محامية التونسي أحمد عباسي: مكتب التحقيقات الفيدرالي تعمد الإيقاع بموكلي

تحدث في تسجيلات صوتية عن أهمية نسف أميركا من على سطح الأرض

محامية التونسي أحمد عباسي: مكتب التحقيقات الفيدرالي تعمد الإيقاع بموكلي
TT

محامية التونسي أحمد عباسي: مكتب التحقيقات الفيدرالي تعمد الإيقاع بموكلي

محامية التونسي أحمد عباسي: مكتب التحقيقات الفيدرالي تعمد الإيقاع بموكلي

اتهمت، أمس، سابرينا شروف، محامية الطالب التونسي أحمد عباسي، مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) بنصب شرك للإيقاع بموكلها. وقالت أندريا براسو، نائبة مدير مكتب واشنطن لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»: «بحجة الحرب ضد الإرهاب، تستهدف الحكومة أبرياء، وفقراء، وقليلي تعليم، ومختلين عقليا، وتستخدم جواسيس للإيقاع بهم، وتوريطهم في عمليات إرهابية».
وكان عباسي (27 عاما) قد وصل إلى الولايات المتحدة في العام الماضي من كندا، كطالب دراسات عليا في جامعة بنيويورك، غير أنه لم يكن يعرف أن شرطة «إف بي آي» وضعت أدوات تجسس في غرفته، وأن منحه تأشيرة الدخول كطالب كان هدفا أمنيا، وليس تعليميا. وفي بداية هذا العام، اعتقلته الشرطة، وقدمته إلى المحاكمة بتهمة الإرهاب.
وقد بدأ اهتمام «إف بي آي» بعباسي عندما كان طالب هندسة في كندا، وكانت تدرس معه أخته. وهناك تزوج بفتاة تونسية، وبدأت الشرطة الكندية تتجسس عليه، وعلى زميل تونسي يدعى شهاب الصغير، ثم أشركت معها «إف بي آي»، حيث عرفتهما بمهاجر مصري إلى أميركا، يدعى تامر النوري. ولم يكن الثلاثة، عباسي وزوجته والصغير، يعرفون أن النوري جاسوس يعمل لحساب «إف بي آي».
وقبل عامين، ألغت الشرطة الكندية تأشيرة دخول عباسي، فاضطر إلى العودة إلى تونس. وهنا تطوع النوري وعرض عليه المجيء إلى الولايات المتحدة لمواصلة دراسته، ووافق «إف بي آي» على تقديم تأشيرة دخول لعباسي، لكن ليس بهدف الدراسة، ولكن بهدف «مواصلة التحقيقات معه»، كما أوضحت الأدلة التي قدمت إلى محكمة نيويورك.
بعد ذلك انضم إليهما الصغير من كندا، وسكنوا في شقة وفرها لهم النوري «مجانا»، وبدأ «إف بي آي» التجسس على عباسي، وبدأ الشبان يتكلمون عن خطة عملية إرهابية لقتل أكبر عدد من الأميركيين. ومن بين الأدلة التي قدمتها الشرطة تسجيلات صوتية، تحدث فيها عباسي عن «أهمية نسف أميركا من على سطح الكرة الأرضية»، ومرة اقترح «وضع بكتيريا في أنابيب ماء الشرب»، ومرة أخرى قال: «ينص القرآن الكريم على أن يضرب المسلمون أميركا لأنها ضربت المسلمين، بما في ذلك قتل النساء والأطفال».
وحسب تصريحات محاميته التي أثارت موضوع نصب شرك من قبل الشرطة، أحست الشرطة بأنها لن تنجح في إقناع المحكمة بأنها «جرّت موكلها لارتكاب أعمال إرهابية». وقالت: «موكلي يتكلم كثيرا، لكنه ليس إرهابيا».
وقالت زوجة عباسي، التي بقيت في كندا، لصحيفة «واشنطن بوست»، إن زوجها ليس إرهابيا، وإنه متدين، ويصلي 5 مرات في اليوم، ويضبط تليفونه الجوال على مواعيد الأذان. وأضافت محاميته: «لم يحاول موكلي إقناع أي شخص بأن يكون متطرفا. كان يقرأ آيات من القرآن، وكان يقول لهم ما في القرآن، ولم يكن يريدهم أن يكونوا متطرفين».
ولهذا السبب غير في بداية هذه السنة المدعي العام في نيويورك التهمة الرئيسة ضد عباسي، من أعمال إرهابية إلى مخالفة قانون تأشيرة الدخول التي منحت له عندما جاء «طالبا» لمواصلة دراسته، التي بدأها في كندا.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.