الفتاح البرهان، وتتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها.

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من القاهرة، قبل أيام، عدَّ وزير الخارجية السوداني، علي يوسف الشريف، أن تحرك تشكيل «حكومة موازية» في مناطق سيطرة قوات «الدعم السريع» لا يحظى باعتراف دولي، مشيراً إلى أن «دولاً إقليمية ودولية تدعم موقف بلاده في هذه القضية».

وجددت مصر، الأحد، رفضها مساعي تشكيل «حكومة موازية» بالسودان، ووصفت الخارجية المصرية، في بيان رسمي، الأحد، ذلك، بأنه «محاولة تهدد وحدة وسيادة وسلامة أراضي السودان».

وأضاف البيان أن تشكيل حكومة سودانية موازية «يُعقد المشهد في السودان، ويعوق الجهود الجارية لتوحيد الرؤى بين القوى السودانية، ويفاقم الأوضاع الإنسانية»، فيما طالبت كافة القوى السودانية بتغليب المصلحة الوطنية العليا للبلاد والانخراط في إطلاق عملية سياسية شاملة دون إقصاء أو تدخلات خارجية.

وحسب الوزير المصري عبد العاطي، فإن «مصر على تواصل مع كل الأطراف المعنية لنقل وجهه نظرها وموقفها الواضح والثابت»، وأضاف: «بالتأكيد نحن مع السودان كدولة، ومع السودان كمؤسسات، ومع السودان بطبيعة الحال لفرض سيادته وسيطرته على كل الأراضي السودانية».

وتستهدف مصر من رفض مسار الحكومة الموازية «دعم المؤسسات الوطنية في السودان، حفاظاً على وحدته واستقراره، وسلامته الإقليمية»، وفق عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير صلاح حليمة، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر تعمل على حشد الدعم الدولي والإقليمي لوقف الحرب ونفاذ المساعدات الإنسانية، ووضع خطط لإعادة الإعمار».

وتنظر القاهرة لحكومة بورتسودان باعتبارها الممثل الشرعي للسودان، والمعترف بها دولياً، وفق حليمة، ودلل على ذلك بـ«دعوة رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، للأمم المتحدة، وزيارة دول مختلفة، كممثل شرعي عن بلاده».

وترأس البرهان وفد السودان، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، سبتمبر (أيلول) الماضي.

ويعتقد حليمة أن إجهاض مساعي «الحكومة الموازية» لن يتحقق سوى بـ«التوافق على مسار سياسي، من خلال حوار سوداني - سوداني، تشارك فيه كل الأطراف، ويفضي لتشكيل حكومة مدنية مستقلة لفترة انتقالية»، وطالب بالبناء على مبادرة مصر باستضافة مؤتمر للقوى السياسية السودانية العام الماضي.

وجمعت القاهرة، في شهر يوليو (تموز) الماضي، لأول مرة، الفرقاء المدنيين في الساحة السياسية السودانية، في مؤتمر عُقد تحت شعار «معاً لوقف الحرب»، وناقش ثلاث ملفات لإنهاء الأزمة السودانية، تضمنت «وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية ما بعد الحرب».

في المقابل، يرى المحلل السياسي السوداني، عبد المنعم أبو إدريس، أن «التحركات المصرية تواجه تحديات معقدة، بسبب دعم دول إقليمية مؤثرة للقوى الساعية لتشكيل حكومة موازية، في مقدمتها (الدعم السريع)»، مشيراً إلى أن «الموقف المصري مرهون بقدرتها على تجاوز الرفض الدبلوماسي، وقيادة تحركات مع الفرقاء السودانيين وحلفائها في الإقليم».

ويعتقد أبو إدريس، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن اختراق القاهرة لأزمة «الحكومة الموازية»، «لن يكون سهلاً، في ضوء تأثير الجهات الدولية والأطراف الداعمة للقوى السودانية التي تقف خلف هذه الحكومة»، وقال إن «مصر تخشى أن تقود تلك التحركات إلى انفصال جديد في السودان، ما يمثل تهديداً لمصالحها الاستراتيجية».

ورغم هذه الصعوبات، يرى القيادي بالكتلة الديمقراطية السودانية، مبارك أردول، أن الموقف المصري مهم في مواجهة الأطراف الإقليمية الداعمة لمسار الحكومة الموازية، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «رفض القاهرة يؤكد أن السودان لا يقف وحده في هذه الأزمة»، وأن «هناك أطرافاً إقليمية داعمة لوحدة واستقرار السودان».

وتعتقد مديرة وحدة أفريقيا في «مركز الأهرام للدراسات السياسية»، أماني الطويل، أن «المواقف الرافضة لهذه الحكومة، التي صدرت من مصر والأمم المتحدة ودول أخرى، يمكن أن تُضعف من الاعتراف الدولي والإقليمي للحكومة الموازية، دون أن تلغيها».

وباعتقاد الطويل، «سيستمر مسار الحكومة الموازية بسبب رغبة شركات عالمية في الاستفادة من موارد السودان، ولن يتحقق لها ذلك إلا في وجود سلطة هشّة في السودان»، وقالت: «الإجهاض الحقيقي لتلك التحركات يعتمد على التفاعلات الداخلية بالسودان، أكثر من الموقف الدولي، خصوصاً قدرة الجيش السوداني على استعادة كامل الأراضي التي تسيطر عليها (الدعم السريع) وخصوصاً دارفور».