«جمعة غضب» في الجزائر احتجاجاً على سعي بوتفليقة إلى ولاية خامسة

جرحى وحالات إغماء بعد استخدام قوات الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
TT

«جمعة غضب» في الجزائر احتجاجاً على سعي بوتفليقة إلى ولاية خامسة

جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)
جانب من الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة الجزائرية أمس (أ.ب)

جابت حشود غفيرة من المواطنين الجزائريين، أمس، كل مدن البلاد، وصاحت بصوت عال موحد: «لا لعهدة خامسة»، و«الجزائر أكبر من الرئيس بوتفليقة»، وذلك في ثاني أكبر موعد سياسي يضربه الجزائريون عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية للتعبير عن حالة غير مسبوقة من السخط في «جمعة الغضب».
وشهدت المظاهرات مشاركة رموز من ثورة التحرير، ومن المجتمع عامة، وعرفت وجوداً كبيراً للنساء، فيما أظهرت قوات الأمن حرصاً شديداً على منع المتظاهرين من بلوغ المباني والمقار الحكومية، خصوصاً المباني الأمنية.
وقبل احتجاجات الجمعة، كان كل شيء يوحي بأن المظاهرات ستكون ضخمة في كل الولايات، غير أن رهان المتظاهرين على العاصمة كان أكبر، لأن السلطات ظلت لنحو 20 سنة تمنع المظاهرات فيها بذريعة «الانزلاق الأمني». وكلما حاول حزب أو تنظيم مهني الخروج إلى الشارع لرفع مطالب اجتماعية وسياسية ومهنية، لوحت الحكومة في وجهه بـ«فزاعة الإرهاب».
وهكذا، فقد تمكن سكان العاصمة من خلال مسيرات أمس من كسر حاجز نفسي كبير كتم على أنفاسهم لسنوات طويلة، وذلك للمرة الثانية في ظرف أسبوع واحد فقط.
وقبل صلاة الجمعة، شهدت مدينتا غرداية وتيارات، وبلدة بني ورتيلان بولاية سطيف، وبلدة مشدالة بولاية البويرة، مظاهرات تطالب برحيل بوتفليقة ونظامه، وتعطلت خدمات الإنترنت بشكل كبير، تزامناً مع انطلاق المظاهرات بعد صلاة الجمعة.
وفي العاصمة، تدفقت سيول بشرية جارفة على «ساحة أول مايو» و«البريد المركزي» و«ساحة موريس أودان»، وهي أماكن عامة كانت قبل سنوات طويلة رموزاً للاحتجاج الشعبي، وقد استرجعت «جمهورها» أخيراً. وأطلقت قوات الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في ساحة أول مايو، مما أسفر عن جرح بعض المحتجين، وحدوث حالات إغماء بين المتظاهرين. كما شوهد رجل الأعمال الملياردير يسعد ربراب وسط المتظاهرين وهو يطالب بـ«قطيعة مع أساليب النظام البالية»، علماً بأن ربراب يواجه مشاكل كبيرة مع الحكومة التي يتهمها بـ«عرقلة مشروعاته»، ويعتبر نفسه «مستثمراً عصياً على النظام»، وهو نقيض رجل الأعمال الكبير علي حداد المعروف بولائه الشديد للرئيس بوتفليقة.
وتلقى رجال الأمن تعليمات صارمة للحيلولة دون مغادرة المتظاهرين الساحات العامة. وكانت خطة السلطات واضحة، وهي إتاحة الفرصة للمحتجين للتعبير عن مطالبهم في الأماكن التي يوجدون فيها، مع الحرص على منعهم من السير حتى لا تكبر المظاهرة وتصبح ككرة ثلج ويصعب احتوائها. غير أن رجال الأمن لم يتمكنوا من تنفيذ هذه الخطة، بسبب كثرة أعداد المتظاهرين، وإصرارهم على المشي في الشوارع الرئيسية للعاصمة، حيث توجد مكاتب كل الوزراء الذين ظلوا بداخلها يتابعون أطوار الحدث الكبير.
