حلم الإصدار الأول.. من يحمي الذائقة الأدبية؟

عشرات الإصدارات سنويا لمؤلفين شباب بعضها تجارب إبداعية وبعضها «خربشات»

حلم الإصدار الأول.. من يحمي الذائقة الأدبية؟
TT

حلم الإصدار الأول.. من يحمي الذائقة الأدبية؟

حلم الإصدار الأول.. من يحمي الذائقة الأدبية؟

في السعودية هناك طفرة تأليف شبابية، إذ تشكل نسبة الأسماء الجديدة من الشباب خصوصا، من بين المؤلفين ما بين 30 إلى 40%. في وقت وصلت فيه عدد الإصدارات الروائية أكثر من 900 رواية، أما المجموعات القصصية فقد زادت عن 1000 قصة، وبلغ عدد المجموعات الشعرية ما يزيد على 3000 ديوان.

لا يجادل أحد في أن حركة التأليف والنشر دليل حيوي على قوة الإنتاج الفكري للمجتمعات. لكّن نقاد وأدباء وناشرين حذروا من أن غياب المؤسسات الأدبية المُحكِمَة، مع وجود دور نشر تبحث عن ربح سريع، أفرز عددا من الإصدارات ضعيفة المستوى وخالية من القيمة الأدبية. وهناك تقديرات تشير إلى أن دور النشر المحلية تعتمد في 60% من نشرها على الناتج الشبابي.

وأمام سهولة إنتاج مؤَلَف أو طباعة كتاب يحتوي على نسبة فائضة من المشاعر والخواطر تحت عنوان «شعر»، أو يوميات تحت عنوان «قصة»، أو تجارب كتابية تحت «رواية»، يسطرها في الغالب شباب وفتيات تغريهم عمليات النشر السريع، أصبح الحديث عن «فتنة» الإصدار الأول أمرا واقعا.

من ناحية أخرى، من يزور معارض الكتب، وخاصة معرض الرياض، يلحظ أن هذه الإصدارات الشبابية وأغلبها تدور حول السرد القصصي والروائي، رغم بساطتها تسجل حضورا كبيرا كما تسجل مبيعات عالية، وغالبا ما تزدحم أجنحة دور النشر بعشرات المتبضعين وخاصة من الفتيات اللواتي تستهويهن هذه التجارب الإبداعية.

هناك من يحمل دور النشر مسؤولية انخفاض الذائقة الأدبية عبر هذا العدد الكبير من الإصدارات الضعيفة، لكن هذه الدور تلقي اللوم على المؤسسات الثقافية التي يتعين عليها احتضان التجارب الشبابية واستيعاب هذا الحماس وتطوير موهبته.

* النعمي: تسعير الثقافة

الناقد الدكتور حسن النعمي يرى أن تنامي حركة النشر يحمل أهدافا تجارية بحتة، وعليه فهي تقيم دخلها بناء على رواج الكتاب، وهي بذلك تتلمس قابلية التداول. وبما أن إنتاج الشباب وخاصة الإنتاج الروائي له جاذبية لدى المتلقي، فقد أولت دور النشر للطباعة والدعاية والتسويق لهذا النوع من المؤلفات عناية لافتة.

يقول النعمي: «في سياق هذا الاهتمام لا تدقق دور النشر في المستوى الفني، بل يهمها العائد الربحي، وليست هناك إمكانية لتغيير هذا السلوك التجاري طالما هناك إقبال من الكتاب ومن القراء على هذه المنشورات. وفي رأيي فإن أي تدخل في هذا الأمر سيحيله إلى بيروقراطية مقيتة. وفي تصوري أن القارئ هو من يحكم على هذه الأعمال بالجودة أو الرداءة، والكاتب الذي لا يجد قابلية لأعماله سيتوقف، ودار النشر ذاتها لن تغامر بنشر أعمال لا تلقى رواجا يحقق لها الربح. ومن ناحيتي، لاحظت انحسارا في الإقبال على النشر، لأن من كتبوا اصطدموا بضعف تلقى أعمالهم والإشارة إليها من قبل النقاد».

لكنّ، كيف يقيم الناقد الدكتور حسن النعمي هذه الأعمال؟ يقول: «لقدّ مرّ الإنتاج الروائي بعد عام 2000 بمرحلتين: طفرة وتراجع. أما الطفرة فكانت في الإنتاج الروائي، وذلك نتيجة عدة عوامل منها تركيز الإعلام على المنشور من الروايات، واتساع هامش التعبير، وسهولة النشر الخارجي، وظهور أسماء روائية تركت بصمة حظيت بالنقد والمتابعة، فأغرت الكتاب الأصغر سنا والأحدث تجربة ليغامروا بكتابة الرواية».

أما مرحلة التراجع، فيعتبر النعمي أنها حصلت منذ 2010 تقريبا، حيث تراجع المنشور كما تراجع مستوى ما ينشر، وهذا يعود، كما يرى، لانحسار الاهتمام النسبي بالرواية نتيجة تشبع المشهد، ونتيجة لظهور كتاب من خارج الوسط الأدبي التقليدي لم يقتنعوا بمحاولاتهم الروائية، فظلت رقما دون أن تترك بصمة واضحة في المشهد الروائي المحلي.

* اليوسف: إغراق أدبي

الباحث والروائي السعودي خالد اليوسف، الذي يشتغل على جمع ورصد وتصنيف الأدب السعودي، وأصدر دراسة في ثلاثة أجزاء تحت اسم «معجم الإبداع الأدبي في المملكة العربية السعودية: دراسة تاريخية بيوغرافية ببلومترية»، فيرى أن الرأي القائل بأن المؤسسات المعنية بالنشر اتجهت نحو إنتاج الشباب وطباعة إصدارتهم ما أغرق سوق الكتب بإصدارات خاوية لا تحمل مضمونا أو محتوى ناضجا، يحتمل نصيبا من الصواب، مشيرا إلى أن نسبة هذه المؤلفات تتجاوز 60%.

وقال: «انظر إلى ذلك إنه أمر طبيعي، لأنه بعد عام 2000. تركزت عملية النشر على ثلاث أو أربع دور نشر محلية شبه متخصصة في الكتب الثقافية ومنها الأدبية، لذلك القضية التي انظر إليها هي: ثم ماذا بعد الكتاب الأول، الذي أعنونه بكتاب البطاقة؟ أي أنه بمثابة بطاقة الهوية التي ربما تعرّف بالكاتب أو تلغيه أو تبقيه ذكرى».

ويبقى السؤال الذي يواجه الكاتب الجديد وفق اليوسف، هو: ماذا يمكنك أن تقدم أو تنجز بعد الكتاب الأول؟ فاستنادا إلى نتائج البحث السنوي الببليوغرافي الذي يجريه اليوسف، تحت عنوان: «الإنتاج الأدبي في المملكة العربية السعودية»، فإن هناك عددا كبيرا من الأسماء الجديدة في أدب المقالة والرواية والشعر والقصة القصيرة، ويصل عددهم إلى ثلث المنتج سنويا: «وهكذا يتكرر هذا كل عام».

ويضيف اليوسف: «في كل عام نرى أسماء جديدة، لكنّ السؤال هو: من يبقى منهم متواصلا متجذرا في فنه وإبداعه؟ ومن يواصل الإنتاج والنشر وإثبات اسمه حتى الآن؟ ومن ارتفع إلى مستويات أعلى وأرقى وأجمل؟.. والجواب: إنه عدد قليل!».

يلاحظ اليوسف أن من بين أشهر الأسماء الشبابية التي ذاع صيتها، هي الروائية رجاء الصانع صاحبة رواية «بنات الرياض»، التي مضى عليها عشر سنوات حتى الآن، لكنه تساءل: أين نتاجها التالي لهذه الرواية الناجحة؟.. مضيفا: أرى أمثلة كثيرة لحالة الصانع.

ولفت اليوسف إلى أن الأسماء الجديدة التي تلتحق بقافلة المؤلفين تتجدد في كل عام، وهي تشكل نسبة ثلاثين إلى 40%، مبينا أن عدد الروايات وصل حتى اليوم إلى نحو 900 رواية، بينما وصلت المجموعات القصصية إلى نحو الألف أو تزيد، وفاقت المجموعات الشعرية بكل أنواعه ثلاثة آلاف ديوان شعري.

واليوسف، لا يرى الصورة داكنة، فإن هذا التواصل للحركة الأدبية التي أنجزت هذا الكم الكبير، ينبئ عن تجدد الطاقات الشبابية والمعرفية، وهو عنوان لحيوية المجتمع.

* دور النشر: نوفر منصة للشباب ولسنا معنيين بالتقييم

* من بين عدد من دور النشر السعودية التي تأخذ على عاتقها احتضان التجارب الشبابية والإسراع بطباعة الإصدارات الأولى للشباب، تأتي دار الفكر العربي في الدمام، شرقي المملكة، حيث يهيمن الشباب على أغلب العناوين التي تنشرها، وتتراوح هذه التجارب من حيث المستوى، لكنها وفرّت منصة يطل من خلالها عدد كبير من الشباب والفتيات الذين يمتلكون مواهب كتابية نحو عالم النشر ودخول المنتدى الثقافي.

في حديثه لـ«الشرق الأوسط» يقول باسل درويش مدير التسويق بدار الفكر العربي: «إن فكرة الإصدار الأول تدل على مؤشرين: الأول حيوية الحراك الثقافي لدى المجتمع، فما دام هناك حراك ثقافي، فهو مؤشر على بروز تجارب لكتاب مبتدئين يودون طرح أفكارهم، ولا بد من استيعاب هذه التجارب وتوفير مناخ للتعبير، وحركة النشر تمثل واحدا من هذه المناخات.

ويضيف: «كان توجه الأدباء السعوديين قبل عام 2004 نحو الطباعة بدور النشر العربية خارج السعودية، منها مصر ولبنان، وعندما بدأت دور الطباعة والنشر السعودية تنشط في هذا المجال في هذه الفترة، أصبح لديها قابلية للمنافسة واجتذاب شرائح جديدة».

ويشير درويش إلى أن هذا الحراك من رواية وشعر وخواطر، أدى لأن يتجه الشباب والشابات السعوديات، إلى نشر كتبهم وإصداراتهم الأولى محليا، في ظل صعوبة الوصول إلى دور النشر في الخارج، وكان ذلك في صالح دور النشر السعودية.

ولا تكلف عملية إصدار كتاب لأي من الشباب على مبالغ كبيرة، وعند سؤال درويش عن سعر التكلفة لإصدار كتاب لأي من هؤلاء الشباب، قال: تتراوح التكلفة بين 2 إلى 7 آلاف دولار، وهو مبلغ في حدود إمكانية الشباب.

لكنه يلاحظ أيضا أن بعض دور النشر تحاول استغلال اندفاع الشباب نحو النجومية عبر إصدارات تفتقر للحد الأدنى من الجودة.

ولا يعتقد درويش أن دور النشر مسؤولة عن انخفاض الذائقة الأدبية للجمهور عبر هذه الإصدارات «الضعيفة»، ويرى أن المسؤول على ضعف الإنتاج الأدبي الشبابي، هو غياب الأندية الأدبية عن تحمل مسؤولياتها في احتضان التجارب الشبابية وصقل موهبتها وطباعة المؤلفات الصالحة فيها، حتى لا يتجه الشباب نحو الاعتماد على أنفسهم في طباعة مؤلفاتهم.

ويذكر درويش أن دور النشر السعودية تعتمد في نشرها بنسبة تفوق 60% على الناتج الشبابي، مبينا أن مؤسسة «دار الفكر العربي» التي أصدرت منذ إنشائها قبل 3 سنوات 154 مؤلفا، يهيمن الشباب على هذه الإصدارات بنسبة تتراوح بين الـ70 والـ80%، مشيرا إلى أنه في كل 50 إصدارا سنويا للدار هناك 35% عبارة عن «إنتاج أول» للشباب.



سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية
TT

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

سبعةُ أنماطٍ من المتعة الروائية

حين نشر الناقد البريطاني ويليام إمبسون William Empson كتابه المرجعي في النقد الأدبي سبعة أنماط من الغموض Seven Types of Ambiguity عام 1930، كان في الرابعة والعشرين من عمره؛ لكنّه مع ذلك وضع واحداً من أكثر الكتب تأثيراً في النقد الأدبي الحديث. لم يكن إمبسون يتعامل مع الغموض بوصفه عيباً في التعبير بل بعدّه قلب الشعر النابض. رأى أنّ اللغة حين تبلغ أقصى درجاتها الفنية لا توضّح بقدر ما تلمّح، ولا تفسّر بقدر ما تُثير، وأنّ الجمال يكمن في المسافة بين ما يُقال وما يمكن أن يُقال. من هنا جاءت فكرته الجريئة: يمكن تصنيفُ الغموض ذاته في سبعة أنماط، تتدرّج من البسيط إلى المركّب، ومن الغموض اللغوي إلى الغموض الوجودي. جعل إمبسون من الغموض (أو التعقيد بلغة الأدب التقنية) متعة جمالية في ذاته؛ فالقصيدة عنده ليست معادلة لغوية تقود إلى استجابة موحّدة لدى القرّاء بل كائن متعدد الطبقات، وكلُّ قراءة تكشف عن جانب من نسيج ذلك الكائن.

منذ أن قرأتُ كتاب إمبسون لم أُبْطِل التفكير بالكيفية التي نستلهم بها أفكاره وننقلها من الشعر إلى الرواية: اذا كان للغموض الشعري أنماطُهُ السبعة؛ فلماذا لا تكون للمتعة الروائية أيضاً أنماطُها؟ لماذا نظنُّ أنّ مُتعة القراءة حالةٌ واحدة موحّدة في وقتٍ تدلُّنا فيه خبرتُنا على أنّ هذه المتعة طيفٌ واسعٌ من تجارب التلقّي والانفعالات الشخصية؟

