الحريري التزم في بروكسل موقف الحكومة من عودة النازحين

جبران باسيل قال إن المساعدات الدولية هي لإبقائهم في لبنان

عدد من أصحاب المحلات في بعلبك اعتصموا وقطعوا الطريق مطالبين بإقفال محلات النازحين السوريين التي قالوا إنها تنافسهم على لقمة عيشهم والحد من العمالة السورية التي تضيع فرص العمل على اللبنانيين (الوكالة الوطنية للإعلام)
عدد من أصحاب المحلات في بعلبك اعتصموا وقطعوا الطريق مطالبين بإقفال محلات النازحين السوريين التي قالوا إنها تنافسهم على لقمة عيشهم والحد من العمالة السورية التي تضيع فرص العمل على اللبنانيين (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

الحريري التزم في بروكسل موقف الحكومة من عودة النازحين

عدد من أصحاب المحلات في بعلبك اعتصموا وقطعوا الطريق مطالبين بإقفال محلات النازحين السوريين التي قالوا إنها تنافسهم على لقمة عيشهم والحد من العمالة السورية التي تضيع فرص العمل على اللبنانيين (الوكالة الوطنية للإعلام)
عدد من أصحاب المحلات في بعلبك اعتصموا وقطعوا الطريق مطالبين بإقفال محلات النازحين السوريين التي قالوا إنها تنافسهم على لقمة عيشهم والحد من العمالة السورية التي تضيع فرص العمل على اللبنانيين (الوكالة الوطنية للإعلام)

