وزراء لـ «الشرق الأوسط»: المؤتمر مرحلة انطلاق مهمة... وفرصة لإعادة رواية الأردن

جانب من جلسة حوارية جمعت وزير التجارة والصناعة الاردني د.طارق الحموري ووزير الاستثمار الاردني مهند شحادة ضمن مؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من جلسة حوارية جمعت وزير التجارة والصناعة الاردني د.طارق الحموري ووزير الاستثمار الاردني مهند شحادة ضمن مؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)
TT

وزراء لـ «الشرق الأوسط»: المؤتمر مرحلة انطلاق مهمة... وفرصة لإعادة رواية الأردن

جانب من جلسة حوارية جمعت وزير التجارة والصناعة الاردني د.طارق الحموري ووزير الاستثمار الاردني مهند شحادة ضمن مؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من جلسة حوارية جمعت وزير التجارة والصناعة الاردني د.طارق الحموري ووزير الاستثمار الاردني مهند شحادة ضمن مؤتمر أمس («الشرق الأوسط»)

قال وزير الاستثمار الأردني مهند شحادة لـ«الشرق الأوسط»، على هامش مؤتمر «الأردن... نمو وفرص... مبادرة لندن»، في المملكة المتحدة، أمس، إن «الهدف من هذا المؤتمر هو إعادة رواية الأردن». مشيراً إلى أن البلاد ما بين عامي 2000 و2008 كانت لديها نسب النمو الأعلى في المنطقة، لكنها تعرضت لصدمات اقتصادية خارجية، ناجمة عن محاربة الإرهاب والأزمة المالية وموجة اللجوء السوري، التي بدورها أثرت على الاقتصاد.
وأضاف شحادة: «مع ذلك، الاقتصاد الأردني استمر بالنمو، وهدفنا اليوم أن نضع العالم بصورة الفكرة الاستثمارية المستقبلية التي تتمحور حول تصدير الخدمات والريادة، وأن الأردن بوابة لمليار عميل؛ وذلك لوجود اتفاقات حرة بينه وبين الولايات المتحدة وكندا».
ولفت وزير الاستثمار الأردني إلى أهمية قطاع السياحة في الأردن، الذي يشهد نمواً متسارعاً. واعتبر المؤتمر بداية لترويج الأردن اقتصادياً، تليها فعاليات أخرى، مثل المنتدى الاقتصادي العالمي الذي سيعقد في منطقة البحر الميت بالأردن في 7 أبريل (نيسان) المقبل.
إلى ذلك، قالت الدكتورة ماري قعوار، وزيرة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، إن الأردن تعرض لظروف استثنائية نتيجة الوضع الإقليمي، ما أدى إلى زيادة المديونية بشكل كبير وانخفاض الصادرات وارتفاع نسب البطالة.
وأضافت قعوار لـ«الشرق الأوسط» أن «النمو الاقتصادي انخفض، لذا لن نستطيع تحقيق نمو مستدام من غير حلّ قضية العجز بالموازنة، وهذه حلقة نريد أن نكسرها». واستطردت: «نود توجيه رسالة للمجتمع الدولي أن استقرار الأردن سياسياً واقتصادياً أولويتنا، لكن ذلك لن يتحقق إلا بمساعدة خارجية لتغطية العجز». مشيرة إلى أنه بالمقابل «يكمن دور الأردن بخلق البيئة الملائمة لنمو وتسهيل الأعمال لاستقطاب الاستثمار الأجنبي». وأضافت: «لدينا مسؤولية أيضاً بتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وخلق فرص عمل جديدة»، معتبرة أن «وزارة التخطيط حلقة الوصل بين احتياجات البلاد التنموية والعلاقات الدولية مع المانحين».
وبدوره، أكد الدكتور طارق الحموري، وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني، أن المؤتمر يمثل مرحلة انطلاق مهمة في مسيرة الإصلاح الاقتصادي في البلاد، التي تم الاتفاق عليها مع البنك الدولي. وأضاف الحموري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الزمن هو التحدي الأكبر الذي يواجه الأردن اليوم». وأوضح أن «هنالك عملاً حقيقياً على الأرض في الملف الاقتصادي والملف المالي وملف خلق فرص العمل وزيادة الاستثمارات، لكننا نحتاج إلى زمن للوصول إلى الهدف المرجو، لذا، أكبر تحدٍ هو اختصار الزمن».
وأكد الحموري أن جميع القطاعات الصناعية في الأردن اليوم جاذبة، لكن «أكثر صادرات السلع من الأردن هي من قطاع المحيكات، إلا أن قطاعات صناعية أخرى - مثل صناعات الأثاث والصناعات الكيماوية - هنالك حركة كثيفة عليها، لأن حجم الصادرات يأخذ بالزيادة، إذ زادت صادرات الأردن رغم التحديات الاقتصادية التي تعيشها البلاد».
وكان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز قال إن اقتصاد بلاده بدأ يتحسن بعد أقل من عام على الشروع في تنفيذ إصلاحات مالية صعبة مطلوبة لخفض الدين وحاسمة لتحفيز النمو الذي تضرر بالصراعات في المنطقة.
وقبل انعقاد مؤتمر رئيسي للمانحين في لندن أمس، قال الرزاز لـ«رويترز» إن بلاده ستعرض خطواتها والتزامها بتنفيذ الإصلاحات المالية والهيكلية التي يدعمها صندوق النقد والحاسمة لتحفيز الاقتصاد.
وكان الملك عبد الله قد عيّن الرزاز في يونيو (حزيران). ونجح الرزاز، الذي كانت مهمته الأساسية استعادة الثقة، في دفع البرلمان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لإقرار قانون ضريبي جديد، بمثابة دعامة رئيسية في إجراءات تقشفية، لتخفيف الأزمة المالية وتحفيز النمو الراكد الذي ظل يحوم حول اثنين في المائة في السنوات الأخيرة.
وقال الرزاز إن القاعدة الضريبية الموسعة، إلى جانب خفض الإنفاق العام، زادت من إيرادات الدولة وقلصت الضغوط على موارد الدولة التي تكافح لكبح دين عام يبلغ نحو 40 مليار دولار.
وأضاف الرزاز، الذي يقود وفد بلاده في مؤتمر لندن، أن «أساسات الاقتصاد بدأت تتحسن كلها... المؤشرات المالية والاقتصادية الشاملة أفضل». وتهدف خطة التعزيز المالي للبلاد إلى خفض الدين العام إلى 77 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2021، من 95 في المائة حالياً. وقال الرزاز: «أخذنا الدواء المرّ الذي كان مطلوباً، وفعل الأردن كل ما بوسعه على الصعيد المالي لإتاحة المجال أمام النمو». وأضاف أن العبء يقع الآن على مجتمع المانحين الدولي لدفع البلاد «إلى تحقيق نمو مستدام».



تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
TT

تقلبات اليورو تهدد الاستقرار العالمي

مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)
مسؤول في البنك المركزي النمساوي يتسلم أوراقاً نقدية جديدة من فئة 200 يورو (رويترز)

مع اقتراب اليورو من أسوأ شهر له منذ أوائل 2022، يحذر المحللون من أن التقلبات الحادة في العملة قد تصبح المصدر القادم لعدم الاستقرار في الأسواق العالمية، خاصة بعد أن أحدثت تقلبات الين الياباني، في أغسطس (آب) الماضي، اضطرابات عبر الأصول المختلفة.

وانخفض اليورو بنحو 3.8 في المائة أمام الدولار، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، وهو الآن يقترب من مستوى 1 دولار الرئيسي، تحت ضغط عدة عوامل تشمل خطط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لفرض تعريفات تجارية، وضعف الاقتصاد في منطقة اليورو، وتصاعد النزاع بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت نفسه، تسهم رهانات النمو الأميركي في تقوية الدولار والأسواق الأميركية، وفق «رويترز».

ورغم ذلك، يبقى المستثمرون والمتداولون في العملات منقسمين حول المسار القادم للعملة الأوروبية، حيث يُعدّ الدولار نفسه مهدَّداً بتداعيات التضخم الناجم عن التعريفات وزيادة الديون الحكومية التي قد تُزعزع الثقة في الأسواق والاقتصاد الأميركي.

وقد تتصاعد حالة عدم اليقين إذا استمر اليورو في التراجع، مما يزيد من احتمالية حدوث تحولات مفاجئة قد تؤدي إلى تأثيرات غير متوقعة على الاستراتيجيات الاستثمارية المرتبطة بسياسات ترمب، مثل تلك التي تراهن على انخفاض اليورو وارتفاع الأسهم الأميركية، وفقاً لما أشار إليه المحللون.

في هذا السياق، قال كيت جاكس، رئيس استراتيجية العملات الأجنبية في «سوسيتيه جنرال»: «نحن نشهد تقلبات هائلة، حيث بدأ المتداولون التساؤل: هل نتجاوز سعر صرف اليورو مقابل الدولار أم يعود إلى مستوياته السابقة؟». وأضاف: «الخلاصة هي أننا سنرى مزيداً من المناقشات الساخنة في كلا الاتجاهين بشأن اليورو، وأنا شخصياً لا أعتقد أن هذه الارتباطات العالية بين الأصول سوف تستمر».

وبدأت أزمة السوق، في أغسطس، بتقلبات الين مقابل الدولار، والتي فاجأت صناديق التحوط التي كانت تراهن ضد العملة اليابانية، وتحولت إلى بيع الأسهم لتمويل طلبات الهامش.

وحذّرت الجهات التنظيمية من أن الأسواق قد تصبح عرضة لمثل هذه الأحداث، عندما تتغير الروايات الاقتصادية بسرعة، وخاصة في ضوء المستويات العالية من الاستدانة في النظام.

وأضاف جاكس: «إذا تجاوزنا نقطة تكافؤ اليورو مع الدولار، فسنبدأ مواجهة المخاوف التي شهدناها من قبل في الأسواق».

التداعيات المحتملة

يُعد زوج اليورو/الدولار الأميركي هو الزوج الأكثر تداولاً في الأسواق العالمية. والتغيرات السريعة في سعر صرفه يمكن أن تعطل أرباح الشركات المتعددة الجنسيات، فضلاً عن التأثير على آفاق النمو والتضخم في البلدان التي تعتمد على استيراد أو تصدير السلع بالدولار.

وقال ثيموس فيوتاكيس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي في «باركليز»، إن «اليورو هو معيار رئيسي»، مما يعني أن الدول الحساسة للتجارة مثل الصين وكوريا الجنوبية وسويسرا قد تسمح لعملاتها بالضعف مقابل الدولار، إذا استمر اليورو في الانخفاض؛ من أجل الحفاظ على قدرة صادراتها على المنافسة مقابل منتجات منطقة اليورو.

وأشار فيوتاكيس إلى أن الجنيه البريطاني، الذي انخفض بنحو 2 في المائة أمام الدولار في نوفمبر ليصل إلى نحو 1.26 دولار، سيكون حساساً جداً تجاه أي تقلبات في تحركات اليورو.

وأصبحت الأسواق أيضاً أكثر حساسية لتحركات اليورو/الدولار، بعد أن لاحظ خبراء استراتيجيات العملة تدفقاً من المتداولين على عقود الخيارات التي تجمع الرهانات على النتائج المرتبطة بسياسات ترمب، مثل ضعف اليورو، وارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز».

وقال فيوتاكيس: «لقد رأينا كثيراً من المستثمرين يحاولون الاستثمار في هذه النتائج المشروطة»، منوهاً بالارتباطات بين تحركات العملة والأسواق الأوسع.

انقسام الآراء بشأن المستقبل

في الوقت نفسه، يبدو أن مديري الأصول على المدى الطويل منقسمون بشكل كبير بشأن الاتجاه المستقبلي لليورو والدولار، مما يشير إلى أن هذا الزوج من العملات قد يشهد تقلبات ملحوظة في الأشهر المقبلة.

وقال ويليم سيلز، كبير مسؤولي الاستثمار في وحدة الخدمات المصرفية الخاصة والثروات ببنك «إتش إس بي سي»: «نتوقع أن يهبط اليورو إلى 99 سنتاً، بحلول منتصف العام المقبل».

في المقابل، اقترح كبير مسؤولي الاستثمار في «أموندي»، أكبر مدير للأصول في أوروبا، فينسنت مورتييه، أن انخفاض أسعار الفائدة في منطقة اليورو قد يعزز النشاط الاقتصادي والإنفاق الاستهلاكي، وهو ما قد يساعد في رفع اليورو إلى 1.16 دولار، بحلول أواخر عام 2025.

وفي سوق خيارات العملة السريعة، كان المتداولون في أواخر يوم الثلاثاء يقدّرون احتمالات بنسبة 56 في المائة بأن ينتهي العام باستعادة اليورو بعض الأرض فوق مستواه الحالي عند نحو 1.047 دولار، على الرغم من أن البنوك الكبرى، مثل «جيه بي مورغان»، و«دويتشه بنك»، قالت إن التحرك إلى دولار واحد قد يحدث، خاصة إذا كان مرتبطاً بمزيد من التعريفات الجمركية.

وقد أدى ازدياد الرهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيخفض أسعار الفائدة بنصف نقطة مئوية إلى 2.75 في المائة، الشهر المقبل، إلى إضعاف اليورو بشكل كبير.

لكن الرواية السائدة بأن سياسات ترمب الاقتصادية، مثل ارتفاع التضخم الناجم عن الرسوم الجمركية، سوف تُبقي أسعار الفائدة مرتفعة والدولار قوياً، بدأت تتعرض لبعض الضغوط.

في هذا السياق، قال ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة «يوريزون إس جيه إل كابيتال»، إن الولايات المتحدة قد تواجه ما يسمى «لحظة يقظة السندات»، إذا قام المقرضون في سوق سندات الخزانة الأميركية التي تبلغ قيمتها 27 تريليون دولار، برفع تكلفة الديون؛ في محاولة للحد من التخفيضات الضريبية المموَّلة بالديون المفرطة. وأضاف: «من المحتمل أن يسمح هذا بالتيسير المالي، مما يسمح بهبوط هادئ للاقتصاد الأميركي، وخفض أسعار الفائدة طويلة الأجل، ومن ثم جعل الدولار مُبالغاً في قيمته».