عشرة آلاف «داعشي» في قبضة «قوات سوريا الديمقراطية»

توقعات بحسم المعركة خلال ساعات

مسلحون لدى استسلامهم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)
مسلحون لدى استسلامهم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)
TT

عشرة آلاف «داعشي» في قبضة «قوات سوريا الديمقراطية»

مسلحون لدى استسلامهم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)
مسلحون لدى استسلامهم لـ«قوات سوريا الديمقراطية» شرق الفرات (الشرق الأوسط)

من على تلة الباغوز الاستراتيجية الواقعة على ضفاف نهر الفرات شمالاً، تقف مجموعة من الجنود الأميركيين، ومسؤولون عسكريون من التحالف الدولي، ومقاتلون من «قوات سوريا الديمقراطية»، يرصدون خروج مسلحي تنظيم «داعش» المتطرف، عبر طريق جبلي وعر، صعوداً إلى أعلى القمة، يسلكه هؤلاء المقاتلون بعد استسلامهم من آخر رقعة أرض كانت خاضعة لمسلحي التنظيم قبل طردهم، يوم أمس.
طُلب منهم الجلوس على الأرض في صفوف متراصة بانتظار دورهم للتفتيش. أُعطيت التعليمات إلى عائلاتهم بالابتعاد إلى نقطة قريبة، للخضوع بدورهم إلى الاستجواب. بعدها يبدأ عناصر من الحراسة يتبعون «قوات سوريا الديمقراطية» كانوا مقنّعين يلبسون نظارات سوداء، بأخذ بصمات اليد والعين بعد عمليات تفتيش دقيقة.
يذهب المصابون والجرحى برفقة دورية عسكرية إلى مكان تشرف عليها نقطة طبية مؤلفة من ممرضين وطبيب ميداني. وكان المقاتلون السوريون يقفون في طابور طويل، فيما اصطفّ العراقيون والعرب في طابور محاذٍ، أما المقاتلون المتحدرون من جنسيات غربية وأوروبية كانوا يقفون في مكان ثانٍ قريب على قمة الجبل.
يبدأ محققون باستجواب العناصر المتشبه بانتمائهم إلى تنظيم «داعش». يطرحون أسئلة عن البطاقات الشخصية واسم الدولة والجنسية التي يحملها كل شخص، والمكان الذي كان يعيش فيه قبل سفره إلى سوريا، ومطارات الدول التي عبر من خلالها حتى وصل إلى وجهته، والمناطق التي انتقل بينها في كل من سوريا والعراق خلال سنوات عمله مع التنظيم المتطرف.
وأوضح عدنان عفريني القيادي الميداني في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية» لـ«الشرق الأوسط»، أن عناصر التنظيم، ومنذ إعلان الحملة العسكرية الحاسمة، ليل الأحد الماضي: «استسلم بشكل جماعي أكثر من 3 آلاف مسلح خلال الأيام الماضية، يومياً نلقي القبض على العشرات منهم، والبعض يستسلم خلال المعارك العنيفة التي لا تزال مستمرة»، ليرتفع عدد عناصر التنظيم لدى القوات إلى نحو 10 آلاف مسلح منذ بداية الهجوم في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي، ونفى عفريني بشكل قاطع خروج أي مسلح من التنظيم عبر صفقة أو الهدن التي أُعلِنت مراراً خلال المعركة الأخيرة، مضيفاً: «لا توجد لدينا معلومات مؤكدة عن فرار عناصر (داعش) إلى مناطق النظام، أو نحو العراق، أنوه بأنهم يمتلكون شبكة أنفاق توصلهم إلى نهر الفرات والحدود العراقية، نعمل على اكتشافها وتدميرها».
ليس خافياً على أحد أنّ هؤلاء هم عناصر «داعش» المتطرف، الذين أثاروا الرعب بقواعده المتشدّدة وأحكامه المتوحشة، يتحدرون من دول روسية وبلدان غربية وعواصم أجنبية وعربية وتركية، فالتنظيم أصدر مناهجه الدينية وعُملته الخاصة في ذروة قوته، وقبل 5 أعوام كان «داعش» يسيطر على 88 ألف كيلومتر مربع تمتد بين شرق سوريا وغرب العراق، تعادل مساحة بريطانيا، معلناً خلافته المزعومة، وفرض سلطة متوحشة على قرابة 8 ملايين نسمة، وجمع مليارات الدولارات من النفط والسلب والسرقة والاختطاف.
بشعره الطويل غير المهذب ولحيته الحمراء، يقول مقاتل في بداية عقده الثالث (رفض ذكر اسمه) يُشتبه بانتمائه للتنظيم، يتحدر من المغرب، كان يعيش في مناطق «داعش» منذ خمس سنوات، انتقل بين إدلب والرقة وشمال الفرات، وقال: «بالبداية كنت مقاتلاً ثم توليتُ مهام إدارية وكنت أشرف على الرحبات العسكرية بحكم دراستي بالهندسة الميكانيكية، الجميع كان يرابط على الجبهات، وهذه تُعد من ركائز العقيدة لدى التنظيم».
أما خير الدين، القادم من أوزبكستان، البالغ من العمر 35 سنة، فكشف أنه كان يعمل «دعوياً في جهاز الحسبة الخاضع للتنظيم»، وادعى عدم مشاركته في المعارك القتالية، واقتصر عمله على تدريس وتنظيم الدوائر. وبكلمات عربية ركيكة ثقيلة قال: «لا أتكلم العربية كثيراً، كنتُ دعويّاً، توجد معي زوجتي وأطفالي، نحن نعيش في سوريا منذ 4 سنوات، كنا في دير الزور والميادين بعدها جئنا للباغوز قبل 6 أشهر»، ويدعي خير الدين أنه حاول الفرار أكثر من مرة من مناطق التنظيم لكنه تعرض للاحتيال: «حاولت الهروب كثيراً، المرة الأولى تعرضتُ للنصب بمبلغ ألفي دولار، المرة الثانية دفعنا المال والمهرّب أخذنا للحدود العراقية وهناك لم نعرف الطريق وكُشف أمرنا».
وتكبد تنظيم «داعش» خسائر فادحة في سوريا والعراق، وطُرد من جميع المدن والبلدات الحضرية، لكن عناصره يبسطون السيطرة على جيب صحراوي إلى الغرب من نهر الفرات في منطقة البادية الشامية، تحيط به القوات النظامية الموالية للأسد مدعومة من ميليشيات إيرانية والطيران الروسي، ومن الجهة العراقية، القوات الحكومية والحشد الشيعي. كما يوجد عدد كبير من المسلحين التابعين للتنظيم في أفغانستان ومصر وليبيا وجنوب شرقي آسيا وغرب أفريقيا، وعدد أقل في الصومال واليمن والساحل الأفريقي.
بينما أشار زاهد (25 سنة) المتحدر من دمشق، إلى أنه كان مسجوناً لدى التنظيم، وبعد الإفراج عنه لم يُسمح له بمغادرة مناطق التنظيم، وقال: «أدخلتُ بضاعةً مهرّبة من مناطق النظام بتدمر لمنطقة التنظيم، ألقوا القبض عليّ وسُجنت عندهم ثلاثة أشهر، حاولت مراراً الهروب دون جدوى. وكنت أخاف من افتضاح أمري، كنتُ سأتعرض للسجن مرة ثانية».
وعمدَ تنظيم «داعش» في ذروة نشاطه إلى بثّ الشعور بالرعب، من خلال نشر صور وأفلام مروعة، مثل مشاهد حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً بشهر فبراير (شباط) 2015، وتعليق رؤوس وجثث عشرات الجنود السوريين (شبه عرايا) الذين أُسِروا في مطار الطبقة العسكري في يوليو (تموز) 2014، وتصفية عشرات الصحافيين الأجانب وعاملين في منظمات إغاثة من جنسيات غربية وأوروبية.
وأكد مقاتل روسي كان في بداية عقده الرابع أنّه قرر المجيء لسوريا قبل عامين ونصف العام بعد دراسة الأدب العربي في مسقط رأسه، لممارسة طقوسه الدينية بحرية، وتحدث بلغة فصحى وكلمات عربية مفهومة ليقول: «قررتُ أنا وعائلتي السفر لمناطق التنظيم لأنها أعلنت خلافة إسلامية، بعد أشهر شعرنا بالندم، خدعونا، قالوا لنا إن الطبابة بالمجان، ويدفعون رواتب عالية، لكن ذلك كله كان كذباً بكذب».
لكن المئات من مقاتلي التنظيم قرروا القتال حتى النهاية، ولا تزال تُسمع أصوات اشتباكات متقطعة في بعض المواقع شرق الباغوز، ويرجح مسؤولون عسكريون من «قوات سوريا الديمقراطية» وجود خلايا نائمة وعناصر مختبئين في أنفاق وخنادق تحت الأرض قد يشنون هجمات انتحارية.
وآخر جيب كان يسيطر عليه التنظيم كان بلدة الباغوز التابعة لناحية السوسة في منطقة البوكمال بمحافظة دير الزور، بلغ عدد سكانها نحو 11 ألفاً، بحسب إحصاء أجري في سوريا سنة 2004، لكن ومنذ شهر سبتمبر (أيلول)، العام الماضي، وبعد الهجوم الواسع الذي شنته «قوات سوريا الديمقراطية» لطرد عناصر التنظيم من آخر موطئ قدم، نزح إليها عشرات الآلاف من مدن وبلدات السوسة والشعفة وهجين الواقعة على حوض نهر الفرات شمالاً، إلى جانب المناطق العراقية المحاذية لسوريا التي طُرد منها عناصر التنظيم.
وأكد سليمان (28 سنة)، وهو مقاتل تونسي، أنّ المعاملة لدى التنظيم كانت بحسب الجنسيات، على الرغم من أنّ بلده كانت من بين أكثر الدول التي قدم منها عناصر التنظيم، فالعراقي يكون أميراً والشيشاني والإيغور والقادمون من دول روسيا الاتحادية كانوا قادة، أما باقي الجنسيات من العرب والأجانب يتولون مناصب متدنية، وتُوكَل لهم مهام إدارية وتنظيمية، وقال: «العراقيون نافذون، والشيشان والروس قادة، ومجلس الشورى كانوا بضع شخصيات مقربة من البغدادي، والأخير لم يشاهده أحد سوى في إطلالته على مسجد الموصل بخطبته الوحيدة والأخيرة، منتصف 2014».
وباستسلام مسلحي «داعش» يُسدل الستار على الفصل الأخير من بقاء التنظيم الإرهابي جغرافياً. مئات من الرجال يرتدون لباساً طويلاً ويجلسون في العراء وسط أرض جبلية قاحلة مع هبوب رياح مغبرة. من ملامحهم يبدو عليهم أنهم قادمون من مسافات بعيدة، قطعوا آلاف الكيلومترات لوجهتهم، سوريا، أكثر منطقة ساخنة في الشرق الأوسط منذ 2011، لطالما حلموا بالعيش في كنف «الخلافة» المزعومة، لكن انتهى بهم المطاف في نقطة تفتيش بانتظار تحديد مصيرهم بعد استسلامهم.
ومع استمرار الاشتباكات العسكرية التي دخلت يومها الخامس، يرجح مسؤولون عسكريون من «قوات سوريا الديمقراطية» أن تنتهي خلال الساعات القليلة المقبلة، حيث يدافع مسلحو تنظيم «داعش»، غالبيتهم من جنسيات أجنبية، بعنادٍ عن آخر بقعة أرض، متحصنين في أنفاق وخنادق داخل ما تبقى لهم في الشرق السوري.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».