تستيقظ ضحى السيد أحمد من النوم في الخامسة من صباح كل يوم لتعد وجبة الفطور لابنها قبل أن تصطحبه الي مدرسته بسيارتها الـ"فان"، وتصطحب أيضا أبناء الجيران لإيصالهم إلى مدارسهم مقابل أجور متواضعة، متحديةً تقاليد المجتمع المصري لتشغل فراغها وتساعد زوجها في توفير مصاريف المنزل.
"المشروع" بدأ في بعض أحياء القاهرة وكانت ضحى من بين عدد من السيدات اللواتي خضنه ونجحن في توسيع نطاقه. وتقول ضحى لـ "الشرق الأوسط" إن هذه "الفكرة جاءت نتيجة ارتفاع الأسعار المتزايد باطّراد وحاجة العائلة إلى دخل إضافي، ذلك أن زوجها يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية وراتبه بالكاد يكفي المتطلبات الأساسية للمنزل. وتضيف: "عندما حان موعد دخول ابني المدرسة وجدت أنه من الصعب أن نشترك بالحافلات الخاصة بالمدارس بسبب ارتفاع البدلات، لذلك قررنا أنا وزوجي إيصاله بواسطة وسائل المواصلات العامة، بيد أن ذلك كان يكلفنا نحو 40 جنيهاً يومياً، وهو ما يزيد العبء على العائلة... تذكرت بعض الأخبار التي سمعتها عن سيدات يقدن الميكروباص أو الـ"توك توك" وشاحنات النقل الثقيل، فسألت نفسي لماذا لا أتعلم القيادة لأوصل إبني وأبناء جيراني إلى مدارسهم؟ من هنا اتخذت القرار وحاولت اقناع زوجي به، خصوصاً أن الجيران أبدوا رغبة في الاتفاق معي على إيصال أبنائهم مقابل مبلغ مالي متوسط مقارنة بما يدفعونه لحافلات المدارس".
تمكنت ضحى من إقناع زوجها بالفكرة، خصوصاً أني "سأعمل في محيط المنطقة التي نقيم فيها وحيث تقع مدرسة ابني. وبعدما وافق زوجي اصطحبني لشراء سيارة "فان" بالتقسيط".
تبدأ ضحى يومها بنقل التلاميذ من بنين وبنات إلى بوابة المدرسة قبل أن تعود إلى منزلها لتؤدي كل أعمال المنزل، ثم تخرج مجدداً في الأولى بعد الظهر لتعيد التلاميذ إلى منازلهم، علماً أن عددهم يبلغ الآن ستة.
عن رأي زوجها في العمل الذي تقوم به تقول ضحى: "زوجي لا يخجل من عملي، بل ازداد احترامه لي ويفتخر بي أمام أفراد عائلته وعائلتي الذين لم يصدقوا في البداية أنني سأقوم بهذا العمل". وتشير إلى أنها سعيدة للغاية بعدما تمكنت من سداد أقساط السيارة وأصبح لها كيان مالي خاص بها.
هويدا وابنتها
تقول هويدا محمد إنها لم تكن تفكر في قيادة السيارات من الأساس، لكن بعد مرور زوجها بظروف سيئة نتيجة تركه عمله، قررت بيع كل ما تملكه من حلي ذهبية لدفع مقدم لسيارة "فان" للعمل عليها. وأوضحت أن ابنتها الكبرى ساعدتها في البداية على تنفيذ الفكرة، وعملت على طباعة بطاقات وتوزيعها على الأصدقاء والمعارف لزيادة الإقبال على خدمات والدتها.
واليوم يبلغ عدد التلامذة الذين تنقلهم هويدا إلى المدرسة ومنها سبعة، وهي سعيدة بعملها على الرغم من تعرضها لبعض المضايقات والتعليقات غير المناسبة، إضافة إلى أنها استطاعت كسب ثقة زملائها من الرجال الذي ينبرون لحمايتها في حال تعرضها لمشكلة.
لا تخجل هويدا من مهنتها ولا تعتبرها متواضعة بالنسبة إلى سيدة مثلها تحمل إجازة جامعية في الخدمة الاجتماعية.
*من «مبادرة المراسل العربي»