لا بأس من مثال تطبيقي حقيقي. أفكّرُ كثيراً في روايات عديدة من أمثال رواية قوس قزح الجاذبية Gravity’s Rainbow التي كتبها الروائي الأميركي توماس بينتشون Thomas Pynchon. هذه الرواية تدور وقائعها في أواخر الحرب العالمية الثانية، وتستكشف موضوعات معقدة مثل جنون العظمة والفساد والتقنية، وتركّز على تصميم صواريخ V-2 الألمانية وتأثيرها. الرواية مشبعة بالغموض؛ لكنّه غموض إبداعي من درجة رفيعة يبدأ من عنوان الرواية ذاتها حيث إنّ مسار الصاروخ يشبه قوس قزح. هذه الرواية غير مترجمة إلى العربية، وكثيراً ما تساءلت: لماذا الإحجامُ عن ترجمتها؟ هل يستشعر المترجمون أنّها تفتقرُ إلى المتعة المفترضة في القراءة الروائية؟ سيكون تعسّفاً خطيراً أن نفترض متعة جمعية في هذه الرواية كما يحصل مثلاً مع روايات دوستويفسكي؛ لكن مع هذا سيجد قليلون ربما متعة عظيمة فيها. سيقودنا الحدسُ إلى أنّ تلك القلّة المخصوصة هي لقرّاء لهم شيء من معرفة بالرياضيات والفيزياء وتواريخ الحروب وتداخلات السلطة وضغوطها. لا يمكن في النهاية التصريحُ بمتعة شاملة مطلقة للعمل الروائي. هذا مدخل يوضّحُ التمايز الحتمي بين أنماط المتعة الروائية بين القرّاء.

*****

منطلقةً من كتاب إمبسون أعلاه، سأحاولُ الإشارة إلى سبعة أنماط من المتعة الروائية، لا بوصفها تصنيفاً نهائياً بل بوصفها خريطة أولى في جغرافيا اللذة السردية.

أولى المتع السردية هي متعة الانغماس. إنّها المتعة الأولى التي يتذوقها القارئ منذ طفولته، حين يفتح كتاباً ويجد نفسه فجأة في مكان آخر.

إنها متعة الغياب الطوعي عن الواقع: أن نذوب في العالم الروائي حتى ننسى أننا نقرأ. في هذه اللحظات لا نكون خارج النص بل داخله، نعيش مع شخصياته ونتنفس هواءه. نقرأ موبي ديك فنشعر برائحة البحر، أو آنا كارينينا فنرتجف أمام قطارها القادم. الانغماس هو نوع من الحلم الواعي، تجربة بين الخيال والوجود، فيها يتحوّل القارئ من متلقٍ إلى مشارك. إنها متعة لا تبحث عن المعنى بقدر ما تبحث عن الإقامة المؤقتة في عالم آخر، موازٍ، بحثاً عن ذلك النسيان الجميل الذي يُعيد إلينا براءة الخيال.

المتعة الثانية هي متعة التركيب. في هذا النمط، القارئ لا يستسلم للنص بل يتحدّاه. إنه القارئ الذي يتعامل مع الرواية كما يتعامل عالم الآثار مع نقش قديم: يحلّلُهُ، يربط بين أجزائه، يبحث عن رموزه ومفاتيحه. هنا تتحوّل اللذة إلى فعل فكري، إلى شغف ببنية السرد لا بوقائعه فقط. روايات مثل اسم الوردة لأومبرتو إيكو، أو قوس قزح الجاذبية لتوماس بينتشون تُجسّد هذا النمط: أعمال تُبنى كإنشاءات فكرية رفيعة يشارك القارئ في رسم خريطتها. المتعة هنا لا تأتي من الحكاية بل من الذكاء البنائي، ومِنْ شعور القارئ أنه شريك في صناعة المعنى، لا مستهلك له فحسب.

النمط الثالث من المتعة الروائية هو متعة الاعتراف. ليست كل الروايات مرآة للعالم؛ فبعضها مرآة للذات. حين نقرأ عملاً مثل الغريب لألبير كامو أو البحث عن الزمن المفقود لبروست، فإننا لا نبحث عن حكاية بقدر ما نبحث عن أنفسنا. الرواية هنا مساحة اعتراف مؤجلة، نرى فيها ما لا نجرؤ على قوله في الحياة اليومية. القارئ في هذا النمط يجد لذّته في التعرّف إلى ذاته عبر الآخر. كل سطر يذكّره بجراحه الصغيرة، وكلُّ شخصية تعيد إليه ظلّه المفقود. إنها المتعة التي تولد من الحميمية، ومن الإحساس بأن النصّ يعرفنا أكثر مما نعرف أنفسنا.

النمط الرابع هو متعة اللغة. في هذا النمط تتراجع الحكاية إلى الخلف وتتقدّم اللغة إلى المقدمة. هنا لا تتجسّدُ المتعة في (ماذا يحدث؟) بل في (كيف يُقال؟). الكاتب لا يسرد فقط بل يعزف بالكلمات. يحوّل الجمل إلى موسيقى. المتعة هنا جمالية خالصة، متعة الإصغاء إلى اللغة وهي تُعيدُ اكتشاف نفسها، وحيث تصبح القراءة نوعاً من الإصغاء اللذيذ لصوت داخلي يحدّثك من غير وسيط.

النمط الخامس هو متعة القلق. ليست كل المتع الروائية مقترنة بطمأنينة راسخة. أحياناً يهبنا الأدب لذة مقلقة كمن ينظر في مرآة تكشف له عما لا يريد أن يراه. روايات مثل 1984 لجورج أورويل أو الطاعون لكامو تمنحنا هذا النمط: متعة القلق المفضي إلى المواجهة، لا الهروب. القلق هنا ليس سلبياً بل لحظة وعي. إنه الارتجاف الجميل أمام الحقيقة، والمتعة التي تنبع من الخطر المعرفي حينما يفتح النص باباً نحو المجهول الأخلاقي أو السياسي أو الوجودي. إنها المتعة التي تُشبه المأساة الإغريقية: الألم الذي يطهّر؛ لأنّ القارئ يخرج منها أكثر معرفة وإن كان أقل راحة.

النمط السادس هو متعة الدهشة. كل قارئ يحمل في داخله توقاً إلى الدهشة، إلى تلك اللحظة التي تتجاوز فيها الرواية كل توقّع. الدهشة ليست مجرد مفاجأة في الحبكة بل توافقٌ خفيٌّ بين ما لم نتوقّعه وما يبدو، رغم ذلك، منطقياً إلى حد الجمال. حين نقرأ رواية المسخ لكافكا ونجد إنساناً يستيقظ ليجد نفسه حشرة، أو ندلف أجواء رواية مائة عام من العزلة لماركيز فنرى الواقع يمتزج بالسحر، ندرك أننا أمام متعة من نوع نادر: متعة أن يُعاد ترتيب العالم في وعينا. الدهشة هي لحظة تولد فيها لغةٌ جديدةٌ للحياة، تجعل القارئ يشعر أنه يرى العالم الذي طال عهده به بعيون جديدة.

النمط السابع هو متعة الغياب. هذه هي المتعة الوحيدة التي لا تحدث في أثناء القراءة بل بعدها. تتحقق هذه المتعة حين نغلق الكتاب، ونكتشف أن شيئاً منه ما زال يعمل فينا بصمت. إنها المتعة التي تنبع من النقص، من الإحساس بأنّ الرواية لم تُغلق العالم بل فتحته على احتمالاته. روايات كثيرة تعيش فينا بهذه الطريقة، وعندما نغادرها في المحطّة الأخيرة، فكلها تترك فينا شيئاً ناقصاً، فراغاً صغيراً يواصل التمدّد فينا ويترك بصمة شاخصة في ذاكرتنا. الغياب هو ذروة المتعة الناضجة: حين نكتشف أنّ القراءة ليست لحظة بل أثر طويل الأمد، وأنّ النص العظيم لا يُقرأ مرة واحدة بل يسكن الذاكرة كوشم لا فكاك من مفاعيله المستقبلية.

*****

ما أودُّ التأكيد عليه أن ليست المتعة الروائية واحدة؛ بل هي مُتعٌ عديدة تتخالف شكلاً وآلية مع تبدّل القارئ والزمن والمزاج. في العادة المتواترة يجد القارئ الشاب لذّته في الانغماس، والمفكّر يجدها في التركيب، والمكلومُ في الاعتراف، والعاشق للجمال في اللغة، والمتوتّر في القلق، والمغامرُ في الدهشة، والحكيم في الغياب. إنها ليست طبقات متنافسة بل مستويات متداخلة. قد نبدأ بالانغماس وننتهي بالغياب، أو نمرّ من بوّابة الدهشة إلى القلق ثم نعود إلى الاعتراف. الرواية الحقيقية لا تُشبِعُنا من الخارج؛ بل تُوقظ فينا القارئ من الداخل. وحين ندرك ذلك نفهم أنّ إمبسون كان محقاً: الجمال يكمن في التعدّد، في الغموض، في أن تكون التجربة الأدبية قابلة لأن تُقرأ بسبعة أنماط على الأقل.

إذا كان الغموض في الشعر هو تعدّد المعنى؛ فإنّ المتعة في الرواية هي تعدّد سبل التلقي. كلاهما دعوة غير مقيّدة للحرية؛ حرية الكاتب في أن يكتب، وحرية القارئ في أن يجد لذّته الخاصة، لا تلك التي أعدّها له المؤلف.

