أسعار النفط تعوّض في شهرين نصف خسائر ختام 2108

توقعات بتوازن العرض والطلب منتصف العام... مع ضرورة توخي الحذر

تتوقع التقارير المتخصصة عودة التوازن إلى سوق النفط في منتصف عام 2019 (رويترز)
تتوقع التقارير المتخصصة عودة التوازن إلى سوق النفط في منتصف عام 2019 (رويترز)
TT

أسعار النفط تعوّض في شهرين نصف خسائر ختام 2108

تتوقع التقارير المتخصصة عودة التوازن إلى سوق النفط في منتصف عام 2019 (رويترز)
تتوقع التقارير المتخصصة عودة التوازن إلى سوق النفط في منتصف عام 2019 (رويترز)

بعد مضي نحو شهرين من العام الجديد، شهدت أسعار النفط تحولاً كبيراً، وعوضت ما يقارب نصف الخسائر التي فقدتها في الربع الأخير من عام 2018 عندما تراجعت الأسعار بنسبة 35 في المائة تقريباً. حيث ارتفع سعر مزيج خام برنت، المعيار القياسي لمعاملات النفط العالمية، بنسبة 25 في المائة حتى الآن في عام 2019، وبلغ 65.1 دولار للبرميل، بعد أن سجل أفضل أداء شهري له منذ ثلاثة أعوام في يناير (كانون الثاني) الماضي.
كما ارتفع الخام الأميركي الخفيف، نفط غرب تكساس الوسيط، بنسبة 23 في المائة منذ بداية العام حتى تاريخه، وبلغ سعره 55 دولاراً للبرميل. واتخذت الأسعار اتجاهاً صعودياً منذ بداية شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حيث ارتكز ذلك إلى حد كبير، وإن لم يكن بشكل حصري، على التزام دول «أوبك» وبعض حلفائها باتفاق فيينا في ديسمبر الماضي لامتصاص الإمدادات الفائضة من السوق.
وقال تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني: إن المخاطر الجيوسياسية أثرت في جانب العرض، حيث إن فرض العقوبات الأميركية على فنزويلا في يناير، واقتراب انقضاء مهلة 180 يوماً التي وضعتها الولايات المتحدة قبل فرض العقوبات على إيران في مايو (أيار) الماضي، وتقنين تدفقات النفط الخام في كندا بسبب اختناقات خطوط الأنابيب، ساهمت كل تلك العوامل في تعزيز أوضاع سوق النفط، خصوصاً بالنسبة للنفط الثقيل الغني بالكبريت.
أما على صعيد الطلب، فتعد التوقعات لفترة الأشهر الستة إلى الاثني عشر شهراً المقبلة داعمة أيضاً. حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية، أن يزداد الطلب العالمي على النفط في عام 2019 بواقع 1.4 مليون برميل يومياً، ليصل إلى 100.6 مليون برميل يومياً، مقابل زيادة 1.3 مليون برميل يومياً في عام 2018، حيث إنه وفقاً لتقديرات وكالة الطاقة الدولية ستدخل عدد من المشروعات البتروكيماوية الناشئة في الولايات المتحدة والصين حيز التنفيذ، هذا بالإضافة إلى أن تراجع أسعار النفط في الربع الرابع من عام 2018 شكّل أحد العوامل الإيجابية التي تصبّ في مصلحة نمو الطلب على النفط. كما أن تراجع درجات الحرارة وبرودة فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي (ما يزيد الإقبال على زيت التدفئة) يعتبر أيضاً من العوامل الداعمة، على الأقل خلال الربع الأول من عام 2019.

عوامل أخرى
كما شهدت أسواق النفط عودة صناديق التحوط والمضاربين، حيث عزز مديرو الصناديق من مراكزهم بالنسبة لمزيج خام برنت، وزادت الفروقات بين رهانات بارتفاع (عقود خيار الشراء) وتراجع (عقود خيار البيع) بصفة أسبوعية في عام 2019 لتبلغ 266.057 من العقود الآجلة والخيارات حتى 12 فبراير (شباط).
ويتناقض الوضع الحالي بشكل ملحوظ مع أوضاع النصف الثاني من عام 2018، عندما تخطت إمدادات النفط معدلات الطلب بنحو الضعف؛ الأمر الذي أدى إلى تزايد مخزونات النفط العالمية.
وفي ظل ارتفاع أسعار النفط الصخري الأميركي، قام المنتجون بزيادة إنتاجهم لتعويض خسائر الإمدادات الفنزويلية والإيرانية، إلا أنه تمت مباغتتهم بقرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعليق العقوبات الإيرانية، وإعطائها مدة سماح إضافية للجهات الرئيسية المستوردة للنفط الإيراني؛ خوفاً من ارتفاع أسعار النفط قبل منتصف مدة الرئاسة الأميركية، وبالتالي للحد من خسائر الإمدادات الإيرانية التي توقعها الكثيرون.
وكانت اللهجة الصارمة والمعادية لإيران التي اتسم بها خطاب الرئيس ترمب لإيران قد دفع بالأغلبية إلى توقع تطبيق عقوبات شديدة الصرامة.

امتثال «أوبك» وحلفائها
إلى ذلك، بلغ إجمالي إنتاج دول «أوبك»، إضافة إلى حلفائها في يناير الماضي 44.75 مليون برميل يومياً، بما يعني أن المجموعة قد حققت 66 في المائة فقط من هدفها الرامي إلى تخفيض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يومياً خلال النصف الأول من عام 2019، إلا أن ذلك يخفي مدى الإنجازات الضخمة من قِبل بعض كبار منتجي «أوبك» في وقت مبكر من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، مثل السعودية (130 في المائة) والكويت (117 في المائة)، وبعض المنتجين من غير الأعضاء مثل كازاخستان (135 في المائة) والمكسيك (132في المائة). في المقابل، تبرز روسيا (18 في المائة) والعراق (- 11 في المائة) ضمن المنتجين الرئيسيين من حيث إحرازهما أقل معدلات الامتثال، مع قيام الأخيرة بزيادة إنتاجها لمستويات أعلى من المستوى المرجعي المحدد لشهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
إلا أنه على الرغم من ذلك، هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه كما حدث في اتفاق فيينا لعام 2016، سيحقق الاتفاق الحالي لـ«أوبك» وحلفائها أهدافه المرجوة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وبصفة عامة، تبدو السعودية مصممة على إعادة الأسعار إلى ما تعتبره على الأرجح أنسب نطاق توازن في عصر النفط الصخري الأميركي، أي في حدود 65 إلى 75 دولاراً للبرميل. وتقترب تلك الحدود من مستوى سعر التعادل النفطي في ميزانية المملكة، كما أنه ليس مرتفعاً لدرجة تدفع إلى التأثير سلباً في مستويات الطلب.
وأشار خالد الفالح، وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي، إلى أن البلاد على استعداد للذهاب إلى ما هو أبعد من المستوى الذي تفرضه اتفاقية خفض الإنتاج لـ«أوبك» وحلفائها وتقليل الإنتاج من 10.2 مليون برميل يومياً في يناير إلى 9.8 مليون برميل يومياً بحلول شهر مارس (آذار) الحالي، بما يزيد على 500 ألف برميل يومياً عن مستوى حصتها المستهدفة.
بالإضافة إلى ذلك، ومع تزايد إدراك المملكة التأثير الكبير الذي تحدثه البيانات الأميركية على آفاق سوق النفط، بدأت المملكة في التحكم في معدلات تصديرها للنفط إلى السوق الأميركية، حيث يضاف كل برميل خام غير مكرر إلى مستويات المخزونات المرصودة عن كثب في البلاد.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل سيكون ذلك كافياً لتحقيق توازن السوق وعكس الوضع الحالي لمخزون النفط الخام العالمي الآخذ في الارتفاع في ظل نمو إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة؟
تشير ديناميكيات السوق الحالية إلى أنه بمجرد التخلص من الإمدادات الفائضة من النصف الثاني من عام 2018، من الممكن أن يتوازن العرض والطلب العالميين بحلول منتصف عام 2019. ويرى خبراء، أن ميزان مخاطر أسعار النفط يتخذ اتجاهاً تصاعدياً، على الأقل خلال النصف الأول من العام.
وبالطبع، أي عدد من المتغيرات قد يظهر أو يتلاشى بما قد يدفع أسعار النفط نحو التراجع. كما قد يضعف نمو الطلب العالمي، على سبيل المثال، متأثراً بضعف النمو الاقتصادي أكثر من المتوقع في الأسواق الناشئة واستمرار تذبذب النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.



الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

الأسواق الأميركية تشهد تراجعاً بسبب بيانات اقتصادية محبطة

متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)
متداولون يعملون في بورصة نيويورك (رويترز)

انخفضت مؤشرات الأسهم الأميركية، يوم الخميس، في ظل بيانات اقتصادية محبِطة قد تشير إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.2 في المائة خلال التعاملات المبكرة، متجهاً نحو خَسارته الثالثة في الأيام الأربعة الماضية، وهو ما يشير إلى تعثر ملحوظ بعد ارتفاعه الكبير، هذا العام.

وفي المقابل، ارتفع مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 23 نقطة، أو 0.1 في المائة، في حين انخفض مؤشر «ناسداك» المركب بنسبة 0.4 في المائة، مقارنةً بأعلى مستوى سجله في اليوم السابق، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وتأثرت الأسواق بتقرير يُظهر ارتفاعاً في عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات للحصول على إعانات البطالة، الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى تحديث آخر أظهر أن التضخم على مستوى الجملة، قبل أن يصل إلى المستهلكين الأميركيين، كان أعلى من المتوقع في الشهر الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه التقارير لا تشير إلى كارثة وشيكة، فإنها تثير القلق بشأن بعض الآمال التي كانت تدعم مؤشرات الأسهم، وخاصة «ستاندرد آند بورز 500» الذي وصل إلى أعلى مستوى له، هذا العام، حيث كانت السوق تُعوّل على تباطؤ التضخم بما يكفي لإقناع بنك الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة، مع بقاء الاقتصاد قوياً بما يكفي لتفادي الركود.

ومن بين التقريرين، قد يكون التحديث الأكثر تأثيراً هو الأضعف لسوق العمل، وهو ما يَعدُّه كريس لاركين، المدير الإداري للتداول والاستثمار في «إي تريد» من «مورغان ستانلي»، عاملاً مهماً في حسم مسار السوق. ولفت إلى أن ارتفاع أسعار البيض ربما يكون السبب وراء أرقام التضخم التي جاءت أعلى من المتوقع. وأضاف لاركين أن «أسبوعاً واحداً من البيانات الضعيفة لا ينفي الاتجاه العام القوي لسوق العمل، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيكون حذراً في التعامل مع أي إشارات على ضعف سوق الوظائف».

ويتوقع المستثمرون بشكل شبه مؤكَّد أن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي، في اجتماعه المرتقب الأسبوع المقبل، ما يمثل التخفيض الثالث على التوالي، بعد أن بدأ خفض الفائدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما كانت عند أعلى مستوياتها منذ عقدين. ويأمل البنك أن يسهم هذا التخفيض في دعم سوق العمل المتباطئة مع السعي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة. إلا أن هذه الخطوة قد تثير أيضاً القلق بشأن تعزيز التضخم في المستقبل.

في سياق مماثل، كان هذا التوجه في السياسة النقدية مواكباً لخطوات مماثلة اتخذتها بنوك مركزية أخرى. فقد قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، كما كان متوقعاً، بينما خفَّض البنك الوطني السويسري سعر الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، في خطوة حادة تعكس التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة. من جانب آخر، أشار البنك المركزي السويسري إلى أن الوضع الاقتصادي العالمي يشوبه عدم اليقين، ولا سيما مع تأثيرات السياسة الاقتصادية المرتقبة تحت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، إضافة إلى التقلبات في السياسة الاقتصادية بأوروبا.

على صعيد الأسهم، تراجعت أسهم شركة «أدوبي» بنسبة 11.4 في المائة، على الرغم من إعلانها أرباحاً تفوق توقعات المحللين للربع الأخير، حيث قدمت الشركة توقعات لأرباح وإيرادات في سنتها المالية المقبلة التي جاءت أقل قليلاً من تقديرات السوق. في المقابل، ارتفعت أسهم «كروغر» بنسبة 2.9 في المائة، بعد أن أعلنت عودتها لشراء أسهمها مرة أخرى، بعد إلغاء محاولتها السابقة للاندماج مع «ألبرتسونز». ووافق مجلس إدارة «كروغر» على برنامج لإعادة شراء أسهم بقيمة تصل إلى 7.5 مليار دولار، ليحل محل تفويض سابق كان بقيمة مليار دولار فقط.

وفي أسواق الأسهم العالمية، ظلت المؤشرات الأوروبية مستقرة إلى حد ما، بعد قرار البنك المركزي الأوروبي خفض أسعار الفائدة، بينما كانت الأسواق الآسيوية أكثر قوة، فقد ارتفعت مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ بنسبة 1.2 في المائة، وفي شنغهاي بنسبة 0.8 في المائة، في حين سجل مؤشر «كوسبي» في كوريا الجنوبية زيادة بنسبة 1.6 في المائة، محققاً ثالث مكاسبه المتتالية، مع تراجع الاضطرابات السياسية التي شهدتها البلاد، الأسبوع الماضي، حين أعلن رئيسها، لفترة وجيزة، الأحكام العرفية.

وفي سوق السندات، ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات إلى 4.29 في المائة، مقارنةً بـ4.27 في المائة بنهاية يوم الأربعاء، في حين انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل عامين إلى 4.15 في المائة، من 4.16 في المائة.