اعتقالات إسرائيلية لقيادات في القدس والضفة

السلطة تحذر من «حرب دينية»... وتدعو إلى تدخل دولي

جنود الاحتلال يقتادون معتقلاً في رام الله أمس (رويترز)
جنود الاحتلال يقتادون معتقلاً في رام الله أمس (رويترز)
TT

اعتقالات إسرائيلية لقيادات في القدس والضفة

جنود الاحتلال يقتادون معتقلاً في رام الله أمس (رويترز)
جنود الاحتلال يقتادون معتقلاً في رام الله أمس (رويترز)

اعتقلت إسرائيل محافظ القدس عدنان غيث، في إطار حملة واسعة في المدينة والضفة الغربية، طالت كذلك أعضاء في المجلس الثوري لحركة «فتح» وكوادر ونشطاء، ما اعتبرته الحركة «دعوة لحرب مفتوحة»، وعدته الرئاسة الفلسطينية «تنكراً لكل الاتفاقات».
وقال محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن قوات الاحتلال وعناصر من مخابراتها اقتحمت منزل المحافظ غيث واعتقلته ثم اقتادته إلى مركز شرطة المسكوبية للتحقيق. وهذا رابع اعتقال لغيث، بعدما اعتقل 3 مرات العام الماضي على خلفية التحقيق الذي أطلقته السلطة في تسريب عقارات في المدينة للمستوطنين، ثم أعقبته بقرار منعه من دخول الضفة الغربية المحتلة لمدة 6 أشهر.
وتتهم إسرائيل غيث بـ«تشكيل خطر على أمن الدولة، والقيام بنشاطات غير قانونية»، في إشارة إلى دوره كممثل للرئيس الفلسطيني في القدس، باعتبار أنها تحظر على السلطة العمل في المدينة.
واعتقل غيث إلى جانب 21 فلسطينياً في المدينة، بينهم المحامي مدحت ديبة، وهو من أبرز المحامين الذين ترافعوا في قضية مصلى «باب الرحمة». ويقول الفلسطينيون إن الاعتقالات جاءت على خلفية الأحداث التي شهدتها البلدة القديمة في مدينة القدس المحتلة عقب تمكن الفلسطينيين من فتح مصلى «باب الرحمة» يوم الجمعة الماضي، بعد إغلاق استمر 16 عاماً.
واعتقلت إسرائيل قبل ذلك نحو 100 فلسطيني، قبل أن تقرر إبعاد شخصيات دينية عن المسجد الأقصى، بينها رئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب.
وأزعج فتح المصلى إسرائيل التي رأت فيه تعزيزاً لقوة الفلسطينيين في المدينة، إلى الحد الذي تعهد معه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم السماح بإقامة مسجد آخر في المكان. ويدور في المدينة صراع سيادة على الأرض، وهو سبب مباشر في اعتقال المحافظ غيث أكثر من مرة. ويقول الفلسطينيون إنهم لن يبارحوا المسجد الذي يعد وقفاً إسلامياً كاملاً.
وعقد مجلس الأوقاف الإسلامي اجتماعاً طارئاً، أمس، في المسجد الأقصى، لبحث آخر التطورات المتعلقة بمصلى «باب الرحمة»، بعدما اقتحم عناصر من الوحدة الخاصة لدى شرطة الاحتلال المصلى وشرعوا في تصوير المصلين بداخله. وشارك في الاقتحام قائد شرطة الاحتلال وضباط مخابرات.
وقال عضو المجلس حاتم عبد القادر إنه يجري اتصالات حثيثة مع السلطات الأردنية حول الموضوع. وأضاف: «سيتم حسم مسألة ترميم مصلى باب الرحمة، والاستماع للجنة الإعمار عن الأعمال التي يجب القيام بها في المصلى».
وسببت قضية «باب الرحمة» توتراً بين إسرائيل والأردن. وقالت مصادر إسرائيلية إن الأحداث في المسجد الأقصى يمكن أن تؤدي إلى أزمة دبلوماسية مع الأردن. ووفقا لصحيفة «يسرائيل هيوم» فإن عمّان رفضت رسالة تل أبيب بشأن التدخل لتهدئة أزمة المسجد الأقصى. وقال مصدر رفيع في وزارة الخارجية الأردنية للصحيفة العبرية إنه تم نقل رسالة من إسرائيل إلى الأردن مؤخراً بشأن قضية «باب الرحمة» منعاً لتصعيد الأحداث.
وقالت إسرائيل في الرسالة إن الأوقاف في المسجد الأقصى «تنتهك أمر المحكمة الإسرائيلية بإغلاق باب الرحمة أمام المصلين، وتعمل على تصعيد الأوضاع». وهددت بأنه «في حال عدم التوصل إلى حل متفق عليه لمسألة باب الرحمة في الأيام المقبلة، فإن قوات الشرطة ستقوم بتنفيذ أمر المحكمة».
ورد المسؤول الأردني باتهام إسرائيل بالتصعيد، مضيفاً أن «الأوقاف ليست لديها القدرة أو الرغبة في منع الآلاف من المصلين من الصلاة عند باب الرحمة». وقالت الأوقاف إنها «لن تنصاع إلى قرار المحكمة الإسرائيلية بإغلاق باب الرحمة، نحن هنا ولن نذهب إلى أي مكان». وتخشى إسرائيل من أن يؤدي التصعيد في الموقف عند «باب الرحمة» إلى تصعيد أوسع يمتد من القدس إلى أرجاء الضفة الغربية كافة. وتبادلت أجهزة أمن إسرائيلية الانتقادات حول أزمة باب الرحمة. وقال مصدر أمني: «منذ اللحظة التي اقتلعوا فيها البوابات وأقاموا الصلاة هناك تحول المكان إلى مسجد ولا يمكن لأحد إخلاؤه بسهولة». وأضاف: «يمكن لإسرائيل أن تستعد لإخلاء الموقع بالقوة أو تقديم مخطط تفصيلي لا يعتبر المبنى مهماً لدرجة الوصول إلى تصعيد، وبالتالي العمل على تحويله إلى موقع سياحي أو مكتب للأوقاف».
والى جانب غيث، اعتقلت إسرائيل في رام الله ومدن أخرى عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» زكريا الزبيدي إضافة إلى محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين طارق برغوث وآخرين. وقالت إسرائيل إن اعتقال الزبيدي وبرغوث جاء «لتورطهما في أنشطة تحريضية جديدة». وكان الزبيدي قائداً لـ«كتائب شهداء الأقصى» التابعة لحركة «فتح» في جنين. واعتبرت «فتح» حملة الاعتقالات «دعوة إسرائيلية لمواجهة مفتوحة».
ودانت الرئاسة مسلسل الهجمات والاقتحامات والاستفزازات الإسرائيلية المتواصلة المتعلقة بالاعتقالات والاقتحامات، بما في ذلك اقتحام «باب الرحمة». وأكدت أن «هذه السياسة تؤكد أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في سياسة التنكر لكل الاتفاقات الموقعة ولكل القوانين والشرعية الدولية».
وحذرت من «خطورة المساس بالمسجد الأقصى المبارك، الذي سيكون تجاوزا لكل الخطوط الحمر، وسيؤدي إلى نتائج خطيرة لا يمكن السيطرة عليها». ودعت الدول العربية والإسلامية ومنظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الدولي إلى «التدخل الفوري لمنع جر المنطقة إلى صراع ديني لا نريده ونحذر منه باستمرار».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.