فرنسا تعلن القضاء على أكثر من 600 إرهابي في منطقة الساحل الأفريقي

وزير الخارجية الألماني يطلب «التأهب الطويل الأمد» من ألف من جنود بلاده بدولة مالي

رئيس وزراء فرنسا إدوار فيليب خلال زيارته قوات بلاده الموجودة بمدينة غاو شمال مالي الأحد الماضي (أ.ف.ب)
رئيس وزراء فرنسا إدوار فيليب خلال زيارته قوات بلاده الموجودة بمدينة غاو شمال مالي الأحد الماضي (أ.ف.ب)
TT

فرنسا تعلن القضاء على أكثر من 600 إرهابي في منطقة الساحل الأفريقي

رئيس وزراء فرنسا إدوار فيليب خلال زيارته قوات بلاده الموجودة بمدينة غاو شمال مالي الأحد الماضي (أ.ف.ب)
رئيس وزراء فرنسا إدوار فيليب خلال زيارته قوات بلاده الموجودة بمدينة غاو شمال مالي الأحد الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت فرنسا أنها تمكنت خلال نحو 4 سنوات من القضاء على أكثر من 600 إرهابي في منطقة الساحل الأفريقي، وأشار الفرنسيون إلى أن ثلث هؤلاء الإرهابيين تم «شلّ حركتهم» العام الماضي (2018)، فيما طلبت ألمانيا من جنودها في مالي (ألف جندي) التأهب لخوض «مهمة طويلة الأمد» في هذا البلد الذي يعاني من انعدام الاستقرار.
وقالت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي، في تصريحات أمام لجنة الدفاع بمجلس الشيوخ الفرنسي، أول من أمس (الأربعاء)، إن الجنود الفرنسيين البالغ عددهم 4500 جندي نجحوا منذ بداية العملية العسكرية الفرنسية «برخان» في منطقة الساحل الأفريقي «وخلال 4 سنوات، وبالتعاون مع القوات الشريكة، في شلّ حركة أكثر من 600 إرهابي».
وأضافت الوزيرة أنه في العام الماضي وحده «حقّقنا نجاحات كبيرة: لقد قمنا بشلّ حركة كثير من القادة الإرهابيين وأكثر من 200 مقاتل»، كما تحدثت عن مصادرة كميات كبيرة من الأسلحة التي بحوزة الجماعات المسلحة النشطة في شمال ووسط مالي، وفي النيجر وبوركينافاسو، وقالت في هذا السياق إن الجنود الفرنسيين «يصادرون في كل فصل طنّين من الأسلحة والذخيرة» في منطقة الساحل الأفريقي.
وكان الفرنسيون قد كثفوا مؤخراً عملياتهم العسكرية ضد القيادات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، فمنذ أسبوع (يوم الخميس 21 فبراير/ شباط الماضي)، أعلن الفرنسيون أنهم تمكنوا من قتل الرجل الثاني في أكبر تحالف إرهابي مرتبط بـ«تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، وهو الجزائري جمال عكاشة المعروف بـ«يحيى أبو الهمام»، وهو أمير منطقة الصحراء الكبرى، وهي إحدى الإمارات التي تتبع «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
كما أعلنت هيئة أركان الجيش الفرنسي الاثنين الماضي أن مقاتلتين من طراز «ميراج 2000» فرنسيتين شنّتا غارة أدّت إلى «شلّ حركة» نحو 15 جهادياً من تنظيم «جبهة تحرير ماسينا» في وسط مالي، وهي الجبهة التي سبق أن قتل الفرنسيون نهاية العام الماضي أميرها ومؤسسها ممادو كوفا، وهو مواطن مالي الجنسية.
ورغم المكاسب العسكرية والأمنية التي حققها الفرنسيون في الساحل الأفريقي مؤخراً، فإن وزيرة الدفاع الفرنسية أكدت في حديثها أمام مجلس الشيوخ أن الحل في هذه المنطقة من العالم «ليس عسكرياً؛ وإنّما سياسي»، مشيرة إلى أن دولة مالي يجب أن «تستعيد السيطرة على بعض أراضيها». وتغيب الدولة المركزية عن مناطق كثيرة من وسط وشمال البلاد، ينتشر فيها الإرهاب والتهريب والجريمة العابرة للحدود.
وكان «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي» قد سيطر على شمال مالي عام 2012، ولكن الفرنسيين تدخلوا عسكرياً من خلال عملية «سيرفال» التي انطلقت مطلع عام 2013 لطرد الإرهابيين من كبريات مدن الشمال، وتحولت منتصف عام 2014 إلى عملية «برخان» التي توصف بأنها أكبر عملية عسكرية يشنها الفرنسيون خارج أراضيهم، وتنشط في 5 دول هي: موريتانيا، ومالي، والنيجر، وبوركينافاسو، وتشاد.
من جهة أخرى، استطاعت الجماعات الإرهابية التأقلم مع الوضع الجديد، وأصبحت تشن هجمات خاطفة وسريعة ضد القوات الدولية المنتشرة في الساحل، وزادت قوة هذه الجماعات في وسط مالي وشمال بوركينافاسو وغرب النيجر، فيما تجد جيوش دول الساحل صعوبة كبيرة في مواجهتها بسبب نقص التدريب والتأهيل.
في غضون ذلك، طلب وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، من جنود بلاده العاملين في مالي «التأهب لمهمة طويلة الأمد»، ويبلغ تعداد الجنود الألمان في مالي ألف جندي، يقومون بتدريب عناصر الجيش المالي. وقال ماس الذي زار مالي يوم الأربعاء الماضي إن المهمة التي يقوم بها جنود بلاده في مالي «مهمة خطيرة للغاية».
وقال وزير الخارجية الألماني إن الإرهابيين يقوضون دائماً عملية السلام بين الحكومة والمجموعات المتمردة، «وعلينا أن ننجح في مواجهة هذا، ومن ثم فإن هناك حاجة أيضاً إلى نفس طويل». وكان معسكر للجيش المالي يتمركز فيه 170 جندياً ألمانياً قد تعرض يوم الأحد الماضي لهجوم إرهابي بسيارة مفخخة وقذائف «هاون»، خلف 3 مصابين في صفوف الجيش المالي، بينما لم يخلّف أي خسائر في صفوف الجنود الألمان.
وتفقد وزير الخارجية الألماني جنود بلاده المتمركزين في دولة مالي للتدريب والتأطير في إطار بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في دولة مالي «ميونيسما»، كما أجرى مباحثات سياسية مع المسؤولين الماليين.


مقالات ذات صلة

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفريقيا الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي مسيّرات تركية قصفت مستودع أسلحة يعود لقوات النظام السابق بمحيط مطار القامشلي (المرصد السوري)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: تركيا ستطالب أميركا بموقف حاسم من «الوحدات» الكردية

أكدت تركيا استمرار الفصائل الموالية لها في التقدم بمناطق «قسد»، وقالت مصادر إنها ستطلب من وزير الخارجية أنتوني بلينكن موقفاً أميركياً ضد «الوحدات» الكردية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا صورة أرشيفية مؤرخة 3 أغسطس 2024 تُظهر خليل الرحمن حقاني وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» المؤقتة وهو يتحدث مع الصحافيين في كابل (إ.ب.أ)

إجراءات أمنية مشدَّدة استعداداً لجنازة وزير أفغاني قُتل في تفجير انتحاري

فرضت أفغانستان إجراءات أمنية مشددة، الخميس، قبل جنازة وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» خليل حقاني الذي قُتل في تفجير انتحاري.

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد)
آسيا خليل حقاني يلقي كلمة بعد صلاة الجمعة في كابل عام 2021... كان شخصية بارزة في صعود «طالبان» إلى السلطة (نيويورك تايمز)

أفغانستان: عائلة حقاني وزير شؤون اللاجئين تعلن مقتله في انفجار كابل

قال أنس حقاني، ابن شقيق القائم بأعمال وزير شؤون اللاجئين في حكومة «طالبان» بأفغانستان، خليل الرحمن حقاني، إن الوزير وستة آخرين قُتلوا في تفجير بالعاصمة كابل.

«الشرق الأوسط» (كابل - إسلام آباد)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.