موسكو تجدد دعوة عباس ونتنياهو لحوار... وتشكك في نجاح «صفقة القرن»

الرئيس الأميركي السابق أوباما جمع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في نيويورك 2009 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق أوباما جمع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في نيويورك 2009 (أ.ف.ب)
TT

موسكو تجدد دعوة عباس ونتنياهو لحوار... وتشكك في نجاح «صفقة القرن»

الرئيس الأميركي السابق أوباما جمع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في نيويورك 2009 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي السابق أوباما جمع الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو في نيويورك 2009 (أ.ف.ب)

جددت موسكو دعوتها لاستضافة «حوار مباشر ومن دون شروط مسبقة» يجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن بلاده أكدت للجانب الإسرائيلي اهتمامها بـ«فتح ثغرة في الطريق المسدود للتسوية في الشرق الأوسط في أسرع وقت ممكن». وجدد في الوقت ذاته، رفض موسكو «التصرفات الأحادية» من جانب واشنطن، وشكك في احتمال أن تحظى الأفكار الأميركية التي تجري بلورتها حالياً للتسوية بقبول في المنطقة.
وقال لافروف الذي بدأ، أمس، جولة خليجية إن بلاده قدمت عرضاً جديداً لعقد لقاءات مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، كاشفاً أن «روسيا مستعدة لاستقبال عباس ونتنياهو لبدء حوار مباشر من دون شروط مسبقة».
ولم يوضح لافروف، ما إذا كانت الدعوة وُجِّهت بشكل مباشر إلى نتنياهو لدى زيارته أخيراً لموسكو، لكنه قال إن القيادة الروسية «أعلنت مرات عدة موقفها حول ضرورة تجاوز الصعوبات التي تعرقل انطلاق حوار مباشر لدفع عملية التسوية السياسية، وهذا الموضوع نوقش مع نتنياهو عندما كان في العاصمة الروسية».
كانت موسكو قد اقترحت في عام 2017 استضافة حوار مماثل، وكررت دعوتها العام الماضي، وفي الحالين أعلن الجانب الفلسطيني قبوله الدعوة الروسية بينما تحفظ عليها نتنياهو، وتذرع بأنه «من الصعب التوصل إلى اتفاقات والالتزام بتنفيذها، في ظل الانقسام الفلسطيني»، وفقاً لمعطيات كشف عنها أخيراً دبلوماسي روسي، قال إن موسكو أصرت لهذا السبب على إعطاء أولوية للحوار الفلسطيني بهدف تقريب وجهات النظر وتهيئة الظروف لإطلاق حوار فلسطيني إسرائيلي لاحقاً.
في الوقت ذاته، وجّه لافروف انتقادات لاذعة إلى واشنطن، ووصف تحركاتها «الأحادية» بأنها تضع عراقيل جديدة أمام إطلاق التسوية السياسية. وأضاف أن «الخطوات الأميركية أحادية الجانب تؤثر بشكل سلبي كبير في التسوية الشرق أوسطية. وفي مرحلة سابقة وعد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ببذل أقصى الجهود لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن جانبنا رحبنا بهذه المساعي لكننا نرى أن واشنطن اعتمدت لاحقاً مساراً مكشوفاً لتنفيذ مخططات أحادية الجانب والانفراد بالوساطة».
وشكك لافروف في إمكانية قبول خطة التسوية الأميركية في الشرق الأوسط، ودعا لبذل جهود جماعية للتسوية في إطار الرباعية الدولية، موضحاً أن موسكو «دعت الشركاء للتعاون البنّاء ولا سيما في إطار اللجنة الرباعية، وتم عقد عدة لقاءات على مستوى الممثلين الخاصين».
وزاد أنه «في الفترة الأخيرة نسمع أنه سيتم طرح مبادرة شرق أوسطية جديدة، أي ما تسمى (صفقة القرن) التي وكما يقال، يجب أن تنتهي بإبرام السلام بين العرب وإسرائيل. لكن الإعلان عن هذه الصفقة تأجل من جديد حتى تشكيل الحكومة الإسرائيلية، وهناك معلومات تفيد بأن الصفقة تشمل مبادلات مريبة تتعارض مع القاعدة الأساسية للتسوية الشرق أوسطية المعترف بها دولياً، ولا أظن أن الفلسطينيين سوف يقبلون بهذه الصفقة».
وأوضح الوزير الروسي: «نؤمن بأنه لتخفيف حدة التوتر في المنطقة وإعادة إحياء عملية السلام المستندة إلى القانون الدولي، يجب بذل جهود جماعية يشاركها المجتمع الدولي لإطلاق مفاوضات مباشرة بين أطراف النزاع. اللجنة الرباعية هي الصيغة الأجدى للتسوية».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.