«فتح» تتهم «حماس» بمحاولة اغتيال أحد قيادييها في غزة

الحركة الإسلامية تلمّح إلىخلافات داخلية وتعلن اعتقال اثنين من منفذي الهجوم

TT

«فتح» تتهم «حماس» بمحاولة اغتيال أحد قيادييها في غزة

دان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ومنظمة التحرير وحركة فتح وفصائل فلسطينية ونقابات ومسؤولون، محاولة اغتيال أحمد حلس، وهو مسؤول في حركة فتح في قطاع غزة عضو اللجنة المركزية للحركة. واتهمت حركة فتح، التي ينتمي إليها حلس، حركة حماس الحاكمة في القطاع بالمسؤولية عن هذه المحاولة، بينما ردت حماس بتلميحات حول خلافات داخلية في «فتح» مطالبة وزارة الداخلية التابعة لها بكشف خيوط الجريمة قبل أن تعتقل داخلية حماس شخصين من المنفذين، دون أن تعلن عن خلفياتهم على الفور. ويتوقع أن تعمّق هذه الحادثة الانقسام بين الفصائل الفلسطينية عبر اتهامات متبادلة حول الجهة التي تقف خلف محاولة الاغتيال.
وقال الرئيس الفلسطيني إن «محاولة الاغتيال جبانة، وتشكّل خطراً حقيقياً على وحدة شعبنا الوطنية، وعلى مشروعه التحرري، وعلى السلم المجتمعي الفلسطيني». وطالب عباس أبناء الشعب الفلسطيني «وقواه الحية في الوطن والشتات، بنبذ هذه الجريمة وهذا السلوك وهذا الفعل الإجرامي»، مشدداً على تحريم هذا النهج «الغريب على عادات وتقاليد شعبنا».
وتعرضت سيارة حلس إلى إطلاق نار مباشر في إحدى طرق قطاع غزة، حيث أصيبت السيارة فيما نجا هو دون الإصابة بأي أذى. ورغم أن عباس لم يتهم جهة بعينها، بانتظار تأكيدات كما يبدو، حملت حركة فتح حركة حماس المسؤولية عن محاولة اغتيال حلس. وقالت فتح في بيان «إن هذه الجريمة جزء من سياسة انتهجتها حركة حماس منذ تأسيسها وتجلت في انقلابها الأسود عام 2007. وتمثلت باغتيال المئات من مناضلي وكوادر وقيادات الحركة وأبناء شعبنا في قطاع غزة، التي كان آخرها محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله، ورئيس جهاز المخابرات العامة اللواء ماجد فرج». وأضافت فتح «أن هذه الجريمة رغم خطورتها إلا أنها أيضاً رسالة واضحة من حماس تهدف من ورائها إلى اغتيال الجهود المصرية الهادفة لإنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة الوطنية الفلسطينية».
واعتبرت «فتح» أن محاولة الاغتيال تمثل موقف «حماس» الحقيقي من المصالحة ككل، وأضافت «أن سياسة الاغتيال الجسدي والمعنوي هي جزء من ممارسة وسلوك استخدمته حماس منذ تأسيسها وحتى الآن، في التعامل مع أبناء شعبنا المخالفين لها في الرأي». وقال المتحدث باسم «فتح» في قطاع غزة، عاطف أبو سيف، إن ما جرى لحلس هو جزء مما تتعرض له حركة فتح في غزة من اعتقالات وملاحقات لقياداتها وكوادرها. واصفاً ما يجري بالفلتان المنظم ضد فتح. وأردف «أن من يرفض تمكين الحكومة ويواصل الانقسام ويرفض خروج الشعب من نفق الانقسام إلى فساحة الوحدة الوطنية هو المسؤول عن هذه الجرائم». واتهم أبو سيف حركة حماس بالسعي لإفشال إجراء الانتخابات في قطاع غزة عبر محاولة الاغتيال التي هي المفتاح الأسرع لإنجاح الانقسام. كما أدانت أمانة سر المجلس الثوري لحركة «فتح»، محاولة الاغتيال التي تعرض لها حلس «وحملت حركة حماس المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء وما سيترتب عليه». واتهم ثوري فتح حركة حماس بإعطاء الأوامر لعصابات القتلة.
ودعا ثوري فتح حركة حماس إلى إعادة حساباتها والعودة للصف الوطني وفك ارتباطها بصفقة القرن ووهم إقامة الإمارة بهذا التساوق مع إسرائيل والإدارة الأميركية.
من جانبها، لم ترد حماس مباشرة على اتهامات فتح، بل طالبت وزارة الداخلية الخاضعة لها بكشف تفاصيل الجريمة و«الضرب بيد من حديد على كل من يريد نشر الفوضى أو خلط الأوراق والوقيعة بين أبناء شعبنا الفلسطيني».
لكن مسؤولين في الحركة، بنيهم يحيى موسى، لمحوا إلى وجود خلافات داخلية في حركة فتح تقف وراء محاولة اغتيال حلس الذي قالوا إنه تعرض لتهديدات داخلية، رافضين اتهامات السلطة. وبعد ساعات قليلة من تأكيد إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية التي تديرها حماس، أن الأجهزة الأمنية تتابع حادث تعرّض سيارة حلس لإطلاق نار في منطقة دير البلح وسط قطاع غزة، أعلن البزم اعتقال شخصين. كما أعلنت وزارة الداخلية في غزة أنها اعتقلت اثنين من المشاركين في إطلاق النار على سيارة أحمد حلس.
وأوضح إياد البزم أنه تم ضبط السيارة المستخدمة في الحادثة، ويجري البحث عن اعتقال اثنين آخرين شاركوا في الحادثة. وأضاف أن «الوزارة لن تسمح لأحد بالعبث في الساحة الداخلية»، مشدداً على أنه سيتم اتخاذ كل الإجراءات اللازمة في سبيل المحافظة على حالة الأمن والاستقرار في قطاع غزة. ولم يبقَ فصيل أو مسؤول أو تجمع إلا أدان محاولة اغتيال حلس. واستنكر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، الاعتداء وحمّل حركة «حماس» (سلطة الأمر الواقع) المسؤولية الكاملة عن هذا الاعتداء الآثم، وعن جملة الممارسات التي تتعرض لها القوى الوطنية. كما أدانت حكومة تسيير الأعمال محاولة الاغتيال، قائلة إنها «تأتي ضمن حالة الفوضى الواسعة التي يفرضها الانقسام».
ورفضت «الجهاد الإسلامي» والجبهتان الشعبية والديمقراطية وفصائل أخرى محاولة الاغتيال. وعلّق عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي، خالد البطش، على حادثة إطلاق النار على سيارة حلس، قائلاً إن «هذا عمل مرفوض ومدان، وخارج عن تقاليد وأخلاق وأعراف شعبنا المجاهد، ومحاولة لخلط الأوراق، وإشاعة البلبلة والفتنة في صفوف شعبنا الفلسطيني». ورأى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني أن الهدف من هذه المحاولة هو خلق حالة من الفوضى لإطالة أمد الانقسام، وضرب السلم الأهلي والمجتمعي عبر استهداف الحالة الوطنية. كما دانت المنظمة والمجلس الوطني والنقابات هذه المحاولة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.