الحرب على غزة تعطي حماس فرصة «استعادة الدور» في الضفة

مسؤول في حماس لـ {الشرق الأوسط} : سنستأنف نشاطنا علنا

الحرب على غزة تعطي حماس فرصة «استعادة الدور» في الضفة
TT

الحرب على غزة تعطي حماس فرصة «استعادة الدور» في الضفة

الحرب على غزة تعطي حماس فرصة «استعادة الدور» في الضفة

أعطت الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة دفعة قوية لحركة حماس من أجل استئناف النشاط العلني على نطاق واسع في الضفة الغربية بعدما كانت شبه محظورة. وخلال اليومين الماضيين شوهد آلاف من عناصر الحركة الإسلامية يحملون أعلامها الخضراء ومجسمات لصواريخ صنعتها الحركة في غزة وصور قادتها، ويجوبون شوارع الضفة على مقربة من رجال الأمن المدججين بالسلاح، في مشهد غير مألوف منذ سنوات طويلة.
ولم تنجح هذه المسيرات الكبيرة لأن الأجهزة الأمنية سمحت بتنظيمها فقط، بل لأن عناصر الحركة تحرروا كذلك من خوفهم، في ظل تشكيل حكومة توافق وطني وما تبعه من تعاون كبير بين السلطة والحركة الإسلامية في مفاوضات القاهرة. فخرج عناصر الحركة إلى الشوارع يهتفون باسم حماس بصوت عال ووجوه مكشوفة، بعدما كان أي نشاط من هذا النوع في السابق يعني تعرض صاحبه لاستدعاءات وتحقيق وربما اعتقال، وهو الأمر الذي كان ينطبق كذلك على عناصر حركة فتح في قطاع غزة.
وتحاول حماس استغلال الحرب الأخيرة في ظل التعاطف الكبير الذي جلبته لها من أجل استعادة دورها في الضفة. وقال الناطق باسم حماس في رام الله سائد أبو البهاء لإحدى محطات التلفزة التابعة للحركة في نبرة تشير إلى نية حماس تغيير الواقع في الضفة «لن نسمح بعودة الاعتقالات السياسية».
وقالت مصادر من الحركة لـ«الشرق الأوسط» إن نشاط حماس في الضفة سيستأنف علنا كما كان، وهذا كان الاتجاه السائد قبل وقوع الحرب وبعد حكومة التوافق. وأوضحت أن «أساس الاتفاق مع فتح هو حرية التعبير والحركة لأفراد حماس في الضفة، وهذا هو الذي سيؤسس لإجراء الانتخابات في المستقبل». وأقرت بأن «الحرب أعطت حماس دفعة إضافية لتجديد النشاط العلني»، قائلة إن نشاطها بشكل عام لم يتوقف أبدا في السابق.
وخلال السنوات الماضية كان أي نشاط لحماس في الضفة يجري بشكل سري سواء على صعيد العمل المؤسساتي أو التنظيمي والعسكري. ومنعت السلطة أي نشاط للحركة منذ سيطرتها على قطاع غزة منتصف يوليو (تموز) 2007. واعتقلت عناصر الحركة ولاحقت أموالها وأسلحتها في كل مكان، إضافة إلى ملاحقة الأسلحة الأخرى عند جميع التنظيمات بما فيها حركة فتح. وتقول السلطة إنها لا تسمح بأي نشاط مسلح أو تبييض للأموال لأي تنظيم في الضفة الغربية بخلاف السلطة الرسمية فقط. وصادرت السلطة كميات كبيرة من الأسلحة وملايين الدولارات من حماس، وحلت مؤسسات وأغلقت أخرى كانت تابعة للحركة في ظل الصراع الكبيرة بينهما.
وقبل الانقسام الفلسطيني كان نشاط حماس في الضفة علنيا على جميع الصعد، في المساجد والمؤسسات والشوارع. وشارك عناصرها في الانتفاضة الثانية ونفذ مسلحوها انطلاقا من الأراضي التي تخضع لسيطرة السلطة عمليات في قلب إسرائيل. وقبل نحو شهرين وجهت اتهامات لعناصر يعتقد أنهم منتسبون لحماس باختطاف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين وقتلهم في الضفة. وتسبب ذلك في توتر بين حماس والسلطة التي رفضت هذه العملية وقالت إنه «إذا ما تبين أن حماس فعلا تقف وراءها فستكون لذلك تداعياته». وظلت علاقة السلطة بحماس علاقة مد وجزر حتى الحرب الأخيرة التي منحت حماس تعاطفا شعبيا كبيرا، لكن الحركة تطمح إلى ما هو أكثر من استعادة الدور في الضفة.
وطالب الناطق الرسمي باسم حماس سامي أبو زهري بانتفاضة في الضفة الغربية. وقال في بيان «إن الجرائم الصهيونية المستمرة في الضفة الغربية تؤكد أن المشكلة هي في الاحتلال، الأمر الذي يستوجب تفعيل دور المقاومة في الضفة للجم جرائم الاحتلال وحماية شعبنا». وإشعال انتفاضة في الضفة الغربية هو مطلب حمساوي منذ سنوات، ودفعت الحركة مرارا تجاه هذا الخيار لكن من دون جدوى، وتعتقد أن الوقت أصبح مواتيا لذلك الآن.
وطالبت حماس عناصرها بالخروج في مظاهرات كبيرة ضد الاحتلال الجمعة الماضية. لكن السلطة الفلسطينية التي تتطلع إلى إنهاء الاحتلال على كل فلسطين ترفض الانتفاضة في الضفة الغربية أسلوبا لذلك. وعلى الرغم من سماح السلطة لحماس بممارسة دور ما في الضفة، فإنه لا يبدو أنها ستسمح لها بالذهاب بعيدا. وقال مصدر أمني فلسطيني لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يزال يمنع على عناصر الحركة القيام بأي نشاط عسكري أو في مجال تبييض الأموال. وأكد أن قرار انتفاضة جديدة في الضفة ليس بيد حماس، وأن الأجهزة الأمنية ستمنع ذلك ما دامت القيادة الفلسطينية لم تقرر ذلك. وأضاف «قرار الحرب أو السلم لا يتخذه فصيل، وما دامت لم تأتنا تعليمات جديدة فأي نشاط فصائلي في هذا الإطار سيكون ممنوعا».
واتهمت حماس الأجهزة الأمنية باعتقال بعض عناصرها في الضفة، أمس، على خلفية مسيرات الجمعة. وعقب المصدر الأمني بقوله «لا نتعرض لأي فرد من حماس بسبب توجهاته وآرائه وانتماءاته، ولكن بسبب نشاطات عسكرية ومالية».
وكانت الأجهزة الأمنية الفلسطينية ردت طيلة الشهر الحالي والماضي عدة محاولات لتنظيم مسيرات فلسطينية «تحتك» بالجيش الإسرائيلي على أطراف المدن، لكن في مرات محددة سمحت باختراق الجدران الأمنية من شبان غاضبين. وقال المصدر الأمني «لا نريد أن نعرض شبابنا للموت.. كان هذا هو المنطلق الذي ننطلق منه».
من جانبه، رد المفوض السياسي للأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري، على اتهامات حماس رفض السلطة إشعال انتفاضة ثالثة، بقوله «إن المقاومة الشعبية هي موجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي وليست للاحتكاك بالأجهزة الأمنية الوطنية». وطالب الضميري بعدم التعرض للأجهزة الأمنية أو الاحتكاك بها قائلا «الفصائل الفلسطينية توافقت على تبني خيار المقاومة الشعبية في القاهرة، ولا يحق لأحد التشكيك أو (المزايدة) على دور الأمن».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.