الحريري مرتاح لمحادثاته مع الملك سلمان ويستكملها بعد عودته من بروكسل

مصالحته مع ريفي تؤمِّن دعماً انتخابياً قوياً لمرشحة «المستقبل» ديما جمالي

الحريري مرتاح لمحادثاته مع الملك سلمان ويستكملها بعد عودته من بروكسل
TT

الحريري مرتاح لمحادثاته مع الملك سلمان ويستكملها بعد عودته من بروكسل

الحريري مرتاح لمحادثاته مع الملك سلمان ويستكملها بعد عودته من بروكسل

الأجواء الإيجابية التي اتسم بها استقبال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، كانت حاضرة بامتياز في لقاء المصالحة الذي عُقد بين الأخير والوزير السابق أشرف ريفي، بحضور رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، والوزير السابق رشيد درباس، اللذين لعبا دوراً في إنهاء الخلاف بين الحريري وريفي، وهو ما سيدفع في اتجاه إعادة خلط الأوراق لصالح مرشحة تيار «المستقبل» ديما جمالي، للانتخابات الفرعية التي تُجرى في طرابلس في 14 أبريل (نيسان) المقبل، والتي ستتيح لها استعادة مقعدها النيابي الذي شغر بقبول المجلس الدستوري الطعن في نيابتها الذي قدمه منافسها مرشح «جمعية المشاريع الخيرية في لبنان» - «الأحباش» طه ناجي.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر وزارية ونيابية مواكبة للأجواء التي سادت استقبال الملك سلمان بن عبد العزيز، للرئيس الحريري في قصر اليمامة في الرياض بأن الذين التقوا الأخير فور عودته من المملكة العربية السعودية خرجوا بانطباع بأنه أعرب عن ارتياحه لهذا اللقاء الذي ستكون له نتائج إيجابية في دعم لبنان للنهوض من أزماته الاقتصادية والمالية.
وكشف زوّار الرئيس الحريري لـ«الشرق الأوسط» أنه سيتوجّه ثانيةً إلى الرياض في اليومين المقبلين ورجّحوا أن ينتقل إليها من بروكسل التي وصل إليها، أمس، على رأس وفد لتمثيل لبنان في المؤتمر السنوي الثالث للدول والمؤسسات المانحة المعنية بتوفير الدعم المالي للبنان لاستضافته أكثر من مليون نازح سوري. وأكد زوّار الحريري أن عودته ثانية إلى الرياض تأتي في سياق استكمال محادثاته المثمرة التي كان قد أجراها مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.
لذلك، فإن ارتياح الرئيس الحريري لمحادثاته في الرياض اقترن هذه المرة بارتياحه حيال إصراره واللواء ريفي على طي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة انطلاقاً من وجود شعور لديهما بأن استهداف أحدهما لا يعفي الآخر من الاستهداف، وبالتالي لا خيار أمامهما سوى مواجهة التحدّيات من موقع واحد.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن مصالحة الحريري - ريفي شكّلت مفاجأة للشارع الطرابلسي وكان للسنيورة ودرباس دور في العودة بعلاقة الحريري وريفي إلى بر الأمان، خصوصاً أنهما خاضا هذه المهمة بعيداً عن الأضواء. فقد قاما بدور الرافعة لإنهاء الخلاف بين الحريري وريفي، وارتأيا أنه من غير الجائز عدم الالتفات إلى الانتخابات الفرعية في طرابلس والتعامل معها على أنها الاستحقاق الذي يستدعي التحرّك لرأب الصدع بينهما.
وكان السنيورة ودرباس قد انطلقا لتهيئة الأجواء أمام إنجاز هذه المصالحة منذ أكثر من أسبوعين، وكانت البداية باتصال أجراه ريفي بدرباس أعقبه لقاء بينهما بعلم السنيورة. وأكد ريفي في هذا اللقاء، كما علمت «الشرق الأوسط»، أنه لا يبحث عن مقعد نيابي، و«لا أريد أن يُهزم الرئيس الحريري في طرابلس، وبالتالي لا أسمح لنفسي بأن أكون طرفاً لاستهدافه». لكن ريفي اقترح دعمه أي مرشح يمكن أن يختاره الحريري كبديل عن ترشُّح ديما جمالي. وكان رد درباس ولاحقاً السنيورة عندما التقى ريفي في بيروت بأن الحريري يتمسّك بترشّحها لأنها عنوان معركته السياسية. إلا أن ريفي سرعان ما أبدى مرونة وانفتاحاً تأكيداً منه على أن المعركة تستهدف الحريري الذي كان أُعلم خلال وجوده في الرياض بالأجواء الإيجابية التي سادت اجتماعات اللحظة الأخيرة وتحديداً لقاء السنيورة - ريفي.
