«أنبوب حقيقي» لنقل الركاب بسرعات خارقة

حجرات تحلق مغناطيسياً داخل قنوات مفرغة تقريباً من الهواء

حجرة لنقل الركاب في «هايبرلوب» شركة «فيرجن»
حجرة لنقل الركاب في «هايبرلوب» شركة «فيرجن»
TT

«أنبوب حقيقي» لنقل الركاب بسرعات خارقة

حجرة لنقل الركاب في «هايبرلوب» شركة «فيرجن»
حجرة لنقل الركاب في «هايبرلوب» شركة «فيرجن»

تعمل شركة «فيرجن هايبرلوب وان» حالياً على اختبار نظام يضع الركاب في حجرات (أو مقصورات) تندفع في أنابيب مفرغة، في حين تمضي شركات أخرى قدماً بالعمل على خطط مشابهة.

- حجرات ركاب الأنابيب
وفي الوقت الذي قرّرت فيه ولاية كاليفورنيا الأميركية أن تقلّص حجم خططها لإنشاء خطّ سكّة حديد لقطار جديد فائق السرعة، كان يهدف إلى قلب مفهوم السفر في الولاية رأساً على عقب، فإن العكس يحدث في الصحراء الواقعة خارج مدينة لاس فيغاس بولاية نيفادا، حيث لا تزال طموحات النقل كبيرة ولا تعرف حدوداً.
هنا، يختبر مهندسون من شركة «فيرجن هايبرلوب وان» نوعاً مختلفاً كلياً من النقل العام، يهدف إلى نقل الناس والحمولات في حجرات صغيرة دون عجلات، في أنبوب مفرّغ بسرعة قد تتجاوز 600 ميل (965.6 كيلومتر) في الساعة. أمّا أسرع القطارات المسافرة اليوم، والذي يتحرّك بسرعة قصوى لا تصل إلى نصف سرعة القطار الجديد، فسيصبح مجرّد محطّة تاريخية مضحكة.
هذه الشركة، التي تعتبرها مجموعة «فيرجن غروب» التي يملكها السير ريتشارد برانسون مستثمراً صغيراً، هي واحدة من شركات كثيرة أخرى تعمل على تطوير تقنية «الهايبرلوب» في الولايات المتحدة وكندا ودول أخرى.
بدأ ترويج هذه الفكرة مع إيلون ماسك، الذي يشتهر بصناعة السيارات الكهربائية والصواريخ الفضائية الخاصة، ومن ثمّ أتاحها للجميع عن طريق إحدى شركاته، على شكل تقنية مفتوحة المصدر.

- تحليق وسرعة
وتعتمد هذه التقنية على دفع الحجرات بواسطة تحليق مغناطيسي في أنبوب مفرغ قليل الضغط.
يساهم هذا الضغط المنخفض في تقليص الاحتكاك ومقاومة الهواء، وهما العاملان اللذان قد يتسببا في إضعاف قدرة الاندفاع المطلوبة. ولأنّ الحجرات ترحل داخل أنبوب، فهي ليست معرّضة للتوقف عن العمل بسبب الظروف المناخية الخارجية الصعبة، كالثلوج أو الدوامات القطبية.
في الماضي، رأينا هذه الفكرة تُطبّق في سيناريوهات معيّنة؛ حيث اعتادت المكتبات على إرسال طلبات الكتب إلى المخازن في أنابيب هوائية؛ وحتى عام 1984 تولّت شبكة مشابهة توزيع الرسائل في أرجاء باريس؛ كما عملت شبكة من الأنابيب المبنية تحت الأرض مرة على توزيع البريد بين منهاتن وبروكلين.
كما وفّرت التجارب السابقة لهذه الفكرة نقل البشر؛ حيث تولّى أحد خطوط قطار أنفاق شبيه في نيويورك، نقل الركّاب على مدار ثلاث سنوات. ففي عام 1870 بدأ نظام «بيتش بنوماتيك ترانزيت» الذي سمِّي تيمّناً بمطوّره، بتشغيل كبسولة لنقل الركاب تتحرّك بواسطة الطاقة الهوائية أسفل برودواي في مانهاتن، من شارع وارن إلى شارع موراي.

