أنقرة تواصل اتصالاتها مع واشنطن وموسكو حول الملف السوري

تقارير عن رغبة 15 ألفاً من «هيئة تحرير الشام» في الانضمام إلى فصيل تدعمه تركيا

رجل يتفحص آثار دمار بعد تفجير انتحاري أمس في مطعم بمدينة إدلب التي تسيطر عليها {هيئة تحرير الشام} (أ.ف.ب)
رجل يتفحص آثار دمار بعد تفجير انتحاري أمس في مطعم بمدينة إدلب التي تسيطر عليها {هيئة تحرير الشام} (أ.ف.ب)
TT

أنقرة تواصل اتصالاتها مع واشنطن وموسكو حول الملف السوري

رجل يتفحص آثار دمار بعد تفجير انتحاري أمس في مطعم بمدينة إدلب التي تسيطر عليها {هيئة تحرير الشام} (أ.ف.ب)
رجل يتفحص آثار دمار بعد تفجير انتحاري أمس في مطعم بمدينة إدلب التي تسيطر عليها {هيئة تحرير الشام} (أ.ف.ب)

واصلت تركيا اتصالاتها مع كل من واشنطن وموسكو حول الوضع في سوريا والانسحاب الأميركي والمنطقة الآمنة المزمع إقامتها في شرق الفرات والتي ترغب تركيا في أن تكون السيطرة عليها لها وحدها.
وفي هذا الإطار، أجرى وزير الدفاع التركي خلوصي أكار اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان لبحث آخر التطورات في سوريا، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الدفاع التركية. وأوضح البيان أن الاتصال بين الوزيرين جرى ليلة الخميس - الجمعة، وتم خلاله بحث آخر التطورات في سوريا، وسحب واشنطن قواتها منها، والمنطقة الآمنة، وتنفيذ اتفاق خريطة الطريق في منبج.
والأسبوع الماضي، التقى الوزيران الأميركي والتركي بالإضافة إلى رئيسي أركان البلدين في واشنطن والأسبوع الماضي، وتناولت المباحثات خطة الانسحاب الأميركي من سوريا والمنطقة الآمنة ومنبج.
وعشية الاجتماع أجرى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالاً هاتفياً بنظيره الأميركي دونالد ترمب لمناقشة الملف السوري. وأعلن ترمب الأسبوع الماضي أن القوات الأميركية ستنسحب من سوريا، لكنه أشار إلى إمكانية الإبقاء على 400 من عناصرها، 200 منهم في المنطقة الآمنة المقترحة.
في السياق ذاته، أجرى وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اتصالاً بنظيره الروسي سيرغي لافروف لبحث الملف السوري. وكان لافروف تحدث الثلاثاء الماضي عن إقامة منطقة عازلة على الحدود التركية - السورية وإمكانية نشر عناصر من الشرطة العسكرية الروسية فيها بالتنسيق مع دمشق، داعياً أيضا إلى مراعاة حقوق الأكراد. وأشار إلى أن بلاده لا تنظر إلى القوات الكردية على أنها تنظيم إرهابي. واعتبر الرئيس التركي إردوغان أن لافروف خانه التعبير باستخدام تعبير «القوات الكردية».
في سياق متصل، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «وحدات الشعب الكردية» غالبية قوامها، شددت الإجراءات على الحواجز الممتدة من منبج إلى الحدود السورية – العراقية للتصدي لعمليات تهريب عناصر من تنظيم داعش الإرهابي نحو تركيا.
وذكر «المرصد» أن قوات «سوريا الديمقراطية» نشرت عناصر من شرطتها العسكرية على أغلب حواجزها في منطقة شرق الفرات ومنطقة منبج عند الضفاف الغربية لنهر الفرات، وبالأخص تلك المنتشرة على الطرق الواصلة من دير الزور ومزارع الباغوز إلى منبج ومناطق سيطرة قوات عملية «درع الفرات» في القطاع الشمالي الشرقي من ريف حلب.
وأشار «المرصد» إلى أنه حصل على معلومات من عدد من المصادر الموثوقة عن عمليات نقل متواصلة لعناصر تنظيم داعش من مناطق ًوجوده في ريف دير الزور، وصولا إلى مناطق سيطرة قوات عملية «درع الفرات» المدعومة من تركيا.
وقالت المصادر إن عدد العائلات التي خرجت من المزارع التي يوجد فيها التنظيم بين منطقة الباغوز ومناطق سيطرة قوات عملية «درع الفرات» في الريف الشمالي الشرقي لحلب، وصل لأكثر من 142 عائلة. وأكدت أن عناصر «داعش» المتجهين إلى تركيا يحملون مبالغ مالية ضخمة، وأن عمليات التهريب تشمل أيضا الآثار.
على صعيد آخر، ذكرت تقارير صحافية تركية أن ما يقرب من 15 ألف مقاتل من «هيئة تحرير الشام» (التي تشكل «جبهة النصرة» سابقاً غالبية قوامها)، من أصل نحو 20 ألفاً، يرغبون في الانضمام إلى فصيل «الجيش الوطني»، القوة التي أنشأتها تركيا في محاولة لتوحيد المعارضة في شمال غربي سوريا.
وذكرت التقارير أن أنقرة تعمل على التمييز بين ما تعتبره عناصر معتدلة ضمن «الهيئة» وأخرى متشددة في إطار صيغة لإقناع موسكو بالعدول عن القيام بعملية عسكرية موسعة في إدلب.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.