القاهرة تقلل من «المماحكات» التركية ـ القطرية في يوم القمة

شكري عدها «أحقاداً»... وأكد «حرفية» الدبلوماسية المصرية

TT

القاهرة تقلل من «المماحكات» التركية ـ القطرية في يوم القمة

قللت مصر من أهمية تصريحات أطلقها الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وناطق باسمه، تتعلق بمصر والقمة العربية - الأوروبية التي استضافتها على مدار اليومين الماضيين، بحضور رفيع المستوى. وعدّت القاهرة أنها تنم عن «محاولة للفت الأنظار»، ووصفها وزير الخارجية المصري سامح شكري بأنها «أحقاد».
وكان إردوغان قد تناول بتعليق لاذع نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وكذلك انتقد، في مقابلة مع وسائل إعلام تركية أول من أمس، تنفيذ مصر، الأسبوع الماضي، لأحكام إعدام بحق 9 مدانين بأحكام نهائية في جريمة اغتيال النائب العام المصري السابق هشام بركات عام 2015. وقال إردوغان: «للأسف، الدول الغربية ما زالت ماضية بكل إصرار في دعم السيسي».
ورد وزير الخارجية سامح شكري، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس لقناة «إم بي سي مصر»، بالقول: «إننا نبتعد عن أن ننزلق إلى هذا المستوى، الذي نرى أنه في هذا اليوم (انعقاد القمة) ربما (تكون) هذه التصريحات مقصودة (...) فيما يتعلق بعقد هذا المؤتمر الجامع للدول العربية والأوروبية على أرض مصر، وبما يؤكده من محورية الدور المصري، وننظر لهذه التصريحات على أنها تتضمن قدراً من المحاولة للفت الأنظار، ونحن منشغلون بما هو أهم بكثير من أي أحقاد».
ودخل المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن على خط الهجوم على مصر من جبهة أوروبية كذلك، ونشر تغريدة عبر حسابه الرسمي الموثق على موقع «تويتر»، هاجم عبرها القاهرة، ووجه ما بثه للحسابات الرسمية لكل من مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، وجميعهم كانوا من المشاركين في أعمال القمة العربية - الأوروبية.
وتطرق وزير الخارجية المصري كذلك إلى تفاصيل الأزمة التي أثارتها قطر، بشأن دعوتها للقمة بطريقة احتجت عليها الدوحة، وخفضت من مستوى تمثيلها على أثرها، وقال: «نحن وجهنا الدعوة في إطار طبيعة العلاقات القائمة، وهي علاقات دبلوماسية مقطوعة، ولم يكن يُتصور أن توجه الدعوة إلا بالأسلوب الذي وجهت به»، ووصفه بأنه «أسلوب حرفي متعارف عليه في الأعراف الدبلوماسية، لكن القرار الذي يتخذه الطرف الآخر (قطر) يخصه».
وأفاد بأن القاهرة وجهت الدعوة لقطر من خلال قسم رعاية المصالح المصرية، في إطار مذكرة دبلوماسية رسمية، لندعو دولة قطر لحضور قمة عربية - أوروبية، وأكد أن «الدعوة جاءت في إطار طبيعي، في ضوء العلاقات المقطوعة بين البلدين».
وأشار شكري إلى أن «الدعوات عندما تصدر تكون بأساليب مختلفة، وفقاً لمستوى العلاقة بين البلدين، ونحن وجهنا الدعوة في إطار من المهنية والحرفية والانضباط والمسؤولية».
وفسر اللواء طيار عبد الحكيم شلبي، الخبير العسكري في مصر، تلك التصريحات التركية - القطرية بأنها محاولة لإفساد نجاح القمة العربية - الأوروبية عبر التشويش عليها، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن التصريحات المصرية «لا تعد مجرد رد على هذه المحاولات بقدر ما تعكس ترفعاً عن الانزلاق إلى هذا المستوى».
وكانت وكالة «سبوتنيك» قد نقلت عن مصدر في وزارة الخارجية القطرية قوله إن «رسالة قطر لم توجه إلى أميرها، وأرسلت إلى السفارة اليونانية في الدوحة، بدلاً من البعثة الدائمة لقطر في جامعة الدول العربية».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم