وكالة الأمن القومي الأميركية تتجه لإنهاء برنامج «التنصت الهاتفي»

TT

وكالة الأمن القومي الأميركية تتجه لإنهاء برنامج «التنصت الهاتفي»

تتّجه وكالة الأمن القومي الأميركية إلى إنهاء برنامجها الخاص بتحليل سجلات المكالمات المحلية والرسائل النصية للأميركيين، بشكل هادئ، جاء ذلك بعدما أظهر تطبيق البرنامج أنه لم يمنع هجوماً إرهابياً واحداً من الوقوع، حسب قاعدة بيانات ونقاشات نُشرت أخيراً.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن لوك موري مستشار زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب، كيفن ماكارثي، أن البرنامج الذي أثار الكثير من النزاعات والجدل بعد إقراره رداً على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، قد لا يتم تمديده، خصوصاً أن الوكالة لم تعد تستخدمه منذ عدة شهور. ويتوقع ألا تطلب إدارة الرئيس دونالد ترمب من الكونغرس تجديد سلطة استخدام البرنامج التي تنتهي في نهاية العام.
البرنامج الذي أقرته إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، في سعيها لملاحقة تنظيم «القاعدة»، وباركته المحكمة العليا سراً، كشف عن آليات عمله الموظفُ السابقُ في الوكالة إدوارد سنودن عام 2013 بعدما انشق إلى روسيا. وأثار سنودن انتقادات واسعة بسبب خرقه للخصوصية، وكشف كيفية قيام الحكومة وشركات الاتصالات بجمع البيانات الشخصية واستغلالها.
ورغم أن الأساليب المستخدمة في الوصول إلى سجلات المكالمات الهاتفية والرسائل النصية قد تطورت، لكن الهدف بقي نفسه عبر محاولة تحليل الروابط الاجتماعية للبحث عن شركاء محتملين أو مشبوهين. ورغم أن وكالات الاستخبارات لا يزال لديها الحق في استخدام هذه التقنية من شبكات خارج الولايات المتحدة، حيث الموانع القانونية أقل، لكنها لا تحصل على النتائج نفسها بعد الوصول إلى السجلات الهاتفية المحلية.
وكان مجلس النواب الأميركي قد أدخل تعديلات على البرنامج الأصلي عام 2015، الذي ينتهي في سبتمبر المقبل. وكان من المتوقع أن يخوض المشرّعون نقاشات حامية حول تمديده، لكن تصريحات قادة من الحزب الجمهوري ألقت بظلال من الشك على إمكانية استمرار البرنامج، بعدما كشف هؤلاء أن إدارة الرئيس ترمب لم تستخدمه منذ أكثر من ستة أشهر، حسب موري.
وتحدثت أوساط عدة عن مشكلات قانونية ومخالفات تقنية، وأن وكالة الأمن القومي تعيد النظر ليس فقط ببرنامج «قانون الحرية»، بل وبمستقبل عملها، وأن أي قرار لم يتخذ بعد. ويثير هذا التطور تساؤلات حول علاقة الرئيس ترمب بوكالات الأمن الأميركية، خصوصاً أن خلافاته مع قادتها لم تعد سراً.
ويسمح البرنامج لوكالة الأمن القومي باستخدام سجلات المكالمات التي تبين من اتصل بمن ومتى، لكنها لا تكشف المحتوى، وذلك كخريطة للشبكات الاجتماعية وتحليل الروابط بين الناس لتحديد المشتبهين بالإرهاب.
إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، كانت تبنت خطة لإنهاء جمع البيانات الهاتفية المحلية الخاصة بوكالة الأمن القومي، مع الحفاظ على قدرة البرنامج التحليلي القديمة، مما أدّى إلى صدور «قانون الحرية» لعام 2015.
وبموجب هذا القانون، تبقى السجلات الضخمة في أيدي شركات الهاتف وليس الحكومة. ويتطلب الأمر الحصول على إذن قضائي لكي تتمكّن الوكالة من الحصول على سجلات الهاتف والرسائل النصية لمشتبهين معينين، والأشخاص الذين هم على اتصال بهم حتى ولو كانوا يستخدمون شركات اتصال مختلفة عن الشركات التي صدر إذن قضائي يسمح بكشف سجلاتها.
وأدّى كشف العميل سنودن لآليات عمل البرنامج إلى انتقادات حادة لادعاءات الحكومة حول جمع سجلات الهاتف، فيما أُحرج مسؤولو الاستخبارات بعدما عجزوا عن الإشارة إلى الهجمات التي تم وقفها استناداً إلى برنامج «قانون الحرية» لعام 2015، لكنهم تمسكوا بفرضية أنّه لو تم استخدام آلية البرنامج قبل هجمات 11 سبتمبر، لربما ساعدت في الكشف عن هجمات تنظيم «القاعدة»، وهو ما رفضه الكثير من النقاد الذين وصفوا الأمر بأنه «غزو شرعي» للخصوصية.
ورغم أنّ التعديل قد خفض من عدد المكالمات المراقبة من عدة مليارات يومياً، إلا أنه جمع أكثر من 150 مليون سجل عام 2016، رغم أن البرنامج حصل على إذن قضائي لمراقبة 42 مشتبهاً بالإرهاب فقط في ذلك العام، وحصل في عام 2017 على أذونات قضائية لمراقبة 40 مشتبهاً بهم، لكنه جمع نحو 530 مليون سجل هاتفي.
وأدّت مشكلات تقنية ظهرت على البرنامج إلى حصول إشكالات تتعلق بكيفية تمكن الوكالة من تقديم طلبات لشركات الاتصالات، وولوجها إلى قاعدة بياناتها، ما أدى إلى إدخال بيانات شخصية لأشخاص لا علاقة لهم بالمشتبهين بهم، ولم يتم التمكن من تحديد طبيعة الخلل وكيفية معالجته، وهو ما أدّى في نهاية المطاف إلى تراجع الاهتمام بما يتيحه برنامج «قانون الحرية».
وحتى الساعة، لم تصدر أي إشارات واضحة حول مستقبل عمل البرنامج من قبل إدارة الرئيس ترمب، رغم أن الهيئات التشريعية تستعد للدخول في سجالات جديدة عما إذا كان التمسك به لا يزال أمراً مجدياً ومطلوباً.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».