- اختبارات جريئة
وكانت شركة «فيرجن هايبرلوب وان» في لوس أنجليس، قد بدأت باختبار نظامها عام 2017، وهي اليوم تشغّله بسكة تجريبية كاملة. يقابل «فيرجن هايبرلوب وان» شركات منافسة في هذا المجال، أهمها «هايبرلوب ترانسبورتيشن تكنولوجيز» في لوس أنجليس أيضاً، و«ترانس بود» في تورونتو، ومن المتوقع أن تبنيا سككهما التجريبية هذا العام. وتعتمد كلتا الشركتين المنافستين حتى اليوم في عملهما على نظم المحاكاة الكومبيوترية.
في الصحراء القاحلة التي تبعد 35 ميلاً (56.3 كيلومتر) شمال لاس فيغاس ستريب، استخدم أنبوب «فيرجن» الذي تبلغ أبعاده 1640 قدماً طولاً و11 قدماً ارتفاعاً، لمئات التشغيلات، مع حجرة فارغة تحركه بسرعة أكبر تصل إلى 386 كيلومتراً في الساعة في الاختبار الواحد. ولكنّ الخطط تشير إلى أنّ سرعة الحجرات المسافرة في النظام التجاري من هذا الأنبوب الموجه للاستعمال، ستصل إلى 820 كيلومتراً في الساعة، مع احتمال ارتفاعها إلى 1078 كيلومتراً في الساعة.
وكشف إسماعيل بابور، أحد المهندسين المدنيين العاملين في الشركة، أنّه ولتفادي التسبب بدوار الحركة لدى الركّاب، لن يبلغ القطار سرعته القصوى قبل مضي ثلاث دقائق على انطلاقه، وسيسافر لمسافة تقارب الـ10 كيلومترات قبل الدوران بزاوية 90 درجة.
ولفت بابور إلى أنّ معدّل إقلاعه البطيء: «سيشعر الركّاب بـ30 إلى 40 في المائة فقط من السرعة، مقارنة بالطائرة العادية، مضيفاً أنّ الرحلة في هذا القطار ستكون هادئة، وأن «كوب القهوة لن ينزلق حتى ولو كانت السرعة تصل إلى 966 كيلومتراً في الساعة».

- خطط عالمية
جمعت كلّ واحدة من الشركات الثلاث عشرات ومئات ملايين الدولارات، ووضعت مقاربتها الخاصة الحاصلة على براءة اختراع للنقل العام للمسافات الطويلة.
وقّعت شركة «ترانس بود» برأس مال 52 مليون دولار، اتفاقات أولية تقضي ببناء سكة تجريبية بطول 9.6 كيلومتر لطريق ستمتدّ أخيراً بين منطقتي كالغاري وإدمونتون في ألبرتا، إلى جانب سكّة أقصر بالقرب من ليموج في فرنسا، لواحدة من طرق فرنسية كثيرة لا تزال قيد الدراسة.
أمّا شركة «هايبرلوب ترانسبورتيشن تكنولوجيز» التي جمعت ما يقارب 42 مليون دولار، فلا تزال في مرحلة تصميم سكة تجريبية يصل طولها إلى كيلومتر واحد في أبوظبي، وتحضّر لبناء سكة أخرى تجريبية بطول 0.3 كيلومتر في تولوز بفرنسا.
وبالنسبة لـ«فيرجن هايبرلوب وان»، التي جمعت نحو 295 مليون دولار، فتعمل على تطوير مشروعات في الهند وأوهايو. وكانت ولاية مهاراشترا الهندية قد أعلنت الشهر الماضي أن الشركة اقترحت بناء نظام «هايبرلوب» بين مدينتي بيون ومومباي، كجزء من بنيتهما التحتية. وكشف جاي والدر، الرئيس التنفيذي للشركة، لوسائل الإعلام الأميركية، أنّ بناء سكّة بطول 11.2 كيلومتر قد ينطلق هذا العام.
ومن المتوقّع أن يبصر نقل الركّاب في هذه الحجرات النور في منتصف العقد المقبل، ليقلّص وقت السفر بين المدن إلى 30 دقيقة، أي خمس المدّة التي يتطلّبها السفر حالياً.
وقال ويليام موردوك، المدير التنفيذي لهيئة «ميد - أوهايو» الإقليمية للتخطيط، وهي وكالة حكومية غير ربحية معنية بالنقل: «كلّما رأينا مزيداً من هذه التقنية، فسنشعر أنها مقنعة أكثر». بدورها، تعمل شركة «فيرجن هايبرلوب وان» على تطوير نظام مقترح يصل شيكاغو وكولومبوس وبيتسبرغ.
وأضاف موردوك الذي يأمل إتمام بناء طريق «هايبرلوب» في السنوات العشر القادمة: «تعتبر كولومبوس مركزاً للشحن اللوجستي، ولا شكّ أنّ الانتقال بسرعة بين شيكاغو وبيتسبرغ سيكون أمراً رائعاً».
وتؤكّد الشركات الثلاث على أنّ مزايا الطاقة التي تتميّز بها أنظمة النقل هذه ستتيح لها الحلول مكان القطارات التقليدية، بعد عقد واحد من السنين بعد إطلاقها؛ إذ لن يكون بمقدور مستخدمي القطار الانتقال من مكان إلى آخر بسرعة فحسب؛ بل سيتمكنون أيضاً وبفضل هذا التنقل السريع من أن يعيشوا براحة بعيداً عن أماكن عملهم، وأن يحظوا بفرصة الحصول على الخدمات التعليمية والثقافية والصحية البعيدة بشكل طبيعي.

