الرئيس الإيراني: خامنئي رفض قيادة الحرب الاقتصادية وكلفني بها

مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي يلقي كلمة في تشاتام هاوس لندن فبراير 2018
مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي يلقي كلمة في تشاتام هاوس لندن فبراير 2018
TT

الرئيس الإيراني: خامنئي رفض قيادة الحرب الاقتصادية وكلفني بها

مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي يلقي كلمة في تشاتام هاوس لندن فبراير 2018
مساعد وزير الخارجية عباس عراقجي يلقي كلمة في تشاتام هاوس لندن فبراير 2018

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، إن المرشد الأعلى علي خامنئي كلفه بقيادة «الحرب الاقتصادية» بعدما رفض مقترحا لقيادتها واتهم الإدارة الأميركية بالتخطيط لاستغلال الضغوط الاقتصادية من أجل الإطاحة بنظام ولاية الفقيه واستبعد إمكانية إجراء محادثات مع واشنطن، وبالتزامن أعلن نائب وزير الخارجية عباس عراقجي في فيينا أن طهران تأمل في الانتهاء من إعداد الجزء الخاص بها من الآلية الأوروبية التي تسمح لها بالالتفاف على العقوبات الأميركية، خلال أسبوعين.
وقال روحاني في كلمة بإقليم جيلان الشمالي: «تخوض إيران حربا اقتصادية ونفسية مع أميركا وحلفائها... هدفهم هو تغيير النظام... ولكننا لن نسمح بذلك» بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».
وتابع روحاني أن بلاده في ظل ظروف الحرب «تحتاج إلى قائد واحد في الحرب الاقتصادية»، وأضاف أن «المسؤولين وكل الأجهزة بحاجة إلى قائد واحد لإجبار العدو على الهزيمة»، مشيرا إلى أنه اقترح على المرشد الإيراني علي خامنئي قيادة الحرب الاقتصادية الأمر الذي رفضه خامنئي وكلف في المقابل روحاني بالمهمة.
ونقل روحاني عن خامنئي قوله: «أنا أقبل بأننا نمر بظروف الحرب وأنها تتطلب قائدا لكن قائد هذه الحرب يجب أن يكون الرئيس». وأضاف أن «هذا تأكيد القائد وبناء على أوامره يجب أن تكون السطلتان (القضاء والبرلمان) إلى جانب الحكومة في إطار الدستور». ولفت بالقول: «أنا أعلن جاهزيتي في الاجتماع وقلت إن الحكومة والرئيس سيكونان حاضرين في الحرب ممثلين من الشعب الإيراني».
وتشهد إيران أزمة اقتصادية خانقة على أثر العقوبات الأميركية واتساع دائرة التوتر بين طهران وواشنطن بعدما انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران مع قوى عالمية في مايو (أيار) عام 2015، وذلك بهدف التوصل إلى «اتفاق شامل» يهدف إلى احتواء دور إيران الإقليمي وإنهاء حروب بالوكالة في سوريا واليمن ولبنان والعراق، إضافة إلى برنامج الصواريخ الباليستية التي تقول الإدارة الأميركية إنها تنتهك القرار 2231.
وأعادت واشنطن فرض عقوبات على إيران بعد رفعها في 2016 بموجب الاتفاق. وأدت إعادة فرض العقوبات الأميركية إلى انهيار العملة الإيرانية واستفحال التضخم وهروب المستثمرين الأجانب الذين تحتاج إليهم طهران بشدة لتحديث اقتصادها.
وتحافظ بقية الدول الموقعة، وهي بريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين، على الاتفاق، لكن لم تتمكن من منع تأثير القرار الأميركي بإعادة فرض عقوبات على قطاعي النفط والمال في إيران وتحاول إنقاذ الاتفاق عن طريق إيجاد سبل للتعامل التجاري معها دون استخدام الدولار.
وقال روحاني في كلمة ألقاها في مدينة لاهيجان وبثها التلفزيون الرسمي على الهواء: «لا مجال للدخول في مفاوضات مع أميركا التي تريد إعادة إيران للوراء 40 عاما... لعهد ما قبل الثورة (في عام 1979)... يريدون تغيير النظام».
ويقول محللون إن خامنئي أيد بحذر الاتفاق المبرم في عام 2015، لأنه كان يدرك أن الإيرانيين، الذين كان كثير منهم يحتجون في الشوارع على الصعوبات الاقتصادية، لن يستطيعوا تحمل المزيد من الضغوط.
وحذر زعماء إيران من أن طهران قد تنسحب من الاتفاق النووي إذا فشلت بقية الأطراف الموقعة في تأمين المزايا الاقتصادية الممنوحة لها في الاتفاق.
وقال روحاني الذي كان الداعم الأساسي للاتفاق النووي: «أمتنا وقيادتنا موحدة في مواجهة أعدائنا... سنواصل مسارنا للاستقلال والحرية». لكن إذا انهار الاتفاق فقد تميل كفة السلطة في طهران لصالح خصوم روحاني من المحافظين الذين يعارضون تحسين العلاقات مع الغرب والقريبين من خامنئي.
في فيينا، قال نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، إن بلاده تأمل في أن يبدأ خلال أسابيع عمل آلية جديدة للتجارة مع أوروبا تهدف إلى تهدئة على أثر إعادة فرض الولايات المتحدة العقوبات على طهران.
وأطلقت آلية «إنستكس» في نهاية يناير (كانون الثاني) من قبل بريطانيا وفرنسا وألمانيا، الأعضاء في مجلس إشرافي يترأسه بريطاني، وهي مسجلة في باريس.
وحثت الدول الأوروبية الآلية المالية بامتثال طهران لمعايير مجموعة العمل المالي (فاتف) والتي أمهلت طهران بدورها حتى يونيو (حزيران) للوفاء بتعهداتها، وإلا تعد الجزاءات على البنوك الإيرانية تلقائيا.
وقال عراقجي إن إنستكس «خطوة في الاتجاه الصحيح» لكن لم يتضح بعد حجم ما ستحققه، معربا عن أمله بأن يتم هذا قبل السنة الإيرانية الجديدة التي تبدأ خلال أسبوعين. وتابع: «نأمل بأن تدخل إنستكس (آلية دعم المبادلات التجارية) حيز التنفيذ خلال الأسابيع المقبلة» وقال إن إيران أصبح لديها الآن «صورة أوضح» عن كيفية عمل الآلية الجديدة المعروفة باسم «إنستكس»، وإن مديرها سيزور طهران لإجراء محادثات قريبا.
وتأتي تصريحات عراقجي غداة مشاورات إيرانية - بريطانية في طهران حول تفعيل الآلية المالية بحسب صحف إيرانية.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، نقلا عن عراقجي، بأنه عندما يتم تنفيذ الآلية بشكل كامل فإنه سيكون بإمكان إيران تقييم ما إذا كانت «تعمل بالشكل الملائم وتأتي بالنتائج المرجوة، ويمكن أن تسهل الدفعات بين إيران والدول الأوروبية».
ويزور عراقجي العاصمة النمساوية للمشاركة في اجتماع «لجنة مشتركة» يشارك فيها ممثلون للصين وروسيا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، وهي جميعاً دول موقعة على الاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني والموقع في 2015.
وحتى يحدث ذلك، يتعين على إيران أن تُنشئ آلية مناظرة لإنستكس يمكنها التعامل من خلالها.
واتهمت واشنطن الدول الأوروبية بتقويض حملتها على طهران من خلال محاولة خرق العقوبات.
وينظر إلى إنستكس على أنها وسيلة للمساعدة في مقايضة صادرات إيران من النفط والغاز بمشتريات سلعية من الاتحاد الأوروبي، لكن تلك الطموحات انحسرت. ويقول دبلوماسيون إنها في الواقع ستُستخدم فقط للصفقات الأصغر مثل مشتريات المنتجات الإنسانية أو الغذاء. لكن عراقجي كان له رأي مختلف، قائلا إنها قد تتوسع بمرور الوقت.
وأوضح عراقجي: «لكن ربما تبدأ من السلع الإنسانية لتحديد أُطر تنفيذ أنشطة الأعمال مع إيران. وحالما تتحدد الأُطر، يمكننا بعد ذلك أن نحدد أنواع السلع الأخرى، بما في ذلك السلع الخاضعة لعقوبات، والنفط بالطبع سيُضاف إلى هذه الآلية». وأضاف: «قررنا اليوم أن نشكل مجموعات عمل في مجالات مختلفة مثل التجارة والطاقة والنقل وغيرها لإيجاد آليات مشابهة لإنستكس في مجالات أخرى بحيث يمكن توسيع التعاون الاقتصادي مع إيران».
وصرح ميخائيل أوليانوف سفير روسيا في منظمات الأمم المتحدة في فيينا والمشارك في الاجتماع، بأن سائر الموقعين على الاتفاق النووي «متحدون في رأيهم على ضرورة الحفاظ على الاتفاق». وقال لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك بعض المشكلات الخاصة بالمجال الاقتصادي، ولكننا نهدف إلى التغلب عليها بالسرعة الممكنة».
وأضاف أوليانوف أن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيران هي التي تحدد السرعة التي يمكن أن تصبح فيها آلية «إنستكس» سارية بشكل تام. إلا أنه تدارك: «أعتقد أن ذلك سيستغرق وقتا طويلا، على الأقل بضعة أشهر وعلى الأرجح أكثر».



