طوابع بريدية توثق نضال 9 رائدات مصريات في الحركة النسوية

في مشروع للتخرج لإحياء دورهن الوطني

أم كلثوم كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها  -   صفية زغلول «أم المصريين»  -   العالمة سميرة موسى كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها  -   المناضلة درية شفيق كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها
أم كلثوم كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها - صفية زغلول «أم المصريين» - العالمة سميرة موسى كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها - المناضلة درية شفيق كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها
TT

طوابع بريدية توثق نضال 9 رائدات مصريات في الحركة النسوية

أم كلثوم كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها  -   صفية زغلول «أم المصريين»  -   العالمة سميرة موسى كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها  -   المناضلة درية شفيق كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها
أم كلثوم كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها - صفية زغلول «أم المصريين» - العالمة سميرة موسى كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها - المناضلة درية شفيق كما جسدتها مها هشام في مشروع تخرجها

منذ صدور أول طابع بريد مصري عام 1866، أي منذ ما يزيد على 150 سنة، والطوابع تُعد دوماً توثيقاً حياً لتاريخ مصر، بعد شراء الخديو إسماعيل حق امتياز «البوسطة الأوروبية»، وقيامه بتأسيس نظيرتها المصرية عام 1865. فمن خلالها تُعرف أهم الأحداث التي شهدتها مصر خلال الحقب التاريخية الماضية.
ورغم تراجع استخدام الطوابع في المعاملات اليومية في ظل انتشار الرسائل الإلكترونية لا سيما بين الشباب، فإن الطالبة المصرية مها هشام، حين قررت اختيار موضوع لمشروع تخرجها للحصول على درجة البكالوريوس في تصميم الغرافيك من الجامعة الأميركية في القاهرة لعام 2019 فإنها فضلت أن يكون عن الطوابع المصرية.
وانطلاقاً من أن طابع البريد عبارة عن ورقة صغيرة تروي تاريخاً طويلاً، قررت مها أن تصمم مجموعة من 9 طوابع بريدية، تحكي إنجازات تسع رائدات مصريات ساهمن في صنع تاريخ بلادهن. تقول مها لـ«الشرق الأوسط»: «أردت أن أؤكد لأبناء جيلي أنها ليست مجرد ورقة إجبارية نقوم بلصقها على الخطابات والمراسلات الحكومية، إنما هي توثيق حي للتاريخ، نتعرف عبرها على تاريخ وطننا ورموزه وإنجازاته».
ولأنها أرادت أن تستثمر جانباً من الماضي لصالح الحاضر والمستقبل عبر تصاميمها لطوابع بريدية، فإنها قامت برحلة بحثية طويلة، وعميقة في عالم البريد المصري، لتكتشف أن تمثيل الرموز والقادة من الرجال في الطوابع البريدية المصرية يفوق بمراحل عدد النساء.
توضح مها قائلة: «في الوقت الذي تستشرف فيه المرأة المصرية الاحتفال بمئوية ثورة 1919 خلال مارس (آذار) الجاري ودورها المحوري فيها، فإن طوابع البريد تمثل شاهداً على استمرار عدم المساواة بينها وبين الرجل في المجتمع».
وقررت الطالبة المصرية أن توظف مشروع تخرجها لتخليد إنجازات 9 نساء من الرائدات المصريات، من خلال إحياء دورهن الوطني على طوابع بريد، قامت بتصميمها إلى جانب إعداد كتيبات باللغتين العربية والإنجليزية، ويتضمن كل كتيب مجموعة الطوابع الخاصة لكل رائدة، وعلى الصفحة المقابلة سيرتها الذاتية القصيرة، وأهم إنجازاتها، ليصبح أمام من يريد التعرف بشكل عصري وبلغة بصرية جمالية على جوانب مضيئة من تاريخ المشاركة السياسية والمجتمعية والعلمية والفنية للمرأة المصرية، والاطلاع على مشروعها الغني بالحكايات الوطنية بشقيه النظري والعملي على السواء، فيغوص في مسيرة مجموعة الرائدات التسع: صفية زغلول، وهدى شعراوي، وسهير القلماوي، وأم كلثوم، ومفيدة عبد الرحمن، وأمينة السعيد، وسميرة موسى، ولطفية النادي، ودرية شفيق.
في السياق نفسه، فإن اختيار تلك الشخصيات لم يكن مصادفة، فهو ليس فقط تماهياً مع الذكرى المئوية لثورة 1919، إنما هو أيضاً، من وجهة نظرها، رقم يتيح لها التنوع في مجالات إنجاز المرأة المصرية، كما أنه ملائم من الناحية الفنية لأسلوب تقديمه في المعرض الذي نظمته الجامعة لمشروعات التخرج، حيث تم عرضها في 3 صفوف يتضمن كل صف 3 طوابع، اعتمدت فيها مها على أسلوب «لاين أرت» أي الاعتماد على الرسم بالخطوط الناعمة بنفس السُّمك، بهدف التبسيط الشديد، فبعد أن قامت برسم الطوابع باستخدام الورقة والقلم (اسكتشات) حوّلت تصاميمها إلى طوابع رقمية، إضافة إلى استخدام «الغرافيك تابلت»، ثم قامت بطباعتها على ورق خاص بها، وبدرجة لونية أنيقة هي الأصفر، ثم قامت بثقب الحواف باستخدام الليزر.
ومن اللافت أيضاً احتفاء الطالبة بالحداثة في التصميم، رغم طبيعة الموضوع الذي استدعته من الماضي، وتفسر ذلك قائلة: «لكي أجذب المتلقي، لا سيما أبناء جيلي، كان لا بد من الخروج من الإطار التقليدي لملامح الوجه، ذلك أن الأمر المستهدف هنا هو جوهر عطاء هذه الشخصيات العظيمة لمصر، وليست التفاصيل الشكلية».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».