مع أن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أدرج في كلمته أمام مؤتمر بروكسل - 3 لتوفير الدعم المالي للدول المضيفة للنازحين السوريين حرفية ما ورد في البيان الوزاري لحكومته حول ضرورة عودتهم الآمنة إلى سوريا في أسرع وقت، وحثّ المجتمع الدولي للضغط على النظام السوري لإعادتهم، مرحّباً بأي مبادرة أممية في هذا المجال وتحديداً المبادرة الروسية، وداعياً الدول المانحة إلى زيادة مساهمتها المالية للتخفيف من الأعباء المالية التي يتحمّلها لبنان والتي تفوق قدرته في ظل ظروفه الاقتصادية الصعبة، فإن وزيرا يتخوف من أن يكون «في الحكومة وفي خارجها من يستعد منذ الآن لنصب الأفخاخ له». ويأتي قول رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل في أول تعليق له على ما حققه المؤتمر بأن أموال بروكسل هي لإبقاء النازحين في لبنان كمؤشر على أن الاشتباك السياسي سيقتحم مجلس الوزراء.
واستباقاً للسخونة السياسية التي تنتظر جلسة الحكومة فإن من يسير في الاتجاه المعاكس لما حققه مؤتمر بروكسل لا يتطلع إلى نتائجه بمقدار ما أنه - بحسب مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» - يصرّ على إصدار أحكامه على النيات لتفادي إحراج الرئيس بشار الأسد.
ويؤكد المصدر نفسه أنه يتوجب على من يستعد لشن هجوم سياسي وإعلامي على مؤتمر بروكسل أن يقدّم البديل لقطع الطريق على ربط عودة النازحين بالحل السياسي في سوريا. ويلفت إلى أن من يتهم المجتمع الدولي بتوطين النازحين في أماكن إقامتهم المؤقتة في دول الجوار عليه من موقع تحالفه أو صداقته مع النظام السوري أن يطلب منه التعاون الفوري لإعادتهم إلى بلداتهم لتعطيل لغم التوطين بعيداً عن المزايدات.
ويسأل المصدر الوزاري الذي يتموضع على الضفة الأخرى في مواجهة محور «الممانعة» الحليف لإيران وللنظام السوري: ما الذي يمنع الرئيس الأسد من أن يتجاوب من دون أي تردد مع حلفائه لتنظيم عودة النازحين. كما يسأل إذا كان في قدرة رئيس الجمهورية ميشال عون ومن يدعمه الالتفاف على ما صدر عن مؤتمر بروكسل بالتفاهم مع الرئيس الأسد لضمان عودتهم. فهل يقف الرئيس الحريري عائقاً يحول دون تجاوبه وهو من يقول باستمرار بأنه مع عودتهم اليوم قبل الغد؟
ويرى المصدر الوزاري أن الالتفاف على مؤتمر بروكسل يعفي الرئيس الأسد من مسؤوليته في إعادة مواطنيه إلى بلداتهم التي نزحوا منها تحت وطأة الحرب، بدلاً من تحضير الاتهامات «السياسية» للرئيس الحريري. ويقول بأن الهم المزدوج للحريري الذي حمله معه إلى بروكسل يكمن في الضغط على الأسد لتأمين عودتهم الآمنة. وفي حثه المجتمع الدولي لزيادة المساعدات، وهذا ما حصل، لأنه كان يتخوّف من أن هناك وهنا وضعفا في الإرادة الدولية من أجل تأمين كلفة استضافتهم.
ويؤكد المصدر الوزاري أن الحريري دعا المجتمع الدولي لأن يكون أكثر براغماتية في تعاطيه مع ملف النازحين، ويقول بأنه من غير الجائز أن يوضع لبنان على لائحة الانتظار، وبالتالي يمكن أن يؤخّر عودتهم إلى حين بلورة الحل السياسي في سوريا الذي يبدو أنه ليس في المدى المنظور. ويضيف أن دعوة الحريري المجتمع الدولي للتعاطي بواقعية مع ملف النازحين تعني من وجهة نظره أن ربط عودتهم بالحل السياسي لا تعفيه من تقديم المساعدات للذين ينوون العودة لتوفير كل ما هو مطلوب لتأمين اندماجهم في بلداتهم، إذ لا شيء يمنع من تقديم مساعدات للذين يعودون طوعياً خلال المرحلة الانتقالية، تمكّنهم من إعادة ترميم منازلهم من الأضرار التي لحقت بها من جراء الحرب... وأيضاً تأهيل البنى التحتية في حدودها الدنيا بما يسمح بخفض عدد النازحين تدريجياً وتحديداً في لبنان.
وفي هذا السياق، قال مصدر أوروبي في بيروت بأن إصرار الأسد على ربط عودة النازحين السوريين الذين يستضيفهم لبنان بمبادرة الأخير إلى تطبيع علاقته بالنظام السوري ليس واقعياً، طالما أن البلدين يقيمان علاقات دبلوماسية ويستمران في التنسيق الأمني من خلال المديرية العامة للأمن العام والاستخبارات السورية، وأن عودتهم تنتظر من دمشق أن تعطي الضوء الأخضر للتفاهم على آلية تؤمن انتقالهم إلى بلداتهم وقراهم في داخل سوريا.
وقال المصدر الأوروبي لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يجد تفسيراً لإحياء المجلس الأعلى اللبناني - السوري المنبثق عن المعاهدة بين البلدين، خصوصاً أنه لم يكن له دور في الحقبة «الذهبية» التي كان يتصرف خلالها هذا النظام بأنه الآمر الناهي في لبنان قبل أن يضطر إلى سحب جيشه بعد اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
ولفت المصدر إلى أن النظام السوري يريد من خلال شروطه لتطبيع العلاقات أن يحجب الأنظار عن مجموعة من الأسباب ما زالت تشكّل عائقاً أمام عودتهم ويأتي في أولويتها أن سوريا تعاني من أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة لا قدرة للنظام على توفير الحلول لها. وسأل المصدر: كيف يمكن للنظام السوري أن يؤمّن الخدمات والاحتياجات للعائدين طالما أنه يعجز عن توفيرها للمقيمين وهذا ما أدى إلى تراجع شعبيته؟
وعلمت «الشرق الأوسط» أن تأخير موافقة دمشق على عودة النازحين لا يرتبط بالأزمة الاقتصادية الضاغطة عليها فحسب ولا في إعادة الاعتبار للمبادرة الروسية وإنما لأن النظام السوري لم يحسم أمره حيال لائحة المطالب التي تقدّمت بها موسكو لتسريع عودتهم وأبرزها: إصدار عفو عام عن المتخلفين عن الالتحاق بالخدمة العسكرية أو المطلوبين بتهمة معارضتهم للنظام، وتجميد استدعاء المطلوبين للخدمة لمدة عام، لما لهذه الإجراءات من قوة دفع لتشجيعهم على العودة.
وعليه فإن لجوء بعض الأطراف إلى التذرّع في حملاته على الحريري بعدم انضمام وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب إلى الوفد اللبناني في بروكسل ما هو إلا قنبلة دخانية يستخدمها هؤلاء لفك الحصار المفروض على الأسد، وإلا فليذهب هؤلاء إليه ويتفقوا معه على آلية لتأمين عودتهم من دون ربطها بإنضاج الحل السياسي في سوريا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».