ترتيبات لإعادة تمثال حافظ الأسد إلى درعا

TT

ترتيبات لإعادة تمثال حافظ الأسد إلى درعا

في مكان كان خط اشتباك طيلة السنوات الماضية في درعا، وكان شاهدا على مظاهرات في بداية الاحتجاجات في عام ٢٠١١، وقرب أنقاض وأبنية مدمرة وسوق تجاري، بدأ النظام السوري يرتب لنصب تمثال لـلرئيس حافظ الأسد في «ساحة تشرين» في مدينة درعا المحطة بالقرب من منزل محافظ درعا ونادي الضباط. في ذات المكان الذي شهد خروج مظاهرة مناهضة للنظام في 25 مارس (آذار) من عام 2011 وتحطيم تمثال الأسد الذي كان في الساحة حينها.
وقالت مصادر في درعا بأن النظام السوري بدأ منذ أيام يحضر مكانا جديدا في «ساحة تشرين» لنصب التمثال وتزيين الساحة بأشجار وورود وإنارة، والاستعداد لوضع النصب في ذكرى آذار. ووصلت تعليمات للدوائر الحكومية في المدينة للتجهيز لإقامة احتفال بحضور حكومي ورسمي ومسيرة مؤيدة للنظام ورفع الستار عن تمثال حافظ الأسد.
وذكر ناشطون من درعا أن إعادة نصب التمثال إلى المدينة التي ثارت على النظام منذ الأيام الأولى للثورة عام 2011. وقبل أيام من الذكرى الثامنة لانطلاق الثورة السورية والتي كانت بداياتها في محافظة درعا جنوب سوريا «رسالة لأهالي المدينة وللسورين الراغبين بالتغيير ببقائه وعدم تغيير سياسته، وإثبات للعالم كله بأن النظام ما يزال يحكم بالعقلية ذاتها بترسيخ حكم الأب والابن لا غير في عقول السوريين، ذاتها السياسة التي كانت عليها قبل بدء الأحداث في سوريا 2011».
في حين قال آخرون بأن ما جرى في سوريا «كان كافيا لتغيير النظام السوري سياسته، وخاصة بعد تبني دول لسياسة النظام بالمصالحة والتسوية بين السوريين، وبهذه الحالة يثبت أن نظام الأسد لا ينوي أبدا تغيير طريقة تعامله، وعدم رغبته بالتغيير وفرض ذاته من جديد في عقول السوريين في المناطق التي كانت تنتشر بها المعارضة التي شهدت عمليات تسوية ومصالحات مثل مناطق جنوب سوريا». وقال أحدهم: «النظام السوري لا يجد حرجاً أمام العالم كله وأمام السوريين سواء كانوا مؤيدين له أو معارضين، على الابتعاد عن مسؤولياته تجاه المواطنين وتأمين الخدمات الأساسية لهم والحد من الغلاء الفاحش الذي تشهده البلاد، وندرة فرص العمل ومئات الضحايا من الحرب الدائرة في البلاد والمفقودين ودمار الممتلكات، كلها لم تكن كافية لتغيير السياسة القديمة للنظام السوري».
بعض أعضاء وفد التفاوض في مدينة درعا من الذين أجروا عمليات تفاوض مع الجانب الروسي والنظام قبيل عمليات التسوية في جنوب سوريا وتسليم المنطقة للنظام السوري، عبروا عن استيائهم من إعادة نصب التمثال. أدهم الأكراد القيادي السابق بـ«غرفة عمليات البنيان المرصوص» العاملة في مدينة درعا البلد، كتب على «فيسبوك»: «نصب التمثال هو كبريت ودرعا شرارته»، وعبر الشيخ فيصل أبازيد أحد أعضاء وفد التفاوض عن مدينة درعا البلد عن استيائه من تفضيل بناء التمثال على إعادة بناء البنى التحتية والمدن، قائلاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي «بأن رفض دوائر النظام الحكومية تقديم الخدمات للأهالي، بذريعة عدم توفر الإمكانيات، لكن تظهر فجأة عند المسيرات المؤيدة للمنافقين ورفع الصور وصناعة التماثيل، أما تعبيد الطرقات والكهرباء والماء والغاز وخلافه فلا إمكانية له».
ولاقى اهتمام النظام السوري بإعادة نصب التمثال استهجان الأهالي في المحافظة، معتبرين أن الأولى الاهتمام بإعادة تفعيل الخدمات بشكل كامل، وإعادة تأهيل البنية التحتية، وإبعاد القبضة الأمنية عن الناس، والعمل على إعادة ثقة المواطن بالدولة والقانون، وتوفير مادة المحروقات للتدفئة، وضبط الأسعار، وأن إعادة رفع التمثال في المدينة يحصل على حساب اهتمام النظام السوري به قبل الاهتمام بإعادة بناء المدن المدمرة في المنطقة، وسط كل هذا الخراب والدمار والضحايا.
وكان النظام السوري قد أعاد بناء تمثال حافظ الأسد في العديد من المناطق السورية المدمرة التي كانت تشهد حراكاً ضده، حيث أعاد بناء تمثال حافظ الأسد إلى قلب مدينة حماة في تاريخ 9 فبراير (شباط) 2017 الموافق لذكرى مجزرة حماة، أيضاً أعيد تأهيل التمثال على مدخل مدينة حمص في حي عكرمة في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي 2018. كما نصب تمثالا في دوار السبع بحرات في داخل مدينة دير الزور المدمرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وعمد النظام السوري إلى نشر صور وتماثيل على واجهة المؤسسات وجدران الدوائر الحكومية والأبنية والساحات العامة، وفي كل مدرسة وجامعة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.