تركيا: ناشط حقوقي بارز في قضية «جيزي بارك» يواجه المؤبد

الأمم المتحدة تطالب بتعويض القس الأميركي برانسون

إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (أ.ب)
إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (أ.ب)
TT

تركيا: ناشط حقوقي بارز في قضية «جيزي بارك» يواجه المؤبد

إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (أ.ب)
إردوغان لدى إلقائه خطاباً في إسطنبول أمس (أ.ب)

قبلت محكمة تركية في إسطنبول لائحة الاتّهام بحق رجل الأعمال الناشط الحقوقي عثمان كافالا، المحتجز قيد المحاكمة منذ أكثر من عام، و15 آخرين. وتضمّنت اللائحة اتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم وطالب الادعاء العام فيها بعقوبة السجن المؤبد.
وقال إلكان كوينجو، محامي كافالا، أمس (الثلاثاء)، إن مكتب المدعي العام في إسطنبول طالب بتوقيع عقوبة السجن المؤبد بحق موكله، وإن المحكمة قبلت الطلب بينما لم تحدد بعد موعداً لبدء جلسات المحاكمة. ووجّهت إلى كافالا وباقي المتهمين اتهامات بالضلوع في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي خرجت في مايو (أيار) 2013 بشأن خطط إعادة تطوير حديقة جيزي القريبة من ميدان تقسيم في إسطنبول، وسرعان ما انتشرت المظاهرات وتحولت إلى احتجاجات في أنحاء البلاد للمطالبة بتنحي رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب إردوغان، الذي يتولى حالياً الرئاسة.
ووجّه مكتب المدعي العام لمدينة إسطنبول، رسمياً، الاتهامات إلى المتهمين الستة عشر في 20 فبراير (شباط) الماضي. ويمهد قبول المحكمة للائحة الاتهام الطريق أمام بدء المحاكمة. وأثارت الاتهامات الموجّهة إلى كافالا ورفاقه انتقادات واسعة من جانب أوروبا والولايات المتحدة، وطالبت منظمات حقوقية دولية ومحلية تركيا بإنهاء ما وصفته بـ«حملة الترهيب المنسّقة والتحرش القضائي ضد الناشطين الحقوقيين في البلاد». وقالت منظمتا «العفو الدولية» و«صحافيون بلا حدود» و8 جماعات تركية معنية بالدفاع عن حقوق الإنسان، في بيان مشترك الأسبوع الماضي، إن «حملة القمع المتصاعدة وتجريم جمعيات المجتمع المدني في تركيا يجب أن تنتهي».
وطالبت هذه المنظمات المحكمة برفض الاتهام الذي سرّبته وسائل الإعلام فقط، لأنه «قائم على تناقضات سخيفة، ولقلة الأدلة».
ويواجه كافالا، المعتقل منذ أكثر من 500 يوم اتهامات مع رئيس تحرير صحيفة «جمهوريت» الأسبق جان دوندار، الذي فرّ إلى ألمانيا، بسبب دورهما المزعوم في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي اندلعت في مايو 2013، بسبب خطة لتطوير حديقة جيزي في وسط إسطنبول.
وكان الاتحاد الأوروبي قد ندد بما وصفه بـ«أجواء الخوف» التي تشيعها السلطات في تركيا بإصدار أحكام تتضمن عقوبات بالسجن المؤبد بحق كافالا، وصحافيين؛ لاتهامهم بدعم مظاهرات «جيزي بارك» في إسطنبول عام 2013.
وقالت الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسات الأمنية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، في بيان الأسبوع الماضي، إن «اتهام 16 سجيناً بينهم عثمان كافالا يطرح تساؤلات بشأن احترام القضاء التركي للمعايير الدولية والأوروبية».
ويتهم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، كافالا، مؤسس «معهد الأناضول الثقافي» الناشط في مجال الحقوق والحريات، المعتقل في سجن «سيليفري»، غرب إسطنبول، بتمويل الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي جرت في 2013، بالتعاون مع مؤسسة «المجتمع المفتوح» التي أسسها الأميركي جورج سورس.
