إسرائيل تستأنف المحادثات مع «حماس» حول التهدئة

TT

إسرائيل تستأنف المحادثات مع «حماس» حول التهدئة

أبلغ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وزراء الكابنيت (المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة)، أنه استأنف المفاوضات مع حركة «حماس» من أجل التوصل إلى تفاهمات تفضي إلى «تهدئة» أمنية في قطاع غزة.
ونقلت القناة 13 للتلفزيون الإسرائيلي عن وزيرين شاركا في اجتماع «الكابنيت»، أن نتنياهو ومسؤولي الأجهزة الأمنية، أطلعوا الوزراء الأعضاء في المجلس الأمني والسياسي المصغر، على استئناف المفاوضات مع «حماس» عبر الوسطاء الدوليين، وأن هذه إشارة إلى أن جولة التصعيد التي انفجرت مساء الخميس الماضي، قد انتهت، خصوصاً أن «حماس» أوضحت أن إطلاق صاروخين باتجاه تل أبيب تم بالخطأ من أحد عناصرها.
وأفادت المصادر بأن المفاوضات مع «حماس» عبر الوسيط المصري ستتركز في هذه المرحلة على ثلاثة محاور امتنعت إسرائيل عن تنفيذها منذ الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات «التهدئة» نهاية العام الماضي، التي تتضمن زيادة مساحة الصيد في غزة، وتسهيلات على القيود الإسرائيلية المفروضة على تصدير المنتجات الزراعية من القطاع، بالإضافة إلى زيادة مبلغ المنحة القطرية الممنوحة للأسر الفقيرة في غزة. وشدد الوزيران، على أن ذلك يأتي في محاولة لتجنب تصعيد أمني قبل انتخابات الكنيست المقبلة، والمقررة في التاسع من أبريل (نيسان).
وأكد نتنياهو لأعضاء المجلس الأمني، أن المفاوضات سوف تتقدم، فقط، إذا ما استمر الهدوء على طول الحدود الشرقية للقطاع المحاصر، مع العلم بأن الفلسطينيين يستعدون لإحياء الذكرى السنوية الأولى لانطلاق مسيرات العودة لكسر الحصار، التي تصادف في 30 من الشهر الحالي. ومع أن بعض الوزراء أبدوا اعتراضهم على قرار نتنياهو والأجهزة الأمنية، إلا أن أياً منهم لم يطلب إجراء تصويت حول هذا القرار. وبحسب القناة، اعترض وزير التعليم، نفتالي بينيت، ووزيرة القضاء، أييليت شاكيد (اليمين الجديد)، على تجديد الاتصالات مع «حماس»، واعتبرا أن ذلك بمثابة «استسلام للإرهاب»، وقال بينيت: إن «(حماس) كانت صاحبة الكلمة الأخيرة خلال جولة التصعيد الأخيرة»، وإن «تجديد المفاوضات سيعتبر استسلاماً وجائزة للإرهاب». وأشارت القناة إلى أن الوزيرين غلعاد إردان وزئيف إلكين (الليكود)، تحفظا على قرار نتنياهو، إلا أنهما امتنعا عن طلب التصويت على القرار.
ونقلت القناة عن أحد الوزراء المشاركين في اجتماع «الكابنيت»، أن نتنياهو وقادة أجهزة الأمن عبّروا عن رضاهم عما وصفه بـ«الرد» على إطلاق الصاروخين بـ100 غارة على غزة، ومواصلة السياسة التي تتبعها الحكومة الحالية بهذا الشأن، وحصلوا في النهاية على تأييد معظم الوزراء. وأضاف المصدر: إن كل وزير عبّر عما يخدم حملته الانتخابية، إلا أن الجميع في النهاية صادقوا على قرار نتنياهو والأجهزة الأمنية.
واعترض بينيت خلال الاجتماع على البيان الذي أصدره الجيش الإسرائيلي، مساء الخميس، حول التقديرات الأمنية بأن الصاروخين أطلقا من قطاع غزة عن طريق الخطأ، في حين اعتبر نتنياهو أن بيان الجيش الإسرائيلي أظهر قدرة عالية في ضبط النفس المسؤولية، ما أيّده رئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي.
تجدر الإشارة إلى أن الهيئة الوطنية العليا لمسيرات العودة وكسر الحصار على غزة، قررت استئناف الحراك البحري رقم 26 الذي سينطلق اليوم (الثلاثاء) الساعة الثالثة عصراً في مخيم هربيا البحري شمال غربي غزة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.