خسر المشهد الثقافي العربي أمس قامة أدبية برحيل الدكتور أبو بكر يوسف، الذي حصل بجدارة على لقب «شيخ المترجمين العرب»، بعد أن أمضى عشرات السنين من عمره في ترجمة روائع الأدب الروسي، من شعر ونثر وروايات لكبار الأدباء والكتاب الروس، أظهر فيها براعة غير عادية في نقل روح النص بأسلوب لا يقل شأنا من الناحية الأدبية عن النص الأصل. منذ الستينات في القرن الماضي عمل أبو بكر يوسف على ترجمة كنوز أدبية تركها عظماء الأدب الروسي، منها مؤلفات مختارة لأنطون تشيخوف، وبعض أعمال الشاعر الروسي ألكسندر بوشكين، والروائي ميخائيل ليرمنتوف، فضلا عن أعمال لغوغول مكسيم غوركيوميخائيل شولوخوف، وغيرهم.
درس أبو بكر يوسف أبو بكر في مدرسة الإسماعيلية الابتدائية، وأنهى تلك المرحلة عام 1955 متفوقا على أقرانه، وتم إيفاده مع مجموعة من الطلاب المتفوقين من مختلف المدن المصرية لدراسة المرحلة الثانوية في مدرسة المعادي. وأنهى دراسته فيها عام 1958، بتفوق واحتل المرتبة الخامسة في القسم الأدبي على مستوى مصر. وكان ذلك النجاح نقطة تحول في حياة الشاب أبو بكر، الذي تم اختياره مع متفوقين آخرين للإيفاد إلى روسيا ومتابعة الدراسة هناك. وكان الوحيد من دفعته الذي تم إيفاده بتخصص اللغة الروسية. عام 1959 بدأ دراسته في جامعة موسكو الحكومية، ومن قاعات تلك الجامعة دخل أبو بكر بقوة إلى عالم الأدب الروسي وتتلمذ على أيدي مجموعة من كبار ومشاهير الأساتذة الجامعيين في روسيا، خلال تلك المرحلة. حصل على شهادة الدكتوراه في الأدب الروسي وقرر البقاء في موسكو والتفرغ للعمل الترجمي في دار (بروغريس - التقدم) السوفياتية للنشر، ومن ثم في شقيقتها دار نشر (رادوغا).
بدأ الترجمة منذ مطلع الستينات من القرن الماضي، وبينما كان طالبا جامعياً، عكف أبو بكر على ترجمة أعمال تشيخوف، وكانت البداية من قصة «السيدة صاحبة الكلب». لكن بعد إنجاز النص، وجد أن الترجمة ليست على ما يرام، وثمة نقص فيها.
حينها توقف عن ترجمة أعمال تشيخوف، ولم يعد إليها إلا بعد عقدين من الزمن، بعد أن تمرس بما فيه الكفاية، وبالقدر الذي يسمح له بالعودة إلى «أعمال تشيخوف». لذلك، ورغم ترجمته عشرات الأعمال في الشعر والرواية لعظماء الأدب الروس، إلا أن مسيرة أبو بكر يوسف ارتبطت إلى حد بعيد بأعمال تشيخوف، فقدم أبو بكر للقارئ العربي مؤلفات مختارة لتشيخوف بأربعة أجزاء، تبقى حتى يومنا هذا أفضل ترجمة لمؤلفات تشيخوف إلى العربية.
في حوار معه نشرته صحيفة «روز اليوسف» المصرية عام 2010.
اشتكى «شيخ المترجمين العرب» في روسيا، من تدني مستوى تدريس الأدب الكلاسيكي في المدارس الروسية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، قائلاً: «كان تلميذ المدارس الروسية الابتدائية والثانوية يدرس نماذج كثيرة من الأدب الكلاسيكي، لكنه اليوم لم يعد بتلك القوة السابقة، المبدعون أنفسهم قلوا»، وذكر في اللقاء نفسه أن حركة الترجمة انهارت مع انهيار الاتحاد السوفياتي، واختفت دور النشر التي تنشر بالعربية، وذكر أن سبب مصاعب الحياة، لافتاً إلى أن «الترجمة ما بتوكلش عيش الآن»، وعبر عن حزنه لذلك، وقال: إني حزين لا أملك حيلة ولو استمر الوضع على حاله كما كان في الاتحاد السوفياتي، لكنت قد أتممت ترجمة تشيخوف كاملاً.
أبو بكر يوسف يرحل قبل تحقيق حلمه مع تشيخوف
أغنى المكتبات العربية بأمهات في الأدب الروسي
أبو بكر يوسف يرحل قبل تحقيق حلمه مع تشيخوف
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة