المعارضة السورية تخوض معركة الدفاع عن «مارع».. والائتلاف يدعو واشنطن إلى تدخل عسكري

«داعش» يعدم 8 مقاتلين من «جبهة الأكراد».. ومصير العشرات من الكتائب الإسلامية مجهول

صورة أرشيفية لعناصر من «داعش» تتقدم نحو قرية عين عيسى بريف الرقة الغربي ( ا ف ب)
صورة أرشيفية لعناصر من «داعش» تتقدم نحو قرية عين عيسى بريف الرقة الغربي ( ا ف ب)
TT

المعارضة السورية تخوض معركة الدفاع عن «مارع».. والائتلاف يدعو واشنطن إلى تدخل عسكري

صورة أرشيفية لعناصر من «داعش» تتقدم نحو قرية عين عيسى بريف الرقة الغربي ( ا ف ب)
صورة أرشيفية لعناصر من «داعش» تتقدم نحو قرية عين عيسى بريف الرقة الغربي ( ا ف ب)

احتدمت أمس الاشتباكات في المعركة التي تقودها المعارضة السورية للدفاع عن بلدة مارع أحد معاقلها الرئيسة شمال حلب في وجه هجوم متسارع لعناصر تنظيم «داعش» الذي يحقق تقدما سريعا في ريف المحافظة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطين. وفيما دعا الائتلاف السوري المعارض واشنطن إلى «تدخل سريع» ضد تنظيم «داعش» والنظام في دعوة غير مباشرة إلى شن غارات جوية، أعلنت «حركة حزم» أمس عن إرسالها تعزيزات عسكرية على جبهات عدة، لا سيما في الريف الشرقي لمدينة حلب، وذلك بغية إيقاف تقدم «داعش» في تلك المناطق.
وتأتي دعوة الائتلاف غداة إصدار مجلس الأمن قرارا ضد العناصر الجهادية في سوريا والعراق، وبعد أكثر من أسبوع من بدء واشنطن شن غارات جوية ضد «داعش» في شمال العراق. وقال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة هادي البحرة «إنني وباسم الإنسانية أدعو الأمم المتحدة وجميع الدول المؤمنة بالحرية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، أن تتعامل مع الوضع في سوريا كما تعاملت مع الوضع في كردستان العراق، فالمسببات واحدة والعدو واحد ولا يجوز الكيل بمكيالين».
وأضاف خلال مؤتمر صحافي في مدينة غازي عنتاب التركية «أدعوهم للتدخل بشكل سريع لوقف المجازر التي ترتكبها عصابات الإرهاب الداعشي (في إشارة إلى داعش) والأسدي بحق الشعب السوري المظلوم». وأضاف «العالم أجمع مدعو اليوم لتدخل سريع وعاجل وفعال لمساعدة مقاتلي الجيش الحر المدافعين عن الحرية ضد عصابات التطرف والإرهاب، التي ارتكبت وترتكب يوميا مجازر يندى لها الجبين».
وأعدم {داعش} 700 من عشيرة الشعيطات في شرق سوريا خلال الاسبوعين الماضيين وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وفي ريف حلب أيضا، أعدم تنظيم الدولة الإسلامية 8 مقاتلين من لواء جبهة الأكراد، كان قد أسرهم خلال سيطرته على بلدة أخترين قبل 3 أيام، بينما لا يزال مصير عشرات الأسرى من مقاتلي الكتائب الإسلامية والكتائب المقاتلة ولواء جبهة الأكراد مجهولا حتى الآن. وكان أحد الناجين من إعدامات «داعش» في بلدة أخترين قد أبلغ نشطاء المرصد قبل يومين بأن التنظيم أعدم في الـ13 من الشهر الحالي 9 مقاتلين ذبحا، وقام بفصل رؤوسهم عن أجسادهم في بلدة أخترين.
ويحقق «داعش»، الذي بات يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق، تقدما مهما في ريف حلب في الأيام الماضية، وتمكن من السيطرة خلال الأيام الثلاثة الماضية على عشر بلدات وقرى كانت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، محاولا التقدم نحو بلدة مارع ومدينة أعزاز الحدودية مع تركيا. وقد تؤدي سيطرة التنظيم المتطرف على أعزاز ومارع إلى توجيه ضربة قاصمة إلى مقاتلي المعارضة الذين يخوضون معارك مع قوات نظام الرئيس بشار الأسد، ومسلحي تنظيم داعش.
وتعد مارع المعقل الرئيس لتنظيم «الجبهة الإسلامية»، أكبر تشكيلات المعارضة المسلحة التي تخوض معارك ضد النظام و«داعش». وقال ناطق باسم «المجلس الثوري» لبلدة مارع عرّف عن نفسه باسم «أبو عمر»، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «الضغط العسكري يتركز الآن على مارع»، وإن المعارك تدور على بعد نحو عشرة كيلومترات إلى الشرق منها. وأضاف أن مقاتلي المعارضة «أرسلوا تعزيزات كبيرة وأسلحة إلى محيط بلدة مارع وداخلها» مضيفا أن «المقاتلين يعتبرون هذه المعركة أهم معركة ضد تنظيم داعش، وأنه لا مجال لخسارتها».
