أرقام قياسية لقوات حفظ السلام تفشل في وقف الحروب بأفريقيا

70 في المائة من أصحاب «القبعات الزرق» المنتشرين في العالم يتركزون في القارة السمراء

فارون من النزاع الدائر في جنوب السودان أثناء وصولهم إلى مدينة بور الثلاثاء الماضي (أ.ب)
فارون من النزاع الدائر في جنوب السودان أثناء وصولهم إلى مدينة بور الثلاثاء الماضي (أ.ب)
TT

أرقام قياسية لقوات حفظ السلام تفشل في وقف الحروب بأفريقيا

فارون من النزاع الدائر في جنوب السودان أثناء وصولهم إلى مدينة بور الثلاثاء الماضي (أ.ب)
فارون من النزاع الدائر في جنوب السودان أثناء وصولهم إلى مدينة بور الثلاثاء الماضي (أ.ب)

أرسلت الأمم المتحدة إلى أفريقيا أعدادا من قوات حفظ السلام، وصلت إلى أرقام قياسية خلال السنوات الأخيرة، فضلا عن نشر الجنود في المناطق التي تشهد اضطرابات، مثل جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان. وعلى الرغم من ذلك، فشل «رجال القبعات الزرق» (المصطلح المستخدم للإشارة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة)، والآلاف من الجنود الآخرين الذين أرسلتهم دول أفريقية، في منع حدوث نوبات العنف التي وقعت مؤخرا.
ويُذكر أن تكاليف قوات حفظ السلام تصل إلى مليارات الدولارات، وتسدد الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية الجزء الأكبر من هذه النفقات. بيد أن تلك القوات تواجه عقبات تتمثل في الأوامر التفويضية الضعيفة ونقص عددها وعتادها. ويقول نقاد إن واشنطن وحلفاءها والمسؤولين بالأمم المتحدة يتحملون المسؤولية عن إخفاقات قوات حفظ السلام بسبب عدم ممارسة الضغط السياسي الكافي لمنع حدوث الأزمات.
ويقول جون برندرغاست، الناشط في السودان وجنوب السودان منذ فترة طويلة والرئيس المؤسس لمشروع «حركة كفاية»، إحدى جماعات حقوق الإنسان: «تعد العناصر السياسية والدبلوماسية للاستجابة الدولية تجاه معظم النزاعات في أفريقيا بطيئة وغير فعالة. وأدى هذا الأمر لوجود ضغط أكبر فيما يخص مهمة قوات حفظ السلام، من أجل إنجاز أهدافها، في حين أن تلك القوات ليست جاهزة بالشكل الكامل لهذه المهمات». في جنوب السودان، اشتعل في الآونة الأخيرة الصراع على السلطة، الذي كان المسؤولون بالولايات المتحدة والأمم المتحدة على دارية به منذ أكثر من عام، مما تسبب في حدوث نزاع عرقي وسياسي أدى إلى مقتل المئات وإثارة مخاوف من احتمال اندلاع حرب أهلية.
وأول من أمس، عقدت الأطراف المتحاربة جولتها الأولى من مباحثات السلام في إثيوبيا المجاورة، بيد أن النزاع أظهر عدم وجود دلائل على حدوث انفراجة. وعلى الجانب الآخر، أقدمت وزارة الخارجية الأميركية على إجلاء كثير من موظفي سفارتها في جوبا، عاصمة جنوب السودان. وفي تلك الأثناء، بقيت القوات المتمردة، التي سيطرت أخيرا على المدينة الاستراتيجية «بور»، في مواجهة القوات الحكومية، مما يثير المخاوف بشأن إمكانية اندلاع المعارك في أي لحظة.
وجرى بالفعل ترحيل ما يقرب من 200 ألف شخص من أماكنهم بسبب ذلك القتال. وفي ضوء ذلك، تسود حالة من الإحباط وخيبة الأمل تجاه قوات حفظ السلام على نطاق واسع. فقد هرب إبراهيم محمد (30 عاما) قبل عام من منطقة دارفور السودانية التي تشهد وضعا متفجرا، ووصل إلى جنوب السودان للبحث عن مستقبل أفضل. لكنه اضطر إلى البقاء في إحدى قواعد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في مدينة ملكال بجنوب السودان، التي تعرضت للدمار جراء ويلات الحرب، حيث يعيش محمد في خيمة سقفت بالبطاطين.
ويقول محمد، صاحب أحد المتاجر، أثناء مقابلة جرت معه في عطلة الأسبوع الماضي في ملكال: «إن قوات حفظ السلام الدولية ليست قادرة على وقف العنف في دارفور، ولذلك جئت إلى هنا. بيد أن الوضع في جنوب السودان صار مشابها لنظيره في دارفور، حيث نجد كل قبيلة تواجه القبيلة الأخرى، ولن تستطيع قوات حفظ السلام وقف هذه الهجمات».
من جانبه، اعترف توبي لانزر، أحد المسؤولين البارزين التابعين للأمم المتحدة في جنوب السودان، بوجود قيود تقف حجر عثرة في طريق تمكين قوات حفظ السلام من تحقيق مهمتها في المناطق التي تشهد اضطرابات. وأضاف لانزر أن القوات التابعة للأمم المتحدة والقوات الأفريقية لا يكون لديها في الكثير من الحالات، بما في ذلك جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى، الموارد والعدد الكافي من الجنود. ويتابع لانزر نائب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى جنوب السودان: «دائما ما يكون هناك شعور قوي عند الأشخاص، عندما يسمعون عن وجود خمسة آلاف أو عشرة آلاف فرد من أفراد قوات حفظ السلام، بأن تلك القوات ستتمكن من أداء الكثير من الأعمال الجيدة بالنسبة لهم، وهو ما تتمكن القوات من تنفيذه بالفعل. بيد أن الأمر الذي تعجز القوات عن تنفيذه هو تحقيق الاستقرار في بلد تنتشر فيه أعمال العنف بشكل كامل».
ويشار إلى أن عدد قوات حفظ السلام الموجودة حاليا في أفريقيا يفوق الأعداد التي كانت موجودة في أي وقت مضى على مدار التاريخ، حيث يصل العدد تقريبا إلى ضعف ما كان عليه في بداية فترة تسعينات القرن الماضي.
ووفقا لما ذكره بيتر فام مدير مركز أفريقيا في «مجلس الأطلسي»، فإنه منذ نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، كانت نسبة أكثر من 70 في المائة من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، البالغ عددها 98267 والمنتشرة في جميع أنحاء العالم، موجودة في أفريقيا جنوب الصحراء.
وغالبا ما تكون القوات التابعة للأمم المتحدة مقيدة بالأوامر الرسمية للانتداب، التي لا تسمح لها بالقتال إلا في حال الدفاع عن النفس. فعلى سبيل المثال، قبل وقوع هجمات الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994، علمت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة أن الأسلحة كانت مهربة بطريقة غير مشروعة من قبل ميليشيات الهوتو الإثنية. ووفقا لما ذكره الجنرال الكندي روميو دالير في كتاب صدر لاحقا، فإن المسؤولين البارزين بالأمم المتحدة أصدروا أوامر لقوات حفظ السلام بعدم الاستحواذ على تلك الأسلحة، لأن ذلك الإجراء كان خارجا عن نطاق تكليفهم.
منذ أكثر من عامين، كانت بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان تضم 7500 فرد من الجيش والشرطة. بيد أن ذلك العدد لم يكن قادرا على وقف نزيف الدماء بسبب الصراع الإثني والسياسي الذي كان دائرا منذ إعلان استقلال دولة جنوب السودان في عام 2011. وفي يناير (كانون الثاني) 2012، تعرضت بعثة الأمم المتحدة لنقد شديد من قبل الضحايا وقادة المجتمع بسبب عدم الإسهام القوي في وقف موجة القتال القبلي في ولاية جونجلي، وهي المنطقة نفسها التي تعد الآن من إحدى ساحات القتال. ويقول فام: «لم يصوّت مجلس الأمن بالأمم المتحدة بالإجماع من أجل مضاعفة عدد القوات لتصل إلى نحو 14 ألف فرد إلا بعد انتشار العنف بشكل سريع عبر جنوب السودان في منتصف شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي». ويتابع فام: «في حين أنه يجب على الشخص أن يكون واقعيا ويقر بأن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ليست الترياق، وأنه من غير الممكن التنبؤ بجميع الصراعات، حيث جرى منع القليل منها، يتعين على الشخص أيضا أن يطرح السؤال التالي: إذا لم يكن الغرض من نشر نحو سبعة آلاف فرد مقبلين من أكثر من 60 دولة بتكلفة مليار دولار سنويا، في جنوب السودان، هو حفظ السلام، فما الغرض إذن؟».
بيد أن البعض الآخر يقول إنه إذا لم يجر نشر قوات حفظ سلام، فإن الفوضى وحالات القتل ستزيد في جنوب السودان وجمهورية أفريقيا الوسطى والدول الأخرى التي يندلع فيها العنف بسبب الفقر والحكم غير الراشد والفساد.
غالبا ما تعاني قوات حفظ السلام الأفريقية التي لا تعمل تحت لواء الأمم المتحدة من نقص في المعدات والتدريب والموارد. ومع ذلك، فإن تلك القوات مطالبة بصورة متزايدة بالمساعدة في احتواء أزمات البلاد الواقعة حول القارة. ففي شمال مالي، جاء انتشار القوة الأفريقية التي تشكلت من دول مجاورة، متأخرا بصورة لم تتمكن معها من منع المتشددين الإسلاميين من ارتكاب فظائع ضد المدنيين.
وفي جمهورية أفريقيا الوسطى لم تتمكن قوات حفظ السلام الأفريقية من وقف الأعمال الوحشية التي ارتكبها متمردو السيلكا المسلمين والميليشيات المسيحية في الصراع الطائفي. واتهم الجنود التشاديون، الذين يشكلون جزءا من قوات حفظ السلام، بدعم المتمردين المسلمين.
وكتب كومفورت إيرو مدير مكتب مجموعة الأزمات الدولية في أفريقيا، على مدونة المنظمة الشهر الماضي: «على الرغم من المشاركة المتزايدة في عمليات حفظ السلام، فإن السؤال لا يزال مطروحا حول مدى فعالية وقدرة القوات الأفريقية».
وقد أرسل المئات من الجنود الفرنسيين إلى كل من مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى لنزع فتيل الأزمة بعد فشل قوات حفظ السلام الأفريقية في القيام بتلك المهمة. لكن، عندما يتوفر التدريب والموارد وتفويض قوي لقوات حفظ السلام الأفريقية، تتحقق بعض النجاحات. فقد نجحت القوة الأفريقية في الصومال، التي تقودها أوغندا وبوروندي، والمدعومة من قبل الأمم المتحدة وحلفائها، في طرد ميليشيا «الشباب» التابعة لـ«القاعدة» من المدن الرئيسة، على الرغم من حالة الاضطراب التي تعيشها الصومال.
وفي الكونغو، حيث تعرضت مهمة الأمم المتحدة لانتقادات واسعة، لعجزها عن حماية المدنيين، ساهم الانتشار الأخير لفرقة التدخل السريع التابعة للأمم المتحدة، التي حازت على تأييد قوي، في هزيمة متمردي حركة «إم 23» (ميليشا 23 مارس «آذار».
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
TT

الشراكة مع فرنسا تثير جدلاً واسعاً في نيجيريا

الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)
الرئيس الفرنسي ماكرون مستقبلاً مع عقيلته نظيره النيجيري تينوبو وعقيلته في باحة قصر الإليزيه 28 نوفمبر (إ.ب.أ)

في وقت تسحب فرنسا قواتها من مراكز نفوذها التقليدي في الساحل وغرب أفريقيا، وتبحث عن شركاء «غير تقليديين»، يحتدمُ الجدل في نيجيريا حول السماح للفرنسيين بتشييد قاعدة عسكرية في البلد الأفريقي الغني بالنفط والغاز، ويعاني منذ سنوات من تصاعد وتيرة الإرهاب والجريمة المنظمة.

يأتي هذا الجدل في أعقاب زيارة الرئيس النيجيري بولا تينوبو نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى فرنسا، والتي وصفت بأنها «تاريخية»، لكونها أول زيارة يقوم بها رئيس نيجيري إلى فرنسا منذ ربع قرن، ولكن أيضاً لأنها أسست لما سمّاه البلدان «شراكة استراتيجية» جديدة.

وتمثلت الشراكة في اتفاقيات تعاون هيمنت عليها ملفات الطاقة والاستثمار والمعادن، ولكنّ صحفاً محلية في نيجيريا تحدّثت عن اتفاقية تسمحُ للفرنسيين بإقامة قاعدة عسكرية داخل أراضي نيجيريا، وذلك بالتزامن مع انسحاب القوات الفرنسية من دول الساحل، خصوصاً تشاد والنيجر، البلدين المجاورين لنيجيريا.

لا قواعد أجنبية

ومع تصاعد وتيرة الجدل، تدخل الجيش النيجيري ليؤكد أن ما يجري تداوله بخصوص «قاعدة عسكرية» أجنبية فوق أراضي نيجيريا مجرد «شائعات»، نافياً وجود خطط للسماح لأي قوة أجنبية بإقامة قاعدة عسكرية في نيجيريا.

وتولّى قائد الجيش النيجيري، الجنرال كريستوفر موسى، بنفسه مهمة الرد، فأوضح أن «زيارة الرئيس بولا تينوبو الأخيرة إلى فرنسا، وُقِّعت خلالها عدد من الاتفاقيات الثنائية، لم تشمل السماح بإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في نيجيريا».

وكان قائد الجيش يتحدّث خلال حفل عسكري بمقر وزارة الدفاع في العاصمة أبوجا، بمناسبة تغيير شعار القوات المسلحة النيجيرية، وقال إنه يوّد استغلال الفرصة لتوضيح ما جرى تداوله حول «قاعدة عسكرية أجنبية» في نيجيريا. وقال: «لقد أوضح الرئيس بشكل لا لبس فيه أن ما تم توقيعه هو اتفاقيات ثنائية تتعلق بالتجارة، والثقافة، والتقاليد، والتعاون، والاقتصاد، ولا وجود لأي شيء يتعلق بقاعدة عسكرية أجنبية».

وأوضح الجنرال موسى أن الرئيس تينوبو «يدرك تماماً عواقب مثل هذا القرار، ويعلم أن من واجبه حماية نيجيريا، ومن ثم، لن يسمح مطلقاً لأي قوة أجنبية بدخول نيجيريا»، ولكن قائد الجيش أكد: «سنستمر في التعاون بشكل ثنائي من خلال التدريب المشترك وإرسال ضباطنا كما هو معتاد، ولكن إنشاء قاعدة عسكرية أجنبية في نيجيريا ليس ضمن خطط الرئيس».

كراهية فرنسا

ورغم تصريحات قائد الجيش، فإن الجدل لم يتوقف؛ حيث عَبَّر «تحالف جماعات الشمال»، وهو هيئة سياسية ناشطة في نيجيريا، عن إدانته قرار السماح للعسكريين الفرنسيين بدخول أراضي نيجيريا، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، حين انتقد بشكل لاذع عقد شراكة مع فرنسا.

وقال التحالف: «إن القرار يتعلق باتفاقية ثنائية جرى توقيعها بين نيجيريا وفرنسا تمنح الأخيرة وصولاً غير مقيد إلى الموارد المعدنية في نيجيريا»، وذلك في إشارة إلى اتفاقية وقعها البلدان للتعاون في مجال المعادن النادرة.

