إردوغان يستغل هجوم نيوزيلندا لإنقاذ حزبه في الانتخابات المحلية

عرض فيديو المجزرة رغم حذفه من شبكات التواصل الاجتماعي

TT

إردوغان يستغل هجوم نيوزيلندا لإنقاذ حزبه في الانتخابات المحلية

استحوذ الهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا، يوم الجمعة الماضي، بشكل تام على أجندة الحملة الانتخابية التي يخوضها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بنفسه، في مسعى لتثبيت شعبية حزبه في الانتخابات المحلية التي تشهدها تركيا في 31 مارس (آذار) الجاري، والتي يواجه فيها الحزب موقفاً صعباً بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد والتي لم تشهد لها مثيلاً منذ عام 2001، قبل مجيء حزب «العدالة والتنمية» إلى سدة الحكم.
ومنذ وقوع الهجوم الإرهابي على المسجدين في نيوزيلندا، كثّف إردوغان من هجومه على منفّذ المذبحة المروعة التي راح ضحيتها أكثر من 50 شخصاً، وسعى لتصوير الأمر على أنه استهداف لتركيا وله شخصياً بسبب بعض العبارات التي جاءت في بيان منفذ الهجوم، التي أظهر فيها عداءً للدولة العثمانية ولتركيا.
وطالب الرئيس التركي، في تجمع انتخابي في ولاية زونجولداغ، غربي البحر الأسود شمال تركيا، أمس، بأن يدفع الإرهابي منفذ مجزرة نيوزيلندا ثمن جريمته الشنعاء، مؤكداً أن تركيا ستحاسبه، بأي شكل من الأشكال، إن لم تحاسبه نيوزيلندا على ذلك. وتوجه إردوغان بحديثه إلى منفّذ هجوم مسجدي مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا الإرهابي الأسترالي بيرنتون هاريسون تارانت، الذي مثُل أمام المحكمة السبت، ووجهت إليه اتهامات بالقتل العمد، قائلاً: «عليك أن تدفع ثمن ما اقترفت يداك، وإن لم تحاسبك نيوزيلندا، فنحن نعرف كيف نحاسبك بشكل من الأشكال... من أنت يا عديم الأخلاق؟ لقد قتلت 50 شخصاً من إخوتنا الذين كانوا يؤدون العبادة، بكل خسة ووقاحة ودناءة، ولكنك ستدفع ثمن فعلتك».
وكان إردوغان قد استعاد ذكرى معركة غاليبولي التي دارت في أثناء الحرب العالمية الأولى (1915)، وفشلت خلالها القوات الأسترالية والنيوزيلندية والبريطانية والفرنسية في السيطرة على شبه جزيرة غاليبولي، في محاولة للدخول إلى إسطنبول، العاصمة العثمانية آنذاك. وقال في خطاب جماهيري في تجمع انتخابي، أول من أمس، في جناق قلعة (شمال غربي تركيا) موقع معركة غاليبولي، إن «أي شخص جاء إلى تركيا لأسباب معادية للمسلمين، رجع منها في تابوت... وتركيا ستكتب التاريخ مرة أخرى إذا وقف أي شخص ضد الأتراك والمسلمين وكل المظلومين».
وردّ على العبارات التي وردت في رسالة الإرهابي الأسترالي قبل تنفيذ الهجوم على المسجدين، قائلاً: «لقد جاء أجدادك وعادوا في توابيت. إذا أتيت مثل أجدادك، فتأكد أنك ستعود مثلهم». وكان الإرهابي قد كتب على إحدى البنادق التي استخدمها في الهجوم على المسجدين تاريخ «1571»، في إشارة إلى «معركة ليبانتو» البحرية، التي خسرتها الدولة العثمانية.
ولم يكتفِ إردوغان بالرد على هذه العبارات المتطرفة، بل استغل الهجوم على المسجدين في نيوزيلندا خلال خطابه، وعرض فيديو المجزرة الذي بثه الإرهابي على الإنترنت على الرغم من حذفه من شبكات التواصل الاجتماعي بسبب بشاعته. ودعا نيوزيلندا إلى التعامل بجدية مع الهجوم الإرهابي، وألا تتساهل مع القضية «كما تفعل الدول الغربية عادةً». وقال إن تركيا التي عانت الكثير من الإرهاب ومستعدةً للتعاون والعمل مع الحكومة النيوزيلندية.
وأثارت هذه التعليقات غضب حكومة نيوزيلندا، التي اعتبرت أن إردوغان يوظف المجزرة البشعة التي شهدتها البلاد، توظيفاً سياسياً لكسب الأصوات لصالح حزبه في الانتخابات المحلية. واستنكر وزير الخارجية النيوزيلندي وينستون بيترز، تصرف إردوغان واستخدامه فيديو الهجوم على المسجدين، الذي اعتبره نوعاً من التحريض ضد بلاده. وقال إنه أخبر وزير خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو، الذي زار نيوزيلندا ضمن وفد تركي برئاسة فؤاد أوكطاي نائب الرئيس التركي، بخطورة ذلك على نيوزيلندا. وقال الوزير النيوزيلندي إن ذلك «يعرّض للخطر مستقبل وسلامة الشعب في نيوزيلندا والخارج، وهو غير منصف إطلاقاً»، معلناً أنه سيتوجه إلى تركيا هذا الأسبوع بدعوة من تركيا لحضور اجتماع لمنظمة التعاون الإسلامي.
وتعرّض الوفد التركي الذي سافر إلى نيوزيلندا، لموقف محرج بعدما رفض مسلمو نيوزيلندا استقبالهم، ولم يرحب بهم أحد. وقالت تقارير إعلامية إن نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي، ووزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، وباقي الوفد التركي لم يجدوا أي ترحيب من أي شخص، إذ تم إغلاق المسجد ولم يخرج أحد للوقوف أو السلام أو الترحيب بهم.
واضطر الوفد التركي إلى المغادرة بصحبة طاقم سفارة تركيا، وبعض ممثلي وسائل الإعلام التركية والتوجه لزيارة بعض المصابين الأتراك في الهجوم الإرهابي ولقاء عائلاتهم والتصوير معهم، حسب التقارير. ولم يتوقف إردوغان في تعليقاته على الهجوم الإرهابي في أوساط الناخبين، على نيوزيلندا فقط، بل وسّع دائرة الهجوم إلى الدول الأوروبية، مشيراً إلى الحوادث الإرهابية التي تقع فيها، وقال إنهم «يدفعون الثمن لكونهم غير صادقين».
كما لمّح بشكل مباشر إلى أميركا بقوله: «الذين يلطخون منطقتنا بالدماء ويشعلونها بالنيران تحت ذريعة محاربة (داعش) الإرهابي، يحملون الغاية نفسها (قتل المسلمين)».
ورصدت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير لها، أسلوب إردوغان الانتخابي، مشيرةً إلى أنه منذ وصوله إلى الحكم عام 2003 يعتمد على مهاراته الكلامية، مستخدماً تعابير محبوكة وقصائد وطنية وحكماً بليغة، يحسده عليها خصومه، والغناء أيضاً لاجتذاب الناخبين.
وفي أوجّ حملة الانتخابات المحلية التي ستجري في 31 مارس، أضاف أمراً جديداً لترسانته الكلامية وهو الغناء، حيث يبدأ إردوغان المعروف بكلامه شديد اللهجة، منذ أسابيع تجمعاته الانتخابية بالترنم بأغنية لإشاعة الحماسة بين أنصاره.
ومع أن الموسيقى مستخدمة منذ أمد بعيد من قِبل السياسيين من كل المشارب في تركيا، فإن حزب العدالة والتنمية (إسلامي) بزعامة إردوغان جعل منها سلاحاً أساسياً. وفي وقت تمر فيه تركيا بفترة صعبة اقتصادياً، مع دخولها مرحلة ركود للمرة الأولى منذ عشر سنوات، يرفع حزب إردوغان وتيرته أملاً باجتذاب ناخبين تأثرت قدراتهم الشرائية، حسب التقرير.
تكرار إردوغان توظيف بعض القضايا الدينية والخارجية في حملاته الانتخابية ومنها حملة الانتخابات المحلية المقبلة، دفع المعارضة إلى توجيه انتقادات حادة إليه، مشيرةً إلى أنه يتغافل عن الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد، ويتحدث عن قضايا أخرى ليتهرب من المسؤولية ويخدع الشعب.
ولفت مسؤولون في حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، إلى أن إردوغان يشعر بالخوف الشديد من الخسارة في الانتخابات المحلية المقبلة، ولذلك يقوم بزيارة ولايتين أو ثلاثاً من ولايات البلاد كل يوم مع أن ما يجري الإعداد له هو مجرد انتخابات محلية وليست برلمانية أو رئاسية.


