كيف تحافظ على صحتك النفسية في العالم الافتراضي المثالي؟

يجب تجنب الانجذاب للمقارنات والتقييم على مواقع التواصل الاجتماعي

كيف تحافظ على صحتك النفسية في العالم الافتراضي المثالي؟
TT

كيف تحافظ على صحتك النفسية في العالم الافتراضي المثالي؟

كيف تحافظ على صحتك النفسية في العالم الافتراضي المثالي؟

ذات مرة قال الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت إن «المقارنة تسرق الفرح»، ولم يكن وقتها يعني بهذا القول موقع «إنستغرام».
والتدوينات على هذا الموقع الإلكتروني متنوعة؛ فهي حافلة بطرق إعداد وجبات غذائية تجعل لعابك يسيل من فرط شهيتها، وأيضاً بمناظر طبيعية رائعة في أماكن بعيدة، وصور شخصية تم التقاطها ذاتياً «سيلفي» تكشف عن وجوه تبدو على درجة عالية من الجمال، بحيث تجعلك إذا قارنت نفسك بها تشعر بأنك مجرد غول قبيح الطلعة.
وفي العالم الافتراضي الكائن على وسائل التواصل الاجتماعي الموازي لعالمنا الواقعي، تبدو حياة كل شخص آخر يستخدمها كأنها على درجة كبيرة من المثالية، ومع أنه ليس سراً أن معظم الصور المنشورة على هذه الوسائل ليست تلقائية، وإنما يتم إعدادها بشكل فني أو مصطنع، وأحياناً بإدخال تعديلات عليها بتطبيقات تقنية (ويتوقف ذلك على طريقة استخدام الشخص لوسائل التواصل الاجتماعي) فيمكن أن يكون لها تأثير سلبي على الصحة النفسية للمشاهد.
وفي هذا الصدد، تقول خبيرة الطب النفسي سونيا أوتس: «إن هذه الصور أكثر من أي شيء آخر تمثل نوعاً من الاستخدام السلبي، أي غير الصحي لمواقع التواصل الاجتماعي، الذي يمكن أن يؤدّي إلى سوء الحالة المزاجية للمستخدم».
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أنه ليست هناك فائدة من أن تقول لنفسك إنك لن تجري مقارنات بالآخرين، وتشير ورقة بحثية تم نشرها عام 2017، إلى وجود علاقة متبادلة سلبية بين الاستخدام السلبي لمواقع التواصل وحالة الشعور بالصحة والسعادة.
وتوضح أوتس قائلة إن «الأشخاص يظهرون دائماً في الغالب أفضل الجوانب في شخصياتهم على موقعَي (فيسبوك) و(إنستغرام) وغيرهما، وفي معظم الأحوال يجري المستخدمون السلبيون مقارنات متزايدة، أو يقارنون أنفسهم بأولئك الذين يرون أنهم أفضل منهم».
ويمكن أن تؤدي تلك المقارنات إلى شعور المستخدم بمستويات أدنى من احترام الذات والقيمة، وأيضاً بعدم الرضا عن أوضاع حياته الخاصة به.
ومن ناحية أخرى (وفقاً للورقة البحثية التي أعدها عدد من الباحثين) توجد علاقة متلازمة إيجابية بين الاستخدام النشط لشبكات التواصل الاجتماعي والشعور بالصحة والسعادة، وتقول أوتس: «بالتواصل مع أشخاص آخرين يمكنك أن تبدأ في بناء رأسمالك الاجتماعي».
والمستخدمون الذين يدونون التعليقات ويشاركون في الحوارات ويجادلون ويجرون المناقشات مع الآخرين، يجدون في وسائل التواصل الاجتماعي أداة يمكن أن تثري حياتهم.
وترى خبيرة الطب النفسي كارين كروميل أنه يجب تذكُّر قاعدة واحدة على الدوام ووضعها فوق أي اعتبار آخر في العصر الافتراضي، وهي أن الحياة الواقعية يجب أن تأتي في الأهمية أولاً، وإلا فإن دفة الأمور ستتحول إلى منحى خطير.
ومن الصعب أن يتم استبدال التقدير من الأصدقاء وأفراد الأسرة، ليحل بدلاً منه علامات الإعجاب والمتابعين على المواقع الإلكترونية الذين لم يتم الالتقاء بهم على الإطلاق بشكل شخصي، ولكي تتجنب الانجذاب الخطير للمقارنات والتقييم على مواقع التواصل الاجتماعي، فمن المهم أن يكون لديك كيان اجتماعي مستقر.
والأكثر من هذا هو أن مسألة القيمة الذاتية للشخص تقف على الدرجة ذاتها من الأهمية، وتوضح كروميل قائلة: «إنني كمدربة على فنون الحياة يأتي إليّ غالباً أشخاص تعرضوا لمتاعب من جراء ضغوط وسائل التواصل الاجتماعي».
