سياسيون تونسيون يلوّحون بتغيير الحلفاء رداً على الأزمة مع السبسي

TT

سياسيون تونسيون يلوّحون بتغيير الحلفاء رداً على الأزمة مع السبسي

نظم زعماء الأحزاب الثلاثة التي حكمت تونس في مرحلة ما قبل انتخابات 2014، تحركاً سياسياً مشتركاً، هو الأول من نوعه منذ 5 أعوام، وحاضر فيه منصف المرزوقي الرئيس السابق للجمهورية، ورئيس البرلمان مصطفى بن جعفر، ورئيس الحكومة السابق علي العريض، والمقرر العام للدستور البرلماني الحبيب خضر.
كما حضر هذا الحدث السياسي الاستثنائي زعماء سياسيون بارزون، أبرزهم رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، وأمين عام حزب التكتل الوزير خليل زاوية، وعدد كبير من أعضاء البرلمان والمحامين والوزراء السابقين وكبار أطر الدولة، بينهم رموز من معارضي التوافق السياسي.
وحاول الرؤساء الثلاثة وبقية المتدخلين خلال أعمال الملتقى، التركيز على الحديث عن الدستور، الذي أنجز في عهدهم قبل 5 أعوام، والذي صفق له غالبية التونسيين ورؤساء أميركا والدول الغربية، نظراً لصبغته التحررية، وتوفيقه بين قيم الحداثة والمرجعيات العربية الإسلامية، حسب جل المراقبين. ووجهوا عبر مداخلاتهم «رسائل متنوعة إلى الأطراف السياسية الحالية»، أهمها عدم استبعاد سيناريو «عودة حلفاء الأمس» إلى الشراكة، رداً على القطيعة الجارية بين رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي وقيادة حركة النهضة من جهة، ورداً أيضاً على تصعيد رموز النظام السابق ووسائل الإعلام لهجتهم ضدها من جهة أخرى.
ويبدو هذا التحرك السياسي الأول من نوعه، حسب بعض المحللين، تلويحاً من قبل قيادات حزب النهضة، وبعض معارضيه الحاليين بتغيير تحالفاتهم السياسية، استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام الحالي. ورغم تأكيد بعض قيادات حركة النهضة، بينهم رئيس كتلتها البرلمانية الوزير السابق نور الدين البحيري، تمسكها بالشراكة السياسية مع رئيس الجمهورية قائد السبسي، والتحالف مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد، فإن تنظيم تحرك كبير بحضور الرؤساء السابقين وأنصارهم، يوحي بأن تغيير التحالفات بات وارداً.
ويأتي توجيه هذه الرسائل إلى أنصار حزبي قائد السبسي والشاهد، رداً على انتقاد بعض رموز النظام السابق وأحزابهم لحركة النهضة، وهي الانتقادات التي وصلت إلى درجة رفع قضايا لدى المحاكم للمطالبة بمنعها، وسجن عدد من رموزها بتهم خطيرة، من بينها الضلوع في العنف والإرهاب.
وفي الوقت الذي أعلن فيه الوزير السابق عبد الكريم الهاروني، رئيس مجلس شورى حركة النهضة، أن المجلس قرر مشاركة الحركة في الانتخابات الرئاسية «عبر شخصية من داخلها أو من خارجها»، تبدو العودة إلى التنسيق العلني مع الرئيس السابق المنصف المرزوقي، وأيضاً مع رئيس البرلمان السابق مصطفى بن جعفر «رمزية جداً» في هذه المرحلة.
وكان المرزوقي قد ترشح للانتخابات الرئاسية الماضية، وحصل في الدورة الثانية على 45 في المائة من الأصوات، بفضل دعم تيار عريض من أنصار النهضة له، رغم إعلان رئيسها راشد الغنوشي أنه صوت لحليفه الجديد الباجي قائد السبسي، زعيم حزب النداء. وفي هذا السياق، كشفت استطلاعات جديدة للرأي أن المرزوقي يمكن أن يكون من بين أبرز الشخصيات، التي تملك حظوظاً في حال ترشحها للانتخابات المقبلة.
في غضون ذلك، عاد اسم مصطفى بن جعفر، وهو حقوقي بارز وأحد زعماء المعارضة اليسارية المعتدلة في عهد بن علي، إلى تصدر أحاديث كواليس السياسيين، خصوصاً بعد أن استقال من مسؤولياته الحزبية، وأصبح بالنسبة لكثير من معارضي الباجي قائد السبسي، وحزب يوسف الشاهد، من بين المرشحين الافتراضيين للرئاسة، وذلك لعدة أسباب؛ أبرزها اعتدال مواقفه عندما كان معارضاً لحكم بن علي، ثم رئيساً للبرلمان، إلى جانب تحمله مسؤوليات في حزب الرئيس الحبيب بورقيبة عندما كان طالباً.
لكن رغم هذا التحرك الاستثنائي الذي أشرف عليه الرؤساء الثلاثة السابقون، يبقى السؤال المطروح هو: هل تنجح قيادات «الترويكا» السابقة في بناء تحالف جديد يقوي حظوظها في الانتخابات المقبلة؟ أم أنه مجرد ورقة ضغط سياسي على قائد السبسي ويوسف الشاهد وحزبيهما؟



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.