مقالات ذات صلة

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

المشرق العربي عناصر من الفصائل الموالية لتركية تشارك في الاشتباكات مع «قسد» بشرق حلب (أ.ف.ب)

تركيا متمسكة بالتحرك ضد «قسد»... ومحاولات أميركية لمنعها

اتهمت تركيا «قسد» باستخدام المدنيين دروعاً بشرية في «قسد» وأكدت تمسكها بعملية عسكرية في شمال سوريا وسط مساعٍ أميركية لمنعها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان ملوحاً بالتحية لمواطنين في أثناء استقبال بهشلي له أمام منزله في أنقرة الخميس (الرئاسة التركية)

تركيا: لقاء بين إردوغان وبهشلي وسط جدل حول الحوار مع أوجلان

تشهد تركيا حراكاً مكثفاً حول عملية لحل المشكلة الكردية عبر الحوار مع زعيم حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وانقساماً حول مسألة العفو عنه.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا محمد ديبي ورث حكم تشاد من والده وتمت ترقيته مؤخراً إلى رتبة ماريشال (صحافة محلية)

تحت تأثير الكحول والمخدرات... 24 شخصاً هاجموا القصر الرئاسي في تشاد

استبعدت تشاد أن يكون الهجوم على القصر الرئاسي ليل الأربعاء/الخميس، له أي طابع «إرهابي»، مشيرة إلى أن من نفذوه كانوا مجموعة من الأشخاص في حالة سكر ومسلحين.

الشيخ محمد (نواكشوط )
أوروبا جنود بريطانيون عائدون من أفغانستان خلال احتفال في اسكوتلندا عام 2013 (غيتي)

تحقيقات: القوات الخاصة البريطانية سُمح لها بـ«التملص من القتل» في أفغانستان

الأدلة التي نشرتها لجنة تحقيق رسمية في جرائم الحرب المزعومة ترسم صورة مزعجة لقوة قتالية نخبوية اعتادت ثقافة الإفلات من العقاب في أفغانستان.

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن ) «الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن )
آسيا أفراد من الجيش الباكستاني (أرشيفية)

مقتل 3 جنود و19 إرهابياً بعملية أمنية شمال غربي باكستان

قُتل 3 جنود من رجال الأمن الباكستاني، كما قُضي على 19 مسلحاً من العناصر الإرهابية خلال عمليات أمنية واشتباكات وقعت في المناطق الشمالية من باكستان.

«الشرق الأوسط» ( إسلام آباد)

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.