طارق لطفي: إيرادات السينما لا تكذب... ونجاح «122» حقيقي

10 سنوات كاملة ابتعد فيها الفنان طارق لطفي عن السينما منذ مشاركته في فيلم «أزمة شرف» عام 2009، اختار خلالها أن يواصل مشواره في الدراما التلفزيونية، الذي وصل إلى ذروته في مسلسل «جبل الحلال» إلى جانب الفنان الراحل محمود عبد العزيز، قبل أن تُسند إليه البطولة المطلقة لأول مرة في مسلسل «بعد البداية» في 2015.
على مدار 3 سنوات لم يتنازل لطفي عن البطولة؛ فقدّم في 2016 «شهادة ميلاد»، وفي 2017 «بين عالمين»، قبل أن يعلن عن عودته للسينما مرة أخرى في 2018 بفيلم «122» الذي يشاركه بطولته الفنانة أمينة خليل، والفنان أحمد داود، من تأليف صلاح الجهيني، وإخراج ياسر الياسري.
يقول طارق لطفي لـ«الشرق الأوسط»: «على مدار 10 سنوات تقريباً، كنت أرفض كل الأفلام التي تُعرض عليَّ، لأنني كنت أراها مجرد تجارب عادية، لكن عندما جاءتني فكرة (122)، ومنذ اللحظة الأولى لقراءة السيناريو تأكدت أنه سيحقق نجاحاً كبيراً عند عرضه في السينما.
ومن يتابع مشواري جيداً، سيعرف أنني صبور إلى ما لا نهاية... من الممكن أن أجلس في البيت من دون عمل لمدة 10 سنوات، لكن عندما أعود يجب أن يكون ذلك من خلال عمل يرضيني في المقام الأول، وأكون على معرفة كاملة بما الذي سأفعله في العودة، وهو ما حدث في (122)، فكنت أعرف أنني عائد للسينما بتجربة جديدة ستحقق إيرادات في دور العرض».
> هل أنت مؤمن بأن النجاح يجب أن يُترجم إلى إيرادات؟
- الإيراد في السينما غير كاذب، و«122» تجربة جديدة جعلت الناس يقولون إن الجمهور يحتاج إلى نوعية جديدة غير الأكشن والكوميدي. وعندما نحقق -منذ طرح الفيلم- 40 مليون جنيه تقريباً داخل وخارج مصر، فهذا يعني أن الفيلم حقق وأثبت أشياء كثيرة حقيقية وليست مزيفة، وهذا انعكس على استقبال الجمهور لي، كما لو كنت في مصر وأكثر، خلال زياراتي لتونس والإمارات والعراق. وأنا مقتنع بأن النجاح على (السوشيال ميديا) سهل يمكن أن تشتريه، تدفع ألف دولار على حلقة من مسلسل فتحقق مليون مشاهدة، عكس السينما، التي لا تكذب في نجاحها.
> لماذا ترى أن الترويج لنفسك نوع من النجاح الزائف؟
- اخترت لنفسي منذ البداية ألا أحقق نجاحاً زائفاً، لذلك كان أحد أهداف «122» قياس حجم نجاحي الحقيقي. وبشكل عام أنا أفضل أن أبيع منتجاً يحمل اسم طارق لطفي، فالترويج للمنتج أهم، لأن الجمهور لم يعد يثق بالأسماء، ولكنه يثق أكثر بالمنتج، فأصبح يسأل «فيلم فلان جيد أم لا؟» قبل أن يدخله. وفي ما يتعلق بالبطولة المطلقة، أراها لفظاً خاطئاً، فلا يوجد شيء يسمى بطولة مطلقة، فالعمل الفني عمل جماعي.
> «122» يقدَّم بتقنية 4d لكنها لا تتوفر إلا في ثلاث قاعات فقط بمصر... هل كان لذلك تأثير سلبي على الفيلم؟
- هذا ليس تقصيراً من صناع الفيلم، ولكن السوق كانت ترى أنها لا تحتاج أكثر من هذا العدد، لأن الأفلام التي تُطرح بهذه التقنية عددها قليل، لكن بعد فيلم «122» قررت سينما «كايرو فيستيفال» إضافة قاعة، فأصبحت أربعاً، ومن المتوقع أن يضاف عدد آخر من القاعات الفترة المقبلة.
وأتوقع أيضاً أن تُنتج أفلام مصرية خلال الفترة المقبلة بهذه التقنية، والحمد لله أن فيلم «122» هو أول فيلم مصري يقدم بتقنية 4d، كما أنه أيضاً أول فيلم مصري يُعرض في باكستان باللغة الأوردية، وهذه أشياء ستسجل تاريخياً باسم طارق لطفي وأسرة فيلم «122»، كما سيترجَم الفيلم خلال الفترة المقبلة إلى اللغة الفرنسية، وسيدبلج للغة الإسبانية، وسيُعرض في أميركا اللاتينية في شهر أبريل (نيسان) المقبل. وما يميز هذه التجربة أن «122» لن يُعرض للجاليات العربية في البلاد غير العربية، ولكنه يقدَّم لأهل البلد أنفسهم بلغتهم.
> وهل كان تأجيل عرض الفيلم الموسم الماضي خوفاً من المنافسة؟
- لم يكن تأجيل الفيلم خوفاً من المنافسة على الإطلاق، بدليل أنه عندما تم طرحه حقق إيرادات كبيرة، ولكن ما حدث أن شريط الصوت تم تنفيذه في مصر ولم يعجب الجميع، فأرسلناه إلى أميركا. لذلك أعتقد أنه لو كان قد تم طرح الفيلم في العيد، كان سيحقق إيرادات أكثر، لأنه في الأسبوع الأول لطرح الفيلم قامت أكبر عاصفة ترابية شهدتها مصر، وأقل درجة حرارة تقريباً في هذا الشتاء وأمطار بالقاهرة والمحافظات، وكل ذلك بلا شك أثّر على إيرادات الفيلم، يضاف إلى ذلك امتحانات نصف العام.
> كيف تفسر مساندة ودعم الفنان المصري محمد هنيدي للفيلم حتى قبل العرض؟
- تجمعني بهنيدي علاقة صداقة قوية منذ 25 سنة، وأشكره على دعم فيلم «122» ونشر البرومو الخاص بالفيلم لجمهوره على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذه أخلاقيات أتمنى أن تسود في الوسط الفني، لأنها للأسف ليست موجودة حالياً. فنحن ينافس بعضنا بعضاً، لكن لماذا لا يحدث ذلك حتى في المنافسة؟ فهذا لن يقلل من الفنان، بل على العكس سيكبره وسيكبر زميله الذي يدعمه.
> هل نجاح «122» سيزيد من اهتمامك بالسينما؟
- بالفعل تم الاستقرار على تجربتين جديدتين في السينما سأقدمهما في 2019؛ الأولى مع نفس فريق عمل «122»، والأخرى مع فريق آخر. ولا أريد أن أتحدث عنهما الآن لأني مؤمن بمقولة «واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، ليس خوفاً من الحسد، ولكن أخشى أن يكون هناك من هو أسرع منك ويحصل على الفكرة وينفذها قبلك. ونحن نعاني من فقر شديد في الأفكار، فعندما تكون لديَّ فكرتان جديدتان، أكثر جنوناً من «122»، فالطبيعي أن أخاف عليهما وأحافظ عليهما.
> عندما حصلت على الفرصة في مسلسل «بعد البداية» حققت نجاحاً وعندما حصلت عليها في فيلم «122» تكرر النجاح نفسه... هل هذا معناه أن تأخير حصولك على الفرصة كانت له حسابات خاطئة من السوق؟
- صحيحٌ أنني موجود منذ فترة طويلة، لكنّ الله سبحانه وتعالى هو صاحب التوقيت، ويأتي لك بالفرصة في الوقت الذي تكون فيه قادراً على أن تستغلها وتستفيد منها إذا كان يحمل لك الأفضل، وقناعتي أن الله يحمل لنا الأفضل دائماً. ونجاح «122» عوّضني عن فترة الصبر، والحمد لله أنني أملك القدرة على الرفض، ولا أتورط في تقديم أي شيء لمجرد الوجود. وأنا حريص دائماً على مذاكرة السوق وتحولاتها دائماً، فأنا أشاهد كل فيلم أو مسلسل حتى إذا كان متواضعاً، وأدرس أسباب نجاح وفشل الآخرين، والأهم من كل ما سبق هو التوفيق في الاختيار. وأتذكر قبل مسلسل «بعد البداية»، أن كثيرين قالوا: كيف يقدم طارق لطفي «أكشن»؟! وكان هناك تشكيك متداوَل في أنني لن أستطيع تقديم ذلك، أو على الأقل لن أنفذ مشاهد الأكشن بنفسي، لكن عندما قدمت هذا الحجم من الأكشن الذي لم يحدث في التلفزيون والسينما قبل مسلسل «بعد البداية» بشهادة «الخواجة» الذي ينفّذ مشاهد الأكشن في مصر، كان طبيعياً أن يشعر الجميع بالاندهاش، وهو ما تكرر أيضاً في «122».
> وكيف ترى تغير نظرة السوق أخيراً تجاه أبناء جيلك مثل ياسر جلال؟
- أدّعي أنه لولا نجاحي في تجربة «بعد البداية» لما وصلت البطولة إلى ياسر جلال، فالمخاطرة والمجازفة كانت بطارق لطفي، وأتوقع أن تُسند البطولة إلى المظلومين من أبناء جيلي في السينما خلال الفترة المقبلة، بعد نجاح «122». فربنا اختار لي أن أكون البداية، وأكسر الحواجز، وأعطي أملاً للناس الذين كادوا يفقدونه، وأتذكر أن إحدى زميلاتي كتبت بعد نجاح مسلسل «بعد البداية»: «أنت أخذت لنا حقنا من الزمن»، وهي ممثلة عظيمة، لكنّ حسابات السوق لا تراها بطلة. فربنا يستخدمني لكي يكون هناك أمل للآخرين، كما أن هناك بعض خريجي معهد السينما، كانوا قد اتخذوا قرار الهجرة، وبعد نجاح «بعد البداية» تراجعوا عن القرار، وقالوا إن طارق لطفي نموذج للنجاح بعد الصبر الطويل. والصبر يحتاج أيضاً إلى عدم التنازل، وأن تثق بنفسك وتثق بالله قبل كل شيء.