أعظمُ خواص الرواية الحقيقية هي أنها تمنحنا هذا الحق الجميل: أنْ يحبّها كلٌّ منّا بطريقته ووسائله ومقاربته الفكرية الخاصة.


الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»
TT

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

الصور النمطية المُتبادَلة بين «الأنا والآخر»

يتناول كتاب «إدراك العالم... الصور النمطية المتبادلة بين الأنا والآخر» للدكتور زهير توفيق، التصورات المتبادلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الحديثة والوسطى، لا سيما الشرق الفارسي والغرب الكنسي. وقد صدر الكتاب عن «الآن ناشرون وموزعون» بالأردن في 420 صفحة.

يقول المؤلف في المقدمة معرِّفاً بالكتاب: «يُمثِّل هذا الكتاب دراسة استقصائية تاريخية وتحليلية لجدل الأنا والآخر، من خلال رصد التصورات المُتبادَلة بين العرب المسلمين والآخرين في العصور الوسطى والحديثة، كون العرب المسلمين مثَّلوا ذاتاً لتعيين الآخر، وتخيُّله على المستوى الديني والإثني والسياسي؛ خاصةً الفرس والأسود واليهودي والمسيحي، بفرعيه اللاتيني والبيزنطي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى كونهم موضوعاً للآخرين؛ أي صورتهم في المخيال الفارسي الشرقي (الشعوبية) والغربي الأوروبي؛ الرومي البيزنطي واللاتيني في القرون الوسطى، وتحولات تلك الصورة في أوروبا العصور الحديثة».

ويرى المؤلف في المقدمة أن نظرة كلا الطرفين للآخر هي ثابتة، فلم «يخرج لا الشرق العربي الإسلامي، ولا الآخر في الشرق والغرب قديماً وحديثاً، عن مُسلَّماته وطرائق تفكيره في فَهْمِ الآخر، فقد بقيت ثوابتُه الحضارية والدينية والإثنية سُلطةً مرجعيةً في فهم الذات والآخر، وتمييز الأنا عن الآخرين من فُرسٍ ويهود وبيزنطيين ولاتين، ومهما تغيَّرت الصورة وتحوَّلت لأسباب داخلية وخارجية، فإن الثابت البنيوي فيها هو الآخرية وعُمق الغيرية؛ أي تصعيد الخلاف والاختلاف، فالذات هي المركز الذي تدور حوله الأطراف، والأفضل والمعيار الأمثل، والآخر أو الآخرون مجرد أطراف، هوامش وبرابرة وكفاراً ومنحرفين، ولا يستحقون أكثر مما تمنحه لهم الذات المتعالية».

ويأتي المدخل التمهيدي للكتاب مستشهداً بالعلاقة بين الأنا والآخر (الشرق والغرب)، على اعتبار أن الشرق حين يُذكر يتبادر إلى الذهن الشرق المسلم على وجه الخصوص، والغرب يُراد به الغرب الأوروبي بالأساس قديماً وحديثاً.

يقول: «تفترض قراءتنا للموضوع استمرار الصور النمطية للعرب والمسلمين، وهي الصور التي تشكَّلت في العصور الوسطى، ودخلت معجم الغرب بشكل نهائي كما هو في الاستشراق السياسي والأنثروبولوجي الحديث (الواعي لذاته) الذي نشأ في نهاية القرن الثامن عشر مع حملة نابليون بونابرت على المشرق العربي سنة 1798م».

وعن وضوح رغائب الغرب من الشرق (المسلم)، يقول: «لم ولن يتلطّف الغرب مع الشرق إلا إذا تواطَأ معه على ذاته، وتماهى في خطاب الغرب ومسيرته ورطانته من خلال نُخبةٍ فكرية وسياسية وكيلة، نجح الغرب في خَلْقِها ورفعها إلى سدَّة السُّلطة، واستمدت مشروعيتها ومرجعية وجودها مِن دعمه المطلق على جميع المستويات، ومقابِل ذاك الدعم سوَّقت خطابه في ثقافتها العالمة والشعبية على حدٍّ سواء، وهذا دليل نجاح الغرب في اختراق الشرق الذي وصل إلى طاعة الوكلاء، وامتثالية التابعين».

ويفصِّل المؤلف القول حول أعلام الغرب البارزين الذين تبنوا أفكاراً تنويرية، ومنهم جيبون: «يبدو جيبون منسجماً مع التنوير، ويقدم رؤية مستقلة نقدية خاصة لأحكام الغرب المتحاملة والسلبية عن الإسلام حتى ذلك الوقت، ففي عرضه لأخلاق العرب ودياناتهم قبل الإسلام يقول: (غير أنه في الدولة العربية، وهي أكثر بساطة [من الرومان واليونان] فإن الأمة حرة لأن كل فرد من أبنائها يستنكف أن يُطأطئ الرأس في خضوع وذلة لإرادة سيد ما، ولقد حصَّن العربي نفسه بفضائل صارمة من الشجاعة والصبر والاعتدال، ودفعه حبه للاستقلال إلى ممارسة عادة ضبط النفس، وحفظته خشية العار من أن يذل بالخوف من الألم والخطر والموت، وإن رجاحة عقل العربي وضبط نفسه واضحان في مظهره الخارجي)».


رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية
TT

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحيل محمد هاشم مؤسس دار «ميريت» بعد رحلة عطاء استثنائية

رحل في الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة الناشر المصري محمد هاشم، مؤسس ومدير دار «ميريت للنشر»، عن عمر يناهز 68 عاماً، بعد رحلة كبيرة مع صناعة الكتاب، فقد كان نموذجاً للناشر المثقف، صاحب الموقف الطليعي ثقافياً وسياسياً، وجعل من «ميريت» أحد أهم المنافذ الثقافية في القاهرة، وأحدث طفرة في صناعة النشر، وفتح من خلالها نافذة كبيرة للعديد من الأجيال ليروا إبداعاتهم منشورة بين دفتي كتاب، بعد أن كان النشر عقبةً كبيرةً تواجه كل مبدع مصري، ويضطر للوقوف سنواتٍ على أبواب دور النشر الحكومية.

أسس الراحل «دار ميريت» في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، لتشكل هي و«دار شرقيات»، التي تأسست في الفترة نفسها تقريباً، رئة ثقافية أسهمت في احتضان جيل التسعينات في الرواية والشعر والنقد، وتقديمهم للحياة الثقافية والأدبية، ودشنت كثيراً من التجارب الطليعية التي لم تكن حصلت على الاعتراف الأدبي بعد، فكانت فضاءً للاحتفاء بكل إبداع جديد ومختلف، وظلت تمارس الدور نفسه في العقدين الأولين من الألفية الجديدة، فكثير من الأجيال الراهنة الذين أصبحوا نجوماً في الشعر والرواية والقصة، بدأوا مشوارهم الإبداعي من «ميريت» أو من «شرقيات».

لم تكن «ميريت» مجرد دار نشر، فقد تحول مقرها الأول الشهير في شارع قصر النيل بوسط العاصمة المصرية إلى منتدى ثقافي دائم، وكان له رواد من مشاهير الثقافة المصرية والعربية، فعندما كنت تدخل تجد الشاعر الراحل أحمد فؤاد نجم جالساً بأريحية وكأنه في بيته، وكان من ضمن رواد الدار أيضاً الروائيان الراحلان خيري شلبي و إبراهيم أصلان، والناقد محمد بدوي، والروائي الراحل حمدي أبو جليل، والشاعر الراحل أسامة الديناصوري، وغيرهم كثيرون من رموز الحركة الثقافية المصرية، وكان كل شاب يريد أن يبدأ مشواره الإبداعي لا بد له أن يمر يوماً على «ميريت»، ليتعرف على «مطبخ» الثقافة المصرية، ويتقرب من رموزها، يسمعهم، ويتعلم منهم، ويحصل على فرصة أن يسمعوه ويتعرفوا إلى إبداعه، فيُمنح صك الاعتراف.

فازت «ميريت» بجائزة نادي القلم الدولي «هيرمان كيستن» (kesten PEN الفرع الألماني)، وتمنحها وزارة «هسه» للعلوم والفنون، وقدرها 10.000 يورو، وتمنح لكتاب المقالات والروائيين فى جميع أنحاء العالم لمن يتصدون للاضطهاد والقمع ويدافعون عن الحق والحرية، كما تمنح للناشرين لتقديمهم الدعم والرعاية للكتاب المضطهدين في نشر فكرهم ويؤمنون بالحق فى الحرية والتعبير عن الرأي.

لم يتوقف دور محمد هاشم عند حدود العمل الثقافي وصناعة الكتاب، فقد كان ناشطاً سياسياً، حتى أصبح مقر الدار ربما أكثر صخباً وحيويةً من مقرات بعض الأحزاب السياسية. وأثناء ثورة 25 يناير، وبسبب قرب الدار من ميدان التحرير، مركز الحراك الثوري آنذاك، كانت ملاذاً لكثير من أبناء الثورة، خصوصاً من المثقفين، سواء لالتقاط الأنفاس، أو متابعة الأخبار، أو حتى المبيت في الدار التي فتحت أبوابها على مصاريعها. كما كان هاشم ناشطاً في ثورة 30 يونيو ضد جماعة الإخوان، وشارك في الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات التي أقيمت ضدهم، بل إن لافتات كثير من الوقفات ضدهم كانت تخرج من مقر الدار.

