الحوثيون يهاجمون وزير خارجية بريطانيا بعد دعوته لانسحابهم من الحديدة

وصفوا غريفيث بأنه مبعوث للمملكة المتحدة وليس للأمم المتحدة

TT

الحوثيون يهاجمون وزير خارجية بريطانيا بعد دعوته لانسحابهم من الحديدة

هاجم كبار قادة الجماعة الحوثية الموالية لإيران أمس وزير الخارجية البريطاني جيمي هنت والمبعوث الأممي إلى اليمن مارت غريفيث، وذلك غداة التصريحات التي أطلقها هنت من مدينة عدن ودعوته لانسحاب الميليشيات من الحديدة تنفيذا لاتفاق استوكهولم بين الجماعة والحكومة الشرعية.
وكان الوزير البريطاني حذر من حرب شاملة ومن موت اتفاق استوكهولم في الأسابيع المقبلة إذا لم يتم تنفيذ إعادة الانتشار وفتح الممرات الآمنة، وهي التصريحات التي اعتبرها قادة الجماعة الحوثية موجهة لهم بعد تعنتهم نحو شهرين ونصف الشهر ورفضهم تنفيذ الاتفاق. ووصف حسين العزي، وهو مشرف الحوثيين على وزارة الخارجية في صنعاء والمعين من قبل الجماعة نائبا لوزير خارجية حكومة الانقلاب الحوثية غير المعترف بها، كلام الوزير البريطاني بـ«المستفز»، وقال في تغريدة على «تويتر» إن عليه «انتقاء كلماته جيدا»، قبل أن يتحدث عن جماعته الحوثية التي زعم أنها تمثل 24 مليون يمني. وهدد العزي في تغريداته بـ«حرب لم تستعملها الجماعة بعد»، في إشارة إلى حجم الاستعدادات العسكرية التي قامت بها الميليشيات منذ بدء الهدنة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
أما المتحدث باسم الجماعة الحوثية والوزير الفعلي لخارجيتها، محمد عبد السلام فليتة، فأصدر بيانا مطولا يرد فيه على تصريحات الوزير البريطاني، ومثله فعل القيادي الأبرز في الجماعة محمد علي الحوثي، رئيس ما تسمى «اللجنة الثورية العليا» لانقلاب الجماعة. وقال المتحدث باسم الحوثيين في بيانه إن «اتفاق استوكهولم لم يشر بأي شكل من الأشكال إلى وجود جهات محايدة، لا في ميناء الحديدة ولا في غيرها»، متهماً دول التحالف الداعم للشرعية ومعها بريطانيا بمخالفة اتفاق استوكهولم، زاعما أن «المشكلة ليست في رؤساء لجان التنسيق وإعادة الانتشار» وإنما في التوجيهات التي يتلقونها من دول دعم تحالف الشرعية. ووصف المتحدث الحوثي تصريحات الوزير البريطاني الداعية إلى إعادة الانتشار الميليشيات بأنها «ليست انحيازا فحسب بل كذب وخداع». وقال إن جماعته قبلت في الأساس «بدور رقابي للأمم المتحدة في ميناء الحديدة لإنهاء ذرائع ومبررات الشرعية ومن يقف خلفهم وليس على أساس تسليمه» للحكومة الشرعية. ولم يستغرب عبد السلام تصريحات خارجية بريطانيا، أو تتفاجأ بها جماعته، على حد زعمه، لأنها تقف في صف الشرعية، مؤكدا أن جماعته لا تتعاطى مع بريطانيا كوسيط.
وبينما اعتبر المتحدث الحوثي أن تصريحات الخارجية البريطانية «تنسجم مع عرقلة اتفاق السويد»، وصف مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث بأنه «ليس مبعوثا لهيئة الأمم المتحدة وإنما مبعوث إنجليزي يمثل بريطانيا»، على حد زعمه. ورفض القيادي في الجماعة الحوثية والمقرب من زعيمها أي نقاش مع الحكومة الشرعية حول «القوات المحلية»، وقال إن ذلك «مخالف للاتفاق الذي ينص على التوافق على أي سلطة أو قوات محلية». لكنه في الوقت نفسه زعم أن جماعته لا تمانع الذهاب «لنقاش أي تفصيل أو تفسير للاتفاق إذا لزم ذلك».
واتهم المتحدث الحوثي الأمم المتحدة بالتهرب من المضي في التنفيذ حتى من طرف واحد، وقال إن ذلك «يضعها أمام حقيقة واضحة أنها لا تتحرك وفقا لمصالح الحل وبعيدا عن حسابات دول الاستكبار وفي مقدمتها بريطانيا التي كشفت بشكل واضح أنها تدير عملية عرقلة الاتفاق عبر مبعوثها إلى اليمن تحت غطاء الأمم المتحدة». وتعني الجماعة بإعادة الانتشار وفق تصورها الخاص، تنفيذ انسحاب شكلي لميليشياتها من الحديدة والموانئ الثلاثة وإلباسهم بزات قوات الأمن المحلية مع بقاء قياداتها المعينين في السلطة المحلية في مواقعهم وعدم خضوع الحديدة للقوات الحكومية أو لسلطات الشرعية المعترف بها دوليا.
من جهته، زعم القيادي محمد علي الحوثي أن تصريحات وزير خارجية بريطانيا جيرمي هنت «تسوق لفشل اتفاق استوكهولم لتكرار معركة الحديدة»، مشيرا إلى أن جماعته لا تخشى من المواجهة. وكان الوزير البريطاني وصل الأحد إلى عدن في أول زيارة لوزير خارجية غربي لليمن منذ الانقلاب الحوثي وأول زيارة لوزير خارجية بريطاني منذ تسعينات القرن الماضي. وقال هنت في بيان نشرته الخارجية: «نحن الآن أمام الفرصة الأخيرة لعملية السلام وكان من المفترض تطهير ميناء الحديدة من الميليشيات، ووضعه تحت سيطرة محايدة بحلول بداية يناير (كانون الثاني)». كما حذر من فشل اتفاق استوكهولم كلياً، بقوله: «من الممكن أن تموت العملية في غضون أسابيع، إذا لم نحاول دفع الجانبين للالتزام بتعهداتهما في استوكهولم».
وفيما أبدى هنت مخاوفه من عودة الأوضاع في اليمن إلى حرب شاملة بسبب عدم تنفيذ الاتفاق بين الحكومة الشرعية والجماعة الحوثية، لمح بيان رسمي من الخارجية البريطانية إلى أن جولة هنت في المنطقة قد تكون آخر فرصة لإنقاذ اتفاق استوكهولم وعملية السلام.
وجاءت زيارة الوزير البريطاني إلى عدن بعد جولة له في المنطقة بدأت من عمان ثم السعودية والإمارات العربية؛ حيث التقى مسؤولين عمانيين والمتحدث باسم الجماعة الحوثية في مسقط، كما التقى في كل من الرياض وأبوظبي بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي ووزيري خارجية السعودية والإمارات.
وتزامنت تصريحات هنت مع تصعيد حوثي في محافظة الحديدة وصف بأنه الأعنف منذ أسابيع - بحسب مصادر ميدانية عسكرية - إذ شنت الميليشيات هجمات استمرت عدة ساعات على مواقع القوات الحكومية شرق المدينة (الحديدة) وجنوبها وفي أنحاء متفرقة من أريافها الجنوبية. ورفضت الميليشيات الحوثية الانسحاب وفق مقترحات رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار وكبير المراقبين الأمميين في الحديدة الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد، والتي تقضي بالانسحاب في الخطوة الأولى من ميناءي الصليف ورأس عيسى، كما رفضت تسليم خرائط الألغام وعودة السلطات المحلية التي كانت موجودة في الحديدة قبل الانقلاب على الشرعية في 2014.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.