المنسق الوطني لتحالف جماعات الشمال، جميل علي تشارانشي، اتهم الرئيس تينوبو بالسعي نحو «تسليم سيادة نيجيريا إلى فرنسا، والتغطية على ذلك بمبررات مضللة»، ثم وصف ما يقوم به تينوبو بأنه «مناورة دبلوماسية مكشوفة».

الناشط السياسي كان يتحدث بلغة حادة تجاه فرنسا؛ حيث وصفها بأنها «دولة عدوانية؛ تدعم وتمول تفكيك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)»، قبل أن يحملها مسؤولية «جو الحرب الذي تعيشه منطقة غرب أفريقيا».

وخلُص الناشط السياسي إلى أنه مصدوم من «إمكانية أن تخضع نيجيريا، بتاريخها الفخور بالدفاع عن السيادة الأفريقية، لتأثير أجنبي، نحن نرفض ذلك، وسنعارضه بشدة»، على حد قوله.

شراكة مفيدة

الرئيس النيجيري بولا تينوبو لدى حضوره حفل تنصيب رئيس تشاد في ندامينا 23 مايو (رويترز)

في المقابل، ارتفعت أصوات في نيجيريا تدافع عن تعزيز التعاون والشراكة مع فرنسا، وعدّت الحديث عن «قاعدة عسكرية» محاولة للتشويش على الطموحات الاقتصادية للبلدين.

في هذا السياق، قال المحلل السياسي النيجيري، نيكسون أوكوارا: «إن العالم يتّجه بسرعة نحو نظام متعدد الأقطاب، وإعادة صياغة التحالفات التقليدية، وهذا الواقع الجديد يتطلب من نيجيريا الاصطفاف مع شركاء يقدمون فوائد استراتيجية دون التنازل عن سيادتها».

وأضاف المحلل السياسي أن «فرنسا، رغم تاريخها غير الجيد في أفريقيا، فإنها تمنح لنيجيريا فرصة إعادة التفاوض على العلاقات من موقع قوة؛ حيث تواجه فرنسا معضلة تراجع نفوذها بشكل مطرد في الساحل وغرب أفريقيا».

وشدّد المحلل السياسي على أن نيجيريا يمكنها أن تربح «مزايا اقتصادية كبيرة» من الشراكة مع فرنسا، كما أكّد أنّه «مع تصاعد التحديات الأمنية في منطقة الساحل، يمكن للخبرات والموارد العسكرية الفرنسية أن تكمل جهود نيجيريا لتحقيق الاستقرار في المنطقة».

تعاون عسكري

التعاون العسكري بين فرنسا ونيجيريا عرف صعوداً مهماً عام 2016، حين وقع البلدان اتفاقية للتعاون العسكري والأمني، خصوصاً في مجالات الاستخبارات، والتدريب والإعداد العملياتي.

في الفترة الأخيرة، بدأ الحديث عن رغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تعزيز هذا التعاون، وهو الذي عمل لستة أشهر في السفارة الفرنسية في أبوجا، حين كان طالباً في المدرسة الوطنية للإدارة. وبوصفها خطوة لتطوير التعاون العسكري بين البلدين، أعلن الجنرال حسن أبو بكر، قائد القوات الجوية النيجيرية، الأسبوع الماضي، أن بلاده تستعد للاستحواذ على 12 طائرة من طراز «ألفاجيت» مستعملة من القوات الجوية الفرنسية، ستتم إعادة تشغيل 6 منها، في حين ستُستخدم الـ6 أخرى مصدراً لقطع الغيار.

ورغم أنه لم تعلن تفاصيل هذه الصفقة، فإن نيجيريا أصبحت خلال السنوات الأخيرة «زبوناً» مهماً للصناعات العسكرية الأوروبية، وسوقاً تتنافس عليها القوى المصنعة للأسلحة، خصوصاً سلاح الجو الذي تراهن عليه نيجيريا لمواجهة خطر الإرهاب في غابات حوض بحيرة تشاد، أقصى شمال شرقي البلاد.