العامل الأفغاني يزيد من التوترات التاريخية بين إسلام آباد ونيودلهي

العامل الأفغاني يزيد من التوترات التاريخية بين إسلام آباد ونيودلهي
TT

العامل الأفغاني يزيد من التوترات التاريخية بين إسلام آباد ونيودلهي

العامل الأفغاني يزيد من التوترات التاريخية بين إسلام آباد ونيودلهي

مع مرور كل يوم تتكشف فواجع جديدة فيما يتعلق بالهجمة الإرهابية الأخيرة في بولواما، تلك الهجمة التي أسفرت عن مصرع 49 فرداً من قوات الأمن الهندية، كما أماطت اللثام عن أسلوب جديد لعمل الإرهابيين في إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان.
فوفق إس بي باني، رئيس الشرطة في كشمير، فإن المدعو عادل أحمد دار، المهاجم الانتحاري الكشميري البالغ من العمر 20 عاماً، الذي انطلق بسيارة مفخخة بشحنة كبيرة من المتفجرات إلى قافلة قوات الأمن الهندية، كان قد تلقّى تدريباته الإرهابية على أيدي المتطرفين السابقين في الحرب الأفغانية.
وكان غازي رشيد وكامران، الأعضاء في جماعة «جيش محمد» الإرهابية الباكستانية، من بين 15 إرهابياً آخرين نجحوا في التسلُّل إلى الهند عبر الحدود المشتركة في إقليم جامو وكشمير في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. وأفادت سلطات التحقيق بأن غازي رشيد، البالغ من العمر 32 عاماً، هو من خبراء العبوات الناسفة، ومن أوثق رجال جماعة «جيش محمد» لدى زعيمها مسعود أزهر. وكان مسعود أزهر قد أمره بالذهاب إلى كشمير للانتقام من مقتل أبناء شقيقه عمر خالد، وهو من أبرز رجال الجماعة الإرهابية الذي ساعد في إنشاء قاعدة الجماعة في المنطقة، ولقي مصرعه، العام الماضي. والآخر هو طلحة رشيد الذي لقي مصرعه هو الآخر في مواجهة مع قوات الأمن الهندية.
يقول الجنرال المتقاعد فينود بهاتيا، وهو المدير السابق للعمليات العسكرية بالجيش الهندي: «كان الشاب الذي نفذ الهجوم، ليس إلا قائد الشاحنة المفخخة. ولم يكن الهجوم خبط عشواء بل كان مخططاً له من قبل، ووضع له سيناريو محدداً باستخدام عناصر جماعة جيش محمد في التنفيذ». ويمكن استمالة السكان المحليين عبر مزيج منتقى من الأفكار والدعاوى الآيديولوجية المتطرفة والوعود البراقة بالأموال الكثيرة إلى أسرهم، على نحو ما قال الجنرال بهاتيا الذي يرأس حالياً مركزاً لأبحاث دراسات الحرب المشتركة في الهند.
وبعد ساعات من إعلان جيش محمد أن عادل أحمد دار هو من عناصر الجماعة، ظهر شريط فيديو آخر يظهر فيه المدعو عادل دار يحمل بنادق أمام راية الجماعة الإرهابية. وفي فيديو سابق التسجيل نشرته الجماعة أعلنت فيه مسؤوليتها المباشرة عن الهجوم، بدا أن الشاب الكشميري الذي كان يقود السيارة المفخخة يشير إلى أنه استلهم نجاح العملية من انتصارات حركة «طالبان» المتمردة على القوات الأميركية في أفغانستان.
وفي الأثناء ذاتها، كشفت التحقيقات أن خبير المتفجرات بجماعة جيش محمد قد تمكن من التسلل عبر الحدود والوصول إلى مدينة مظفر آباد عاصمة إقليم أزاد كشمير الباكستاني، وذلك بعد إعادة تجميع السيارة المفخخة، التي جرى تفجيرها في حافلة قوات الأمن الهندية بعد ذلك. وكان عادل دار قد استلهم تلك العملية من خطوة اتخذها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إثر إعلانه انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، مما يتيح لحركة «طالبان» المتمردة المساحة المفتوحة، والحرية، والشعور بالانتصار.
ويعتبر غازي رشيد من أقرب رجال الجماعة من زعيمها مسعود أزهر وأحد أوثق قادة «جيش محمد»، وكان قد انضم إلى الجماعة في عام 2008. وعاد من إقليم وزيرستان الباكستاني الشمالي في عام 2010، وظل يعمل في مهام تدريب عناصر الجماعة في الجانب الباكستاني من كشمير منذ ذلك الحين. ويسيطر غازي رشيد على جميع عمليات جماعة «جيش محمد» في الهند، ويُعتقد بأنه يختبئ في جنوب إقليم كشمير. وكانت الجماعة قد استطاعت تكوين شبكة قوية من العناصر الموالية في جنوب كشمير خلال السنوات الأخيرة، بما في ذلك بعض العناصر المحليين.
وقال كانوال سيبال وزير الخارجية الهندي الأسبق معلقاً: «ترتبط جماعة (جيش محمد)، التي تقف وراء هجوم بولواما الأخير، بصلات وثيقة مع حركة (طالبان) الأفغانية. وإعلان جماعة (جيش محمد) عن مسؤوليتها عن الهجوم يشير إلى إحساسها بقدر من الحصانة، وهو أمر ممكن فقط في حالة توافر الحماية من جهاز الاستخبارات العسكرية الباكستانية. ومع استعادة باكستان لبعض الزخم الدولي عبر تيسير إجراء المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة (طالبان) الأفغانية، فإنه من المرجَّح أنها ترى نافذة تمارس من خلالها الضغط على الهند عبر شنّ العمليات الإرهابية، وإن أخفقنا في الرد بقوة على هجوم بولواما الآن، فسوف نواجه أوقاتاً عصيبة للغاية في المستقبل المنظور».
وجاء في تقرير قناة «ريبابليك تي في» الإخبارية ما يفيد بأنه «كانت جماعة (جيش محمد) تخطط لتنفيذ هجوم كبير بناء على التعليمات التي صدرت من مسعود أزهر زعيم الجماعة التي تتخذ مقرها في باكستان»، وعرضت القناة التلفزيونية ملصقاً ظهر في إحدى مسيرات جماعة جيش محمد في باكستان كان مكتوباً فيه: «لقد أرسلنا 5 رجال إلى الوادي (يقصد وادي كشمير) ومن بينهم عبد الرشيد غازي».

