«الباب المردوم»... حقيقة التجاذبات الفكرية في زمن الصحوة وما بعدها

الروائي السعودي غيث الشايع يرسم خريطة مجتمع تتقاطع فيها الأحداث

«الباب المردوم»... حقيقة التجاذبات الفكرية في زمن الصحوة وما بعدها
TT

«الباب المردوم»... حقيقة التجاذبات الفكرية في زمن الصحوة وما بعدها

«الباب المردوم»... حقيقة التجاذبات الفكرية في زمن الصحوة وما بعدها

التغييرات التي شهدتها السعودية مؤخراً في كل مناحي الحياة أغرت الكثير من الكتّاب بنبش الماضي القريب، واحتلت الرواية مساحة في تناول المشهد، بتحولاته وتقاطعاته المختلفة في محطات متعددة.
السعودي غيث الشايع دخل ميدان الكتابة برواية تبدأ أحداثها في زمن متأخر، وأهدى عمله «لأولئك الذين أصبحوا يشكلون جزءاً كبيراً من الحاضر، جيل السبعينات والثمانينات». ويرصد الكاتب حقيقة التجاذبات الفكرية في مجتمعه من خلال روايته «الباب المردوم»، التي يمكن القول إن الحبكة الدرامية فيها، بشخوصها وفصولها، بنيت على واقع حقيقي صريح، غير محرف أو محسن أو مبالغ فيه، وهو واقع سيتذكره جيداً أبناء جيل الصحوة، سواء كانوا من أولئك الذين ارتضوا بهذا الاسم، أو الآخرين الذين اعتبروها سنوات غفوة لم يفق منها المجتمع إلا مؤخراً.
تبدأ أحداث الرواية في زمن متأخر، لكنها تهدف في مكوناتها البنيوية إلى تسليط الضوء على الماضي، وترسم تقاطعاته التي توغلت طويلاً في الزمن كي تشكل بوابة المستقبل الذي بات المجتمع يتحسس طرقاته فيه، أو يمكن القول صعب على أفراده أن يفهموه. ويتسارع الزمن في الطريق نفسه بشخصياته العاجزة عن التماهي مع التطور والحداثة؛ إنه عمل فني يترك القارئ أمام سؤال ما زالت أجابته محيرة: من منا يسبق الآخر.. نحن أم الزمن؟ لكن الرواية لا تتوقف عند هذا الأمر، بل تطرح أيضاً سؤال الإنسان المعاصر: ما الذي يمكن للذكريات أن تفعله؟ وهل الماضي بهذه القوة من التأثير فعلاً أم أنه لا يعدو أن يكون سراباً نطارده كي نتمكن من الوصول الآمن؟
«الباب المردوم» رواية مهداة لجيل السبعينات والثمانينات، كما ذكرنا، ولمن جاء بعدهم ممن لم يفهموا جيداً حقيقة ما مر به المجتمع السعودي خلال تلك السنين التي امتدت معظم أحداثها لما يقارب ثلاثة عقود، وبالتحديد ما بين عامي 1988 و2015. وقدم غيث الشايع هذه الأحداث في قالب درامي، كشاهد عيان على مسلسل طويل كانت كل أحداثه بتفاصيلها الدقيقة التي بدأت بـ«باب مردوم»، عبر قصة ثلاثة شبان تلقفتهم أمواج الصحوة العاتية؛ أول هؤلاء الشبان ركب هذه الأمواج، والثاني ركب ثم ترجل عنها ليقف ساخراً من راكبيها، أما الثالث فلقد كان بعيداً عن سطوتها.
هذه السيناريوهات الثلاثة تعكس فعلاً واقع غالبية أفراد المجتمع في فترة الصحوة. ومن هنا، لا تملك وأنت تقرأ أحداث تلك الرواية إلا أن تشعر أنك جزء من بعضها، أو كلها، أو أنها تعني لك شيئاً بطريقة أو بأخرى، وأنك لا بد أن تتوقف عن القراءة بين موقف وآخر لتربطه مع واقع قد مررت به وخبرته جيداً. وقد تطول لحظات تفكيرك تلك، وكأن المؤلف يستفز عقلك، ليعيد عليك عرض شريط من الذكريات التي كنت قد نسيتها أو تناسيتها. الرواية تحكي لنا بأسلوب سهل ممتنع كل ما مر على المجتمع السعودي من أحداث أثرت في طريقة تفكيره ونظرته للحياة، من بداية هبوب رياح الصحوة، إلى حرب أفغانستان، وعاصفة الصحراء، ثم بزوغ نجم الفضائيات والإنترنت، وحتى فترة الابتعاث، ثم سقوط سوق الأسهم، وانتهاء بأحداث الربيع العربي وما تلاها، إلى الحد الذي يخيل إليك في أثناء قراءتها أنك تتصفح أرشيفاً للمجتمع السعودي يمتد قرابة ثلاثة عقود.
لقد استطاعت الرواية، التي سيوقعها الشايع في معرض الرياض للكتاب مساء الجمعة المقبلة، في ما يقارب 300 صفحة، أن يختصر حياة الملايين في 30 سنة، مما يمدنا بالمادة الضرورية لفهم طبيعة المجتمع السعودي، وحقيقة التجاذبات الفكرية التي أدت أخيراً إلى تطور مفهوم نظرتنا للمجتمع والحياة.


مقالات ذات صلة

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
ثقافة وفنون الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» في قطر الفائزين بدورتها العاشرة خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد وشخصيات بارزة ودبلوماسية وعلمية.

ميرزا الخويلدي (الدوحة)

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.