تعدّ لغة الجسد اتصالاً غير منطوق يُعبر عن الأفكار والمشاعر والانفعالات الإنسانية، ويُترجم ذلك إلى حركات وإيماءات بعينها، تتكامل مع الكلام المنطوق، ليمثّلا معاً الرّسالة المراد التّعبير عنها.
والرسالة البصرية التي يحملها معرض «لغة الجسد»، الذي يستضيفه مركز كرمة بن هانئ الثّقافي في متحف أحمد شوقي بالقاهرة، هي رسالة جماعية، ذات ذائقة جماليّة عالية المستوى، يكتب سطورها 35 فناناً في مجالات متنوعة، باتجاهات وتقنيات فنية متنوعة، ومن أجيال مختلفة، تحاول بخبراتها وموهبتها فكّ أسرار لغة الجسد.
ومثلما يمتلك كل جسد لغته الخاصة، يحاول المعرض قراءة شخصية الإنسان في محطات بعينها، أو كشف انفعالاته المستترة في لحظات أخرى كالفرح والحزن والحب والعاطفة والخوف.
وحسب شيماء حسن، مُنظمة المعرض ومسؤولة النّشاط الثّقافي في مركز كرمة بن هانئ الثقافي: «تحتوي جميع الأعمال المشاركة بمختلف مجالاتها وأساليبها على جسد الإنسان، فهي تنتمي لفن الجسد، إذ يعبّر كل فنان بأسلوبه الخاص عن الجسد الإنساني، على سبيل المثال عن طريق الحركة أو عن طريق اللون أو الخطوط أو التّعبيرات الموجودة في الوجه للتّعبير عن معنى معين، فلكل حركة مدلولها ولكلّ تعبير إشاراته ولكل إيماءة معناها».
وتضيف حسن لـ«الشرق الأوسط»: «يضم المعرض 70 عملاً فنياً، تتوزع بين أعمال التّصوير والنّحت، كونهما من أكثر الأعمال التي تُبرز لغة الجسد، فكل عمل فني يعبّر عن حالة شعورية معينة، وكذلك توجد لوحات تشير في مغزاها إلى مفهوم فلسفي، كلوحة (المولوية النسائية)، التي أشارك بها في المعرض». ولفتت إلى أن «أساس الفكرة قائم على لغة الجسد، المرأة تعبّر فيه عن حالة شعورية معينة من خلال أداء حركات من الرّقص الصوفي».
وإذا كان هناك احتفاء خاص بحركة الجسد، فإنّ أعمالاً أخرى في المعرض تُظهر جوانب وحالات تعبر عن السكون، أبرزها المجموعة التّجريدية للفنان أشرف رضا والفنان أيمن لطفي، حيث الأجساد النّابضة بالحياة، ولكنّها تظهر في حالة من السّكون والهدوء. ومن ناحية اللون يتدرّج التّعبير عن الانفعالات الإنسانية - مثل الحزن والفرح - بين الألوان الدّاكنة والنّارية.
ففي أعمال الفنان هشام مخلوف نجد جانباً من هذا الرّبط بين الألوان والانفعالات، حيث يميل بشكل أكبر إلى الاعتماد على القلم الجاف من خلال استخدام 4 ألوان، لتكون مريحة وهادئة وغير قاتمة. ويوضح: «أعمالي تميل للسريالية من خلال تبنّي أشياء من الواقع وتحريفها سواء بالإضافة أو الحذف، إلى أن أصل إلى النّتيجة المطلوبة للتّعبير عن لغة الجسد، فعلى سبيل المثال جسّدت هذه اللغة من خلال إبراز جسدين مترابطين أحدهما لرجل والآخر لامرأة، فالوجهان مترابطان والجسدان متلاحمان، بما يكشف أنّهما متصلان ببعضهما ومتناغمان».
أمّا الفنان وليم صفوت، فيعبّر من خلال 3 لوحات عن لغة الجسد، الذي لديه القدرة على التّعبير عن انفعالاته وحالاته النّفسية، ليس فقط من خلال لغة كلامية، ولكن من خلال الإيماءات والحركات، وكل لوحة نتيجة انفعال مع الأحداث الجارية. ويتابع: «توجد لوحتان تعبّران عن الحزن والخوف لدى فئة المهجرين وقت الحروب، حيث فقدان الوطن والمأوى، واللوحة الثالثة تعبر عن قضية إنسانية من نوع آخر بعنوان (الميراث)، وهي تحكي عن 4 شخوص في لحظة تشييع جثمان أبيهم، وكيفية تعامل كل منهم مع هذه اللحظة الإنسانية».
«الإنسان إنسان أينما كان، فجميعنا نعيش في كرة أرضية واحدة، لدينا تحدّيات ومشكلات ومصاعب شبيهة أينما كنّا في الشرق أو في الغرب»، هذا ما تؤمن به الفنانة الفلسطينية وفاء نشاشيبي، وهو ما ينعكس على أعمالها في المعرض. تقول: «أتحدث عادة في لوحاتي عن الإنسان بغض النّظر عن هويته أو شكله أو دينه، لذا شاركت بلوحات تعبيرية تجريدية، ومن دون ملامح يستطيع المتلقي التّعرف على الإنسان الموجود في اللوحة من خلال حركاته وانفعالاته، ومن خلال درجة وعي المتلقي وقراءة الخطوط يمكنه التّعرف على لغة الجسد التي يرغب الوصول إليها».
35 فناناً يكشفون أسرار لغة الجسد في معرض بالقاهرة
70 عملاً تتوزع بين التصوير والنحت
35 فناناً يكشفون أسرار لغة الجسد في معرض بالقاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة