موسكو تنتقد «تسييس» المساعدات الدولية

TT

موسكو تنتقد «تسييس» المساعدات الدولية

حذّرت موسكو من «مساعٍ لتسييس عملية تخصيص مساعدات دولية لسوريا»، وقالت إن أي جهد من قبل دول مانحة يجب أن يصب في اتجاه إرساء السلام وعودة الحياة الطبيعية إلى المدن السورية.
ورأى بيان أصدرته وزارة الدفاع وحمل توقيع «مقر التنسيق الروسي - السوري المشترك» أن عدم دعوة دمشق إلى الاجتماع الدولي الثالث للدول المانحة في بروكسل، يعكس توجهاً لدى أطراف دولية لتسييس عملية تقديم المساعدات لسوريا. وزادت أن المساعدات الدولية يجب أن تمر عبر دمشق لتصب في جهود إعادة السلام وتطبيع الأوضاع بالنسبة للسوريين.
وأكد البيان حاجة دمشق للمساعدة المالية الدولية، واستعدادها للعمل بشفافية تامة في إنفاق هذه الأموال. تزامن ذلك مع توجيه انتقادات مماثلة إلى الولايات المتحدة بسبب «ممارستها سياسة التهديد ضد بلدان تسعى إلى المشاركة في عمليات إعادة إعمار سوريا» وفقاً للسفير الروسي لدى الأردن غليب ديسياتنيكوف الذي أبلغ وكالة أنباء «نوفوستي» الحكومية بأن عمان «ترغب في المشاركة في إعادة إعمار سوريا، إلا إن قطاع أعمالها يتعرض لتهديدات مباشرة من الولايات المتحدة بسبب مساعيه هذه».
وأوضح ديسياتنيكوف أن لدى الأردن «الإمكانات والنيات اللازمة للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، إلا إنها تواجه عقبات خطيرة تضعها الولايات المتحدة التي يهدد ممثلوها علناً وبشكل مباشر بفرض مختلف العقوبات على أوساط الأعمال الأردنية التي تسعى لممارسة نشاط في سوريا».
وأعرب السفير عن ثقة روسيا الكاملة بقدرة الأردن على اجتياز هذه العقبات والإسهام بقسط كبير في إعادة إعمار سوريا، بغض النظر عن جميع الصعوبات.
ولفتت الوكالة الروسية إلى أن موسكو انتقدت مواقف بلدان عربية بسبب إعلان رفضها المساهمة في إعادة إعمار سوريا قبل «تحقيق الانتقال السياسي في البلاد في إطار عملية جنيف».
وفي مقابل تلك الانتقادات، فاخرت، أمس، صحيفة «فوينيه أوبزرينيه» التابعة لوزارة الدفاع الروسية بما وصفته بـ«تحول في سياسات بلدان عربية نحو روسيا بعد النجاح الملحوظ الذي حققته سياستها في سوريا».
ولفتت الصحيفة إلى أن «نفوذ روسيا في الشرق الأوسط نما بسرعة، منذ أن قرر الكرملين أن يدعم بشكل كامل وشامل، بما في ذلك عسكرياً، السلطة الشرعية في سوريا». وكشفت أن عدداً من الخبراء المقربين من الكرملين كانوا حذروا في وقت سابق من أن «الدعم الواضح لدمشق سوف يدمر علاقات موسكو مع جميع خصوم سوريا وعلى رأسهم تركيا وإسرائيل وبلدان عربية» ورجحوا أن «تفقد موسكو أهميتها بالكامل في المنطقة بسبب دعم (الرئيس السوري) بشار الأسد».
لكن الصحيفة لاحظت أن النتائج التي تحققت «جاءت عكسية» وأضافت: «كما نرى، انقلب كل شيء. فخلال 4 سنوات من المساعدة الفعالة للغاية للجمهورية العربية السورية في حل مشكلاتها العسكرية والسياسية، نمت مكانة روسيا في الشرق الأوسط بشكل ملحوظ».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.