- رؤية مستقبلية
يتوقع مطوّرو «الهايبرلوب» أن تحمل الحجرات حمولات باهظة منخفضة الوزن إلى جانب الركّاب، مقدّمة بديلاً عن شركات الشحن التي تستخدم النقل الجوي العالي الكلفة، كـ«فيديكس» و«أمازون». علاوة على ذلك، يقولون إن منتجي السيارات وغيرهم ممن يعتمدون على توصيل القطع سلفاً لضمان انخفاض تكاليف التخزين، سيصبحون قادرين على الحصول على هذه القطع من أماكن بعيدة.
على الرغم من أنّ هذه الرؤى المستقبلية لا تزال في عداد الأحلام البعيدة، نجحت شركات مشروعات «الهايبرلوب» في جذب مواهب مهمّة وبلديات مدن متحمّسة للعمل معها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ السيّد والدر، مدير «فيرجن هايبرلوب وان» التنفيذي، كان قد تولّى رئاسة هيئة قطارات النقل في نيويورك، وسأل والدر برانسون عندما تولّى رئاسة «فيرجن هايبرلوب وان» العام الماضي، عما إذا كان لا يزال ملتزماً بإتمام هذا المشروع. وقال والدر: «لم يكن ملتزماً فحسب، ولكنّه اعتبر أن هذا المشروع هو من أكثر الأمور التي فعلها في حياته أهمية».
تعتمد تقنيات «هايبرلوب» للنقل اليوم على مقاربات كليّة؛ بحيث إنها تسعى إلى إعادة ابتكار وسيلة للنقل إلى جانب وضع طريقة لعمل الشركات، ووسيلة يمكن فيها ضمان تمويل مستدام لهذه المشروعات.
ومن الاختلافات الأخرى التي سينطوي عليها هذا النظام هي تجربة الركاب. إذ إنّ ضمان السلامة الهيكلية للأنبوب المفرغ، يتطلّب تصميمه دون نوافذ.
وقال سيباستيان جيندرون، الرئيس التنفيذي لشركة «ترانس بود»: «لا شكّ في أنّ الناس سيصابون بالدوار والغثيان أثناء رؤيتهم للأشجار تمرّ بجانبهم بسرعة تقارب 966 كيلومتراً في الساعة».
وكخيار بديل، يسعى المطورون إلى تطبيق أفكار محاكاة مختلفة، يمكن عرضها على شاشات كبرى في قلب الحجرة. وقال جيندرون: «يمكننا ابتكار تأثير عميق عبر عرض فيديوهات». ويمكن حتى أن يصار إلى عرض أفلام. ويعتقد أن عرض الإعلانات وتوفير خدمات أخرى للمسافرين، من شأنه أن ينتج دخلاً إضافياً يشكّل دعماً لأسعار التذاكر.


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً