الائتلاف السوري منقسم حيال «جنيف 2» ويدعم المقاتلين ضد «القاعدة»

منافسة بين الجربا وحجاب على رئاسته

منافسة بين الجربا (يمين) وحجاب على رئاسته الائتلاف السوري
منافسة بين الجربا (يمين) وحجاب على رئاسته الائتلاف السوري
TT

الائتلاف السوري منقسم حيال «جنيف 2» ويدعم المقاتلين ضد «القاعدة»

منافسة بين الجربا (يمين) وحجاب على رئاسته الائتلاف السوري
منافسة بين الجربا (يمين) وحجاب على رئاسته الائتلاف السوري

في حين يلتئم الائتلاف الوطني السوري المعارض، اليوم وغدا، في إسطنبول، تتزايد الضغوط الدولية عليه لحمله على قبول المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» للسلام المقرر في 22 الحالي في مدينة مونترو السويسرية.
وستبحث الهيئة العامة للائتلاف اليوم قرارها النهائي بشأن المشاركة في مؤتمر «جنيف 2» وانتخاب هيئة رئاسية جديدة للائتلاف في وقت تنحصر فيه المنافسة بين رئيس الائتلاف الحالي أحمد الجربا ورئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب.
وقالت مصادر غربية وأخرى من المعارضة السورية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن الائتلاف في «وضع حرج» في حال المشاركة في المؤتمر أو من عدمها. فضلا عن أن خطر الانقسام يتهدد صفوفه، بعد أن أعلن المجلس الوطني، وهو مكون أساسي من مكوناته، أنه يرفض التوجه إلى جنيف، وأنه قد ينسحب من الائتلاف في حال قبل الأخير الدعوة التي لم توجه إليه، بعد بانتظار أن يحسم أمره، ويشكل وفده المفاوض.
وأفادت مصادر المعارضة أن ثمة تيارا داخل الائتلاف يدفع باتجاه المشاركة «بأي ثمن» على الرغم من غياب «الضمانات» التي طلبتها المعارضة عربيا وإقليميا ودوليا، وغموض ما يمكن أن يسفر عنه المؤتمر لجهة تشكيل سلطة انتقالية تعود إليها كل الصلاحيات التنفيذية، في ظل الرفض المسبق والمعلن للنظام قبول تسليم سلطاته ورغبته بحرف غرض الاجتماع نحو محاربة الإرهاب، وهو ما يحظى بدعم الطرف الروسي.
فضلا عن ذلك، لا يبدو أن المعارضة ستحصل على ورقة ما «تسهل» عليها أمر المشاركة، كقبول النظام إطلاق سراح عدة آلاف من النساء والأطفال، أو فك الحصار عن عدد من المناطق، أو قبول إيجاد ممرات إنسانية آمنة.
وطالبت المعارضة في الأيام الماضية بإقامة منطقة حظر جوي كلي أو جزئي. ولا شيء يفيد بأن أمرا كهذا سيتحقق أو حتى يطرح على طاولة النقاش، علما بأنه يحتاج لقرار ملزم من مجلس الأمن، وهو أمر مستبعد كليا في الوقت الحاضر.
بيد أن تيار «الحمائم» الداعي للمشاركة داخل الائتلاف ينبه، على الرغم من كل المحاذير، على رفض الدعوة «لأنها سيكون بمثابة هدية لنظام الأسد» الذي «يقوم بكل ما هو في استطاعته لدفع المعارضة للامتناع». فضلا عن ذلك، فإن الرفض «سيثير حفيظة» عدد من أصدقاء الشعب السوري وعلى رأسهم الولايات المتحدة التي تضغط بكل قوة على المعارضة «للاستفادة» من فرصة جنيف والتحدث إلى العالم أجمع.
وبحسب مصادر الائتلاف، فإن ممثلي واشنطن «لم يقدموا أي شيء ملموس» للمعارضة، لجهة ما يمكن أن تسفر عنه مفاوضات جنيف. وفي السياق نفسه، فإن مصادر دبلوماسية أوروبية مواكبة للاتصالات الجارية تقول للمعارضة إن المواقف المعلنة، إن من قبل النظام أو من قبل الطرف الروسي، هي «مواقف تفاوضية»، مما يعني أنها قابلة للتبدل. وبخصوص الموقف الروسي بالذات، وعلى الرغم من ثبات موسكو في التأكيد على أن كل المسائل «يجب أن تطرح على طاولة المفاوضات»، فإن المصادر المشار إليها قالت لـ«الشرق الأوسط» إن موسكو «لن تقدم على خطوة التخلي عن الأسد، في حال قبلت التخلي عنه، إلا في نهاية المسار، أي بعد حصولها على ضمانات لجهة تشكيل الحكومة الانتقالية وصلاحياتها والشخصيات المؤثرة فيها ومستقبل القوات المسلحة السورية والأجهزة الأمنية والمصالح الروسية». ودعت هذه المصادر إلى توقع مفاوضات «صعبة ومعقدة» في جنيف.