وأشار «أبو عمر» إلى أن التنظيم المتطرف الذي تشن واشنطن غارات جوية ضده في شمال العراق، يستخدم أسلحة ثقيلة أميركية الصنع، كان استولى عليها من الجيش العراقي إثر هجوم مفاجئ شنه في شمال البلاد وغربها في يونيو (حزيران) الماضي. وقال المرصد إن مصير العشرات من مقاتلي المعارضة الذين أسرهم التنظيم لا يزال مجهولا، مشيرا إلى أنه تم قطع رؤوس 17 مقاتلا معارضا على يد «داعش»، بينهم ثمانية يوم أمس في بلدة اخترين التي سيطر عليها التنظيم هذا الأسبوع.
ومن شأن السيطرة على مارع القريبة من الحدود التركية، وأعزاز التي يوجد فيها معبر حدودي مع تركيا، أن تقطع خط إمداد رئيسا للمعارضين.
وفي موازاة تقدم «الدولة الإسلامية»، يواجه مقاتلو المعارضة هجوما من القوات النظامية على الأطراف الشرقية والشمالية الشرقية لمدينة حلب. وأوضح المرصد أنه «مساء الجمعة، شنت القوات النظامية والمسلحون الموالون لها، هجوما عنيفا استمر حتى الفجر، باتجاه مخيم حندرات وتلة الكندي الاستراتيجية». وأشار إلى أن السيطرة على هذه التلة تتيح للنظام السيطرة بالنار على الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة في شرق حلب، والتي تتعرض يوميا لقصف من الطيران السوري.
في موازاة جبهة حلب، شن الطيران الحربي التابع للجيش السوري النظامي، أمس، ثلاث غارات على مدينة الطبقة ومحيطها في ريف الرقة الغربي، وأطلقت مقاتلات الجيش النظامي صاروخا على منطقة المصرف في الحي الأول، فيما سقط آخر عند مفرق المدينة قرب المطار العسكري، واستهدفت الغارة الثالثة منطقة الكازية في بلدة المنصورة غرب الرقة. وقال ناشطون ميدانيون معارضون إن الغارات أتت بعد ليلة من الاشتباكات التي وصفوها بـ«العنيفة» بين تنظيم داعش والجيش النظامي، الذي حاولت عناصر فيه التسلّل من البوابة الغربية لمطار الطبقة العسكري، عبر قرية جليب العجيل.
وفي ريف دمشق، شن الطيران الحربي التابع للجيش السوري النظامي، أمس، غارات على جرود قرية المشرفة (فليطة) في القلمون الغربي بريف دمشق، مستهدفا مقرات وآليات تابعة للمعارضة المسلحة المنتشرة في المنطقة. وأكّدت مصادر إعلامية موالية للنظام أن الجيش النظامي استهدف أمس مستودعات تابعة لقوات المعارضة المسلحة في جرود القلمون في ريف دمشق، إضافة إلى مستشفيات ميدانية وآليات عسكرية مجهّزة بالأسلحة الرشاشة الثقيلة.
وارتفع عدد قتلى تفجير السيارة المفخّخة الذي وقع بعد صلاة أول من أمس الجمعة، أمام مسجدٍ في بلدة نمر بريف درعا الشمالي، إلى 23 قتيلا. وقال ناشطون معارضون من درعا إن عدة أشخاص «لا يزالون مفقودين»، فيما لم يتمكن سكان القرية من التعرف على عدد كبير من الجثث «لشدة تشوهها». وقد نتج التفجير عن انفجار سيارة نقل كانت مركونة أمام باب المسجد ومعدة للانفجار لحظة خروج المصلين. وأدى التفجير أيضا إلى دمار في الواجهة الأمامية للمسجد المستهدف والمحال التجارية القريبة منه.
من جهتها، أعلنت فرقة الحمزة العسكرية، المعارضة والتابعة للجيش السوري الحر، أنها ألقت القبض على أحد المسؤولين عن تفجير مسجد نمر، والذي «اعترف» بأنه كان يخطط لتفجير سيارة أخرى أمام مسجد الحجر في مدينة جاسم شمال المحافظة، حسب ما قالت.
كما اعترف المتهم، الذي أُوقف على حاجز تابع للمعارضة المسلحة جنوب بلدة برقة المجاورة لجاسم، بأنه عضو في «خلية مكونة من 25 متعاملا مع النظام» ينفّذون أعمالا ضد المعارضة في جاسم ونمر، وذلك حسب الفرقة المعارضة، التي أعلنت إلقاء القبض على ستة من عناصر الخلية، فيما لا يزال البحث عن الآخرين «جاريا».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.