تركيا ترفض نشر قوات دول أخرى في «المنطقة الأمنية»

TT

تركيا ترفض نشر قوات دول أخرى في «المنطقة الأمنية»

جددت تركيا رفضها نشر قوات من دول أخرى في المنطقة الأمنية المزمع إنشاؤها في شمال سوريا، معتبرة أنها هي الدولة الوحيدة التي يحق لها السيطرة على هذه المنطقة وإدارتها ما دام أنها تقع على حدودها.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن بلاده ترفض أن تدار المنطقة الأمنية من أي قوات أجنبية غير تركيا، مضيفا: «المنطقة تقع مقابل حدودنا الجنوبية، ولذلك لا بد أن تدار من قِبَل تركيا، لكننا نعمل وسنواصل العمل مع روسيا، وخاصة مع أجهزتها الأمنية والعسكريين».
وأضاف جاويش أوغلو في تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام أمس أن أنقرة مستمرة في التنسيق مع روسيا والولايات المتحدة وإيران بشأن إقامة المنطقة الأمنية في الشمال السوري، قائلا: «العمل مستمر لكن مساحة المنطقة الأمنية المزمع إنشاؤها لم تحدد بعد».
وفي السياق ذاته، قال جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي أمس، إن وفدا أميركيا سيزور تركيا اليوم لبحث موضوع انسحاب القوات الأميركية من سوريا. وأضاف أنه «ينبغي أن تتطابق آراؤنا مع الولايات المتحدة بشأن المنطقة الأمنية والمواضيع الأخرى ومجوعة العمل تجتمع لهذه الغاية (اليوم)، حيث سنبحث ما يمكن أن نفعله سويا».
وسبق أن قام وفد تركي برئاسة نائب وزير الخارجية سادات أونال بزيارة واشنطن قبل أسبوعين للغرض نفسه، قبل أن يزور وزير الدفاع التركي خلوضي أكار ورئيس الأركان يشار جولار واشنطن الأسبوع الماضي لإجراء مباحثات حول الانسحاب الأميركي ومنبج والمنطقة الآمنة.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن في مقابلة صحافية منذ يومين، أنه لا يستبعد مشاركة الشرطة العسكرية الروسية في إقامة «منطقة عازلة» على الحدود التركية السورية. وقال: «توجد لدينا خبرة عندما كانت الاتفاقات البرية حول وقف إطلاق النار ومراعاة الإجراءات الأمنية وإنشاء مناطق خفض التصعيد تجري بمشاركة الشرطة العسكرية الروسية. وهناك احتمال لذلك فيما يخص (المنطقة العازلة) المذكورة. لكن أشير مرة أخرى إلى أن العسكريين يقومون بإنهاء تنسيق التفاصيل، مع الأخذ بعين الاعتبار موقف دمشق وتركيا».
وأشار لافروف إلى أنه «لا يوجد لدينا فهم مشترك بشأن اعتبار أي من الأكراد (إرهابيين)، لدى تركيا موقف فريد، ونحن نفهم قلقهم، إلا أنه يجب فصل القمح عن القرف واستبيان أي من الفصائل الكردية متطرفة فعلا وتشكل خطرا على أمن تركيا».
وقال جاويش أوغلو في تعليق لوكالة «نوفوستي» الروسية: «نحن نقدر أن روسيا تتفهم مخاوف تركيا الأمنية لكننا مستمرون في العمل مع مختلف الأطراف... المنطقة الأمنية خلف حدودنا مباشرة، لذا يجب أن تقود تركيا هذه العملية... نعمل دائماً مع روسيا وسنواصل العمل، بما في ذلك مع الأمن والجيش الروسيين».
وأشارت تصريحات لافروف إلى «منطقة عازلة» بينما تتحدث أنقرة عن «منطقة آمنة» لاستيعاب اللاجئين وفق مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب القاضي بإنشاء منطقة آمنة في شمال شرقي سوريا. وبحسب مراقبين يبقى مصير تلك المنطقة «الآمنة أو العازلة» مرهونا بالاتفاقات والتفاهمات بين الأطراف المؤثرة وأولها النظام السوري وحلفاؤه.
في السياق ذاته، قال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) إن جزءا من القوات الأميركية سيبقى في مدينة منبج في ريف حلب الشمالي، حيث سيواصل الجنود القيام بدوريات مشتركة مع نظرائهم الأتراك.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن المسؤول أن المجموعة الثانية ستستقر شرق نهر الفرات كجزء من «منطقة آمنة» بين تركيا وسوريا، وستساعد «في تدريب المقاتلين المحليين وتقديم المشورة لهم حتى يتمكن المقاتلون من تأمين المناطق المستعادة من تنظيم داعش» الإرهابي.
على صعيد آخر، كشفت تقارير إعلامية عن تحرك الجيش التركي لإقامة 6 نقاط مراقبة جديدة في بلدتين بريف إدلب الشرقي، إلى جانب النقاط الـ12 الرئيسية التي نشرها بموجب اتفاق آستانة حول منطقة خفض التصعيد في إدلب.
وبحسب ما نقل عن «مركز إدلب الإعلامي» أمس، سيتم نشر النقاط الجديدة في تل الطوقان وتل السلطان غرب أبو الظهور على الطريق الواصل بين مدينة سراقب وبلدة أبو الظهور وأن عناصر من القوات التركية استطلعت، أول من أمس، مكان النقاط الست، على أن يبدأ إنشاء هذه النقاط في الأيام المقبلة حيث قام الجيش التركي بنصب كرفانات مسبقة الصنع في الأماكن التي سيتم تثبيت النقاط فيها.
وتتزامن هذه الخطوة مع تصاعد القصف المدفعي والصاروخي من قبل قوات نظام الأسد على البلدات الواقعة ضمن المنطقة منزوعة السلاح، المتفق عليها بين روسيا وتركيا في سوتشي في سبتمبر (أيلول) العام الماضي.
وتأتي عقب القمة الروسية - التركية - الإيرانية في سوتشي مؤخرا حيث اتفق على أن تقوم القوات التركية بتسيير دوريات في المنطقة منزوعة السلاح في إدلب لمراقبة الوضع في المنطقة ووضع حد للقصف العشوائي من قبل النظام السوري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.