مظاهرات طلابية حاشدة ضد «الولاية الخامسة»... وبوتفليقة ماضٍ في ترشحه

سلاّل يتحدّى المحتجين بإعلان أن الرئيس سيقدم ملفه الأحد المقبل

جانب من مظاهرات طلاب الجامعات في العاصمة الجزائرية أمس رفضا لترشح بوتفليقة (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات طلاب الجامعات في العاصمة الجزائرية أمس رفضا لترشح بوتفليقة (إ.ب.أ)
TT

مظاهرات طلابية حاشدة ضد «الولاية الخامسة»... وبوتفليقة ماضٍ في ترشحه

جانب من مظاهرات طلاب الجامعات في العاصمة الجزائرية أمس رفضا لترشح بوتفليقة (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات طلاب الجامعات في العاصمة الجزائرية أمس رفضا لترشح بوتفليقة (إ.ب.أ)

هدد رئيس أركان الجيش الجزائري، أمس، باستعمال القوة ضد المتظاهرين من رافضي «الولاية الخامسة» للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فيما أطلقت قوات مكافحة الشغب القنابل المسيلة للدموع لتفريق آلاف الطلاب الجامعيين، خلال محاولتهم السير نحو قصر الرئاسة. وفي غضون ذلك، قال عبد المالك سلال، مدير حملة الرئيس، إن بوتفليقة سيقدم ملف ترشحه لـ«المجلس الدستوري» يوم الأحد المقبل. وأكد الفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، من جديد، دعمه الكامل لمسعى الرئيس تمديد حكمه. وهاجم في أثناء وجوده، أمس، في «الناحية العسكرية السادسة»، (جنوب البلاد)، آلاف المتظاهرين الذين خرجوا أمس، ويومي السبت والجمعة الماضيين، تنديداً بترشح الرئيس لانتخابات 18 أبريل (نيسان) المقبل.
وقال صالح في خطاب بثه التلفزيون الحكومي، إن «الجيش الوطني الشعبي، وبحكم المهام الدستورية المخولة، يَعتبر كل من يدعو إلى العنف بأي طريقة كانت، وتحت أي مبرر وفي ظل أي ظرف، هو إنسان يجهل ويتجاهل رغبة الشعب الجزائري في العيش في كنف الأمن والأمان».
وتساءل الضابط العسكري النافذ في الحكم بنبرة حادة: «هل يُعقل أن يتم دفع بعض الجزائريين نحو المجهول، من خلال نداءات مشبوهة، ظاهرها التغني بالديمقراطية، وباطنها جر هؤلاء المغرر بهم إلى مسالك غير آمنة وغير مأمونة العواقب... مسالك لا تؤدي حتماً إلى خدمة مصلحة الجزائر، ولا إلى تحقيق مستقبلها المزدهر». في إشارة إلى المظاهرات الصاخبة، التي لا تكاد تهدأ منذ قرابة أسبوع، والتي شارك فيها مئات آلاف الأشخاص في كل مناطق البلاد لمطالبة بوتفليقة بالعدول عن الترشح للرئاسية. والغريب في الأمر أنه تم سحب المقطع الناري من خطاب قايد صالح من كل المواقع والصحف الإلكترونية، بما فيها موقع الإذاعة والتلفزيون الحكوميين، وتلقت كل المؤسسات الإعلامية اتصالاً من مسؤول بارز بوزارة الدفاع، يطلب من مسؤوليها عدم نشر تهديدات رئيس أركان الجيش، الذي يشغل منصب نائب وزير الدفاع في نفس الوقت. ولم يذكر المسؤول العسكري السبب. لكن يُفهم من هذا التصرف أن جهة كبيرة في الدولة لم يعجبها كلام صالح تجاه المتظاهرين، الذين يستعدون لـ«مسيرات مليونية» يوم الجمعة المقبل.
وقال أحمد عظيمي، المتحدث باسم حزب «طلائع الحريات» المعارض: «عوض الحديث عن المغرر والمغرر به وما بينهما، بادِروا إلى مواجهة الانسداد السياسي قبل فوات الأوان. الحل بسيط جداً وفي متناولكم، وهو يتمثل في سحب ترشح الرئيس؛ وتعيين حكومة من شخصيات وطنية مستقلة عن السلطة والأحزاب السياسية، تُكلَّف بتسيير كل شؤون البلاد، والإشراف على تنظيم انتخابات رئاسية نظيفة ونزيهة، يترشح لها كل من يريد الترشح، ويُترك الاختيار للشعب ليصدر حكمه. فهل يوجد ما هو أسهل من هذا؟».
بدوره، كتب الإعلامي البارز قادة بن عمار: «تصوِّرون الشعب إمّا قليل التربية وهمجي، وإما مغرّراً به وتوجهه جهات مجهولة... هكذا يتحدثون في مجالسهم الخاصة وفي خطاباتهم، وهكذا يرفضون الاعتراف بشعب واعٍ وسيّد في قراراته! وبالتالي فعندما لا تفهمون الشعب فأنتم لا تستحقون حكمه».
ويعد صالح «الظَّهر» التي يسند ويحمي الرئيس والمحيطين به، الذين يروّجون يومياً لـ«إنجازاته». ويعده مراقبون «القوة المادية» التي مكّنت بوتفليقة من إطالة حكمه، وبفضلها يبدو أنه سيحصل على ولاية خامسة. وقد كان متوقعاً أن يقف صالح ضد الحراك الشعبي الثائر ضد ترشح الرئيس.
وفي تحدٍّ واضح للمتظاهرين، أكد مدير حملة الرئيس المترشح خلال لقاء بأنصار بوتفليقة، أمس، في العاصمة، بأنه سيودع ملف ترشح الرئيس في الثالث من مارس (آذار) المقبل، وهو آخر أجل لتسلم ملفات الترشح. وقال مستهدفاً الغضب الشعبي: «لا يحق لأحد منع مواطن جزائري من الترشح لأنه حق دستوري».
ولمح سلال إلى عدم ترشح بوتفليقة لولاية سادسة بالقول: «سيختتم عمله (بوتفليقة) في السنوات المقبلة ببناء جزائر الجيل القادم». داعياً الجزائريين إلى أن يكونوا سنداً لبوتفليقة الذي «كفلهم برعايته واهتمامه»، وداعياً أنصاره إلى الوجود بقوة في الميدان. واستطرد: «سنقوم بحملة انتخابية نظيفة في إطار الأخلاقيات، وسنحترم هذا المبدأ حتى النهاية وسنقدم برنامج الرئيس بوتفليقة لنوصله إلى المجتمع الجزائري كافة».
وكان رئيس الوزراء أحمد أويحيى، قد ذكر أول من أمس، أن «الصندوق هو من يفصل بيننا»، وعدّ كلامه موجهاً إلى المتظاهرين. وعرفت كل مناطق البلاد، شرقاً وغرباً وجنوباً وفي وسطها أيضاً، أمس، خروج آلاف طلاب الجامعات والكليات والمعاهد في مظاهرات، رفعوا خلالها شعارات منددة بـ«العهدة الخامسة». ووقعت مواجهات عنيفة في العاصمة، عندما حاول طلبة كلية العلوم السياسية السير إلى قصر الرئاسة بأعالي العاصمة. لكنّ قوات الأمن أغلقت كل المنافذ التي تقود إلى مبنى الرئاسة، وأطلقت قنابل مسيلة للدموع ضد المتظاهرين، فعاد الهدوء في آخر النهار.
في غضون ذلك، قال الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» في بيان إن «العهدة الخامسة خطر حقيقي على البلد، والاستمرار في فرضها كأمر واقع سيؤدي إلى المزيد من التأزيم والتوتر». وأشاد بـ«الحراك السلمي والحضاري لكل فئات المجتمع، من طلبة ومحامين وصحافيين... تنديداً بالعهدة الخامسة». مشدداً على «استمرار المقاومة السلمية بكل أنواعها لمنع سياسة الأمر الواقع، والحفاظ على سلمية الاحتجاجات، وتفويت الفرصة على مهندسي زرع التوتر وإجهاض حراك المواطنين الشرعي». كما دعا الحزب، الذي رشح رئيسه عبد الرزاق مقري للرئاسية، السلطة، إلى «الاستجابة لمطالب المتظاهرين المتصاعدة بالعدول عن فرض العهدة الخامسة، تفادياً لأي مغامرة بالبلد وأمنه واستقراره».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».