مواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي بعد إغلاق الأقصى

محكمة تعطي المباحثات الأردنية ـ الإسرائيلية فرصة حول باب الرحمة

الأمن الإسرائيلي يمنع مفتي القدس والديار الفلسطينية من المرور بعد إقفال «باب الرحمة» المؤدي إلى الأقصى أمس (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يمنع مفتي القدس والديار الفلسطينية من المرور بعد إقفال «باب الرحمة» المؤدي إلى الأقصى أمس (أ.ف.ب)
TT

مواجهات بين الفلسطينيين والأمن الإسرائيلي بعد إغلاق الأقصى

الأمن الإسرائيلي يمنع مفتي القدس والديار الفلسطينية من المرور بعد إقفال «باب الرحمة» المؤدي إلى الأقصى أمس (أ.ف.ب)
الأمن الإسرائيلي يمنع مفتي القدس والديار الفلسطينية من المرور بعد إقفال «باب الرحمة» المؤدي إلى الأقصى أمس (أ.ف.ب)

أغلقت إسرائيل المسجد الأقصى أمس بشكل كامل في تصعيد خطير ونادر، رفضه الفلسطينيون الذين ردوا بدعوات النفير مصلين أمام أبوابه، ومنادين العالم للتدخل من أجل إفشال المخططات «الخطيرة» لتقسيم المسجد.
واقتحمت قوات كبيرة من الشرطة الإسرائيلية بشكل مفاجئ، أمس، المسجد الأقصى، وبدأت بإخلاء المصلين وسط اشتباكات مباشرة، ثم أغلقت جميع بوابات المسجد، قبل أن تغلق مساحات أوسع في البلدة القديمة في القدس.
وقال مسؤولون في المجلس الإسلامي، إن قوات الاحتلال اعتدت على جميع المصلين والمسؤولين بالضرب المبرح بهدف إخلائهم بالقوة. وأكد فراس الدبس مسؤول العلاقات العامة والإعلام أن قوات الاحتلال اعتدت على موظفي دائرة الأوقاف الإسلامية بالضرب، بمن فيهم مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني وحراسه، كما اعتدت بالضرب على مصلين من النسوة والأطفال، وأخلت بالقوة طلبة مدارس الأقصى الشرعية.
وشوهدت قوات من الشرطة الإسرائيلية تسيطر على محتجين، بينهم نساء على الأرض، قبل اعتقالهم كذلك. وقالت الشرطة الإسرائيلية إن نقطة تفتيش لها على أحد بوابات المسجد تعرضت لإلقاء زجاجة حارقة. وجاء في بيان للشرطة بعد اقتحام المسجد: «قبل وقت قصير، في الحرم القدسي، تم إلقاء زجاجة حارقة باتجاه موقع للشرطة في المكان». وأضافت: «تم اعتقال ثلاثة أشخاص على الأقل لعلاقتهم بالهجوم، ويجري استجوابهم».
واقتحام المسجد وإخلائه جاء بأوامر مباشرة من مفوض شرطة القدس دورون ياديد، الذي زار المكان وأجرى تقييماً للأوضاع هناك، ثم أمر بإخلاء الأقصى وإغلاقه من أجل إجراء عمليات بحث عن أسلحة أخرى، بحسب بيان.
ولاحقا أغلقت الشرطة الإسرائيلية، باب العامود، وهو أحد أشهر وأهم أبواب القدس القديمة مع إرسال تعزيزات إلى المكان الذي يفضي للأقصى. ورفض الفلسطينيون جميع الإجراءات الإسرائيلية، وردوا بإقامة الصلوات أمام البوابات المغلقة في اعتصام لا يعتقد أنه سينتهي قبل إعادة فتح المكان. وأهابت الأوقاف ومرجعيات دينية ومسؤولين وفصائل بالنفير للأقصى من أجل حمايته والدفاع عنه.
وأدانت الرئاسة الفلسطينية «التصعيد الإسرائيلي الخطير في المسجد الأقصى المبارك»، محذرة من التداعيات الخطيرة التي يتسبب بها هذا التصعيد العدواني ضد المواطنين الفلسطينيين والمصلين داخل المسجد، والاعتداء من قبل جنود الاحتلال على النساء داخل قبة الصخرة المشرفة. ودعت الرئاسة المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لمنع التصعيد في المسجد الأقصى، واتهمت إسرائيل بانتهاك حرمة الشعائر الدينية، «التي كان آخرها قيام أحد جنود الاحتلال بدخول المسجد بحذائه حاملاً معه زجاجة من الخمر، في اعتداء صارخ على قدسية المسجد وحرمته».
وأكدت الرئاسة أن الرئيس محمود عباس يجري اتصالات مكثفة مع الجهات كافة ذات العلاقة، وتحديدا مع الأردن الشقيق، للضغط على حكومة الاحتلال لوقف هذا التصعيد الخطير.
كما دعا وزير الأوقاف والشؤون الدينية الشيخ يوسف إدعيس العالم لأن يقف عند مسؤولياته، وأن يتدخل بشكل جاد لوضع حد لهذه الانتهاكات. وجدد إدعيس دعوته للعرب والمسلمين بالتحرك لإنقاذ القدس ومسجدها الأقصى ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، وهي ذات الدعوة التي أطلقتها وزارة الخارجية، لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي المبيتة لتقسيم المسجد الأقصى.
ويتهم الفلسطينيون إسرائيل بالعمل على تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً منذ فترة طويلة وهي اتهامات تنفيها إسرائيل. وفي محاولة لجلب أكبر دعم ممكن، قال مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، إن مسؤولية الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك هي مسؤولية عربية إسلامية وليست حكراً على المصلين فيه وعلى الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس المحتلة.
وجاء التوتر الكبير في الأقصى أمس في ظل وجود خلاف محتدم حول مصلى باب الرحمة الذي افتتحه مصلون بالقوة قبل أسبوعين بعد 16 عاما على إغلاقه. وتسعى إسرائيل لإغلاق المصلى بالقوة لكن الفلسطينيين والأردنيين يرفضون ذلك.
وانتهت أمس مهلة أعطتها المحكمة للأوقاف الإسلامية من أجل إغلاق المصلى قبل أن تتخذ قرارا بإغلاقه بالقوة، لكنها عادت وأرجأت اتخاذ قرار، مانحة المفاوضات الإسرائيلية الأردنية فرصة. وقال المحامي مدحت ديبه، إن محكمة الصلح لم تصدر أي قرار بإغلاق باب الرحمة، لوجود مفاوضات دبلوماسية بين الأردن وإسرائيل بهذا الشأن. وأضاف ديبه أن «المحكمة طالبت في قرارها إعلامها بتطورات المحادثات التي تجري بشأن مصلى باب الرحمة خلال سبعة أيام».
ويعقد مسؤولون إسرائيليون وأردنيون رفيعون محادثات من أجل نزع فتيل الأزمة. والأسبوع الماضي، توجه مسؤولون إسرائيليون إلى الأردن لعقد اجتماعات، وقد زار مسؤولون أردنيون أيضا مدينة القدس، بحسب تقارير إسرائيلية. وهناك محادثات جارية ولم يتوصل الطرفان بعد إلى اتفاق.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، عرض الأردن إغلاق الموقع لإجراء ترميمات طويلة. وبينما يوافق الإسرائيليون، فإنهم مصرون على إغلاق الموقع في بداية الأمر من دون ترميمات، كدليل على السيادة الإسرائيلية. وورد أن هذا الخلاف هو ما يمنع تحقيق اتفاق.
وقال قاضي قضاة فلسطين مستشار الرئيس للشؤون الدينية والعلاقات الإسلامية محمود الهباش، إن الفلسطينيين والأردنيين لن يقبلوا تغيير الواقع التاريخي داخل الحرم القدسي الذي يقول إن المسؤولية الأمنية والإدارية في المسجد الأقصى هي حق حصري للأوقاف الإسلامية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».