لأول مرة، تختبر حركة «حماس»، المسيطرة على قطاع غزة، مظاهرات بهذا الحجم والقوة ضد حكمها في قطاع غزة. لكن المحرك الرئيسي لم يكن أبداً سياسياً، وإنما اقتصادي بامتياز بعد 12 عاماً من حكم الحركة الصعب.
واختبرت «حماس»، في سنوات ماضية، تحركات محدودة ضد أزمة الكهرباء، وظنت ربما أنها ستواجه تحركات مشابهة مع فرضها مزيداً من الضرائب على جميع السلع والمواد المختلفة بما فيها الأساسية، لكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفنها.
فرضت «حماس» في الثاني والعشرين من فبراير (شباط) ضرائب جديدة على التجار، الذين بدورهم رفعوا أسعار السلع المختلفة في ظرف اقتصادي أصلاً صعب ومتدهور. وجاءت خطوة «حماس» بعد سيطرة الحركة على معبر كرم أبو سالم ومعبر رفح في يناير (كانون الثاني) عقب انسحاب عناصر السلطة الفلسطينية، وفي محاولة لزيادة تدفق الأموال على الحركة، في الوقت الذي تعاني من أزمة مالية كبيرة لم يسبق لها مثيل، ما دفعها لإغلاق مؤسسات مختلفة تابعة لها لمحاولة تجاوز الأزمة. وعانت «حماس» من شح في الأموال أكثر بعد خلاف حول تحويل أموال قطرية لموظفي الحركة ضمن اتفاق تهدئة مترنح.
ويمكن القول إن الضغط المضاعف على كاهل المواطنين، مع قناعات متزايدة باستغلالهم لملء خزينة الحركة، ترجم بمظاهرات لم تتوقعها الحركة، وجاءت بحجم الضرائب التي لم يتوقعها المواطن. فقد فرضت «حماس» مثلاً مبلغ 150 شيقلاً بدلاً من 20 كانت تفرضها السلطة الفلسطينية على «مشتاح» واحد من الأدوات المنزلية، و250 شيقلاً لـ«المشتاح» الواحد من الملابس، كما عمدت إلى تصدير بعض الخضار مثل البندورة إلى الخارج للاستفادة مالياً، ما تسبب برفع أسعارها في غزة، ليصل الكيلو الواحد إلى 5 شواقل بدلاً من شيقلين أو حتى شيقل واحد فقط، إلى جانب رفع أسعار التبغ من 8 أو 10 شواقل إلى 25 أو أكثر.
وتشير إحصائيات مختلفة إلى أن أكثر من 50 في المائة من سكان القطاع يعيشون تحت خطر الفقر، وبنسبة أكبر تصل إلى أكثر من 65 في المائة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما تصل البطالة في صفوف الشبان إلى 65 في المائة.
وكل تلك الأسباب دفعت مخيمات للاجئين وليست أحياء أو مناطق مستقرة اقتصادياً، للتظاهر. وبدأت المظاهرات بدعوات أطلقها خريجون من جامعات يحملون درجة الماجستير، ولا يجدون عملاً عبر شبكات التواصل منذ نحو أسبوعين. وحملت المظاهرات شعارات مختلفة، أبرزها «بدنا نعيش - لا للغلاء - بدنا حياة كريمة»، وتم إطلاق تلك الشعارات ميدانياً في المظاهرات، وكذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي شكلت عاملاً مهماً في كشف حقيقة ما جرى من قمع للمتظاهرين عبر بث فيديوهات مختلفة للاعتداءات والاعتقالات من قبل أجهزة أمن «حماس».
زيادة الضرائب على البضائع فجّرت غضب المخيمات
زيادة الضرائب على البضائع فجّرت غضب المخيمات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة