الحظر الروسي على السلع الغذائية الغربية فرصة لأميركا اللاتينية

الصادرات البرازيلية قد ترتفع هذه السنة من 300 إلى 500 مليون دولار

عاملة في قسم الألبان بمتجر في العاصمة الروسية موسكو ترتب أنواع الجبن في وقت وضعت الحكومة حظرا على واردات السلع الغذائية الغربية (رويترز)
عاملة في قسم الألبان بمتجر في العاصمة الروسية موسكو ترتب أنواع الجبن في وقت وضعت الحكومة حظرا على واردات السلع الغذائية الغربية (رويترز)
TT

الحظر الروسي على السلع الغذائية الغربية فرصة لأميركا اللاتينية

عاملة في قسم الألبان بمتجر في العاصمة الروسية موسكو ترتب أنواع الجبن في وقت وضعت الحكومة حظرا على واردات السلع الغذائية الغربية (رويترز)
عاملة في قسم الألبان بمتجر في العاصمة الروسية موسكو ترتب أنواع الجبن في وقت وضعت الحكومة حظرا على واردات السلع الغذائية الغربية (رويترز)

قال خبراء إن القرار الروسي بتعليق واردات السلع الغذائية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ردا على العقوبات المفروضة عليها لدورها في النزاع الأوكراني تشكل فرصة جيدة للقطاع الزراعي الغذائي الأميركي اللاتيني.
وبحسب الخبراء الذين تحدثوا لوكالة الصحافة الفرنسية فإنه وعلى الرغم من صعوبات المستوى والقدرة التنافسية المرتبطة بتكلفة الإنتاج لتلبية حاجات السوق الروسية العملاقة، يعتبر هؤلاء المحللون أن موسكو قد تطلب من البرازيل والأرجنتين وتشيلي والمكسيك إمداد المتاجر الكبرى المحلية.
ولفت جيزس فالديس دياز دو فيليغاس البروفسور في قسم الدراسات الاقتصادية في الجامعة الإيبيرية الأميركية في المكسيك إلى أن قرار حكومة فلاديمير بوتين «قد يحث شركات أميركية لاتينية على التوجه نحو السوق الروسية».
وأضاف: «لكن ذلك سيجري بحذر بسبب الوضع السياسي الناجم عن اتخاذ تدابير ضد روسيا».
ويوضح هذا الخبير أن الأمر يتعلق بـ«قرارات صادرة عن شركات دون أن تعكس دعما من حكومات (الدول المعنية) لروسيا».
في البرازيل التي تعد أكبر منتج للمواد الغذائية في المنطقة، أجازت الأجهزة الصحية الروسية صادرات 87 وحدة لإنتاج اللحوم واثنتين لإنتاج الحليب.
ورأى جوزيه أوغوستو دي كاسترو مدير هيئة التجارة الخارجية «أنها فرصة بالنسبة للبرازيل من الناحية التجارية. لكنها مشكلة سيتعين على البرازيل مواجهتها من الناحية السياسية».
وسيتعين بشكل خاص على قطاع اللحوم البرازيلي وخصوصا الدجاج أن يتخلص بمهارة من هذا الوضع الحساس. في المقابل لم تعد البرازيل تملك صويا للبيع هذا العام وإنتاجها من الفاكهة خاصة المدارية لا يمكنه منافسة إنتاج تشيلي على سبيل المثال كما قال دي كاسترو.
ويعتبر هذا المحلل أن الصادرات البرازيلية قد ترتفع هذه السنة من 300 إلى 500 مليون دولار على أثر القرار الروسي.
وستكون تشيلي أحد أكبر المنافسين للبرازيل بسبب موقعها الجيد في قطاعات الفاكهة والخضراوات. وبحسب إريك هايدل الخبير الاقتصادي في جامعة غابرييلا ميسترال «فإن تشيلي تملك فرصة كبيرة» بفضل «تقدمها النسبي» في القطاع الغذائي.
وأكد دييغو فيسنتي المسؤول عن برنامج تنمية الأعمال الذي وضعته الشركة الوطنية للزراعة من أجل تشجيع الصادرات التشيلية إلى روسيا، «أن الروس طلبوا منا مساعدتهم على إيجاد مزودين».
ويتوقع على المدى القصير أن تزداد المبيعات التشيلية من البطاطس والخوخ أو سمك السلمون.
وصرح مدير العلاقات الاقتصادية الدولية في وزارة الخارجية التشيلية أندريس ريبوليدو أخيرا أن بلاده ترى أيضا «فرصة» في الحظر الذي فرضته الحكومة الروسية على المنتجات الغذائية الأوروبية والأميركية، لكنه ذكر بأن الأمر «موضوع تجاري بحت» لا صلة له بالسياسة الخارجية.
إلى ذلك أكد ماتياس غارسيا تونون المنسق العام في غرفة التجارة والصناعة الروسية الأرجنتينية أن الطلبات الروسية تضاعفت أيضا في الأرجنتين.
وأوضح: «لقد تلقينا طلبات كثيرة من روسيا خاصة بالنسبة للحمضيات والمنتجات المشتقة من الحليب واللحم (...) تزايدت المشاورات لأن شبكة التوزيع الروسية الكبيرة ستستبدل منتجات كانت تستوردها من قبل من دول أخرى مثل ألمانيا وإيطاليا وهولندا. هناك فرص غير مسبوقة».
وبالنسبة لبعض الدول المنتجة مثل البرازيل يتعلق الأمر بتقوية أسواق موجودة أصلا. وقد ارتفعت المبادلات بين البلدين إلى 3 مليارات دولار بين يناير (كانون الثاني) ويوليو (تموز)، منها 563 مليونا فقط لقطاع اللحوم الذي يعد من القطاعات الرئيسة.
وفيما يخص تشيلي تعتبر روسيا سادس زبون لصادراتها من المنتجات الغذائية الزراعية. وقد بلغت قيمة المبادلات الثنائية في 2013 نحو 2.44 مليار دولار.
أما بالنسبة للمكسيك فإن 1 في المائة فقط من صادراتها تتوجه إلى روسيا بحسب أنطونيو غازول سانشيز من كلية الاقتصاد في جامعة مكسيكو المستقلة، القسم الأكبر منها من اللحوم والجعة ومشروب التيكيلا.
ولخص غازول سانشيز الوضع بقوله: «الآن تتوفر فرصة لحصول توازن» في المبادلات «إن استفدنا من الهوة التي تتسع مع الاتحاد الأوروبي».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.