ولدى عودته من الرياض كانت التحضيرات قد أُنجزت لمصالحته مع ريفي، وبادر إلى إعطاء الضوء الأخضر بأن تتوّج المصالحة في اللقاء الذي عُقد ليل أول من أمس، في منزل السنيورة.
ومع تحديد ساعة الصفر لتحقيق المصالحة، ارتأى الحريري والسنيورة وريفي ضرورة دعوة درباس للمشاركة فيها، وهذا ما حصل فوراً بانتقال الأخير من طرابلس إلى بيروت وأيضاً بانضمام المستشار الإعلامي للرئيس الحريري هاني حمود، إلى اللقاء.
وعلمت المصادر أن الأسباب التي أدت إلى الخلاف بين الحريري وريفي غابت كلياً عن المداولات التي جرت في اللقاء، ما يعني أنهما ليسا في وارد العودة إلى الماضي ما داما اتفقا على فتح صفحة جديدة.
وفي هذا السياق أجمع معظم الذين شاركوا في لقاء المصالحة، أنهم لاحظوا بعد أقل من 3 دقائق على بدء الاجتماع، كأنّ لا مشكلة بينهما وكأن اجتماعهما يأتي استكمالاً لاجتماع عُقد قبل أيام.
ونقل هؤلاء عن الحريري قوله: «أنا أختلف مع فؤاد وأحياناً مع رشيد لكننا نبقى جميعاً في صف واحد ولا نسمح لهذا أو ذاك باستغلال الخلاف والعمل لخرق العائلة الواحدة». وردّ ريفي: «نحن نختلف لكننا لسنا في وارد شق الصفوف، ومَن يستهدف الرئيس الحريري يستهدفني».
وكانت للسنيورة ودرباس مداخلة قالا فيها: «المسيرة أمامنا طويلة، ولريفي حيثية ورأي ونحن نحترم رأيه، ولكن الخلاف في الرأي يبقى في إطار الحفاظ على وحدة الصف، لأننا جميعاً في خندق واحد».
وعاد الحريري إلى الحديث عن الوضع السياسي مبدياً ارتياحه إلى محادثاته في الرياض ونُقل عنه قوله: «نشهد الآن اشتباكات سياسية وإعلامية، وأنا من جانبي أسعى قدر الإمكان لتحييد هذه الاشتباكات لتوفير الحماية لوضعنا الاقتصادي الذي يمر بلحظات دقيقة، ولهذا فإن اهتمامي الأول والأخير يكمن في التحضير للإفادة من مؤتمر (سيدر) لأنه لا مصلحة في تفويت هذه الفرصة، ولهذا أضغط للإبقاء على هذه الاشتباكات في حدودها الدنيا».
وعليه، فإن قرار ريفي عزوفه عن خوض الانتخابات ودعمه لترشُّح جمالي سيكون العنوان الأول لمؤتمره الصحافي الذي يعقده، اليوم، في طرابلس ويتوجّه من خلاله إلى محازبيه وأنصاره شارحاً لهم الأسباب التي دفعته إلى اتخاذ موقفه هذا، إضافة إلى وضعهم في أجواء المصالحة.
وطبيعي أن يؤدي عزوف ريفي إلى سحب الرهان على أن ترشّحه سيؤدي إلى تشتيت الأصوات وتحديداً على يد من يتطلعون إلى إضعاف الحريري، وبالتالي فإن المنافسة في طرابلس ستعيد خلط الأوراق تحالفاً وترشُّحاً وستلقى جمالي دعماً انتخابياً «كامل الأوصاف»، ويبقى على القوى السياسية الداعمة لها أن تتعامل منذ الآن على أن المعركة هي معركتها، وهذا يتطلب منها ترجمة الدعم بالإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع.
وفي المقابل، لا بد من مواكبة القرار الذي سيصدر عن «جمعية المشاريع» وما إذا كانت ستعيد ترشيح طه ناجي أم أنها ستصرف النظر عن خوض الانتخابات لأن ملء المقعد النيابي الشاغر على أساس النظام الأكثري لن يكون لمصلحتها خلافاً لخوضها الانتخابات العامة في مايو (أيار) الماضي على أساس النظام النسبي، إلا إذا ارتأت أن هناك ضرورة للدخول في اختبار لقوّتها رغم أنها لن تتخذ قرارها بمعزل عن التنسيق مع حلفائها.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».