مصر لرفع «معدلات الأمان» بعد كارثة «جرار القطار»

ارتفاع عدد الضحايا إلى22 قتيلاً... والسائق يقر بمسؤوليته

انتظام العمل في محطة مصر عقب حادث الجرار (إ.ب.أ)
انتظام العمل في محطة مصر عقب حادث الجرار (إ.ب.أ)
TT

مصر لرفع «معدلات الأمان» بعد كارثة «جرار القطار»

انتظام العمل في محطة مصر عقب حادث الجرار (إ.ب.أ)
انتظام العمل في محطة مصر عقب حادث الجرار (إ.ب.أ)

تسعى الحكومة المصرية لرفع معدلات الأمان في منظومة السكك الحديدية، مع تكرار حوادث القطارات، كان آخرها انفجار جرار قطار بمحطة القاهرة، أول من أمس، التي ارتفع فيها عدد الضحايا لـ22 قتيلاً. وشدد محمد شاكر، المكلف بتسيير أعمال وزارة النقل، بعد استقالة وزيرها هشام عرفات، على «ضرورة عدم خروج أي قطار أو جرار من الورش، إلا بعد التأكد التام من الحالة الفنية له، والالتزام التام بتعليمات السلامة المنصوص عليها».
واندلع حريق مروع في محطة مصر الرئيسية بوسط القاهرة، صباح أول من أمس، نتج عن ارتطام جرار قطار بحاجز في المحطة. وأفادت التحقيقات الأولية للنيابة المصرية بأن «سائق الجرار المتسبب في الحادث ترك كابينة القيادة ليعاتب زميلاً له، ما أدى لسير الجرار من دون قائد».
وأعلنت هالة زايد وزيرة الصحة والسكان، ارتفاع عدد الوفيات لـ22 حالة، بعد وفاة حالتين أمس، بينهما مسعف وحالة أخرى مجهولة الهوية، لافتة إلى أن جميع الجثامين تحت تصرف النيابة العامة. وأشارت إلى أن عدد المصابين، الذين يتلقون العلاج حتى الآن، بلغ 26 حالة (من أصل 43)، منهم 10 حالات خطرة، و6 حالات شديدة الخطورة.
وأكدت الوزيرة تقديم سبل الرعاية الطبية كافة للمصابين، ونوهت بأن فرق الدعم النفسي تقوم بعملها منذ الساعات الأولى.
وكانت النيابة العامة، قررت أمس، ندب لجنة من خبراء الطب الشرعي لمناظرة الجثامين وأخذ عينات البصمة الوراثية (دي إن إيه) نظرا لتفحمها بشكل كامل أو شبه كامل، وعدم التوصل لتحديد هوية الجميع.
بدوره، أجرى محمد شاكر وزير الكهرباء، المكلف تسيير أعمال وزارة النقل، جولة تفقدية أمس بالمحطة لمتابعة انتظام العمل بالمحطة. وتفقد (رصيف 6)، الذي شهد الحادثة، واستمع من رئيس هيئة السكك الحديدية أشرف رسلان، حول عمل اللجنة الفنية الخاصة بالحادث، مؤكدا أنه «لن يكون هناك تهاون مع أي مقصر».
وشدد شاكر على إجراء أعمال الصيانة الدورية بكل دقة، وضرورة عدم خروج أي قطار أو جرار من الورشات، إلا بعد التأكد التام من الحالة الفنية له، والالتزام التام بتعليمات السلامة والأمان المنصوص عليها في اللائحة، ونزول جميع قيادات السكك الحديدية لمواقع التشغيل للاطمئنان على تنفيذ هذه الإجراءات.
ووجه قيادات السكة الحديد بتقديم كل التسهيلات للركاب، مشيرا إلى أن خدمة الراكب، بما فيها تسهيل عملية التنقل، يجب أن يكون لها اهتمام كبير بالتوازي مع رفع معدلات السلامة والأمان بمنظومة السكك الحديدية.
وفي السياق ذاته، تفقد وفد من لجنة النقل بمجلس النواب، موقع الحادث. وقال رئيس اللجنة هشام عبد الواحد إنه «رغم الفاجعة الكبيرة، فإن الدولة تعاملت بحرفية»، لافتا إلى تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي التي وعد فيها بـ«سرعة معاقبة المقصرين»، وكذلك استقالة وزير النقل، التي وصفها بـ«شعور بالمسؤولية السياسية».
وأضاف عبد الواحد خلال مؤتمر صحافي أن «اللجنة تكثف اجتماعاتها للإسراع بجهود حل المشكلات التي تواجه قطاع النقل»، مؤكدا أن «عملية التطوير بدأت منذ سنوات بفكر جديد وخطط قصيرة الأجل». وأكد العضو البرلماني «نعالج قصورا مضى عليه سبعون عاما، ونحتاج إلى وقت لعلاجه، وبالفعل بدأنا إجراءات بالاتفاق مع رئيس الهيئة، واتخاذ سبل من شأنها تقليل ومنع حدوث مثل هذه الحوادث مستقبلا».
ودعا لـ«مراجعة اللائحة الداخلية للعاملين بهيئة السكك الحديدية لمحاسبة المخطئ»، وكذلك «التدريب والوقوف على المشكلات بالهيئة بهذا الشأن ليكون التدريب حقيقيا وفعليا، وليس نظريا».
وأضاف عبد الواحد: «ستكون هناك مشاركة تامة من خلال الاجتماعات المستمرة بين اللجنة ووزارة النقل، لكي يتم التوصل للائحة سلامة التشغيل». وتابع: «تحدثنا عن وحدات الإطفاء الذاتي، وإمكانية تطبيقها».
وألقت الأجهزة الأمنية القبض على سائق «جرار الحادثة»، الذي اعترف بالمسؤولية الكاملة. وقال علاء فتحي، سائق جرار القطار، في حوار تلفزيوني عقب القبض عليه: «سامحوني، أنا آسف، الخطأ غير مقصود». وأضاف أن «الجرار اندفع بسرعة كبيرة جدا»، ملقيا اللوم على «احتمالية تحرك يد السرعة بسبب الهزة التي تعرض لها الجرار من اصطدام جرار آخر به».
وكشف فتحي أنه «أثناء عمله المعتاد وفي أحد التقاطعات اصطدم به جرار آخر مهددا حياته»، ولفت السائق إلى أنه «ترك الجرار ونزل للسائق الآخر معاتبا واشتبكا في مشادة، تاركا الجرار في حالة تشغيل، وتحرك الأخير للأمام مندفعا بسرعة من جراء عدم صيانة يد السرعات».
وبينما أشارت وسائل إعلام محلية لاحتمالية كون الحادث مدبرا، نفى السائق ذلك، مؤكدا أن «أي جهة (معارضة) لم تستخدمه لصناعة الكارثة»، مؤكدا عدم «انتمائه لأي جماعة».
وأمرت النيابة العامة، بإجراء تحليل دم للسائق، لبيان إذا ما كان يتعاطى المخدرات من عدمه. وأفادت نيابة شمال القاهرة بأن فريقا من محققيها يواصل الاستماع للجنة الفنية التي تم تشكيلها لدراسة الأسباب التي أدت لوقوع الحادث.
وتواصل التضامن العربي والدولي لمصر، أمس، وبعث الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، برقية تعزية للرئيس السيسي، عبّر فيها عن خالص تعازيه، وكذلك بعث الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي برقية مماثلة.
وعبر مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي، عن تعازيه لمصر، قيادة وحكومة وشعباً. كما بعث رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، برقية عزاء للسيسي.
وقدمت جمهوريتا التشيك ولاتفيا تعازيهما لمصر. كما أعلنت السفارة الأميركية بالقاهرة أنها «ستقوم بتقليل المنشورات على جميع وسائل التواصل الاجتماعي احتراما للحداد على أرواح الضحايا». وقالت: «قلوبنا مع أسر الذين فقدوا أحباءهم أو أصيبوا في الحادث المأساوي في محطة سكك حديد مصر».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.