أداة جديدة لحماية الفيديوهات من التزييف والتلاعب

تتزايد أهمية مقاطع الفيديو يوماً بعد يوم كأداة ضرورية لحفظ القانون وتنفيذه، سواء كانت مسجلة بالكاميرات الأمنية، أو بتلك التي يرتديها عناصر الشرطة، أو بهواتف الناس الذكية، أو بأي مصدر آخر.

- منع التلاعب بالفيديو
إلّا أنّ تطور تقنية «ديب فيك» (التزييف) للتلاعب بمقاطع الفيديو ووجود مشاكل الأمن الإلكتروني التي يعاني منها الكثير من الأجهزة المتصلة بالإنترنت زاد من صعوبات التأكد من مصداقية المقاطع.
ويرجح مشروع تقني جديد اليوم أن الجواب يقبع في وسائل «المصادقة التشفيرية» cryptographic authentication. وتحمل الأداة الجديدة المطورة لهذا الغرض اسم «آمبر أوثينتكيت» (Amber Authenticate) وهي مصممة للعمل في خلفية أي جهاز أثناء تصويره لمقطع فيديو.
تنتج هذه الأداة، وخلال فواصل زمنية يحددها المستخدم، ما يسمّى بالـ«تجزئات» وهي عبارة عن عروض ممزوجة ومشفرة للبيانات، تسجّل بعدها على نحو ثابت على «بلوك تشين» (بلوك تشين، أو سلسلة الكتل، هو قائمة متزايدة من التسجيلات المسماة «كتل» تترابط فيما بينها بتوظيف عمليات التشفير).
عند تشغيل مقطع الفيديو نفسه مرّة أخرى من خلال برنامج كومبيوتري ذي منهج محدد (خوارزمية)، ستلحظون تغيّراً في «التجزئات» في حال حصل أي تعديل في ملف الفيديو أو التسجيل الصوتي، وبذا تكتشفون أي تلاعب محتمل.
يحتاج المستخدمون إلى ضبط فواصل زمنية مناسبة تتيح لهم موازنة ضوابط النظام على الأجهزة مع المواضيع التي قد تلتقطها الكاميرا. وابتكار «تجزئات» كلّ 30 ثانية على كاميرا مثبتة في بدلة عنصر من الشرطة قد يسمح بتلاعب سريع وسلس ومؤثر وربّما مناسب للاختراق. أمّا ضبط الفواصل الزمنية لتحصل كلّ ثانية واحدة، عند استخدام كاميرا مراقبة صغيرة فلن يتيح أي مجال للتلاعب.
يقول شامير آليبهاي، رئيس شركة «آمبر» التنفيذي في حديث مع موقع «وايرد.كوم»: «تنطوي الكاميرات التي تثبت على أجساد عناصر الشرطة من موديلات وعلامات تجارية متنوعة على خطر تنظيمي كبير. إنّ ما يقلقنا هنا ليس إضافة أو حذف الدليل عند دمج عمليات التزييف، بل ما قد يحصل عندما يتمّ التلاعب به. إذ أنّ التلاعب، وفور حصوله، سيزيد من صعوبة تحديد العنصر المزيف. ولكن رصد هذا التزييف وفقاً للأداة الجديدة يكمن في الخلفية، ويحتمل خيارين لا ثالث لهما: إمّا تطابق التجزئات أو عدم تطابقها، وهي جميعها قابلة للمراجعة والتأكد».

- أداة رصد فعالة
تشكّل أداة مثل «آمبر» مصدر اهتمام للمنظمات الحقوقية والمدنية وأجهزة الرقابة على سلطات الأمن الدائمة التخوّف من إخفاء الحقائق عن الناس؛ كما أن الحكومات أيضاً تملك مصلحة في استخدام أدوات تتيح لها التحقق من مصداقية مقاطع الفيديو.
قدّم آليبهاي أداة «آمبر أوثينتكيت» لممثلي وزارتي الدفاع الأميركية والأمن الداخلي في معرض أقامته وكالة مشاريع البحوث المتقدمة أخيرا. وكانت وزارة الأمن الداخلي الأميركية قد أبدت اهتماماً بحلول مشابهة قدّمتها شركة «فاتكوم» المتخصصة في التحقق من صحة البيانات بالاعتماد على البلوك تشين، التي تعمل بدورها على تطوير أداة للتحقق من صحة مقاطع الفيديوهات.
صُممت أداة «آمبر أوثينتكيت» بالاعتماد على «إيثيروم»، أشهر عملات البلوك تشين، وتتضمن منصة إلكترونية تسهّل الحصول على فهم بصري يوضح أي من أجزاء مقطع الفيديو تتضمن تجزئات تطابق تلك المخزّنة في البلوك تشين وأيها لا تطابق، في حال وجدت.
إن ظهور إطار أخضر اللون حول المقطع أثناء تشغيله يشير إلى وجود تطابق التجزئات، بينما يشير الإطار الأحمر إلى وجود تجزئة غير مطابقة. تظهر «آمبر» أيضاً أسفل مشغّل الفيديو «مسارا للمراجعة» مفصّلا يدرج معلومات كموعد ابتكار الملف، وموعد تحميله، وتجزئته، وموعد تحويله إلى البلوك تشين.
تهدف الفكرة من تطوير هذه الأداة إلى حثّ مصنعي المنتجات ككاميرات الدائرة التلفزيونية والكاميرات القابلة للارتداء إلى ترخيص «آمبر أوثينتكيت» ودمجها في أجهزتهم.
وكان جوش ميتشل، مستشار البحث في شركة «آمبر» الذي وجد مكامن ضعف برمجية في خمس نماذج من الكاميرات القابلة للارتداء في أغسطس (آب) الفائت، قد نجح في إثبات توافق «آمبر أوثينتكيت» مع بعض العلامات التجارية الموجودة في الأسواق.

- أمان الأداة الجديدة
يقول ميتشل: «وضعت هذه التقنية على كاميرا قابلة للارتداء، لأن جميع النماذج المتوفرة اليوم من هذه الكاميرات تفتقر إلى آليات المصادقة.
والحقيقة هي أن افتقار هذه الكاميرات إلى أي وسيلة لحماية الفيديوهات من الأطراف الدخيلة مقلق، خاصة أن المصنعين غير متحمسين للقيام بأي خطوة لحلّ هذه المعضلة.
لذا في حال كنا نملك نموذجاً مثبت الفعالية، سنتمكن من تقديم وسائل لضمان ثقة الجميع بمقاطع الفيديو وكيفية تصويرها». بينما يقول آليبهاي، الذي يموّل المشروع من ماله الخاص، إنّ أداة «أوثينتكيت» مصممة لتكون غير مرئية ومفتوحة للتدقيق من قبل خبراء آخرين».
ولكن جاي ستانلي، محلل بارز في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، يرى أنّ أدوات التحقق من صحة ومصداقية مقاطع الفيديو، سواء كانت «آمبر أوثينتكيت» أم غيرها، لن تصبح متوفرة قريباً، وخاصة للكاميرات القابلة للارتداء من قبل عناصر الشرطة. ويضيف «سيتوجب على خبراء التقنية التحقق من مستوى أمان «آمبر» وغيرها من تقنيات المصادقة، آملاً أن تصبح «آمبر» أو أي تقنية مشابهة أخرى معياراً معتمداً. وكما الكاميرات القابلة للارتداء نفسها، تساعد تقنية مصادقة الفيديو على بناء الثقة بالدليل المقدّم، ولا شكّ أنّها ستدفع الجميع إلى الشعور بالثقة بأن الأمور ستكون واضحة وحقيقية في أصعب الظروف والحوادث».