وتضيف: «في هذه الحالات أقدم النصح دائماً بتوجيه السؤال: ما القيم التي تُعدّ مهمة حقيقة بالنسبة لي؟»، ويرد معظم من يريدون الاستشارة بالإجابات ذاتها: الأمانة والصدق والصراحة وهي أمور قليلة الوجود على مواقع التواصل.
وتتابع كروميل قائلة إن «الأشخاص لا يزالون يمكنهم تعلم كيف يستخدمون التطبيقات بشكل يتماشى مع القيم التي يؤمنون بها».
ويشمل ذلك تصوير نفسك على المواقع الإلكترونية بالطريقة التي ترغب أن يصور الآخرون أنفسهم بها، وهذا ليس شيئاً سيئاً بالضرورة، فهناك كثير من الأشخاص الآخرين الذين يسعون ويبحثون عن المصداقية والأصالة في العالم الافتراضي أيضاً، وهذه هي الطريقة التي وجد بها بعض نجوم «إنستغرام» مثل سيليست باربر جمهورهم، وهذه الممثلة الكوميدية الأسترالية لديها خمسة ملايين متابع، وهي تلتقط لنفسها صوراً مثالية مثل تلك التي تُنشر على «إنستغرام»، ثم تشكلها بدرجة أقل من المثالية.
إنها لفكرة جيدة أن تحتفظ بسجلّ للأشخاص الذين تقارن نفسك بانتظام معهم في العالم الافتراضي، وذلك وفقاً لما يقول فوكه هايدمان الذي يتعامل مع قضايا التواصل الاجتماعي وغيرها على مدونته، كما يقدم المشورة للشركات.
ويضيف: «بإمكاننا أن نقوم بأنفسنا بتحديد الشخصية التي نتابعها على مختلف شبكات التواصل»، وأولئك الذين يتابعون الشخصيات المؤثرة ونجوم المجتمع، الذين لديهم هدف الحصول على أكبر عدد من علامات الإعجاب على قدر الإمكان يواجهون بشكل مستمر عالماً من الوهم.
واللوغاريتمات الرياضية الموجودة على تطبيقات الكومبيوتر وتُستخدم في إطار الذكاء الاصطناعي، يمكنها أن تجعل الأمور أكثر سوءاً أيضاً، وفي هذا الصدد يوضح هايدمان قائلاً: «إنها تشوه مداركنا، بمعنى أن أصدقاءنا في الحياة الواقعية يحصلون على معدلات أقل من التفاعل، ومن ثم يظهرون بمعدلات أقل في المدونات التي نكتبها».
ولاستعادة القليل من السيطرة على ما تراه، فكر في النظر إلى الأشخاص الذين تتابعهم، واحذف شخصاً أو اثنين منهم من الموقع الذي تستخدمه.
وتقدم كاترينا كاتسر، وهي متخصصة في السلوك الرقمي بعض النصائح للتأكد من أنك لا تستخدم المواقع الإلكترونية طوال الوقت، ومن بينها استخدام تطبيقات تخبرك عن المدة الزمنية التي أمضيتها في تصفح المواقع على هاتفك الجوال، إلى جانب إخفاء هاتفك عن نظرك حتى لا يغريك وجوده أمامك بفحص ما جاءك عليه من رسائل كل بضع دقائق.
وبالإضافة إلى ذلك، فعند التجمع مع أفراد العائلة أو الأصدقاء فكر في تجميع هواتفهم الجوالة، واجعل أول شخص يفحص الرسائل على هاتفه يسدد ثمن الدفعة الثانية من المشروبات، أو ينظف أطباق الطعام.
وتقول كاتسر إن مغادرة منزلك دون أن تحمل معك هاتفك من آن لآخر تعد أيضاً عادة حميدة، ويدرك كثير من الناس أنهم لا يفتقدون أشياء كثيرة أثناء جولة شرائية بمتجر للبقالة أو موعد لتناول طعام الغداء عند ترك الهاتف الجوال.


مقالات ذات صلة

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

صحتك زيوت البذور يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون (رويترز)

للوقاية من سرطان القولون... تجنب استخدام هذه الزيوت في طهي الطعام

حذَّرت دراسة من أن زيوت البذور -وهي زيوت نباتية تستخدم في طهي الطعام، مثل زيوت عباد الشمس والذرة وفول الصويا- يمكن أن تتسبب في إصابة الأشخاص بسرطان القولون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق يعاني الكثير من الأشخاص من كثرة التفكير وقت النوم (أ.ف.ب)

كيف تتغلب على كثرة التفكير وقت النوم؟

يعاني كثير من الأشخاص من كثرة التفكير ليلاً؛ الأمر الذي يؤرِّقهم ويتسبب في اضطرابات شديدة بنومهم، وقد يؤثر سلباً على حالتهم النفسية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.