ومقابل «الحمائم» الذين يرون أن مخاطر الامتناع تزيد على مساوئ المشاركة، فإن تيار «الصقور» يرى العكس تماما، انطلاقا من معطى أن المفاوضات «لن تسفر عن شيء»، وأنه «ليس في الأفق أي عنصر مشجع».
ويطرح هذا التيار حلا جذريا «بديلا» يقوم على السعي لتوحيد صفوف المعارضة الميدانية، من خلال التوصل إلى تفاهم وتعاون وتنسيق بين الجيش السوري الحر (أو ما تبقى منه) والجبهة الإسلامية «الجديدة» وجبهة ثوار سوريا التي تضم 16 فصيلا ومجموعة «الضباط الأحرار» ومجموعة قاسم سعد الدين وآخرين، والسعي لتشكيل «جبهة موحدة» من كل هؤلاء. ويرى دعاة هذا التيار أن هذا الخيار هو «الوحيد الممكن» حيث إن الائتلاف «لن يحصل على شيء» من جنيف، بل إنه قد يساهم من حيث لا يرغب في تثبيت شرعية الأسد في السلطة أو تغطية ترشحه مجددا، بينما المطلوب إخراجه من المشهد السياسي السوري.
ويتخوف التيار المعارض داخل الائتلاف من النتائج الكارثية عليه في حال شاركت المعارضة في المفاوضات بسبب رفض القاعدة الشعبية والقوى المقاتلة لمسار سياسي غير مضمون ولغياب آلية للتنفيذ ولحال ميزان القوى الميداني. وبخصوص النقطة الأخيرة، فقد كشفت مصادر معارضة أن ويندي شيرمان، مساعدة وزير الخارجية الأميركي، دعت المعارضة السورية التي التقتها أكثر من مرة، إلى «تناسي» موضوع إيجاد «توازن» ميداني قبل المفاوضات، وإلى «الاستفادة» من المنبر الذي سيشكله جنيف لتدافع المعارضة عن قضيتها.
وبحسب المعلومات والتقارير المتوافرة، فإن ثمة «تقاسما» للمهام بين واشنطن وموسكو، إذ تتولى الأولى مهمة التنسيق مع الأطراف المعارضة لتشكيل وفدها، بينما الثانية تتعهد النظام السوري.
ويرفض هذا التيار أن يكون الائتلاف داعية للتحارب الداخلي مع الجهات المتشددة، معتبرا أن الهدف اليوم هو إسقاط الأسد، وسيعود للشعب السوري لاحقا أن يقرر شكل النظام السياسي الذي يريده.
وتقارن مصادر غربية بين وضع المعارضة السورية في موضوع «جنيف 2» اليوم وحال السلطة الفلسطينية في المفاوضات مع إسرائيل، لجهة المكاسب أو الخسائر الناجمة عن خيار التفاوض أو عدمه.
وبين هؤلاء وأولئك، تجهد مجموعة من الائتلاف في البحث عن صيغة تنحي مسؤولية عدم انعقاد جنيف، عن عاتق المعارضة، وتتلافى الذهاب إلى المؤتمر الموعود بموجب الشروط التي يضعها النظام السوري، وتوفر مخرجا للمؤتمرين في إسطنبول اليوم وغدا، لتفادي مزيد من الانقسامات الداخلية.
وفي غضون ذلك، قال عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني عبد الرحمن الحاج في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة العامة للائتلاف ستتخذ خلال اجتماعها (اليوم وغدا) قرارها النهائي بشأن المشاركة في مؤتمر جنيف 2»، مؤكدا «وجود انقسام حاد في وجهات النظر بشأن المشاركة في المؤتمر الدولي، بحيث يتساوى عدد مؤيدي الذهاب إلى جنيف مع عدد المعارضين لهذه الخطوة».
وأوضح أن «البند الثاني المدرج على جدول اجتماع الهيئة العامة يتضمن انتخاب هيئة رئاسية جديدة للائتلاف»، لافتا إلى أن «المنافسة محصورة بين رئيس الائتلاف الحالي أحمد الجربا ورئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب المدعوم من كتلة أمين عام الائتلاف السابق مصطفى الصباغ»، مرجحا الكفة لصالح الجربا بسبب وجود إجماع أكبر عليه.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.