مؤسس حركة تحرير السودان: نظام البشير عرض فصل دارفور... ورفضنا

عبد الواحد نور اتهم البشير بإقامة نظام «قسّم السودانيين على أساس الدين والعرق وأشعل الحروب»

عبد الواحد محمد نور (أ.ف.ب)
عبد الواحد محمد نور (أ.ف.ب)
TT

مؤسس حركة تحرير السودان: نظام البشير عرض فصل دارفور... ورفضنا

عبد الواحد محمد نور (أ.ف.ب)
عبد الواحد محمد نور (أ.ف.ب)

قال رئيس ومؤسس حركة وجيش تحرير السودان التي تقاتل الحكومة السودانية، عبد الواحد محمد النور، إن حركته تقف بقوة مع «ثورة الشباب» التي انطلقت منذ ديسمبر (كانون الأول) في الخرطوم، ومدن البلاد المختلفة، رافضاً بشدة الدخول في أي تفاوض مع الحكومة، وشدد على أن شعار «تسقط بس» الذي طرحه المتظاهرون يجب أن يطبق بحذافيره، كما نفى بشدة اتهام الحكومة لحركته بالقيام بمحاولات تخريبية، باستهداف المواطنين خلال الاحتجاجات، وبالتواطؤ مع إسرائيل.
وكانت السلطات السودانية اتهمت حركة عبد الواحد محمد نور، بتدريب عناصر في إسرائيل، للقيام بأعمال تخريبية وسط المحتجين... لكن نور استهجن هذا الأمر.
وقال إنها محاولة للهروب من مواجهة الأزمة، وفشل النظام بتقديم حلول للأزمة المستمرة التي دخلت شهرها الثالث.
لكن نور في المقابل أكد، أنه مع فتح سفارة لإسرائيل في الخرطوم، ومع حل الدولتين، في فلسطين، في حال اختاره الشعب رئيساً للبلاد، كما أنه لن يقيم أي علاقة ضد مصالح الشعب السوداني. وأوضح: «سنقف على مسافة واحدة حتى نساعد في حل القضية الفلسطينية... وعلينا أن نقيم علاقات تحقق مصالح بلادنا».
وقال نور في مقابلة مع «الشرق الأوسط» عبر الهاتف، إن الرئيس عمر البشير: «أقام نظاماً قسم السودانيين على أساس الدين والعرق وأشعل الحروب في كل مناطق السودان»، وأشار إلى أن حركته تلقت مرارا وتكرارا، عروضا من حكومة البشير، عبر وسطاء عالميين، لفصل دارفور، وإعلان حق تقرير المصير، لكنه رفض. وقال: «عرض علينا ذلك بعد مفاوضات أبوجا بنيجيريا، 2006... ثم مرات كثيرة خلال وجودي في فرنسا... خاصة بعد توجيه محكمة الجنايات الدولية، اتهامات بالإبادة للرئيس البشير وآخرين»، وأكد أنه رفض جميع تلك المحاولات، وأوضح: «لا نريد تفتيت السودان... ولكن نريد توحيده عبر برامج ورؤى يتفق عليها الجميع». وقال أيضا: «ليست المشكلة في دارفور أو الجنوب السابق... ولكن المشكلة في نظام الإخوان» في السودان.
وحول ما يجري في السودان حاليا من ثورة، قال: «هي نتيجة لتراكم الأزمات عبر الأجيال، التي ورثت دولة فاشلة وغياب المشروع الوطني الذي يمكنه توحيد الشعب في كل مناحي الحياة». وأضاف: «نحن نسعى مع الآخرين من أجل أن نحقق للشعب السوداني، تطلعاته في حياة من الكرامة والحقوق والتحضر والتمدن، في دولة المواطنة المتساوية التي لا تفرق بين الناس على أساس الدين أو الجنس أو اللون أو الثقافة».
وقال: «بلادنا ورثت دولة فاشلة منذ الاستقلال وزادت حكومة البشير من فشلها»، مشيراً إلى أن حركته ظلت تنادي بإقامة دولة علمانية سودانية ليست مستوردة ويتم فيها فصل الدين عن الدولة. وتابع: «الشباب الذي يقود الثورة الآن لديه أفكار ومفاهيم جديدة وهم يتطلعون إلى وطن موحد وهم يتجهون الآن لذلك عبر شعارهم الذي وحد كل السودانيين بكلمتين هما، تسقط بس، وهو شعار ذكي وعميق».
وأفاد رئيس حركة تحرير السودان الذي ظل متمسكاً برفض أي مفاوضات مع الحكومة منذ امتناعه عن التوقيع على اتفاق أبوجا بنيجيريا في يونيو (حزيران) 2006 بأن حركته تقف مع مطالب الشعب في تغيير النظام الحاكم، نافياً اتهام الحكومة لحركته في العمل على إحداث الفوضى والتخريب باستخدام أسلحة تسلمها من إسرائيل، وقال: «نحن لسنا حركة تخريب بل نسعى ونناضل من أجل تحرير الشعب من العقلية الصفوية الحاكمة التي ظلت تعمل على تقسيم السودانيين لمجموعات متناحرة وزرع الخوف بينهم ولكنهم فشلوا... لأن الشعب أكد على وحدته وقضيته العادلة في تحقيق دولة المواطنة التي تتوفر فيها الحرية لكل الأديان على قدم المساواة»، نافياً تضعضع حركته التي قال إنها أقوى من أي وقت مضى وإنه ظل يرفض التسويات التي يقدمها المجتمع الدولي.
وقال نور إن السودان بلد مترامي الأطراف، وغني بالثقافات والأعراق، فمن الإجحاف حكمه، بواسطة حزب واحد يحتكر السلطة، لصالح مجموعة محددة. وعبر عن أسفه على وجود «مظالم تاريخية وآنية... وإهمال من قبل الحكومات المركزية»، وأشار إلى أن حركته هدفها إقامة نظام فيدرالي في إطار اتحادي ديمقراطي يمكن أن يترشح فيه المواطن ليصبح حاكما أو يختار حكامه بحرية تامة. وقال: «لذلك نحن أعلنا طريقتنا في النضال عبر الثورة الشعبية والكفاح المسلح والآن هناك انتفاضة سلمية كيف لنا أن نقوم بقتل المواطن الذي هو هدفنا نحو التغيير؟... ومعه نحقق المشروع الوطني وقد قدمنا أرتالاً من الشهداء وملايين من النازحين واللاجئين».
وحول رؤية حركته بشأن المطالب بحق تقرير المصير لدارفور قال النور: «حركتنا تسمى حركة تحرير السودان، وليس حركة تحرير دارفور، ونحن نناضل من أجل تحريره من العقلية الصفوية التي ظلت تحكم البلاد منذ الاستعمار البريطاني، الذي طبق سياسة المناطق المقفولة في جنوب السودان السابق، ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق»، مشدداً على أن حركته تطالب بوحدة السودان على أسس جديدة، وترفض «محاولات التقسيم بأسماء القوميين وما عداهم من الإقليميين أو القبليين أو العشائريين». وأضاف: «سكان دارفور يعود تاريخهم إلى آلاف السنين وهي حضارة ممتدة وساهموا في بناء الأهرامات في مصر والسودان... وسلطنة دارفور كانت تقوم بكسوة الكعبة الشريفة لعشرات السنين، وآخر من قام بهذا العمل هو السلطان علي دينار، وله آبار باسمه في مكة، (آبار علي)... وانتهت سلطنة دارفور بسيطرة الجيش البريطاني على دارفور في عام 1916»، وتابع: «سكان غرب السودان من دارفور وكردفان هم الدعامة الأساسية في مشروع الجزيرة أكبر مشروعات السودان الاقتصادية، كل هذا التاريخ لدينا فإلى أين سنذهب بدارفور إذا طالبوا بتقرير مصيره؟»، مشيراً إلى أن الحكومة كانت قد عرضت عليهم في مفاوضات السلام عبر الوسطاء الدوليين حق تقرير المصير وأن حركته رفضت المبدأ.
ورفض عبد الواحد نور أي توجه إلى حلول جزئية للأزمة التي يشهدها السودان، وقال: «لا يمكن أن نقبل ما ظللنا نرفضه طوال 18 عاماً... الرئيس البشير يقول إنه يسعى بأن يصبح رئيسا قوميا، وعلى مسافة واحدة من الجميع... هذا شيء مرفوض، وهو مسعى لا يستقيم عقلاً... بعد 30 عاماً من حكم الفرد يأتي ويقول إنه يريد أن يقف على مسافة واحدة».
ودعا نور إلى تنفيذ مطالب الشعب السوداني، بتنحي البشير ونظامه فوراً، وتشكيل حكومة انتقالية، يعطى فيها الشباب من الجنسين أكبر النسب، لأنهم الأكثر تضرراً من الوضع الذي ظل مستمراً لثلاثة عقود، ولأنهم وقود هذه الثورة... وهم الذين دفعوا الثمن غالياً بأرواحهم... فمنهم من قتل ومنهم من عذب... ومنهم من نزح... وآخرون اختاروا اللجوء إلى دول أخرى، وهناك من يعاني البطالة والجوع والمرض الآن». وقال: «نظام الحركة الإسلامية الحاكم يجب أن يزول فوراً دون أي شروط... لا يوجد الآن من يطالب بحلول ترقيعية، المطلوب في غاية الوضوح... هو التنحي، وبالتالي تقديم المطلوبين إلى المحاكم الجنائية الدولية، إلى لاهاي، لمحاكمتهم بالجرائم السابقة والحالية التي تتمثل في قتل المحتجين السلميين». وأضاف: «هناك اعترافات من النظام ورئيسيه ستعرض في لاهاي ومنها قول الرئيس نفسه إننا قتلنا في دارفور ولأتفه الأسباب... وهو اعتراف صريح بارتكاب الجرائم».
وأوضح نور أن «الفترة الانتقالية القادمة مهامها كتابة دستور ديمقراطي، يتم التوافق على مدتها وفق القضايا والمشكلات الموروثة، وهي ضخمة... ووضع أسس اقتصادية تستهدف المواطن وأن يعود النازحون إلى مناطقهم وتمليكهم أدوات الإنتاج حتى لا يصبحوا عالة على الدولة وإطلاق الحريات وإجراء إحصاء سكاني حقيقي».
وحول ترشحه في الانتخابات الرئاسية في نظام ديمقراطي، قال نور: «هذا يتوقف على قرار مؤسسات حركتنا... وفي حال حصل هذا فإنه سيكون خادماً لشعبه وليس متسلطاً».
وحول ما يقال عن علاقة حركته مع إسرائيل، قال إن ذلك الأمر كان علانية، ولم تكن في الخفاء، كما يفعل الذين يقيمون العلاقة الآن في سرية ويتهمون الآخرين، وأضاف أنه زار إسرائيل في فبراير (شباط) 2009 بعد وصول عدد من كبير من السودانيين إليها عبر صحراء سيناء المصرية، وقال إنه أعلن عن زيارته وافتتح مكتباً لحركته لمتابعة شؤون السودانيين هناك. وتابع: «نحن نعلم أن السودان ضحية لكراهية بثها آخرون وإذا أصبحت رئيسا للسودان فسأمنح إسرائيل وفلسطين سفارات أو ممثليات لهما في الخرطوم على قدم المساواة، وسنقف على مسافة واحدة حتى نساعد في حل القضية بينهما ونحن مع إقامة دولتين»، وقال: «علينا أن نقيم علاقات تحقق مصالح بلادنا».



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.