وقال إبراهيم عيسوان، من مدينة الحراش المجاورة، وهو بائع هواتف جوالة: «كان لزاماً أن أشارك أبناء بلدي هذا الحفل البهيج؛ لقد دقت ساعة رحيل هذا النظام، ولم يعد مقبولاً أن يختفوا وراء رجل مريض عاجز عن تسيير البلاد»، في إشارة إلى الرئيس وحاشيته.
أما راضية، وهي طالبة بجامعة العلوم والتكنولوجيا، فقالت مبتهجة: «جاء ردنا اليوم قوياً ضد أويحيى... يا أويحيى، الجزائر لن تكون أبداً سوريا؛ لن تسيل الدماء أبداً»، في إشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء، أول من أمس بالبرلمان، التي حذر فيها من «سيناريو سوري بالجزائر».
من جهته، قال سليم، وهو عضو نشط في الحزب اليساري «الحركة الديمقراطية والاجتماعية»: «رسالتنا لهم اليوم واضحة لا لبس فيها؛ نحن لا نطالب بإصلاحات سياسية عميقة، كما يزعمون، بل نريدهم أن يرحلوا عن الحكم. لم نعد نطيق رؤيتهم».
وبحسب تقارير صحافيين بوهران، كبرى ولايات الغرب الجزائري، فقد سار مئات الآلاف من الأشخاص في شوارع المدن الكبيرة، كوهران وسيدي بلعباس، وتلمسان القريبة من الحدود المغربية، وهي معقل بوتفليقة حيث يملك عدداً كبيراً من الأنصار. وجرت المظاهرات التي عرفها شرق البلاد في جو هادئ. كما شارك مئات الآلاف من سكان قسنطينة وعنابة وسطيف في مظاهرات كبيرة، رفعت خلالها شعارات معادية للرئيس بوتفليقة ومحيطه المباشر.
وخلال مظاهرات أمس، ترددت على ألسنة المتظاهرين بقوة «الفضيحة» التي تداولها الإعلام أول من أمس، التي تتمثل في محادثة تم تسريبها بين عبد المالك سلال، مدير حملة الرئيس، ورجل الأعمال حداد، والتي أظهرت مدى استعداد النظام لإطلاق النار على المتظاهرين. كما ظهر من المحادثة أن بوتفليقة سيودع ملف ترشحه بالمجلس الدستوري غداً (الأحد)، مهما كانت الظروف.
يشار إلى أن الرئيس يوجد بجنيف منذ أسبوع، حيث «تجرى له فحوصات طبية روتينية»، بحسب بيان للرئاسة. ومنذ أن قضى بوتفليقة 80 يوماً في باريس للعلاج عام 2013، إثر إصابته بجلطة دماغية، لم تتعد سفرياته الطبية إلى فرنسا وسويسرا لاحقاً 5 أيام على أكثر تقدير.
وكتب الفلسطيني وليد عبد الحي، أستاذ العلوم السياسية الذي عاش في الجزائر مدة طويلة ودرس في جامعاتها، عن أحداث أمس، فقال مخاطباً الرئيس: «بكل ما يمور من وجد في صدور كل عربي أو ثوري حر تجاه الجزائر، شعباً وثورة وتاريخاً ومواقف مشرفة مع كل قضية عادلة، وبكل ما أتحسسه في لا وعيي من هواجس ومخاوف تجاه الجزائر، بكل هذا أناشدك شخصياً أن تستجيب لنداء شعبك الصادق، وأن تصم آذانك عن (وشوشات) أسرى الكراسي، لكي تجنب بلدك العظيم جولة جديدة من العنف، على غرار ما جرى في حقبة التسعينات من القرن الماضي، التي كنت أنا قد تنبأت بها قبل سنين من وقوعها».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.