عراقجي: لا انفصال بين الدبلوماسية والأنشطة الميدانية

صورة نشرتها «الخارجية» الإيرانية من عراقجي في مراسم ذكرى قاسم سليماني
صورة نشرتها «الخارجية» الإيرانية من عراقجي في مراسم ذكرى قاسم سليماني
TT

عراقجي: لا انفصال بين الدبلوماسية والأنشطة الميدانية

صورة نشرتها «الخارجية» الإيرانية من عراقجي في مراسم ذكرى قاسم سليماني
صورة نشرتها «الخارجية» الإيرانية من عراقجي في مراسم ذكرى قاسم سليماني

اتفقت وزارة الخارجية الإيرانية وجهاز «الحرس الثوري» على التنسيق الكامل بين الأنشطة الميدانية الإقليمية والدبلوماسية، وعدم الفصل بينهما. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن «الميدان يمهد الطريق للدبلوماسية»؛ وذلك في إشارة إلى الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري» التي يحملها على عاتقه ذراعه الخارجية «فيلق القدس».

وشدَّد عراقجي على العمل والتنسيق مع «الحرس الثوري»، وذلك في خطابه أمام مراسم الذكرى الخامسة لمقتل مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، قاسم سليماني، في غارة جوية أمر بها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وتعرَّض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات، بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها؛ حركة «حماس» الفلسطينية، وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال عراقجي: «يعتقد الأعداء أنه إذا ألحقوا أضراراً بمحور المقاومة، فإن ذلك يُعد انتصاراً لهم؛ لكن عليهم أن يعلموا أن هذا هو بداية هزيمتهم». وأضاف: «حركة المقاومة ستواصل التقدم وستزدهر يوماً بعد يوم».

وفي المراسم التي استضافتها وزارة الخارجية، بحضور قيادات من «الحرس الثوري»، وصف عراقجي «المقاومة» بـ«المذهب»، متحدثاً عن دافعها «الآيديولوجي»، وصرح، في هذا الصدد، بأن «جماعة المقاومة ليست قابلة للزوال؛ لأنها مذهب وآيديولوجيا... ليست مرتبطة بفرد أو شخص، ولا يمكن القضاء عليها بالرصاص أو القصف»، مشيراً إلى دور سليماني في تحويل «مذهب المقاومة إلى محور المقاومة»، على ما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأضاف: «دبلوماسية المقاومة جزء من مذهب المقاومة. جنباً إلى جنب مع الميدان، تسير الدبلوماسية، وفي الواقع، يكمل كل منهما الآخر، ولا يوجد انفصال بينهما».

ويشير مفهوم «الدبلوماسية والميدان» إلى تقاسم أدوار والعلاقة بين العمل الدبلوماسي المتمثل بالوزارة الخارجية، والعمل العسكري أو الميداني، خصوصاً «فيلق القدس» المكلف بالعمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، خصوصاً الإشراف على جماعات «محور المقاومة».

وركزت أنشطة «الحرس الثوري» في الجانب «الميداني» على توسيع النفوذ الإيراني في مناطق مثل سوريا والعراق ولبنان واليمن. وفي المقابل، حاولت وزارة الخارجية السعي لتحويل «المكاسب الميدانية» إلى اتفاقيات دبلوماسية.

ومن المعروف أن «الحرس الثوري» يشرف على تسمية السفراء ومسؤولي البعثات الدبلوماسية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.

وكان وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف، من دعاة «التكامل» بين «الدبلوماسية والميدان»، لكنه وجَّه انتقادات إلى تقويض الدبلوماسية بواسطة الأنشطة الميدانية.

وفي أبريل (نيسان) 2021، جرى تسريب تسجيل صوتي، وجَّه فيه ظريف انتقادات لتوظيف قرارات السياسة الخارجية لصالح الميدان وليس العكس، داعياً إلى التكافؤ بين الجهتين، الأمر الذي أثار ضجة كبيرة في البلاد.

في هذا الصدد، صرح عراقجي بأن «الدبلوماسية والميدان يكمل بعضهما البعض»، مشيراً إلى أن «الميدان يفتح الطريق للدبلوماسية، والدبلوماسية تُحول إنجازات الميدان إلى هيبة وكرامة وطنية».

وأضاف: «الدبلوماسية وجهازها كانا دائماً في الميدان، وهذا جزء من مهمتنا... ما حدث في الأشهر الماضية للمنطقة والمقاومة وإيران كان تجسيداً جديداً للتنسيق الكامل بين الميدان والدبلوماسية. وزارة الخارجية كانت دائماً في الميدان».

صورة نشرتها «الخارجية» الإيرانية من عراقجي وقائد القوات البحرية بـ«الحرس» علي رضا تنغسيري في مراسم ذكرى قاسم سليماني

من جانبه، قال قائد القوات البحرية في «الحرس الثوري»، علي رضا تنغسيري، إن «الدبلوماسية تثمر مع الميدان».

وأشار إلى زيارة عراقجي لبيروت، بعد أيام من مقتل حسن نصر الله، أمين عام «حزب الله»، في قصف إسرائيلي. وقال: «الدبلوماسية مع الميدان تعطي نتائج... في وزارة الخارجية لدينا أصدقاء يعملون ويدافعون عن وطنهم، سواء بالدبلوماسية أم من خلال حضورهم».

جاء ذلك في وقتٍ واصلت فيه قوات «الحرس الثوري» نقل عتاد وقوات إلى مختلف المناطق بالبلاد، في سياق المناورات المشتركة التي بدأت، نهاية الأسبوع الماضي، ويتوقع أن تتوسع في الأيام المقبلة.

وقال قائد القوات البرية في قاعدة النجف، المكلفة بحماية الحدود الغربية، الجنرال محمد نظر عظيمي: «نحن نعرف كيفية مواجهة التهديدات... لقد صمدنا جيداً أمام هذه التهديدات، ولدينا القدرة اللازمة في هذا المجال».

قوات الوحدة الخاصة «صابرين» تغادر من مطار غير معروف للمشاركة في مناورات غرب البلاد (فارس)

وأظهرت صورٌ نشرتها وكالتا «تسنيم» و«فارس»، التابعتان لـ«الحرس الثوري»، إرسال وحدات من القوات الخاصة «صابرين» على متن طائرة شحن عسكرية إلى مطار عسكري في مدينة كرمانشاه، غرب البلاد.

كما بثّت مقاطع فيديو من حركة رتل عسكري لنقل عتاد وأسلحة، مصحوباً بحماية من مروحيات مقاتِلة من طراز «کوبرا».

وقال قائد وحدة «صابرين»، الجنرال أحمد علي فيض اللهي، إن «مُعدات هذه القوة محدثة، ونحن في أقصى درجات الاستعداد». وأضاف: «في هذه المناورات، نعرض جزءاً من قوتنا... مقاتلونا في أعلى درجات الجاهزية للرد على أي خطأ من الأعداء».