في سياق آخر، أصدر الادعاء العام في تركيا، أمس، مذكرات اعتقال بحق 67 من العسكريين بتهمة المشاركة في المحاولة الانقلابية الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو (تموز) 2016، والانتماء إلى حركة الخدمة التابعة للداعية فتح الله غولن، التي تتهمها السلطات بتدبير تلك المحاولة.
وأصدرت النيابة العامة بالعاصمة أنقرة مذكرة اعتقال بحق 30 عسكرياً في القوات الجوية، كما أصدرت النيابة العامة في إزمير (غرب تركيا)، مذكرات اعتقال مماثلة بحق 37 آخرين من القوات الجوية والبرية. وأطلقت الشرطة على الفور عمليات مداهمة لمنازل المطلوب القبض عليهم.
ومنذ المحاولة الانقلابية الفاشلة فصلت السلطات التركية 15 ألفاً و242 عسكرياً من الجيش بينهم ضباط من رتب عليا. حسب بيانات رسمية صدرت في يناير (كانون الثاني) الماضي، وشهدت قيادة القوات البرية أكثر حملات الفصل بواقع 8 آلاف و201 جندي، بينما بلغ عدد مَن يحاكَمون رهن الاعتقال 5 آلاف و783 عسكرياً.
وتشن السلطات التركية، بشكل شبه يومي، حملات اعتقال طالت عشرات الآلاف منذ المحاولة الانقلابية، تحت ذريعة الاتصال بجماعة غولن، كما تم فصل نحو 175 ألفاً من وظائفهم في مختلف مؤسسات الدولة وإغلاق أكثر من 150 صحيفة ومنفذاً إعلامياً وأكثر من 3 آلاف جامعة ومدرسة خاصة وسحب شهادات أكثر من 160 ألف أكاديمي ومعلم في حملة لم تقتصر فقط على المشتبه بانتمائهم إلى حركة غولن، وإنما امتدت، حسب المنظمات الحقوقية الدولية، إلى أطياف مختلفة من معارضي الحكومة.
في سياق متصل، أصدرت محكمة تركية حكماً ضد الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، النائبة السابقة بالبرلمان فيجان يوكسك داغ، بالحبس لمدة سنة ونصف السنة لإهانتها الرئيس رجب طيب إردوغان.
وتقبع يوكسك داغ في السجن منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، انتظاراً لمحاكمتها بتهم تتعلق بتقديم الدعم لتنظيم إرهابي (يُقصد به حزب العمال الكردستاني المحظور)، وهي تهمة يواجهها أيضاً أكثر من 10 نواب من حزبها والرئيس المشارك السابق للحزب والمرشح الرئاسي السابق لدورتين متتاليتين صلاح الدين دميرتاش، الذي يواجه أحكاماً بالسجن تصل إلى 143 عاماً في قضايا تتعلق بدعم الإرهاب.
من ناحية أخرى، طالبت الأمم المتحدة، تركيا بدفع تعويضات للقس الأميركي أندرو برانسون، لاعتقاله واحتجازه لديها لمدة عامين على أساس «جنسيته وديانته».
وتم إلقاء القبض على القس في تركيا بناءً على ادّعاءات تتعلق بتقديمه الدعم لتنظيمات إرهابية منها، حسب السلطات التركية، حركة غولن، وحزب العمال الكردستاني وامتداده في سوريا (وحدات حماية الشعب الكردية)، لكن أُطلق سراحه في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد حملات أميركية متعددة الجوانب، وضغط الرئيس دونالد ترمب على أنقرة للإفراج عنه والسماح له بالعودة إلى بلاده.
وحسب موقع «وورلد نت دايلي» الأميركي، طالب المركز الأميركي للقانون والعدالة، الأمم المتحدة بالتحقيق في تلك القرارات التركية التي وصفها بـ«التعسفية»، موضحاً أن انتهاك حرية القس الأميركي يعد انتهاكاً صارخاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية.
وأضاف أن الحكومة التركية عليها تعويض القس عن احتجازه، وشطب سجله الجنائي، وإعطاؤه حقوقه وفقاً للقانون الدولي، مشيراً إلى أن لجنة الأمم المتحدة لاحظت تزايد أعداد المسيحيين المستهدفين من قبل تركيا في السنوات الأخيرة.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».