الحكومة المغربية تصادق على اتفاق تعزيز التعاون الأمني مع إسبانيا

أحزاب الأغلبية تقترح عقد دورة استثنائية للبرلمان

TT

الحكومة المغربية تصادق على اتفاق تعزيز التعاون الأمني مع إسبانيا

صادقت الحكومة المغربية أمس على مشروع قانون يوافق بموجبه على اتفاق بين المغرب وإسبانيا يتعلق بالتعاون في مجال الجريمة المنظمة تقدم به ناصر بوريطة وزير الخارجية والتعاون الدولي، والذي وقع بالرباط في 13 فبراير (شباط) الماضي، خلال الزيارة التي قام بها ملك إسبانيا فيليبي السادس إلى المغرب.
وقال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة في لقاء صحافي عقده عقب اجتماع مجلس الحكومة أمس، إن الاتفاق يهدف إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مجال مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب والمساس بحياة الأشخاص والاختطاف، والاتجار في المخدرات والبشر، والاستغلال الجنسي للأطفال، والاتجار غير المشروع بالأسلحة والمتفجرات. كما ينص على تبادل المعلومات فيما يتعلق بتحديد هوية الأشخاص الملاحقين الذين يشتبه في ارتكابهم جرائم في البلدين.
من جهة أخرى، رفض الخلفي أمس الإجابة عن سؤال وجه إليه بشأن موقف الحكومة من الاحتجاجات التي تعرفها الجزائر ضد ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، وقال: «لن أجيب عن هذا السؤال».
في الوقت ذاته، وعد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية أمس خلال افتتاحه الاجتماع الأسبوعي للحكومة بـ«تطوير وتقوية جل البرامج الموجهة للنساء»، وقال إن حكومته «واعية ومصرة ومستعدة لدعمها حالا ومستقبلا».
وأعرب العثماني عن تقديره للمرأة المغربية بمناسبة الاحتفال بيومها العالمي، وقال إنها «برهنت عبر قرون عن كفاءتها في مختلف المجالات، لا سيما الثقافية والعلمية»، مستشهدا بالتقرير الأخير لمنظمة «اليونيسكو» الذي أثبت حضور المرأة في البحث العلمي.
وحيّا العثماني المرأة المغربية التي تعمل في القرى والمناطق النائية «رغم الظروف الصعبة»، مستعرضا ما قامت به الحكومة من إصلاحات وما أصدرته من قوانين لمساعدة المرأة في مختلف الميادين.
إلى ذلك، اقترحت أحزاب الأغلبية الحكومية المغربية عقد دورة برلمانية استثنائية، وذلك من أجل التسريع بإصدار النصوص التشريعية الجاهزة في البرلمان. وجاء الاقتراح خلال اجتماع عقده مساء أول من أمس قادة أحزاب الأغلبية برئاسة رئيس الحكومة.
ونوهت رئاسة الأغلبية البرلمانية بالمجهودات الرقابية والتشريعية والدبلوماسية التي بذلتها جميع مكونات الأغلبية في المجلسين خلال دورة الخريف المنقضية، وهو «ما أسهم في إغناء حصيلة هذه الدورة»، ودعت إلى الاستمرار بالنهج نفسه استشرافا لدورة الربيع المقبلة.
وتفاعلا مع الاحتجاجات التي يقوم بها المدرسون المتعاقدون الذين يطالبون بإلحاقهم بالوظيفة العمومية، أعلنت رئاسة الأغلبية في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه أمس، تمسكها بنظام التعاقد باعتبار أن النظام الأساسي الخاص بأطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين ينسجم مع «الخيار الاستراتيجي الذي سارت فيه بلادنا باعتماد جهوية متقدمة ولامركزية راسخة وانطلاق ورشات اللامركزية الإدارية الواعدة».
ولفتت إلى «ضرورة التمسك بهذا الخيار الاستراتيجي لما فيه مصلحة بلادنا ديمقراطيا ومؤسساتيا وتنمويا»، ولكونه «يعزز العدالة الاجتماعية تفاعلا مع النقص الذي تعبر عنه كل جهة»، وأكدت أحزاب الأغلبية ضرورة صيانة حقوق التلاميذ بضمان استمرار العملية التعليمية.
في المقابل، أعربت أحزاب الأغلبية عن استعداد الحكومة لمنح أطر الأكاديميات الجهوية بالحقوق والضمانات المكفولة نفسها لموظفي الدولة والجماعات الترابية (البلديات) في إطار النظام الأساسي الخاص بهم، وبما يضمن استقرارهم المهني وأمنهم الوظيفي. ودعت الحكومة إلى تعزيز مجهودها التواصلي مع الأطر والجهات المعنية وعموم الرأي العام الوطني.
وبخصوص الحوار مع النقابات حثت أحزاب الأغلبية على الإسراع بـ«بلورة ميثاق اجتماعي متوازن ومستدام، استجابة لانتظارات الموظفين والعمال، ودرءا للتأخر الذي طال هذا الملف».



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.