عن الراحل يقول الروائي والقاص محمد محمد مستجاب: «رغم أنني لم أكن من (شلة دار ميريت) التي اشتهرت في بداية الألفية، حيث كان يحضرها والدي رحمه الله (الروائي الراحل محمد مستجاب)، فإن علاقتي بعمنا محمد هاشم كانت بعد رحيل والدي في 2005، خصوصاً في إرسال أعمالي لإبداء الرأي فيها، ثم طلبه عملًا لي ليصدر عن (ميريت) لكن هذا لم يتحقق. لكن (ميريت) التي تنقلت من شارع قصر النيل ثم شارع صبري أبو علم ثم باب اللوق ظلت ظهراً حامياً للثقافة المصرية، وليس لي على المستوى الشخصي، وقد خرجت منها عدة مظاهرات تحمي مكتسبات ثورة يناير».

يضيف مستجاب: «محمد هاشم كان يرعى كثيراً من المواهب، ويحزن عندما يجدها انحرفت عن مسارها، واتجهت لشيء آخر بعيداً عن الكتابة. وسيظل اسمه غالياً على جميع الكتاب المصريين والعرب، ومنبراً طالما أحببناه وتعاركنا واختلفنا معه، لكنه كان دائماً مثل آبائنا؛ يعلم أننا سنعود كي نجد في حضرته الابتسامة، وفي جيبه النقود التي تدفئ أيامنا، والكتب التي تشعل خيالنا بالإبداع. برحيل (أبو ميريت)، خسرنا صرحاً ثقافياً حقيقياً في زمن العبث الثقافي».

ويقول الروائي سامح الجباس: «قدم محمد هاشم للثقافة المصرية والعربية أهم الأسماء التي تملأ الساحة الأدبية المصرية الآن، كلهم كانوا مجرد كتاب شبان هواة خرجوا من عباءة (ميريت)، وانطلقوا بعدها نجوماً في ساحة الأدب، وأنا منهم. ففي عام 2005 حملت في يدي أول مخطوط لكتاب أرغب في نشره، وذهبت مباشرة إلى (ميريت)، أهم وأشهر دار نشر خاصة وقتها، واستقبلني صاحب الدار محمد هاشم بحفاوة كأنني كاتب معروف. وحتى نهاية 2010 كنت زائراً شهرياً للدار، ومنها قرأت لكل هذا الجيل من الكتاب، فقد كانت ملتقى الكتاب، فيها كنت تقابل أحمد فؤاد نجم وخيري شلبي وحمدي أبو جليل وعلاء الأسواني والسيد ياسين وغيرهم من الصحافيين والفنانين. وكانت أبوابها مفتوحة دائماً للشباب روائيين، وشعراء، ومطربين، وموسيقيين. وفيها ندوات يومية تقريباً».

ويكمل الجباس: «مرت السنوات، وتعرضت (ميريت) لهزات زلزالية حتى أوشكت الدار على التوقف. وانتقلت الدار من مكان إلى آخر في نطاق وسط البلد. وكنت حتى بداية هذا العام حريصاً على أن أزورها كلما انتقلت من مكان إلى آخر ولو مرة واحدة في العام، تقديراً لموقف هاشم معي في بداياتي، فقد نشرت في الدار عام 2006، ثم انتقلت للنشر بعدها في أكثر من دار نشر، لكني كنت أدين بالفضل والامتنان لهذا الرجل. فتح محمد هاشم الباب لعشرات الكتاب ونسي نفسه، نسي أنه نشر رواية وحيدة بعنوان (ملاعب مفتوحة)، وقلت له في آخر زيارة منذ شهور إنه يجب أن يعيد طباعتها. سيظل اسم محمد هاشم، وتجربة (دار ميريت)، وستظل أفضاله تحيط بالكثيرين، مهما تنكروا له، وقد حان دور اتحاد الناشرين لتكريم اسم هذا الرجل. الكلام والذكريات عن محمد هاشم ودار ميريت يحتاج إلى صفحات وصفحات من الحب والامتنان، والكثير من الحزن والأسف».

ويروي الشاعر سمير درويش، رئيس تحرير مجلة «ميريت» التي كانت تصدر عن الدار، تجربته مع الناشر الراحل، قائلاً: «كان رجلاً جريئاً كريماً، طيِّباً بشوشاً محبّاً للحياة والناس. ذهبت له بمشروعي لإصدار مجلة ثقافية تنويرية، فوافق دون قيد أو شرط، وطوال خمس سنوات لم يتدخل ولا مرة، رغم أنه كان يصدُّ عنَّا ويحمينا».

محمد هاشم في «ميريت»، مع حسني سليمان في «شرقيات»، صنعا طفرة كبيرة في عالم النشر الثقافي منذ منتصف التسعينيات، سارا الخطوة الأولى التي فتحت طريق التحديث حتى اليوم.