المعضلة الأفغانية
تُعدّ التطورات الأفغانية الأخيرة على الصعيد السياسي من دواعي القلق الأخرى فيما يتصل بقضية كشمير. ففي عام 1989، مع مغادرة القوات السوفياتية أراضي أفغانستان، شهد إقليم كشمير أول موجة من المجاهدين الأفغان تطأ بأقدامها أراضي الإقليم مع التدريب والتجهيز الأميركي، بغية طرد القوات السوفياتية من هناك. ودخلت الخطة «كيه 2 – خطة كشمير خالستان» التي صاغها قائد الجيش الباكستاني آنذاك، الجنرال ضياء الحق، الذي تولى رئاسة البلاد لاحقاً، حيز التنفيذ، وتمّت مطاردة المجرمين وقطّاع الطرق في كشمير عبر أرجاء الوادي الفسيح إثر عمليات القتل العشوائية التي طالتهم. وكان إقليم البنجاب، في تلك الأثناء، يستعر فيه أتون النيران المشتعلة.
وفيما بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) على الولايات المتحدة، تغيرت الأمور والأوضاع تماماً، فلقد تحولت الجماعات المتطرفة القابعة في أفغانستان إلى قتال القوات الأميركية وحلفائها. ومع ذلك، ومع حلول عام 2019، كان التغيير على قدم وساق، إذ قررت القوات الأجنبية الغربية سحب قواتها من البلاد، وصدر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في الولايات المتحدة ما يفيد بأن «الانسحاب السريع المفاجئ لقواتنا المسلحة، مع توقف الدعم المالي الذي نقدمه للجيش الحكومي الأفغاني، فضلاً عن المساعدات الخارجية الأخرى، سوف يسفر عن كارثة أخلاقية عارمة للولايات المتحدة الأميركية تتبعها كوارث استراتيجية تشكّل في مجموعها نكسة محققةً للسياسات الخارجية الأميركية».
وحذر الجنرال الهندي المتقاعد سانجاي كولكارني من أنه إذا تمت الولايات المتحدة انسحاب قواتها من أفغانستان، فسوف ترغب باكستان من حركة «طالبان» توجيه أسلحتها صوب الهند. ويقدر الخبراء وجود ما يقارب 45 ألفاً من المقاتلين المدربين على أراضي أفغانستان. ويخشى الجنرال بهاتيا اندفاعاً برياً صوب كشمير كمثل الذي شهده عام 1989، والهند لا تشعر بالارتياح للأمر على أدنى تقدير ممكن.

من هو زعيم جماعة «جيش محمد» الباكستانية المتطرفة؟
لا يُعد مسعود أزهر، زعيم جماعة «جيش محمد»، شخصية غريبة على الهند؛ فلقد سافر إلى الهند من قبل مستخدماً جواز سفر برتغالياً في تسعينات القرن الماضي، وألقت قوات الأمن الهندية القبض عليه وقتذاك.
ثم أُطلق سراح مسعود أزهر من سجن جامو في مبادلة للمسافرين من رحلة الخطوط الجوية الهندية «814» المختطفة في عام 1999 في محافظة قندهار الأفغانية. كما نفذت تلك الجماعة الإرهابية عدة هجمات، من بينها الهجوم على قاعدة باثانكوت الجوية الهندية في يناير (كانون الثاني) من عام 2016، ثم الهجوم على معسكر يوري للجيش الهندي في سبتمبر من عام 2016، وتبعه الهجوم على معسكر ناغروتا للجيش الهندي في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016 كذلك.



الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.